احتكار وتحيّز… أقنعة الفيفا تتساقط
بقلم: حسين فحص...
على مدى عقود، انفرد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بكونه الهيئة الحاكمة الوحيدة المعنية بتنظيم المسابقات الكروية. ومنذ تأسيسه عام 1904، سوّقَ فيفا «ظاهرياً» إلى اعتماده أسمى القيم الإنسانية في سعيه لتحسين العالم من بوابة كرة القدم. مع ذلك، شابَ تلك الادعاءات «الوردية» تشكيكاً متواصلاً ضمن حقباتٍ مختلفة، ليظهر أخيراً وجه فيفا «الخبيث»، الذي واظب رؤساؤه على إخفائه في السابق من دون أن يتمكنوا من استكمال التستّر خلال الأشهر الماضية.
البداية كانت من بطولة «السوبر ليغ»، في حربٍ شنها الرئيس الإسباني لنادي ريال مدريد، فلورنتينو بيريز، ضد الاتحادين الدولي (فيفا) والأوروبي (ويفا) لكرة القدم، سعياً لإنهاء احتكارهما تنظيم مسابقات كرة القدم. ورغم الاتفاق المبدئي بين أنديةٍ مختلفة أبدت رغبة في تحقيق عائدات مالية أكبر وأكثر عدلاً (كان فيفا قد حجّم عائدات الأندية مقارنةً بعشرات الملايين التي يحصلّها)، فشلَ المشروع قبل أن يُبصر النور حتى، بعدما لجأ فيفا إلى التهويل والوعيد بعقوباتٍ صارمة، وبمساعدةٍ من بعض حكومات الدول الكبرى.
وبعدَ جرّهِ إلى قاعات التحكيم، قضت محكمة العدل الأوروبية بأن قواعد الاتحادين الدولي والأوروبي لكرة القدم بشأن السماح المُسبق لإنشاء مسابقات كرة قدم للأندية مثل السوبر ليغ «تنتهك قانون الاتحاد»، مع إضاءة المحكمة على إساءة «فيفا» و«ويفا» لاستخدام نفوذهما المهيمن.
هزيمة رقّعها الاتحاد الكروي الحاكم عبر «تحسين» شكل وعائدات مسابقات الأندية في محاولةٍ لاسترضائها وكبح تمردها، إلا أن الإجراءات الجديدة شهدت ثورة أكبر للفرق واللاعبين إثر مساهمة «التحسينات» بتكدّس المباريات وتعريض حياة الرياضيين للخطر.
وبعد أشهرٍ من محاولة إخماد الغضب، تلقّى فيفا وابنه الأوروبي المدلل صفعة جديدة، جاءت هذه المرة من اللاعب الفرنسي السابق لاسانا ديارا، حيث وجدت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي أنّ بعض القيود التي فرضها فيفا على قدرة اللاعب في إيجاد عمل آخر بعد إنهاء عقده من جانب واحد، تُعيق حرية الحركة في الاتحاد الأوروبي والمنافسة بين الأندية. وجاء الحُكم في إطار قضية رفعها ديارا ضد فيفا على خلفية نزاعٍ بين اللاعب الفرنسي المعتزل وناديه السابق لوكوموتيف موسكو الروسي قبل عقدٍ من الزمن.
على ذكر روسيا، طاولت فيفا وحلفاءه أيضاً اتهامات كبيرة تتعلق بالتحيز السياسي، من خلال معاقبة فرق ورياضيي بعض البلاد مقابل التغاضي عن آخرين بما يقضي مصلحة حلفاء الهيئات الرياضية الحاكمة. ظهرَ ذلك جلياً عبر تجميد الرياضة الروسية على الساحتين الأوروبية والعالمية، بعكس «إسرائيل» التي سُمِحَ لها بالمشاركة في مختلف الأحداث الرياضية رغم إرهابها الحاصل في فلسطين ولبنان والمنطقة.
آخر الاتهامات التي تواجه فيفا تتعلق بملف استضافة كأس العالم 2034، حيث هاجمت منظمات حقوقية عديدة، آخرها منظمتا العفو الدولية وتحالف الرياضة والحقوق، فيفا، وطالبتا الاتحاد الدولي لكرة القدم بتعليق ملف استضافة السعودية لكأس العالم 2034 نظراً لسجل المملكة المتخم بالتجاوزات الحقوقية، مع اشتراطهما ضرورة إعلان الرياض عن إصلاحات كبيرة في مجال حقوق الإنسان إذا أرادت استضافة «المونديال»، الذي سوف تُحسم الجهة المستضيفة له بشكل نهائي في 11 كانون الأول المقبل.
ارسال التعليق