الانتخابات البحرينية " البرلمانية والبلدية" الأخيرة...في ظل الحماية الأمنية الصهيونية والاحتلال السعودي!!
[عبد العزيز المكي]
للتعليق على الانتخابات " البرلمانية والبلدية" البحرينية الأخيرة، لابد أن نأخذ في الحسبان أمور عدة منها ما يلي:
1- إن تلك الانتخابات لم تكن استحقاق ديمقراطي، وتفويض للشعب البحريني، مطلقاً كما يحاول النظام الخليفي العميل الترويج لهذا المعنى، ومعه الدوائر الأمريكية والسعودية والغربية والصهيونية، عبر الاعلام وعبر التحركات السياسية وما الى ذلك.. الانتخابات إفراز أجبر عليه آل خليفة بسبب الأزمة السياسية والاجتماعية الناتجة من السياسة الخاطئة لهؤلاء الآل، من عمليات قمع للاكثرية الشعبية، بسبب انتمائهم الى مذهب آخر غير مذهب آل خليفة، ومعهم أيضاً شريحة عريضة من أبناء الشعب البحريني من الطائفة السنية الكريمة لأنها تعارض سياسات هذه الشلة العميلة والدخيلة على الشعب البحريني، فاقدة الجذور والانتماء، إنما جاءت من الخارج لتستعبد هذا الشعب المظلوم وتمارس بحقه تلك السياسات الظالمة، والحديث يطول عن هذه السياسات العميقة، إنما تحدث عنها كثيراً المتابعون، والمحللون، والمنظمات الإنسانية الدولية والإقليمية فضلا عن تلك البحرينية، بل حتى البابا في زيارته الأخيرة للبحرين دعا النظام البحريني الجائر الى التخلي عن سياساته الجائرة بحق الشعب البحريني والتخفيف من قيود الاعتقالات والملاحقات وكتم الأفواه، ومن المحاكمات الصورية والإعدامات، والتمييز الطائفي، والتجنيس على حساب أهل البلد وعلى حساب حقوقهم، والتسبب لهم في الحرمان والبؤس والشقاء نتيجة سلب أراضيهم وتهديم منازلهم ومساجدهم وسحقهم اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً، وكانت دعوات البابا تلك فاجأت الملك حمد وزبانيته، وهو الذي أراد تسويق نفسه من خلال تلك الزيارة للبابا على انه " الملك الوادع" الذي يحظى بالتأييد والمشروعية وما إلى ذلك، ولذلك ما ان انتهى البابا من خطابه رد هذا الصعلوك (حمد) على البابا بالادعاء ان الأمور في البحرين تجري " بالعدالة والإنصاف" لكل المواطنين!! إدعاء سخيف لعل حتى الاطفال في البحرين وخارجها يسخرون منه لمنافاته مع الحقيقة الصارخة التي تجري على أرض الواقع، من قمع وعسف وظلم يمارسهُ جلاوزة النظام بحق الشعب البحريني المظلوم!!
2- في هذه الانتخابات يحاول النظام البحريني الحصول على نوع من المشروعية، لأنه وبسبب سياساته القمعية والتمييزية فقد المشروعية، لأن هذه السياسات وصلت الى اسماع أغلب المنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية، فكما أشرنا قبل قليل، ان منظمة العفو الدولية، ومجلس حقوق الإنسان، ومنظمة هيومن راتيس ووتش وغيرها تصدر بين الحين والآخر بيانات أو تقارير توثق بها أو تدين ممارسات الطغمة البحرينية بحق أبناء الشعب البحريني، وتكشف بل وتعري النظام البحريني وتفضح قمعه ومنهجه الدموي أمام الرأي العام العالمي والعربي والاسلامي، وكما سبق وان أشرنا فأن البابا كان على دراية ببعض ممارسات هذا النظام القمعية.
اذن فالانتخابات " البرلمانية والبلدية" هي ليست مشاركة للشعب البحريني أبداً انما هي وسيلة النظام اضطر اليها لكسب المشروعية أمام الرأي العام
3- بحث النظام البحريني عن تلك " المشروعية" المزيفة ليس للتراجع ولإصلاح ما أفسدته أجهزته القمعية وجلاوزته الفاسدون، والتصالح مع أبناء الشعب البحريني، وإنما لتحقيق أمرين هما: أولاً: باسم هذه المشروعية المزيفة الإيغال في سياسة القمع والتصفيات الجسدية الاضطهاد بكل أنواعه بحق المعارضين والأكثرية في هذا الشعب، بحجة انهم يخالفون " نظاماً ديمقراطيا " سمح للبحرينيين بالمشاركة في الحكم عن طريق هذه الانتخابات!! اي انه يعتقد انه سوف يسلب المعارضة والشريحة الناقمة من سياساته مبررات الاعتراض والنقمة على النظام، سيما وانه يحظى بدعم غربي أمريكي وصهيوني، علني وسري ويبرر له ممارساته القمعية ضد المعارضة. وثانياً: محاولته خداع الرأي العام في المنطقة ان هرولته المتسارعة نحو أحضان العدو الصهيوني!" مدعومة بتأييد أكثرية شرائح الشعب البحريني، أي محاولة إضفاء نوعاً من المشروعية" على سياساته التطبيعية والتحالفية مع العدو الصهيوني، ما يؤشر ذلك الى معارضة عارمة من كل طبقات وشرائح الشعب البحريني للتحالف مع العدو، وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذا الشعب عبر في كل المناسبات التي جرى فيها استقبال مسؤولين صهاينة في المنامة أو توقيع اتفاقات بينهم وبين جلاوزة هذا النظام، بالمظاهرات والاحتجاجات وما الى ذلك من الأساليب والممارسات المعبرة عن الرفض مطلقاً لسياسات آل خليفة التطبيعية مع أسيادهم الصهاينة.
4- يضاف الى ما تقدم، أمر آخر في غاية الأهمية والخطورة لم يركز عليه الإعلام، الّا لماما، سيما الاعلام في السعودية أو البحرين، نظراً لحساسيته وخطورته، وهو أن النظام السعودي يفكر بضم البحرين الى المملكة السعودية بحيث تصبح رسمياً جزءاً من المملكة أو المحافظة الرابعة عشر كما يذكر بعض الاعلام، ولذلك فالنظامان السعودي والبحريني يريدان غطاءاً ولو مزيفاً عبر هذه الانتخابات لتسويق وتسويغ الأقدام على مثل هذه الخطوة ولو بالتدريج!!
5- في ضوء ما تقدم، فأن إدارة هذه الانتخابات وتقييدها بالشكل الذي يضمن النتائج المحددة لها، ليست حاجة ماسة للنظام البحريني وحسب، وانما أيضاً حاجة ملحة للنظامين السعودي والصهيوني، فبالنسبة للأول كما أشرنا يريد صعود ناس الى البرلمان البحريني مجرد أدوات موالين للنظام البحريني وللسعودية "للهمامة" كما يقولون، لكن يضمن ولائهم لخطوة انضمام البحريني للسعودية، ضمن إطار الكونفدرالية أو آية آلية أخرى تؤدي في النهاية الى التهام هذه الأمارة!! لكن بنفس الوقت يتوجس النظام السعودي من هذه الممارسة" الديمقراطية المزيفة" أو الديمقراطية الصورية التي تخدم استبداد النظام.. يتوجس خيفة من هذه الممارسة خوفاً من أن تجلب معارضاً ولو مزيفاً خوفاً من العدوى أو مطالبة الشعب في الجزيرة أي نجد والحجاز وملحقاتهما، ببرلمان مماثل، ولذلك يحرص على ان تجلب هذه أو تتمخض هذه الانتخابات عن عناصر تقف وتؤيد النظام البحريني لكي يكون الاستنساخ مماثلاً إن اضطر بن سلمان يوماً على إجراءها. أما بالنسبة للصهاينة فهم أحرص على المجئ بعناصر تدعم سياسة النظام التطبيعية، كما اشرنا فيما تقدم من حديث، لأن أهدافهم لا تقف عند التطبيع والتعاون التجاري والاقتصادي مع النظام البحريني وحسب، وانما تتعدى هذه الأهداف الى أمور خطيرة منها، جعل العدو البحرين قاعدة أمنية وعسكرية متقدمة، تكون مرتكزاً أساسياً من مرتكزات التمركز والانتشار الصهيوني والأمريكي، وركنا أساسياً من أركان مشاريعهما الأمنية والعسكرية التي تستهدف الأمة في المنطقة برمتها عقائدياً وثقافياً واقتصادياً وعلى كل الأصعدة، تلك المشاريع التي يجري تسويقها على لسان المسؤولين الصهاينة والأمريكان والبحرينيين والسعوديين تحت لافتة أو عنوان" مواجهة واستهداف ايران". وتحت لافتة " حماية البحرين من ايران" وما الى ذلك.. اليكم مثالاً عن تسويق المحللين الصهاينة لهذه العناوين لخداع الرأي العام ولأِخفاء الاهداف الحقيقية التي أشرنا إليها قبل قليل، يقول موران زاغا الخبير في منطقة الخليج في المعهد "الاسرائيلي" للسياسات الخارجية الإقليمية يمكن للكيان الصهيوني" المساهمة بالكثير من المعرفة حين يقترب جغرافياً من ايران" و" أن التحالفات مع جيران طهران ستعزز قدراته فيما يتعلق بالضربة الاستباقية على المنشآت النووية الإيرانية" من جهته، وزير دفاع العدو بيني غانتس، وخلال حضوره لتوقيع اتفاق تعاون أمني مع البحرين، في شباط2022، أوضح هدف لهذا التعاون الامني والعسكري في حديثه أمام السفينة الأمريكية ( يوإس إس كول)..أوضح قائلاً:" هذا التعاون هو حاجة أمنية من الدرجة الأولى في ظل التحديات المتزايدة على الجبهة البحرية بشكل خاص وفي المنطقة بشكل عام".
على خلفية أهمية هذه الانتخابات بالنسبة للنظامين السعودي والصهيوني، جرت تحت إشراف الموساد الصهيوني، والعسكرة السعودية، فبالنسبة الى الحضور الصهيوني، في تلك الانتخابات، أكدت التقارير الواردة من هناك أن عناصر الموساد الصهيوني نشطوا بشكل لافت قبيل واثناء إجراء الانتخابات في البحرين، وإذا أخذنا بتصريح وزير الداخلية البحريني فور توقيع المنامة اتفاقية التطبيع، والذي قال فيه" ان التطبيع يهدف الى حماية الأمن الداخلي البحريني من خطر إيران" و حماية النظام من الأكثرية الشيعية، لأن هذا النظام يتهم هذه الأكثرية الشعبية بالولاء لإيران وليس لوطنها البحرين زوراً وظلماً واتهاماً جائراً !!، أي ان مهمة انتشار الموساد الصهيوني لاجراء الانتخابات وفق ما يريد النظام وما تقضي مصلحة العدو الصهيوني.
أما النظام السعودي، فلم يكتفِ بالانتشار الأمني الصهيوني من خلال الموساد لحماية الانتخابات وآل خليفة معاً وحسب بل أقدم على عسكرة هذه الانتخابات بإرسال 1500 سعودي من قوات الطوارئ الى البحرين بناءاً على طلب النظام البحريني لضمان إجراء الانتخابات وحمايتها والنظام الخليفي من احتمالات ردات الشعب البحريني، وهذا ما كشفته وثيقة انتشرت على المواقع الالكترونية وعدم نفي النظامين السعودي والبحريني لها!
أكثر من ذلك ، ورغم كل هذا الجهد الصهيوني السعودي الخليفي لتزييف الانتخابات، فأن الصعلوك حمد لم يكتف بذلك، إنما وضع كل صلاحيات المجلس النيابي بيد رئيسه الموالي للملك نفسه بمعنى أن هذا المجلس سوف يبقى مجرد ((ديكور)) يستفيد منه هذا الملك في سياساته المشار إليها!!
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق