حقيقة تفجيري جدة وأسباب الكشف عنها في الوقت الحاضر
[حسن العمري]
بقلم: جمال حسن
كشفت الولايات المتحدة الأميركية في تحذير رسمي صدر عن قنصليتها على موقعها في الانترنيت لرعاياها في المملكة، عن إنفجار سيارتين في مدينة جدة يوم السابع من حزيران/ يونيو الحالي تسببت بوقوع إصابات لكنها لم تسبب أي قتلى، مشيرة الى أن السلطات السعودية فرضت تعتيما على الخبر ولم تصدر أي بيان رسمي بشأنهما، ولم تسمح لأي وسيلة إعلام سعودية بنشر شيء عنهما - وفق ما نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني نقلاً عن تحذير القنصلية الأمريكية في جدة؛ وذلك تزامناً مع هجمات جريئة من الحوثيين داخل الأراضي السعودية، أبرزها الهجوم الذي استهدف مطار أبها الدولي جنوب المملكة وأدى إلى إصابة 26 شخصا بجراح وخسائر مادية كبيرة بالمطار.
التوقيت الأمريكي للكشف عما تعرضت له مدينة جدة من تفجيرين إرهابيين في وقت تتعرض له المملكة من ضغوط داخلية وخارجية حيث الفشل المتوالي في جبهات الحرب على اليمن حيث السلاح الحوثي أخذ مأخذه من سمعة سلمان ونجله بعد خمس سنوات من الحرب الضروس على شعب جار فقير مسالم، تزامناً مع إعلان المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالات الإعدام خارج القانون والإعدام التعسفي "أنيس كالامار" بخصوص عملية قتل وتقطيع الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية السعودية بإسطنبول ومطالبتها فرض عقوبات دولية على محمد بن سلمان لدوره في تقطيع جمال الخاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول، ثم فشل مخطط المحمدين في دفع واشنطن نحو شن حرب على ايران بسبب إنفجارات ناقلات النفط في بحر عمان والذي قالت وكالة المخابرات الأمريكية أنه ليس هناك أدنى دليل على ضلوع طهران بهذا الخصوص رغم ما عرضته قوات سنتكام الأمريكية من مقاطع فيديو إدعت أنها لقوات الحرس الثوري الإيراني محل ريبة وسؤال.
سؤال كبير يطرح نفسه عن أسباب التوقيت في هذا الاعلان من قبل القنصلية البريطانية في جدة، هل أنه دليل على تصاعد الخلافات القائمة بين القيادة الأمريكية بخصوص دعم محمد بن سلمان لإعتلاء العرش خاصة وسجله دامي ومليء بإعتقالات طالت آلاف المواطنين الأبرياء وحتى أمراء ورجال أعمال الى جانب إعدام مئات الناشطين السعوديين ورجال دين ودعاة ومثقفين وإعلاميين وقاصرين ما يندى له جبين البشرية، الى جانب فضيحة الحرب على اليمن ودعم الجماعات الإرهابية في المنطقة؛ أم أنه بداية لإستحلاب "ترامب" لبقرته الحلوب وإستحصاله على مئات مليارات أخرى لدعم الاقتصاد الأمريكي المنهار وإيجاد فرص عمل أكثر للأمريكيين في وقت يتنامى فيه معدل البطالة في مملكة الذهب الأسود.
قبل فترة ليست ببعيدة توقع الكاتب البريطاني “بيتر أوبورن” وكذا ”عاموس يادلين” الرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية في مقالين منفصلين، بأن نهاية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان "باتت قريبة جداً"، بسبب سياسته المتهورة التي أحدثت شرخا داخل الأسرة المالكة وأثارت بلبلة وأزمة كبيرة بقصر الحكم.. أبن سلمان سيسقط تحت وطأة انقلاب يتم تدبيره داخل القصر، خلافاً لمساعي شيوخ العائلة الحاكمة في المملكة، وشبابها، على وحّدتهم خلف سلمان بن عبد العزيز وتأييدهم لمختلف القرارات والمراسيم الملكية، أو أن يكون حكم سلمان كنهاية شاه ايران ونهاية لحكم آل سعود بحراك شعبي واسع النطاق كهدير أمواج البحر الهائم.
وكالة "رويترز" نقلت عن عدة مصادر وثيقة وقريبة الصلة من البلاط الملكي.. "أن العديد من أفراد العائلة الحاكمة يسعون لمنع محمد بن سلمان من أن يصبح ملكا"؛ في وقت يرى مراقبون للشأن السعودي بوادر حركة داخل القصور الملكية تحمل نفس أسم حركة “الأمراء الحمر”، المعروفين أيضاً باسم “الأمراء الأحرار” أو “الأمراء الليبراليون” والتي أدت الى إقامة ملكية دستورية في المملكة، أستمر نشاطها في الفترة الممتدة بين سنتي 1958 و1964- حسب دراسة نشرها موقع الدراسات الفرنسي “لي كلي دي موايان أوريون”؛ فيما يرى آخرون وجود بوادر انقلاب عسكري يقوده قادة عسكريون سئموا سياسة سلمان ونجله الطائشة والفاشلة على مختلف الصعد أذهبت بماء وجه المملكة التي كانت تعتبر قبلة العالم الاسلامي، نحو الحضيض.
عودة الى الوراء، تنكشف الصورة الواقعية وحقيقة التغييرات الواسعة النطاق في المناصب العسكرية القيادية في المملكة على مرحلتين الأولى يوم الأحد 23 ابريل / نيسان 2017، تم بموجبها إنشاء مركز باسم "الأمن الوطني" يرتبط تنظيمياً بالديوان الملكي دعماً لولاية عهد محمد بن سلمان؛ فيما تمت التغييرات الثانية وبشكل كبير أربكت القطاع العسكري في المملكة بذريعة تحديث قيادة الجيش والأمن والحرس الوطني وإيكال الأمر لقيادة أكثر شبابية وذلك بتاريخ 26 شباط/فبراير 2018، تم خلالها تغييرات واسعة في مناصب عسكرية قيادية، شملت رئاسة هيئة الأركان العامة وقيادتي القوات الجوية والبرية، بطلب من وزير الدفاع وولي العهد محمد بن سلمان (32 عاما)، قال "ثيودور كراسيك" الخبير في الشؤون الخليجية أنذاك "إن السعودية تشهد تحولا عسكريا خطيراً يهدد العرش" - حسب أ.ف.ب ورويترز.
موقع مجلة "تاكتيكال ريبورت" المتخصصة بالشؤون الدفاعية وتقديم معلومات استخباراتية حول الشرق الأوسط، كشفت قبل أيام إن الملك السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يستعد لإصدار أوامر ملكية جديدة بتغييرات كبيرة داخل القوات البرية الملكية، وقوات الدفاع الجوي؛ مرتبطة بتطورات الحرب التي تقودها المملكة في اليمن، تتوقع دوائر أخرى أنها مرتبطة بتعيين الأمير "خالد بن سلمان" نائبا لوزير الدفاع السعودي في شباط الماضي، ثم زيارته الى منطقة الحد الجنوبي، جبهة نشطة في الحرب ضد الحوثيين؛ إستعداداً لتنصيبه ولياً للعهد من قبل سلمان ليبقى منصب ولي العهد في سلالته، والحد من الضغوط الداخلية والخارجية التي تتعرض لها المملكة في الوقت الراهن- وفق ما سربته صحيفة "تايمز" البريطانية نقلاً عن مسؤولين في أجهزة الإستخبارات الغربية.
مسؤولون أمريكيون ضمن إدارة "ترامب" كشفوا النقاب عن مساعي حثيثة داخل العائلة الحاكمة في المملكة لإقناع الأمير أحمد بن عبد العزيز بالتحرّك دولياً ضدّ بن سلمان؛ من خلال قبول مقترحات بعض الجهات الغربية بأن يكون البديل المحتمل للملك سلمان، العاجز فعليّاً عن إدارة مقاليد البلاد، خاصة أن الأول يتمتّع بعلاقات قويّة جدّاً مع مسؤولين نافذين داخل الإدارتين الأمريكية والبريطانية، تتزامن مع مساعي حثيثة يبذلها الأمير عبد العزيز بن عبد الله نائب وزير الخارجية السابق، والموجود حالياً في باريس، لإقناع قصر الإليزيه بالتحرّك الفعليّ لمنع محمد بن سلمان من الوصول الى الحكم، ودعم الأمير أحمد بدلاً منه.
“أوبورن” أشار ايضاً الى أن الظروف باتت سانحة لانطلاق ثورة إسلامية في السعودية، مضيفا أن سقوط حكم آل سعود، التي وصفها بأنها واحدة من أكثر السلالات الملكية فسادا وانحلالا في تاريخ البشرية، سيساعد في حل الأزمة التي تطبق حاليا على عنق الإسلام السني.. حسب قوله. فيما رسمت دراسة مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي سيناريوهات قاتمة لمستقبل نظام الحكم في الرياض، مشيرةً الى أنه يمكن أن يتمثل تهاوي استقرار نظام الحكم في حدوث “انقلاب صامت”، يقوم به أحد الأجنحة في العائلة المالكة، أو إنقلاب عسكري يمكن أن ينهي حكم آل سعود، أو هبة جماهيرية عارمة، تقلص من قدرة الحكم في الرياض على السيطرة على الجغرافيا السعودية.
ارسال التعليق