لا تنتظروا حلا قريبا بين قطر والسعودية
[علي ال غراش]
انتهت مساء الأحد القمة الـ39 لدول مجلس التعاون الخليجي التي كان يرأسها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وقبل انعقاد هذه القمة كان أعين الجميع على قطر وموقفها من هذه القمة وهل سيحضر الأمير تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر القمة أم لا، وماذا ستضيف هذه القمة للدول الخليجية وهل ستتطرق للأزمة الخليجية وتبدأ أولى رحلاتها في البحث عن حل أو وضع خارطة طريق للخروج من هذه الأزمة؟.
بالمحصلة كل ما ذكر أعلاه لم يصل ومع ذلك جاء البيان الختامي ليؤكد على أهمية وحدة الصف والهدف واستكمال التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي وبلورة سياسة خارجية موحدة وفعالة ومنظومة دفاع مشتركة، ولم يعرف أحد كيف يمكن بلورة سياسة خارجية موحدة في ظل تعنت جميع الأطراف بآرائها وعدم الدخول في صلب المشكلة الموجودة والحديث عنها؛ تجاهلها المتعمد ألا يعني زيادة الشرخ داخل دول مجلس التعاون،الواضح أن قطر لا تريد الرضوخ للسعودية بأي شكل من الأشكال والسعودية في المقابل لاتريد ان تظهر بمظهر الضعف امام قطر على اعتبار أنها تعتبرها دولة صغيرة نسبيا وقالت عنها يوما ما أنها "زقاق من أزقة الرياض وأن احتلالها لا يكلف كثيراً".
إذا الأزمة لا زالت عالقة والاجتماع لم يضيف شيئا جديدا بل كرس المشكلة أكثر وأكثر وبالتالي دخلت العلاقات الخليجية_الخليجية بنفق جديد مظلم من العلاقات لا أحد يعرف إلى اين يذهب بها، فبعد أن كان مجلس التعاون غايته الدفاع عن دول المجلس والمضي قدما في تشكيل صيغة دفاع مشترك للحفاظ على أمن الخليج واستقراره، أصبحت بعض الدول اليوم تهدد بعضها في هذا المجلس فإن لم يستطع هذا الاجتماع أن يساهم في حماية امن الدول الخليجية فما هي غايته؟.
قطر لن تخرج من مجلس التعاون بسهولة لكن هذا الاحتمال قائم ونعتقد بان سلمان استشعر هذا الخطر وعلى هذا الاساس أرسل دعوة خطية للأمير تميم على اعتبار أن الأخير انسحب مؤخرا من منظمة "أوبك" وهذه صفعة في وجه السعودية وبداية خروج حقيقي عن الحضانة الخليجية، ولكون السعودية تعرف أنها لا تستطيع أن تؤثر على قطر وتثنيها عن قرارها قررت التودد لها من جديد عبر طرق غير مباشرة تجد السعودية فيها أنها تحافظ على ماء وجهها.
الشرخ بين الدول الخليجية أصبح بارزا جدا ولم يعد بالإمكان التغاضي عنه فمصالح هذه الدول بدأت تأخذ أبعادا مختلفة فمن جهة السعودية تريد أن تبقى زعيمة لدول مجلس التعاون وفي نفس الوقت تأخذ دورا اقليميا بارزا تتحدى من خلاله تركيا وايران، واضافة غلى ذلك لا تريد أن تتحدى واشنطن التي ترى في ابتعاد قطر عن الحضن الخليجي مشكلة كبيرة لن تساهم في مواجهة ايران بل على العكس وبالتالي هناك ضرورة فعلية لإعادة قطر إلى الحضن الخليجي، لكن قطر في المقابل لها سياستها الخاصة وطموحاتها فهي لا تريد ان تكون جزءا من تحالف يحارب ايران او تركيا فهي تبني معهما علاقات استراتيجية عميقة وساعدوها كثيرا خلال فترة الحصار وبالتالي ليس من السهولة التخلي عنهما.
لا تنتظروا حل قريب بين قطر والسعودية
لطالما أن القمة الـ39 لدول مجلس التعاون الخليجي لم تتطرق اطلاقا للمشكلة بين قطر والسعودية والبحرين والامارات فلن يكون هناك حل قريب وحلحلة للأزمة العالقة بين هذه الدول، في المقابل قطر جاء ردها سريعا بعدم حضور الأمير تميم وارسال وزير الدولة للشؤون الخارجية عوضا عنه لكونه يعلم مسبقا ان برنامج القمة لا يتطرق لحصار قطر، وبالتالي مالفائدة من الذهاب إلى هناك؟.
قطر لا تريد للسعودية ان تكون عرابتها
في القمة السابقة التي عقدت في الكويت واستمرت لبضع ساعات فقط لم يحضر قادة السعودية والبحرين والإمارات فيها بالمقابل كان الأمير تميم موجودا، أما هذه المرة حصل العكس وهذا يدل بأن الجميع يهرب من الجميع وكأنها أشبه بلعبة "القط والفار" وان استمرت الامور على هذا النحو لن تنحل هذه المعضلة المستمرة منذ أكثر من عام ونصف في الوقت القريب ولا بأي شكل.
في الحقيقة خروج قطر من أوبك يعني بشكل واضح بأن قطر لا تريد للسعودية أن تكون وصية عليها أو حتى عرابتها وتريد أن تاخذ مسار منفصل لنفسها، هذا الأمر لم تكن قطر لتفعله قبل عدة أشهر لكنها على ما يبدو وصلت إلى طريق مسدود أجبرت من خلاله للاتجاه نحو حلفاء جدد وهذا ما يحصل حقيقة.
ارسال التعليق