الى اين ستؤدي سياسة بن سلمان تجاه المواطنين غير الوهابيين؟
[ادارة الموقع]
فصل جديد يشهده تاريخ المملكة العربية السعودية مع ادخال ولي العهد محمد بن سلمان البلاد في دائرة (الاصلاح) السياسي والثقافي والاجتماعي والديني، هذا الاصلاح الذي بدأ به بن سلمان على عكس أسلافه تبين أنه يتمحور حول سعيه لاحتكار السلطة وتفرده بكل قرارات المملكة المصيرية تحت شعار "الاصلاح".
وعلى هذا الأساس أصبحت أيضاً المؤسسة الدينية تحت قبضته بعد أن أفرغها من كل من تسول له نفسه الاعتراض على قرارات ولي العهد، وبعبارة أخرى يمكن القول ان بن سلمان مهد الطريق لنفسه من خلال احتكار السلطة للوصول إلى كرسي العرش وبيده مفاتيح البلاد، لاسيما المؤسسة الدينية التي فرضت هوية وهابية على البلاد، والتي يدّعي بن سلمان حاليا أنه يعيد بنائها من جديد وتحويلها إلى مؤسسة تنشر الدين الاسلامي المعتدل البعيد عن التطرف.
جدلية محاربة الوهابية
وضع ولي العهد قيود تنظيمية على المعايير الراسخة للدعاية والترويج والتعليم في مجال الدين، والحد من تغلغل وتعديل أنشطة المؤسسات الدينية في المجالين الاجتماعي والسياسي ، وفرض الحظر عليها، وتسريع تنفيذ سياسات العلمنة. وكل هذا جاء بهدف الدفع من أجل تقليص سلطة النظام الديني الوهابي في عالم السياسة والمجتمع السعودي، وهذا يعطي مؤشرات بطبيعة الحال على جدية محمد بن سلمان في محاربة الوهابية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن الإشارة إلى محاربة التعاليم الوهابية ومبادئ التعليم التي نشأت عليها وتروجها وعملية الحد من تأثير الوهابية التقليدية في المجتمع السعودي والأمر بتعليق الدروس الدينية في المساجد على مدى الأيام القليلة الماضية؛ وعلى هذا الأساس وبناءا على هذا القرار الحكومي، تم ابلاغ جميع المكاتب المرتبطة بالشؤون الدينية بوقف الأنشطة الدعائية والمحاضرات والدورات الأكاديمية في المساجد.
كانت الغاية من كل ما تقدم هو الحد من نطاق صلاحيات ونفوذ المؤسسات الدينية الوهابية في المملكة العربية السعودية ومحاربة التطرف الديني من خلال اجراء اصلاحات جذرية وجوهرية، ولكن ماذا عن التطرف الحكومي؟!.
تطرف الحكومة
يجب الانتباه إلى أن الضغوط والقيود المفروضة التي فرضها محمد بن سلمان على المراكز الدينية للوهابية لا يعني إضعاف هذه المؤسسات التقليدية للسلطة في جميع أنحاء الأراضي السعودية، فولي العهد الذي يبحث عن سعودية جديدة لا تضطهد الأقليات وتسعى لصهرهم مع ثقافة الأكثرية بدون أي تعصب أو تفرقة، أمر بتعليق فعاليات المؤسسات الدينية الوهابية في جميع مناطق المملكة باستثناء مناطق تمركز الأقلية الشيعية في "القطيف، الاحساء، نجران"، وهو بذلك يكون قد ساهم في تعزيز قوة وهيمنة الوهابيين المتطرفين في المناطق الشيعية بهدف الضغط عليهم من جهة وتخفيف حدة مواجهة الوهابية من جهة أخرى، ودفعهم نحو شرق البلاد وجنوبها له غايات بات الجميع يعرفها، وهذا يأتي بدون أدنى شك تحت بند "التطرف الحكومي" تجاه الأقليات الدينية.
في الواقع ، إذا أخذنا نظرة تحليلية لبرنامج محمد بن سلمان للإصلاح الديني كجزء من عمليته (الإصلاحية) في المملكة العربية السعودية، نجده لا يتماشى اطلاقا مع ادعاءات وسائل الإعلام بأن ولي العهد يضع نصب عينيه إعادة النهج الإسلامي المعتدل إلى البلاد، وبالنظر إلى الأدلة في هذا المجال، ما يبدو واضحا هو جانب "الدعاية لهذه السياسة" ونهج تعديل أو تقليص نفوذ المؤسسة الدينية للوهابية، هذه الدعاية السياسية يتم الترويج من خلالها لوصول بن سلمان إلى القبض على منافذ الحكم، لذلك تأتي هذه الدعاية الاصلاحية لتخدير الشعب ريثما يصل إلى السلطة من ناحية، ومن ناحية أخرى، ترويض هذه المؤسسات الدينية و تعزيز نشاط الوهابية في المناطق الشيعية، مع السعي لتسويق الوهابية في تلك المناطق.
اذا يتضح من خلال ما تقدم ان ولي العهد لا يريد أبدا مضايقة زعماء الوهابية أكثر من ذلك، فهو لا يستطيع ان يذهب أبعد من ذلك، لكون عائلته تربطها مع عائلة "ال شيخ" التي تسيطر على هذه المؤسسة الدينية معاهدة لا يمكن تمزيقها، ولا يتجرأ بن سلمان على فعل ذلك لخوفه على حكمه ، خاصة في ظل الفشل في سياسته الخارجية مع جميع دول الاقليم ودول الغرب، ناهيك عن غرقه في وحل اليمن، وبالتالي فإن الوصول إلى العرش لا يزال قلقاً وغير مطمئن وبالتالي لن يستطيع مجابهة "آل الشيخ" أكثر من ذلك، وفي حال وصل إلى العرش لا نستبعد ان يعيد إليهم ما أخذه منهم، وبالتالي ، في المستقبل ، كملك مستقبلي للمملكة العربية السعودية ، سيحاول إقامة توازن وتفاعل في علاقته بهم.
ارسال التعليق