أمريكا والغرب... ضرب قدسية الحرمين الشريفين في مملكة آل سعود.. وبن سلمان الأداة !!
[عبد العزيز المكي]
مما بات معروفاً أن خبراء وسياسي الولايات المتحدة والدول الغربية، ونظرائهم الصهاينة يبذلون الجهد الحثيث وما زالوا يواصلون هذا الجهد، للتخلص من الإسلام الأصيل، لأنه يشكل أن بقي خطراً عليهم وعلى مصالحهم غير المشروعة في المنطقة، ويشكل خطراً على وجود غدتهم السرطانية التي زرعوها في جسم الأمة الإسلامية. "الكيان الصهيوني " .
ولذلك فهم انكبوا منذ ذلك الوقت مستخدمين تقدمهم العلمي وتفوقهم التكنولوجي وتطورهم العسكري والمخابراتي على ابتكار الخطط واجتراح الأساليب والحيل والمؤامرات للتخلص من هذا الإسلام و إبعاد المسلمين عنه، ولذلك هم بادروا إلى صناعة ما سمي "بالإسلام الأمريكي" حيث روجوا له بعيد انتصار الثورة في إيران، ولما أخفقوا انتقلوا إلى مرحلة أخرى، تمثلت بتشويه الإسلام كدين وسلوك وثقافة وما إلى ذلك بتشكيل فصائل وميليشيات مجرمة باسم الإسلام تحت مسميات إسلامية مثل القاعدة وداعش، وغيرهما، وهذه الميليشيات مارست أبشع أنواع الجرائم و الانتهاكات في العراق وسوريا وأفغانستان باسم الإسلام، واللافت أن النظام السعودي شكل الرافعة الرئيسية لهذه الخطط او الحروب بعبارة أدق ضد الإسلام ، فهو ومؤسسته الوهابية روجوا "للإسلام الأمريكي"، وهم الذين ساهموا في إنشاء الفرق والجيوش التكفيرية ، حيث تخرجت من المدارس الوهابية المنتشرة في السعودية وفي العالم، وهم اليوم أيضا يشكلون المرتكز والمنطلق الأساسي للمخطط الأمريكي الغربي لضرب الإسلام، فأمريكا والغرب ومنذ مجيء بن سلمان لولاية العهد بعد تولي أبيه الملك سلمان عرش المملكة.. انتقلوا إلى مرحلة جديدة لضرب الإسلام، تمثلت في استهدافه في مهد بزوغه ، بعدما فشلت كل الاستهدافات السابقة وعمليات التشويه، التي أثرت ولكنها لم تنه خطر هذا الإسلام، ولذلك أقول جازمًا انه بعد فترة من الزمان سيعرف الباحثون أن جلب بن سلمان إلى الحكم، ومنحه ولاية العهد بعد الانقلاب على ابن عمه محمد بن نايف وإزاحته في ولاية العهد، وبعد قفزه على أمراء كبار في ولاية العهد ومنهم عمه أحمد بن عبد العزيز... نقول إن جلبه إلى الحكم جاء بتخطيط أمريكي غربي صهيوني لتسريع تنفيذ ما تقتضيه المرحلة الجديدة من إجراءات للوصول إلى هدف إنهاء الإسلام المحمدي والقضاء عليه .. لان هذه المرحلة تتطلب شخصاً بمواصفات خاصة لا تتوفر عند غيره، فبن سلمان رجل يحب کل السلطة، ودكتاتور من الطراز الأول وغير ملتزم، وعلى استعداد لعمل شيء كل محرم من أجل الوصول إلى العرش وإرضاء الأمريكان والصهاينة، ولذلك أصر الصهاينة والدولة العميقة في أمريكا على بقاءه والتمسك به رغم اهتزاز موقعه بعد ما قام بجريمته النكراء بقتل الصحفي جمال خاشقجى في اسطنبول والذي خدم البلاط السعودي اكثر من ٤٠ سنة، فالبعض من الأوساط السياسة الأمريكية بل والمؤسسات الأمريكية أيضاً مثل السي آي اي طالبت بازاحته من السلطة والمجيء ببن نايف.
وقد أثبت بن سلمان للاميركان والصهاينة انه الشخص المناسب لهذه المهمة الخطيرة، فأول خطوة قام بها هي زج المعارضين من الأمراء والسياسيين و أصحاب رؤوس الأموال والمعارضين في السجون ومحاكمتهم ومصادرة أموالهم وقتل بعضهم !! ومنذ ذلك الوقت تحركت ماكنة بن سلمان بتوجيه أمريكي غربي صهيوني لضرب الإسلام في الجزيرة العربية وعلى كل الأصعدة، ولعلنا تعرضنا إلى بعض أوجه هذه الحرب في مقالاتنا السابقة ، حيث ركزنا على ضرب المنظومة الثقافية للمجتمع الإسلامي في الجزيرة العربية، وفي الحقيقة أن العملية تمضي على كل الأصعدة، وبشكل متوازي وأحيانا بشكل متكامل ، فالجهد يتواصل في تغيير المناهج و في كل المراحل الدراسية من الابتدائية وحتى الجامعة، وبإشراف الخبراء الامريكان لتصبح هذه المناهج ملائمة لما يسمونه "مرحلة الانفتاح "او بعبارة أدق لما تريده امريكا والغرب والعدو الصهيوني، إلى جانب مشاريع إفساد وتفسيخ المجتمع في الجزيرة العربية عبر الاحتفالات والمهرجانات الإفسادية ، تزامنا مع الزج بالدعاة في السجون وترك الذين يطبلون لبن سلمان.. وتزامنا مع ضرب قدسية الأماكن المقدسة، مقدمة لسحقها وإبعاد الناس عنها ، وهو الأمر الذي نريد التركيز عليه في هذه المقالة حيث يجري الحرب على المقدسات الإسلامية " الحرمين الشريفين خصوصا، مكة والمدينة المنورة ، على أصعدة متعددة منها ما يلي:-
1- محاولة تغيير النظرة السابقة لمكة والمدينة المنورة ، كمركزين دينيين كبيرين يحظيان باحترام وقدسية من قبل جميع أنحاء العالم الإسلامي، إلى مركزين سياحيين بإغراق المدينتين بالفنادق والمراكز السياحية، وإقامة المهرجانات والاحتفالات المنافية للأخلاق والمنتهكة لحرمة وقدسية بيت الله الحرام وقبر الرسول الأكرم ص ، بحيث باتت تلك الفنادق تطوق الأماكن المقدسة وفيما كان ارتياد هذه الأماكن المقدسة يقتصر على المسلمين وحسب للتبرك أو الزيارة أو أداء المراسم ، فأنها أصبحت مباحة لمن هب ودب ، وللأجانب بفعل القوانين الجديدة الارتجالية التي سنها بن سلمان ففي هذا السياق كشف تقرير للمعارضة السعودية الخطط التي سعى ويسعى بن سلمان إلى تنفيذها في المدينة المنورة بهدف ضرب مكانتها الدينية وكذلك قدسيتها وفى هذه الخطط حسبما جاء في التقرير .. " استبدال عبارة للمسلمين فقط " بعبارة "حد الحرم " في اللوحات " الإرشادية في المدينة المنورة !و من نتائج ذلك يقول التقرير، " أن المسجد النبوي فقد جزءاً من حرمته وهيبته ، فانتشر مقطع فيديو لفتاتين بلا حجاب وبملابس ضيقة وفاضحة وهما تحاولان دخول المسجد ترامناً مع انطلاق صوت الأذان قبل أن يعترضهما أحد رجال الأمن)). وتساءل التقرير من سمح لهن بالوصول إلى المسجد النبوي بهذه الملابس؟ وقال التقرير وصل الاستخفاف بقدسية المسجد النبوي للسماح بعرض الملابس النسائية الفاضحة على بعد مئات الأمتار من حرمه الشريف!! ويضيف التقرير: شهد يناير الماضي الحدث الأخطر، بعد استضافة الحكومة بنفسها لوفد هندوسي متطرف و التجول به قرب المسجد النبوي في تحد واضح لرمزية المكان ومشاعر المسلمين "! وذكر التقرير كأن الرسالة تقول أن المدينة لم تعد للمسلمين فحسب، بل يمكن للأديان الشركية الأخرى زيارتها وتدنيس مسجدها ... ولم تتوقف جهود بن سلمان في عملية تحويل المدينة المنورة والمسجد النبوي فيها إلى مراكز سياحية بإزالة اللوحات الإرشادية في الشوارع والسماح للأجانب بتدنيس المسجد النبوي وحسب، وإنما يواصل الجهد في تحويل بعض المدن التابعة للمدينة المنورة، مثل منطقة العلا إلى مركز سياحي متقدم لجلب المزيد من السواح!! حيث بدأ مطارها الخاص باستقبال الرحلات الدولية في مارس الماضي! وأطلقت الهيئة الملكية للعلا أخيراً مشروعاً ثقافياً سياحياً جديداً! قال بن سلمان في افتتاحه بأنه "تحقيق لالتزامنا بالمحافظة على منظومة التراث والطبيعة ولنشارك العالم ٢٠٠ ألف سنة من الإرث الإنساني والطبيعي الفريد في العلا"!!
2- ومنذ أن سمح بن سلمان للأجانب بانتهاك قدسية الحرمين الشريفين، فأن ثمة اختراقات خطيرة حصلت خلال المدة الأخيرة، لعل أخطرها اختراقات الصهاينة ، لأن الصهاينة بالإضافة إلى طموحهم وعزمهم على انتهاك قدسية هذه الأماكن المقدسة لتحقيق واحد من أهم مرتكزات المشروع الأمريكي الغربي الصهيوني لضرب الإسلام المحمدي، في أقدس الأماكن والمراكز التي أشرق منها الإسلام ، فهم لديهم مخططاتهم الخاصة وأحقادهم التاريخية التي يكنونها للإسلام، ولنبيه (ص)، وللقيم الإسلامية فبن سلمان نصب لافتة ترحيب كبيرة ووضعها وسط المدينة المنورة، وباللغة العبرية، وعلى مقربة من المسجد النبوي! ومنذ ذلك الوقت تعاقبت الوفود الصهيونية على السعودية التي يعتبر تدنيس المدينة المنورة وقبر النبي (ص) من ضمن برامجها، وسبق أنه نشرت صحيفة تايمز اوف إسرائيل" العبرية في تموز ٢٠٢٢ تقريراً مطولاً يرصد الزيارات المتكررة للإسرائيليين " للمملكة من رجال أعمال وإعلاميين وغيرهم، ويتحدث عن زيارة 50منهم للمدينة المنورة.. وكانت بداية الاختراق الصهيوني في عهد بن سلمان عندما قام المتطرف الصهيوني ومراسل القناة العبرية ١٣ بن تسيون الذي بعث بتقاريره وصوره على بعد أمتار قليلة من قبر النبي الأكرم(ص) وذلك في عام ٢٠١٧م. وتطورت الأمور بعد ذلك بسماح الحكومة بدخول وفود "إسرائيلية "علانية للمدينة المنورة بين إعلاميين ورجال أعمال وسياح.. وإذا ما أخذنا مقولة جولدا مائير رئيسة وزراء العدو السابقة التي أطلقتها عند توقيع اتفاقية كامبد يفيد عندما وقفت عند خليج العقبة والتفتت تجاه السعودية وقالت بصلافة " إنني من هذا المكان أشم نسيم خيبر ويثرب، إني أشم رائحة أجدادي في خيبر » نقول إذا أخذنا هذه المقولة ندرك خطورة هذا الاختراق الصهيوني للمدينة المنورة ومكة المكرمة .. ليس هذا وحسب وإنما قال تقرير نشره موقع سعودي ليكس" المعارض إن بن سلمان سهل على الصهيونية ترويجها لمشاريعها في السعودية مثل مشروع "ديارنا"الذي نال أهمية لديه أي بن سلمان، وأوفد محمد العيسى لزيارة مقرهم في نيويورك وامتداح منسق المشروع ومنح تسهيلات لعمل طواقمهم في السعودية بل أن قناة MBC السعودية استضافت مؤسسها الصهيوني الأمريكي جيسون غو برمان عبر برنامج في الآفاق " ليروج لمشروعة.. والأخطر أن بن سلمان
منح الصهاينة حق التملك للأراضي والمساكن في المدينة المنورة !!
3- فتح البارات ومراكز ما تسمى بالترفيه والإفساد في مكة والمدينة والترويج لارتكاب المنكرات علنا وفي وضح النهار، وذلك من أجل كسر وانتهاك هيبة الحرمين الشريفين وضرب قدسيتهما فعلى سبيل المثال أطلقت هيئة الترفيه السعودية التي يديرها تركي آل الشيخ، مشروعاً العام الماضي يسمى هوى" في المدينة المنورة، وضم هذا المشروع لأول مرة سينما خارجية في خطوة أولى لنشر الفساد طبقاً لما تقوله مواقع المعارضة السعودية.
4- جرف المعالم الأثرية في مكة والمدينة مثل بيوت النبي (ص) وبيوت الصحابة رضوان الله عليهم والقائمة تطول، وأقيمت على أنقاضها أما مشاريع سكنية أو دورات صحية أو فنادق سياحية وما إلى ذلك، وفي هذا السياق نشر حساب خط البلدة » الشهير عبر صفحته الرسمية على x تويتر سابقاً، مقطع فيديو بعنوان " دلالات تجريف جبل احد في المدينة المنورة بالسعودية ".. ما يؤكد هذا الأمر، هو أن وسائل إعلام النظام السعودي كانت قد روجت في حملة دعائية صاخبة لمشروع بن سلمان الجديد في المدينة المنورة، والمتمثل بإقامة - منتجع طبي تأهيلي ) في المدينة بعد أعمال تهيئة للمنطقة ستشمل من بين أمور أخرى تجريف جبل أحد!! كما ذكرت صفحة "خط البلدة" أن حسابات تابعة للديوان الملكي أعلنت عن مشروع تجريف جبل أحد وتحويله إلى منتجع طبي تأهيلي! والهدف من هذا الاختيار رغم وجود مساحات واسعة يمكن الاستفادة منها في إقامة هذا المشروع هو تجريف الآثار الإسلامية التاريخية والقضاء عليها من أجل مسح هذا المعلم التاريخي المهم من ذاكرة الأجيال !! كما فعل ويفعل مع بقية المعالم الإسلامية التاريخية الأخرى التي دمرها وأزالها من الوجود !!كجزء من الحرب الشاملة التي يشنها بن سلمان على الإسلام ومعالمه التاريخية ورموزه !! ويقول بعض النشطاء أن المنتجع هو واجهة وغطاء للإفساد والانحلال الأخلاقي تحت يافطة العلاج والاستجمام!
5- ذلك، بالإضافة إلى محاربة المراكز الدينية، ومجالس قراءة القرآن الكريم في المدينتين المقدستين مكة والمدينة فعلى سبيل المثال تم إغلاق المعهد العلمي الأشهر في المدينة المنورة، واعتقال عدد من العلماء والقراء فيها، ومن هؤلاء الشيخ أحمد العماري عميد كلية القرآن الكريم في المدينة المنورة والذي قضى تحت التعذيب في عام ٢٠١٩ وكذلك اعتقال القاري والمنشد ربيع حافظ في ٢٠١٧ ما تقدم غيض من فيض مما يقوم به بن سلمان من عمليات تدمير للمعالم والرموز الإسلامية وللقيم الإسلامية، وانتهاك لقديسة ورمزية هذه المعالم، كمقدمة كما أشرنا في بداية الحديث لضرب الهوية الإسلامية والقضاء على الإسلام في مهده ليكون ذلك منطلقاً للقضاء عليه في بقية مناطق الوطن الإسلامي !! الأمر الذي يؤكد خطورة هذه المرحلة من الحرب الأمريكية الغربية الصهيونية على الأمة الإسلامية حضارة ودينا وثقافة وتفكيراً وذاكرة وعلى كل الأصعدة.
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق