من "شارع الأعشى" إلى "معاوية"؛ اللي بيك ما يخليك يابن سلمان!!
[جمال حسن]
عقدة الطفولة تتنامى يوماً بعد يوم مع مرور الزمان ويتسع نطاقها مع كبر سن أبن البدوية، حتى انتقامه من بعض الذين أزعجوه ولفظوه في الصغر باحتجازهم في فندق "ريتز كارلتون" بالعاصمة الرياض أوائل نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وابتزازهم عشرات المليارات من الدولارات بعد تعذيبهم وتهديدهم باغتصاب عوائلهم أمام أعينهم؛ لم يشف غليل "بن سلمان" الطائش الأرعن.
ويبحث محمد بن سلمان طول العقود الثلاثة الماضية منذ صباه وحتى يومنا هذا عما يمكن أن يفعله لرأب الصدع الذي خلفته في نفسه تلك أيام الصبا التي عانى فيها ما عانى من أبناء عمومته وتحقيرهم وتجاهلهم له وابتعادهم عنه - وفق المقربين من البلاط والكثير من أفراد الأسرة السعودية الحاكمة الجاثمة على صدور وثروات أبناء الجزيرة العربية.
وما أن بلغ والده المصاب بالزهايمر العضال وتسلم هو السلطة حتى رأى "أبن البدوي" منفذاً نافذاً للانتقام لتلك الأيام على مستويات الأسرة أولاً، ثم الجزيرة العربية ومن بعدها الانتقام من الأمة بكاملها، تنفيساً عن عقدة الكراهية التي تلازمه منذ طفولته ولم ير مفراً منها، وهي ما نشاهدها في حركات جسده ايضا في كل ظهور وخطاب.
من هذا المنطلق بدأ بالأسرة ومن بعدها اتجه نحو "الإسلاموفوبيا" الذي وعد بتطبيقها زعماء اللوبي الصهيوني "الٱيباك" الذين التقاهم خلال أول زيارة له للولايات المتحدة الأمريكية في 20 مارس/آذار 2018، بعد مطالبتهم له بذلك لدعمه بلوغ العرش السعودي دون منازع.
وانطلقت المسيرة بتقليم أظافر المؤسسة الدينية، ثم الاتجاه نحو السماح للجنس الأنثوي في الجزيرة العربية الدخول الى معترك الرجال جنباً الى جنب ومشاركتهن مهرجانات الرقص الماجن المختلطة والخليعة والتعري على سواحل جدة وغيرها، ثم السماح بالمثلية والعلمنة للاتساع في بقاع أرض الوحي والتنزيل، ومن بعدها السماح بدخول الصهاينة المناطق المحرمة والتي طردهم منها الحبيب المصطفى.
في هذا الاطار يأتي دور إفساد المرأة والفتاة السعودية بمختلف الوسائل، لتنطلق مسلسلات الدفع نحو الانحطاط الخلقي والأخلاقي في مجتمعنا الاسلامي المحافظ، واحد بعد آخر ومهرجان في بطن مهرجان؛ حتى بلغنا اليوم وفي هذا الشهر الفضيل عرض مسلسل "شارع الأعشى"، للإيحاء الى المشاهد ان المرأة السعودية كانت تعاني الكثير في العقود الماضية.
المسلسل مأخوذ عن رواية "غراميات شارع الأعشى" من وحي خيال الروائية بدرية البشر زوجة ناصر القصبي، حيث تدور أحداثه: "حول 3 فتيات: عزيزة وضحى وعطوة، يعشن في حارة شعبية، وسط مجتمع محافظ، ويواجهون "تحديات الحياة" أي التقاليد الاجتماعية الاسلامية المحافظة التي هي أساس مجتمعنا الإسلامي؛ ومحاولاتهن البحث عن الحرية (حرية العلاقات غير المشروعة) وسط مجتمع إسلامي محافظ.
الأمر لم ولن يتوقف على هذا الحد من إفساد مجتمع الجزيرة العربية بل تعدى ذلك الى زرع فتنة الطائفية والفرقة والنفاق فيما بيننا وفي وسط الأمة الاسلامية جميعها خلال شهر رمضان المبارك لهذا العام، حيث يأتي دور مسلسل آخر باسم "معاوية" بن أبي سفيان وهند آكلة الأكباد وصاحبة الرايات الحمراء؛ والعاقل تكفيه الإشارة.
بعض المراقبين لسياسة محمد بن سلمان قالوا أن الهدف الذي يصبوا اليه ولد سلمان المدلل من وراء صرف 100 مليون دولار على مسلسل "معاوية"، هو التأكيد على صواب التوريث في السلطة، فمن أستورث السلطة في الشام آنذاك والمملكة حالياً وجهان لعملة إرهاب دوي واحد؛ الأول حكم ثلاث سنوات وارتكب أبشع ثلاثة مجازر في تاريخ الأمة وانتهك حرمة البيت العتيق.
أما الحاكم الحالي في بلاد الحرمين الشريفين فقد أفسد البلاد والعباد وشن حرباً شعواء على اليمن الشقيق لثماني سنوات ودعم الجماعات الارهابية المسلحة في المنطقة، زهقت في سياسته أرواح مئات آلاف الأبرياء من مواطنين وجيران ومسلمين ؛ فيما يرى المراقبون للشأن الاقليمي والدولي أن الهدف من عرض هذا المسلسل وفي هذه البرهة من الزمن هو شغل الناس عن جرائم الكيان الصهيوني في غزة والضفة المحتلة ولبنان وسوريا المتواصلة ليل نهار.
وقد أكد الكثير من الناشطين العرب والأجانب أن اختيار هذا الوقت لعرض مسلسل نفاقي لشق صفوف الأمة الاسلامية بعد توحد صفوفها في دعم القضية الفلسطينية لم يأت من فراغ، رغم تقليص أقسامه؛ بل جاء ليشدد الفرقة والتقاتل الطائفي بين أبناء أمة الحبيب المصطفى خدمة للكيان الصهيوني الذي بات يعاني الويلات على مستقبله من وحدة الأمة من اليمن الى لبنان ومن العراق الى غزة.
"ليس ثمة إشكال في الدراما التاريخية إذا انطلقت من حاضنة التأليف التاريخي وفق أصوله لتخدم غاية علمية أو سياسية وفق أولويات الأمة وتحدياتها الراهنة، لكن التخصيص السعودي لتاريخ "معاوية" مغزى لا تخطئه عين متابع، والترويج له في هذه الفترة الحرجة هو خدمة للكيان الإسرائيلي لأن السنة والشيعة اتحدوا في معركة واحدة ضد الكيان الغاصب لذلك تل أبيب تحاول استغلال وتعميق الشرخ القائم بين صفوف الأمة لانشغالها عن القضية الأم حتى أبعد مدى؛ مسلسل #معاوية# يخدم العدو الإسرائيلي في ظل المرحلة الراهنة التي تمر بها الأمة الأسلامية ولا نستبعد ان الموساد اقترح فكرته من أجل تغذية الصراعات الطائفية" - كتب مراقبون
يأتي مسلسل "معاوية" مع تراجع السعار المذهبي، الذي ساد عالمنا الإسلامي طوال عقد مضى من الاحتراب، حيث يهدف هذا العمل الى تجريب طريقة أخرى في تسعير الخلافات الطائفية التي انكفأت وتجمدت حول محور فلسطين وغزة الدامية التي سقط لها مئات آلاف الشهداء والجرحى غالبيتهم من الأطفال والنساء.
لقد أنفق "بن سلمان" 100 مليون دولار في إنتاج مسلسل "معاوية"، واستخدم إعلامي سابق (خالد صلاح) لم يسبق له العمل في التأليف، إلا في تحرير جريدة "اليوم السابع" المصرية، أو المشاركة كممثل في أعمال قليلة؛ وهو شخص شاذ جنسياً وتشهد عليه "وثيقة صادرة من أمن الجيزة في مصر تكشف تفاصيل تعرض المؤلف خالد للاغتصاب أثناء احتجازه عام 2001 أمام مرأى ومسمع جميع المحبوسين.
سؤال يطرح نفسه، لماذا خصص محمد بن سلمان كل أموال شعبنا هذه على مسلسل مزيف، فيما الغلاء والبطالة والفقر يتنامى في الوسط الجزيري، سوى لزرع الفتنة والنفاق بين صفوف الأمة التي وحدت قوتها وصفوفها دفاعاً عن أشقائها المظلومين في فلسطين وقدمت التضحيات الكبيرة لدعمهم ومساندتهم؛ خاصة في هذه البرهة البالغة الحساسية من الزمن؟؟!!.
ثم لماذا طلب المخرج "طارق العريان" من البداية والنهاية لمسلسل "معاوية"، ما أثار حالة من الجدل بين المتابعين، ودفع الكثيرين للتساؤل عن الأسباب الحقيقية وراء ذلك، خاصة مع تداول أنباء عن رغبته الشخصية في حذف اسمه من العمل بالكامل؟!؛ وهو ما كشفه المخرج المصري أحمد مدحت، الذي تولى إخراج المسلسل "معاوية"، من بعده.
في الحقيقة لم يكن إنتاج مسلسل "معاوية" عبثياً، بل كان مدروساً ومقصوداً، لأن الأسرة السعودية الحاكمة أصبحت ترى نفسها غير حاضرة في المستقبل القريب داخل الجزيرة العربية؛ وذلك لأن ثقافة المقاومة في المنطقة العربية أصبحت تتوسع وتهمش الدور الوهابي الصهيوني لأن ثقافة المقاومة تستند الى الروح الايمانية بالثقافة القرآنية الآخذة بالاتساع والانتشار رغم مخطط "الإسلاموفوبيا" الصهيوني - الخليجي.
فما يجري الآن هو أن السلطات السعودية بالتعاون مع الكيان الغاصب، تريد ان تشارك في رسم الخارطة الثقافية في المنطقة العربية، وخصوصاً في منطقة الشام، والتي بدأت من سوريا الحالية؛ وبتأكيد إذا تم اعادة رسم الخارطة الثقافية، سوف تتشكل الخارطة السياسية، وتتحول تلك الدول من دول أصيلة مقاومة الى دول تقود شعوبها للتطبيع مع كيان العدو الاسرائيلي، وهكذا تتحول هذه الشعوب الى شعوب متصهينة لتعادي محور المقاومة
ارسال التعليق