كيف استفادت الرياض من تنظيم القاعدة في اليمن؟!
[ادارة الموقع]
العلاقة السعودية مع الإرهاب هي علاقة متجذرة لا يمكن السكوت عنها بعد اليوم، ويجب أن تخرج للعلن ليعلم العالم أجمع من هو عدوهم ومن أين يصدر لهم الإرهاب، فلم يعد بإمكان النظام السعودي إخفاء ارتباطه الوثيق مع تنظيم "القاعدة" الإرهابي، بعد كل هذا الكم من التقارير الصحفية والميدانية حول تورّط ال سعود في العلاقة مع تنظيم "القاعدة" في اليمن، هذه العلاقة التي تأتي تحت غطاء أمريكي يهدف منها الطرفان الى إيجاد موطئ قدم لهما في الساحة اليمنية وخاصة عند مضيق باب المندب الاستراتيجي.
في هذا السياق، نشرت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية تحقيقاً يوم الاثنين الماضي، تطرقت فيه بالتفصيل لاتفاقيات سرية بين ما يسمى بالـ "التحالف العربي" وتنظيم القاعدة في اليمن، وأشارت الوكالة أن هذه الاتفاقيات جرت كلها بتخطيط وتنسيق أمريكا.
وكشف التقرير أيضاً معلومات حول الاتفاقيات السرية التي أجرتها السعودية التي تقود "التحالف الدولي" مع تنظيم القاعدة في اليمن، لافتاً إلى أن التحالف "دفع أموالاً لتنظيم القاعدة باليمن مقابل انسحاب مقاتليه".
ومن الأمثلة التي ضربها التقرير حول هذه الاتفاقات، قامت السعودية في ربيع عام 2016 بعقد اتفاقية مع تنظيم القاعدة في محافظة المكلا، انسحب بموجبها الآلاف من مقاتلي القاعدة، من خامس أكبر مدينة في اليمن وميناء رئيسي على بحر العرب، وتم تأمين طريق الخروج للمقاتلين الذين سمح لهم بالاحتفاظ بأسلحتهم والأموال التي نهبوها من المدينة والتي تصل إلى 100 مليون دولار حسب بعض التقديرات.
أيضاً مدينة شبوة كانت على موعد آخر من التنسيق بين السعودية وارهابيي القاعدة، حيث يقول أحد زعماء القبائل الكبار الذين رأوا القافلة وهي تغادر: "كنت أتساءل لماذا لم يضربوها، الطائرات المقاتلة التابعة للتحالف والطائرات الأمريكية بلا طيار".
وأفادت الوكالة أن المجموعات المسلحة التي يدعمها التحالف باليمن جندت العديد من مقاتلي "القاعدة" ليصبحوا في صفوفها بالنظر إلى القدرات التي يمتلكونها في ساحة الحرب، فقد حصل قيادي يمني مؤخرا على 12 مليون دولار من الرئيس اليمني الفارّ عبد ربه منصور هادي مقابل القتال معه، وهذا القيادي ينتمي إلى تنظيم "القاعدة" وفق ما ذكره أقرب مساعديه لـ "أسوشيتد برس".
الأهداف السعودية الامريكية من تنظيم القاعدة
في 20 ايار/ مايو من عام 2017، شنت القوات الخاصة الأمريكية أكبر هجوماً عنيفاً على تنظيم القاعدة في اليمن، وذلك منذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تمثيلية أراد منه الأخير ايصال فكرة مفادها أن أمريكا تحارب الإرهاب في اليمن. فترامب يعلم أن واحداً من أهم حلفائه في المنطقة، أي السعودية، ضالع في التعامل مع تنظيم القاعدة كورقة مساومة وابتزاز وتصفية حسابات مع الخصوم. وكشف في هذا السياق تقرير سري أعده الخبراء في لجنة العقوبات الدولية المفروضة على اليمن أن السعودية والامارات متورطتان في دعم ما تقوله عن الولايات المتحدة أنها تحاربه. وضرب التقرير مثالاً حول مدينة تعز الذي ينشط فيها الملقب أبو العباس، رجل الرياض وأبو ظبي في المنطقة، حيث يعمل على تسهيل دخول ارهابيي القاعدة الى المدينة من أجل استهداف اللجان الشعبية والجيش اليمني.
وكشفت تقارير أخرى، أن السعودية قد قامت في الآونة الأخيرة بنقل أكثر من 32 ألف مقاتل للقاعدة من سورية ولبنان والأردن إلى اليمن، وتكلفت بنقلهم عن طريق عدة مطارات وصولاً إلى مرأب في اليمن حيث يتجمعون هناك في معسكرات خاصة، ويتم تدريب البعض منهم على سلاح جديد، والبعض الآخر يخضعون لدورات منوعة منها ما هو إعلامي ومذهبي، وآخر عسكري من أجل مقاتلة الحوثيين والجيش اليمني.
علاقة السعودية والقاعدة
ان المطلع على تاريخ المنطقة، يعلم جيداً ان الرياض تربطها علاقة وثيقة مع تنظيم القاعدة الإرهابي، وسنبرز في تحقيقنا هنا هذه العلاقة عبر محورين:
الاول: تاريخياً ولد تنظيم القاعدة في اليمن في تسعينيات القرن الماضي، وذلك بتمويل ودعم سعودي وبطلب أمريكي كانت غايته محاربة الوجود السوفياتي، وهذا ما كشف عنه الأمير الشاب محمد بن سلمان في رحلته الأولى الى الولايات المتحدة، من أن الوهابية والقاعدة ولدا بطلب أمريكي من أجل محاربة الوجود السوفياتي في المنطقة، وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، تحولت أهدافه لمواجهة السلطات اليمنية آنذاك، ليصبح مع الزمن أحد أذرع من كان يحاربهم، فقد وجدت السعودية مع دخولها حرب اليمن ضالتها في هذا التنظيم، لتبرير عمليات القصف على جنوب اليمن، كما أنها استطاعت من خلاله تلميع صورتها في المجتمع الدولي من خلال تصدير نفسها على أنها تحارب الإرهاب، خاصة بعد الضغوط التي تعرضت لها بعد أحداث 11 أيلول وما نتج عنها من تحقيقات أظهر وجود أيادٍ سعودية في تلك الحادثة.
الثاني: بعد غرقها في المستنقع اليمني، وفشلها في تبييض صورتها أمام العالم، انتقلت الرياض من المحارب للتنظيم الى المجري للمحادثات معه، حيث قامت بإغرائه بالمال مقابل الانسحاب وإحداث صخب إعلامي بأن السعودية دحرت عناصر التنظيم الإرهابي وحررت اليمن من رجس الإرهاب.
من خلال قراءة هذه المعطيات، يمكننا القول إن الدعم السعودي للقاعدة أعاد لها الحياة بعد أن استطاعت القوات اليمنية وأنصار الله من بتر يده بنسبة 90 بالمئة من اليمن، كما أن هذا الدعم ساهم بشكل مباشر بإنتاج ما يقرب من 17 مليون مواطن ما يعني ثلثي الشعب اليمني تقريبًا لايجدون قوت يومهم الا بصعوبة، منهم حوالي 7 ملايين في انتظار الموت البطيء بسبب المجاعة إن لم يتم تدارك الأمر في أسرع وقت.
ارسال التعليق