بداية نهاية شهر العسل بين ترامب والمملكة والسبب "النفط"
[ادارة الموقع]
قبل عدة أيام كتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على حسابه في المدونة الصغيرة "تويتر": "على اعضاء أوبك أن يتذكروا أن أسعار البنزين ترتفع وهم يقومون بقليل من المساعدة. لعلمكم هم يرفعون الأسعار بشكل مستمر في الوقت الذي تحمي فيه الولايات المتحدة كثيرا من أعضاء المنظمة مقابل أموال قليلة جدا".
وتابع الرئيس الأمريكي: "يجب أن يكون هذا طريقا في الاتجاهين. خفضوا الأسعار فورا"! .
حملت آخر جملة من التغريدة، صيغة أمر مفتوحة على جميع الاحتمالات من حيث التهديد والوعيد والمقايضة هذا نظرياً أما عمليا لن تستطيع منظمة أوبك التي يأمرها ترامب بتخفيض أسعار النفط بالنزول عند مطلبه، لأنها تعلم جيدا بأن الدول التي يراهن عليها ترامب للقيام بزيادة انتاج النفط لن تستطيع فعل ذلك تحت أي ظرف ولن تتمكن من سد الفراغ الذي ستسببه العقوبات الأمريكية على ايران.
على من يراهن ترامب؟!
في الحقيقة ليس هناك معيل لترامب في هذا الملف سوى السعودية لقدرتها الكبيرة على انتاج النفط وزيادة هذا الانتاج لتحقيق استقرار في أسعار النفط وجميع مشتقاته، فضلا عن كونها أكبر مصدر للنفط في العالم ولكن إلى أي درجة قادرة السعودية على تلبية متطلبات السوق وتحقيق أحلام ترامب في هذا الصدد؟!
أولاً: يريد ترامب من السعودية أن تزيد إنتاجها الحالي من 10.3 ملايين برميل يوميا ليصل إلى نحو 12 مليونا، وهو رقم غير مسبوق في التاريخ.
وذكر ترامب في تغريدة منشورة على حسابه في "تويتر" السبت الماضي أنه ناشد الملك السعودي، أثناء مكالمة أجراها معه، زيادة حجم الإنتاج بنحو مليوني برميل، لتعويض الخسائر الناجمة عن "المشاكل والاضطرابات في فنزويلا وإيران"، حسب تعبيره مؤكدا أن الملك سلمان استجاب له.
وهنا بيت القصيد، اعتقد ترامب أن الملك سلمان استجاب لدعوته، لكن مصادر سعودية أوضحت لاحقا في حديث لصحيفة "وول ستريت جورنال"، أن وعود الملك للرئيس الأمريكي ليست عملية ولا يمكن تطبيقها أن تسد السعودية فراغ ايران وفنزويلا فيما يخص تصدير النفط هو ضرب من الخيال، لأن السعودية ومن الناحية الفنية لا يمكنها ضخ مليوني برميل اضافي يوميا، ناهيك عن أنها لو أرادت فلن تستطيع فعل ذلك فورا وستحتاج إلى نحو سنة.
أضف إلى هذا أنها لو أرادت النزول عند رغبة ترامب واضطرت لذلك ستضطر لا محالة إلى الاعتماد بشكل أكبر على عمليات التنقيب البحرية، الأكثر تكلفة، وهو ما سيؤدي بدوره إلى زيادة الأسعار.
ثانياً: المملكة اليوم ليست في أحسن احوالها من الناحية الاقتصادية وتعاني ميزانيتها من عجز كبير وصل خلال موازنة العام الجاري 2018 إلى 52 مليار دولار، وهو العام الخامس على التوالي الذي تشهد فيه المملكة عجزًا في موازنتها العامة، من جراء التراجع المستمر في أسعار النفط العالمية، ناهيك عن ارتفاع معدلات البطالة إلى 12.8% نهاية العام الماضي، في مجتمع 70% منه ينتمون إلى فئة الشباب.
بعد تقديم هذه النسب هل تستطيع المملكة الاتجاه نحو تخفيض أسعار النفط وزيادة الانتاج وهي تعتمد بنسبة 80% من دخلها على عائدات النفط.
ثالثاً: في حال أجبر زعيم البيت الأبيض الملك سلمان على زيادة انتاج النفط سيكون قد شل عجلة الاقتصاد في المملكة وقضى على جميع أحلام ولي العهد محمد بن سلمان المبنية على دعم مشاريعه التي أطلقها عام 2016 والتي تخفف من الاعتماد على المنتجات النفطية تحت مسمى "رؤية 2030" والتي تعتمد في تمويلها على عائدات النفط، أضف إلى ذلك تفاقم الأوضاع الاقتصادية في المملكة، فهي لا تريد أن تكرر تجربة عام 2014 عندما انخفض سعر البرميل الواحد إلى 27 دولار.
رابعاً: ماذا سيكون مصير ميزانية السعودية وطموحات الأمير الشاب الاصلاحية وهي لا تزال تعاني من تمويل حربها على اليمن والتي دخلت عامها الرابع، فضلا عن حصارها لقطر وتمويلها صفقات الأسلحة بمليارات الدولارات.
أعتقد بأن على الملك سلمان ونجله أن يعيدا حساباتهم مع ترامب، لأن براغماتية الأخير قد تكلف الأول والثاني الكثير وربما كرسي العرش، لأنه على ما يبدو لايريد الخير للمملكة ولشعبها، ويجبرها على أن تعيش تحت الضغط الاقتصادي لينعم شعبه بالرخاء والسعادة على حساب شعب المملكة.
الخيار صعب جدا بالنسبة للملك ولكن في عالم السياسية كل الاحتمالات ممكنة....
ارسال التعليق