ملاحقة النشطاء بالسعودية.. سيل من الانتهاكات بخلفيات سياسية وطائفية
[من الصحافة]
تعتبر مسألة الحريات وحقوق الانسان في مملكة آل سعود من أبرز الامور التي تؤرق المواطنين وكل من يهتم بالشأن الحقوقي، ففي هذه البلاد على الرغم من كل الشعارات الرنانة التي رفعت مؤخرا عن الانفتاح والانتقال من عهد القمع والتسلط الى عهد الديمقراطية ودولة القانون، لم يحصل أي تغيير فعلي وعملي على أرض الواقع بل تواصلت الاعتقالات وسياسة كم الافواه ومنع إبداء الرأي بحرية وتعليب التهم وتجهيزها لاستخدامها وقت الحاجة في كل مرة تصدر الاوامر باعتقال هذا الشخص او ذاك الناشط.
وأغلب القرارات التي تصدر عن السلطة في هذا الشأن صادرة على خلفيات سياسية او طائفية مذهبية عملا بالسياسة التي كانت قائمة في السعودية منذ عشرات السنين والتي تعززت مع وصول الملك سلمان ومن ثم مع تعيين ابنه محمد وليا للعهد وتحكمه في كثير من مفاصل الحكم في مملكة آل سعود تمهيدا لجعل كل شيء بيده في مخالفة لكل الاعراف والقوانين للجلوس على كرسي الملك لعشرات السنين القادمة كما يهوى ويعتقد.
اعتقالات بالجملة.. والاتهامات بالجملة
وبرزت مؤخرا مسألة اعتقال مجموعة من الناشطين والناشطات في المجال الحقوقي والمدافعين عن حقوق وحرية المرأة لا سيما حقها في قيادة السيارة الذي ينتظر البدء بإصدار التراخيص في هذا المجال بدءا من 10 شوال القادم، واللافت ان السلطات السعودية عندما سألت عن هذه الاعتقالات قالت إن هذه المجموعة ترتبط بالخارج ولديها اتصالات مع جهات أجنبية، بما يوحي ان التهم جاهزة كالعادة وستوجه لهم الاتهامات بالتعامل مع الخارج –سواء دول او جماعات وتيارات- للادعاء انهم كانوا يحضرون للقيام بأعمال تمس امن السعودية والمواطنين وغيرها من الاتهامات التي بات الرأي العام يتوقعها في كل مرة تحصل فيها اعتقالات تطال الناشطين.
فبالنسبة للاجهزة والانظمة البوليسية من السهل عليها اصدار الاحكام على مواطنين بالتآمر على النظام والوطن والتجسس لمصلحة الخارج واختراع الادلة وصناعة القرائن التي تبنى عليها رواياتها الخيالية لزج فلان بالسجن او ضرب عنق فلان بالسيف كما حصل سابقا وفي كثير من المرات، فالاجهزة السعودية تدرك انها قادرة على اتهام اي شخص بأي شيء بعيدا عن النزاهة والشفافية وكل مبادئ القانون والقضاء المعمول بها دوليا، من دون ان تلقى المحاسبة او المراقبة من احد لانه لا آليات للرقابة والمتابعة في هذه البلاد وبالتالي الحاكم قادر على فعل ما يشاء دون حسيب او رقيب، كما ان السلطة السعودية -وعلى رأسها الملك سلمان وابنه- تدرك ان لا احد من المواطنين سيجرؤ على رفع الصوت وإن تجرأ احد على ذلك وخرج لقول كلمة الحق وانتقاد الاخطاء والممارسات اللاقانونية سيتعرض للاعتقال والمحاكمة والزج بالسجون بتهمة الخروج على الحاكم بناء لنظرية "انه لا يجوز الخروج على ولاة الامر"، وهي النظرية التي اخترعها بعض رجال الدين خدمة للسلطة السياسية وبنت عليها العديد من الانظمة غير الشرعية والقمعية حكمها وسلطتها.
ولكن رغم كل ذلك يجب على الشعب في ممكلة آل سعود عدم الركون الى هذا الظلم المتمادي والاكتفاء بالصمت ومشاهدة كل تلك الممارسات التي ما عادت توفر احد، فابن سلمان جاهز لاعتقال كل من قد يشكل خطرا او عقبة امام مخططاته بالوصول الى السلطة او كل من يعارض ممارساته ايا كانت او لا ينخرط ويوافق على كل ما يفعله، وعلى هذا الاساس تم استهداف رجال دين ورجال اعمال وشخصيات من العائلة السعودية بحجج مختلفة تبدأ من الفساد وسرقة المال العام ولا تنتهي عند دعم الارهاب والتطرف وغيرها من التهم المختلفة.
احكام القضاء في خدمة المشاريع السياسية..
كما يتم توجيه تهما لفئة من المواطنين بالتعامل مع ايران وقطر والارتباط بأحزاب عربية في لبنان او فلسطين بغية الاستفادة من هذه الاوضاع لاتهام هذه الجهات بالتدخل بالشؤون الداخلية للسعودية، اي ان الاجهزة الامنية تخترع قضايا بأكملها وتلصقها بواحد او اكثر من المواطنين للاستثمار فيها بعدائها او صراعها مع بعض الجهات، ما يجعل الانسان في مملكة آل سعود لا يأمن على نفسه وماله وعياله لانه قد يكون في اي لحظة ضحية المخططات البوليسية الملفقة التي تخدم المشاريع السياسية للفرد الحالم بالسلطة.
وفي نفس السياق، فقد أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة بالسعودية مؤخرا أحكاما ابتدائية بإعدام أربعة مواطنين من المنطقة الشرقية، بتهمة تكوين ما اسمته "خليةً إرهابيةً" للتخابر مع إيران، وراحت تكيل لهم التهم من التدريب في معسكرات الحرس الثوري الايراني وصولا لاستخدام انواعا مختلفة من الاسلحة والمتفجرات وقتال الشوارع وتجنيد الاشخاص "بهدف الإخلال بوحدة المملكة واستقرارها وشروعهم في تصنيع المتفجرات والقيام بعمليات تفجيرية داخل المملكة السعودية والتخطيط لاغتيال بعض الشخصيات"، ولا يخفى على احد ان السلطة السعودية تتبع هذا الاسلوب مع ابناء المنطقة الشرقية انطلاقا من خلفيات مذهبية وطائفية وللايحاء ان الاهالي يتعاملون مع ايران ضدها وان طهران تتدخل عبرهم في شؤون المملكة.
وهنا لا بد من الاشارة ان السلطات السعودية جددت اعقتال ناشطتين في مجال حقوق المرأة هما مياء الزهراني ونوف عبد العزيز، في حين ان منظمات حقوقية دولية واقليمية طالبت "السلطات السعودية بالإفراج الفوري عن جميع المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان"، ودعت إلى "الكشف الفوري عن مكان المعتقلين الذي احتجزوا لمجرد دعم حقوق المرأة أو غيرها من الحقوق إضافة إلى السماح لهم بالاتصال بعائلاتهم والمحامين"، وما تطالب به هذه المنظمات الانسانية يتضمن سيلا من الانتهاكات التي تقوم بها السلطة السعودية، منها: الاعتقال بدون وجود مبرر او سبب قانوني يجيز ذلك، احتجاز المعتقلين في اماكن وسجون سرية، منع اتصال المحتجز بعائلته، منعه من الاتصال والتواصل بحرية تامة مع محاميه ، وهذا كله غيض من فيض ممارسات السلطة في السعودية
ارسال التعليق