"النتن ياهو" يعلقه و"بن سلمان" يستعجله.. صهيوني وظيفي
[حسن العمري]
* حسن العمري
حذر السفير الأميركي السابق في السعودية "شاس فريمان" من المطامع التوسعية لـ«إسرائيل»، وقال "إن الأيديولوجية الدينية للمتشددين من اليهود توجب على «إسرائيل» التوسع خارج فلسطين لتهيمن على دول عربية أخرى بالشرق الأوسط.. في النهاية إسرائيل لديها هدف ليس فقط تفريغ فلسطين من الفلسطينيين، ولكن أيضا الهيمنة على منطقتها.. هناك شارة عسكرية يرتديها بعض الأشخاص في قوات الدفاع الإسرائيلية تظهر «إسرائيل الكبرى» التي تشمل أجزاء من مصر وشمال السعودية وكل الأردن وسوريا ولبنان وحتى الفرات في العراق، أي أجزاء من العراق.. بالنسبة للصهاينة الدينيين، فهذه الأرض وعد الله بها اليهود".
قادة البلدان الخليجية ومن قبلهم بعض الأنظمة العربية العميلة، سارعت لتحقيق الحلم الصهيوني والمخطط الشيطاني هذا عبر التطبيع واقامة الاتفاقيات المذلة والخنوعة من "اتفاقية أوسلو" عام 1993 حتى التطبيع الخليجي الاسرائيلي، مروراً بمعاهدة وادي عربة واتفاقيات غزة أريحا وطابا "أوسلو الثانية" 1994، واعادة الانتشار 1997، ووادي ريفر 1و2 1998و1999، والمعابر 2005.. أنهم قادة أنذال يحملون الخنوع والعمالة والمذلة والدونية في دمهم وتربيتهم، ويتفانون ضد مصالح بلدانهم وشعوبهم خدمة للأسياد، وكأن الوطن هو العائق الوحيد في حياتهم المليئة بالإنجازات "العظيمة". والأسوأ، أنهم يدعمون كيانات ومجموعات ودولا أرهابية استعمارية إجرامية قذرة لا تودهم ولا تتمنى لهم الخير، وكأنهم يقولون: "تفضلوا، استخدمونا كداعم خلفي لكم، فبلدنا لا يحتاجنا؛ وهم آل سعود قبل غيرهم ليلحق بهم رؤساء ضعفاء النفوس ذوي أصول يهودية وملوك التوريث في الامارات والبحرين والأردن والمغرب ومصر والسودان.
القناة 12 الإسرائيلية أكدت بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "قرر تعليق مساعي التطبيع مع السعودية الى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر.. إن نتنياهو اتخذ هذا القرار في الوقت الذي تشهد فيه الولايات المتحدة تطورات سياسية متسارعة، آخذا في الاعتبار أنه قد يكون من المفيد الانتظار لمعرفة ما إذا كان المرشح الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب سيفوز في الانتخابات الرئاسية".. الجانب السعودي ووسط كل الاجرام والتنكيل الدموي لكيان العدو الصهيوني بابناء فلسطين المحتلة في الضفة الغربية وغزة وما يتبعه من إبادة جماعية لشعب أصيل، ليس يلتزم الصمت الفعلي بل حتى انه لا زال ملتزم بقراره في التطبيع مع الكيان الاسرائيلي البربري مهما كانت الظروف، والرئيس الأمريكي جو بايدن يؤكد مراراً وتكراراً "أن السعودية تريد تطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل ضمانات أمنية من الولايات المتحدة وإقامة "منشأة نووية مدنية" في المملكة".
قادة صهاينة وظيفيون جملة وتفصيلاً يسارعون الخطى في تقديم الغالي والنفيس الى كيان الاحتلال الصهيوني تلبية لرغبة راعي البقر الاميركي كونهم يحملون في نفوسهم هذا الشعور بانهم أقل قيمة أو قدرة مقارنة بالآخرين إذا لم يلبوا رغبة راعيهم، ويرتبط هذا الشعور غالباً بتقدير الذات المنخفض، حيث ينشأ عن مقارنة غير متوازنة بين الشخص وبيئته، ويؤدي الى تبني قائمة طويلة من العيوب التي يعتقد الفرد أنه يمتلكها، وهو بالحقيقة يمتلكها وشعوبهم الفاشلة تركن لسياساتها التافهة والخيانية ولا يعيرون لفسادهم وعمالتهم أدنى اهتمام وإلا لما تجرؤا على ذلك.. هكذا جاء وصف المجتمعات الفاشلة عند الكاتب الروسي "أنطون تشيخوف" بقوله :"إذا رأيت الموضوعات التافهة تعلو في أحد المجتمعات على الكلام الواعي، ويتصدر التافهون المشهد، فأنت تتحدّث عن مجتمع فاشل جدًا".
محمد بن سلمان أناط ملف التطبيع مع تل أبيب لأبنت عمه ريما بنت بندر سفيرة آل سعود برتبة وزير لدى الكابوي الأمريكي لتشارك قبل فترة وجيزة في قمة MAED"الحوار الشرق أوسطي الأميركي" في العاصمة الأميركية واشنطن بمشاركة مسؤولين اسرائيليين كبار، والقت فيه خطاباً ترحيباً بالتطبيع مع الكيان الصهيوني أطربت فيه مسامع الوفد الصهيوني عرّابي الإبادة الجماعية في غزة، وكبار اللوبي اليهودي في امريكا؛ مشددة في بداية كلمتها "نريد أن نرى اسرائيل مزدهرة"، وصفته صحيفة "تايمز أوف اسرائيل" بـ"السابقة والملهم".. وسائل إعلام إسرائيلية كشفت نهاية الشهر الماضي عن وجود دراسة جادة حول إمكانية شراء النظام السعودي للغاز الطبيعي من الكيان الاسرائيلي كبادرة حسن نية من قبل محمد بن سلمان فيما يخص ملف التطبيع الذي علقه "نتن ياهو".. وقد أكد يوسي أبو، المدير العام لشركة “نيو مد إنرجي”، "أن شركته كانت على تواصل مباشر مع المسؤولين السعوديين، الذين أبدوا رغبة حقيقية في استيراد الغاز من إسرائيل" - وفق صحيفة "نيويورك تايمز" الامريكية.
"الصهيوني الوظيفي" ذو اللسان العربي أخطر من الصهيوني الأصلي، فالأخير عداؤه ظاهر واضح، أما ذلك الذي يتكلم بلساننا ويعيش بين ظهرانينا فهو فتنة للناس.. الصهيوني الوظيفي ذو اللسان العربي، يبذل قصارى جهده لإثبات الحق التاريخي للإسرائيليين في فلسطين، بزعم أقدمية السكنى لهم، ويُعرض عما يقدمه أهل .. قبل أكثر من ربع قرن، تنبأ رائد الدراسات الصهيونية في العالم العربي الراحل عبد الوهاب المسيري، بالوصول الى المرحلة أصبح فيها الإنسان العربي حالياً أي "صهيونيا وظيفيا" يؤدي الوظائف نفسها التي كان يؤديها القائد العسكري الإسرائيلي أو التاجر اليهودي الموالي لإسرائيل.. وقال "اليهودي الجديد أو ما أسميه الصهيوني الوظيفي سيأتي ويصلي معنا العشاء في المسجد"، لم يمتد به العمر لكي يكون شاهدا على ما أصبحت تحبل به الخطابات العربية الراهنة المروجة للسردية الصهيونية، والتي تتماهى مع الخطاب الصهيوني حول ذاته وحول القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، وهو عين ما نبه له المسيري بمفهوم "الصهيوني الوظيفي".
ريما بنت بندر كانت قد أفصحت قبل ذلك وفي حديثها إلى بيكي أندرسونN، أن المملكة العربية السعودية "تدرك تماما حاجة إسرائيل الى الشعور بالأمان.. الطريق الوحيد لازدهار الشرق الأوسط هو الوحدة، وازدهاره الاقتصادي، وأن تكون منطقة متوازنة ومستقرة.. تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، أمر تطرحه المملكة على الطاولة على الدوام لكن لا ردود ايجابية من الطرف الآخر.. لكي يتحقق الأمن، فإننا نحمل السلام، نحمل الرفاهية، نحمل الأمن ونقدمها للدولة الاسرائيلية".. فيما التقت خلال مشاركتها في قمة التطبيع الخليجي – الاسرائيلي كبار المسؤولين الصهاينة وهم وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات، ورئيس الوزراء السابق ايهود اولمرت، ورئيس الاركان السابق غابي اشكنازي، وسفير تل أبيب لدى واشنطن مايكل هيرتزوج، ووزير الحب السابق بيني غانتس؛ ونالت اعجابهم بخطابها- وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية.
"هيلين توماس" عميدة الصحفيين في البيت الأبيض، المرأة التي فضحت سياسة الولايات المتحدة الأمريكية المخادعة والاذبة، والكلام الممنوع من النشر حتى "ماتت "وتركت كلمة "الدول العربية ستزول بالكامل؛ كتبت مقالة خطيرة للنشر في كبريات الصحف الأمريكية قبل رحيلها بعدة أيام، وتم رفضها في حادثة لها للمرة الأولى، مما جعلها تصرخ في محاضرة بنادي الصحافة قائلة: "اليهود يسيطرون على إعلامنا وصحافتنا ويسيطرون على البيت الابيض.. إنني أرى بوادر حرب عالمية ثالثة، طبخت في مطبخ تل أبيب ووكالة الاستخبارات الأمريكية، والشواهد عديدة، أول خطوة ظهور تنظيمات إرهابية، بدعم أمريكي لا تصدقوا أن واشنطن تحارب الإرهابيين ، لأنهم دمية في أيدي السي آي إيه.. إنني أرى أن بريطانيا سوف تستحضر روح البريطاني ”مارك سايكس" وفرنسا سوف تستحضر روح الفرنسي "فرانسوا بيكو" وواشنطن تمهد بأفكارهما الأرض لتقسيم الدول العربية بين الثلاثة، وتأتي روسيا لتحصل على ما تبقى من الثلاثة، صدقوني إنهم يكذبون عليكم بقولهم إنهم يحاربون الاٍرهاب نيابة عن العالم وهم صناع هذا الاٍرهاب والإعلام يسوق أكاذيبهم، لأن من يمتلكه هم يهود اسرائيل".
المرشح الثالث الأقوى للانتخابات الأمريكية "جونيور كينيدي" أكد مراراً أن " أميركا هي من أسست داعش الإرهابية.. ونحن من يدعم إسرائيل للسيطرة على الدول العربية ونضغط على الدول الخليجية العربية للتطبيع معها".. الرئيس الأمريكي رونالد ريغن وفي كلمة أمام مجلس الشيوخ 1986 لإقناعهم بصفقة بيع أسلحة للسعودية، قال "السعودية داعمة لنا في الخفاء وتحارب معنا ضد الدول العربية المتطرفة الأخرى، والأسلحة ستستخدم لحماية اسرائيل بأمرنا ونحن المتحكمون فيها..."؛ وابناء الجزيرة العربية في سبات عميق من نومهم يصدقون إدعاءات السلاطين الوقحين وأكاذيبهم المزيفة وأفعالهم الإجرامية الدموية بأنها خدمة لمصالح الأمة.
ارسال التعليق