حدث وتحليل
تركيا والسعودية على وشك صدام مباشر...فتش عن بن سلمان
[ادارة الموقع]
هادي الاحسائي
لا يبدو المناخ السياسي والاقتصادي وحتى الإعلامي بين الرياض وأنقرة يسير على نحو جيد، إذ تهب رياح صحرواية من بلاد الحجاز وتلف لفيفها في الشمال السوري محاولة خلق زوبعة سياسية تسحب معها التركي وتعيده إلى المربع الأول فيما يخص "موضوع الأكراد" ومن ثم تذهب برياحها نحو الشواطئ التركية لتعطل ما يمكن تعطيله من السياحة "شريان تركيا الاقتصادي"، فكيف ستعالج تركيا هذه الرياح وهل سنشهد صدام تركي_سعودي أكثر حدية بعد أن كان يعيش في الكواليس والطرفين يحاول امتصاصه منعا لحدوث صدام مباشر يقوض مصالح البلدين؟!.
الملف الكردي
جميعنا يعلم بان ملف الأكراد حساس جدا بالنسبة لتركيا التي تبدي استعدادها لقطع العلاقات مع اي دولة تدعم الأكراد مهما كانت مصالحهما مشتركة، ونحن نشهد حساسية مفرطة في العلاقات التركية_ الامريكية بسبب هذا الملف، واليوم جاء دور السعودية لتفتح النار على التركي من بوابة الأكراد في سوريا، طبعا هذه ليست المرة الاولى لكنها تريد إعادة تفعيل هذا الملف لغاية في نفسها.
في السابق كان عراب هذا الموضوع الوزير السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان الذي زار في أكتوبر/تشرين الأول الماضي مدينة الرقة التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني، والتقى مسؤولين أميركيين فيها، ما اثار حفيظة الأتراك ومن هنا بدأ التوتر بين الطرفين، ليعود ويتجدد الأسبوع الفائت مع زيارة جديدة قام بها ثلاثة مستشارين عسكريين سعوديين التقوا الجمعة الماضية مسؤولين في حزبيْ الاتحاد الديمقراطي الكردستاني والعمال الكردستاني -اللذين تعتبرهما تركيا تنظيمين إرهابيين- في القاعدة الأميركية بـ "خراب عشق" جنوبي مدينة عين العرب (كوباني) شمال شرقي سوريا، بحسب ما ذكرته وكالة الأناضول.
ولا نعلم إن كان سبب الزيارة هو التمهيد لتشكيل قوة عربية كان قد تحدث عنها ترامب سابقا في معرض حديثه عن سحب قوات بلاده مقابل دخول قوات عربية مكانها، والجميع تحدث حينها بأن فرصة نجاح ذلك ضيئلة جدا، حتى ان السعودية حاولت التهرب من هذه القضية وألقت الكرة حينها في ملعب قطر وكأن الرئيس الأمريكي لم يكن يقصدها حينها، ولكن لماذا هذه الزيارة اليوم، هل يمكننا اعتبارها مجرد استفزاز لتركيا بتحريض أمريكي أم أن القوة العربية المشتركة ستبدأ تخرج غلى الضوء في الأشهر القليلة القادمة.
وكالة الأناضول التريكية رأت إن الهدف من الزيارة تأسيس وحدات عربية في المنطقة نواتها فصيل الصناديد أحد الفصائل المنضوية تحت ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية، وأكدت أيضا حصول كل منتسب لهذه الوحدات على مئتي دولار شهريا، مضيفة أنه سيتم إنشاء نقاط ارتباط في الحسكة والقامشلي لاستقبال وتسيير أمور المنتسبين.
يمكننا اعتبار هذا الكلام خطير وسيفتح جبهة جديدة بين السعودية وتركيا لن تكون في صالح احد سوى الأمريكي، الذي لا يجد حرجا في اضعاف جميع الدول الاقليمية من مبدأ "فرق تسد".
استهداف السياحة في تركيا
لم تتوقف استفزازات السعودية على إرسال مساعدات في أبريل/نيسان الماضي لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني في سوريا، وإرسال مستشارين عسكريين مؤخرا، فقد بدأت المملكة السعودية بتحريك ملف لا تقل حساسيته عن ملف الأكراد، وهوالسعي لضرب "السياحة" والتي تعد العمود الفقري في الاقتصاد التركي، ولكون السعودية والامارات تعلمان جيدا بأن الخليجيين يتجهون بكثرة في العطلة الصيفية إلى تركيا للسياحة، بدأت هاتان الدولتان بشن حملات على مواقع التواصل لمقاطعة السياحة في تركيا بدعوى تردي الوضع الأمني فيها وانتشار أعمال العنف.
ولدعم هذه الحملة بدأ النشطاء بنشر فيديوهات قالوا إنها لخليجيين تعرضوا لعمليات احتيال ونصب واعتداء في تركيا، ويرى الأتراك ان هذه الحملة هدفها ضرب الاقتصاد التركي قبيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 24 يونيو/حزيران المقبل.
الصراع على العالم الاسلامي
تحاول كل من السعودية وتركية منع الطرف الأخر من التفرد في زعامة العالم الاسلامي، وكل منهما يحاول فرض نفسه على أنه قائد هذه الامة الاسلامية من خلال المواقف السياسية التي تخرج عن كليهما، ويعود السبب بشكل أو بأخر إلى اختلاف ايديولوجية كلا البلدين، إذ لا توجد اي زؤى مشتركة بينهما لا في المنهج ولا في التنفيذ علما أن الدولتين تصنفان من "الدول السنية" ، لكن جوهر الخلاف يكمن، بأن السعودية تعتبر جماعة "الاخوان المسلمين" عدوها اللدود وتحاربها في كل مكان، بينما يدعم الأتراك هذه الجماعة بشكل مطلق، وهذا ما تعتبره الرياض خطا أحمر لما تمثله هذه الجماعة من خطر على المملكة بحسب وصفها.
ومؤخرا وصل الخلاف بين الطرفين إلى حد الإساءة المباشرة للرئيس أردوغان في إحدى أهم الصحف الورقية السعودية، إذ نشرت صحيفة "عكاظ"، مقالا سخر من الرئيس التركي حمل عنوان "أردوغان.. أوهام السلطان"، ووصفت الصحيفة سياسات الرئيس التركي بأنها "مخططات عبثية.. وأجندات مشبوهة"، مسلطة الضوء على العلاقة التركية الإسرائيلية، واعتبار العلاقات الاقتصادية مع تل أبيب دليلا على ما وصفته بـ"البراغماتية التركية".
سبق ذلك هجوم من ولي العهد محمد بن سلمان عندما قال بأنه "يوجد ثالوث من الشر، ويضم تركيا وإيران والجماعات الإرهابية". كما أوضح أن "تركيا تريد الخلافة وفرض نظامها على المنطقة، بينما تريد إيران تصدير الثورة، والجماعات الإرهابية التي تحاصرها الدول العربية".
خلاف البلدين سيزيد من شقاء المنطقة ويزيد من تعاسة شعبيهما، ومع تضييق قنوات التواصل بين الطرفين ربما نشهد انفجار جديد في هذا الشرق لن يكون أحدا بمنأى عنه.
ارسال التعليق