ما ينتظر ابن سلمان إن شارك في قمة مجموعة العشرين
[حسن العمري]
بقلم: حسن العمري
شكوك كبيرة تحوم حول مشاركة محمد بن سلمان في قمة مجموعة العشرين هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيريس، خاصة وأن حضوره سيضع زعماء العالم أمام لحظة من لحظات الاختبار الحقيقية بخصوص ما يتشدقون به حول الديمقراطية والدفاع عن حرية الرأي والتعبير وحقوق الانسان، حيث يُفضِّلون ألا يتعرَّضوا لها لانها ستكون بمثابة "كابوس سياسي" لمعظمهم، بإستثاء ترامب وماي وماكرون الذين لا يهمهم سوى بيع الأسلحة للمملكة في عدوانها على اليمن الجار الفقير، تلك التي راح ضحيتها أكثر من 85 ألف طفل دون سن الخامسة بسبب القنابل والجوع الشديد والمرض حتى الآن، الى جانب 14 مليون شخص مهددين بخطر المجاعة ما رفع أصوات الرأي العام العالمي للمطالبة بوقف العدوان لكن دون جدوى حيث الحرب على أشدها بسبب تعنت الرياض.
صحفية "ذي غارديان" البريطانية كتبت نقلاً عن بروس ريدل، المسؤول المخضرم بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، والزميلٌ البارز في معهد بروكينغز البحثي: «إنَّها لحظةٌ مهمة، نحن أمام ولي عهد لا يُمثِّل مقتل خاشقجي سوى جزءٍ واحد من سياساته الطائشة والخطيرة في جميع أنحاء المنطقة؛ في اليمن ولبنان وسوريا والعراق وغيرها… في اليمن نحن بصدد ملايين الناس المعرَّضين للمخاطر، هل سيفعل قادة المجتمع الدولي أيَّ شيءٍ حيال ذلك؟».
تقارير الإستخبارات الغربية تشير الى تحرك عدد من منظمات حقوق الانسان لتقديم دعوى قضائية عالمية في الأرجنتين للقبض على ولي العهد السعودي خلال مشاركته في قمة مجوعة العشرين بالعاصمة الأرجنتينية، بالإستعانة من الإنتربول خاصة وأنه ليس رئيس دولة ما يعني أنَّه لا يستطيع الاستفادة من أية حصانة - وفق سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في منظمة هيومان رايتس ووتش.
مبدأ "الولاية القضائية العالمية" هذا يسمح للنيابة العامة في أيِّ بلدٍ بطلب اعتقال الأفراد المشتبه في إرتكابهم جرائم خطيرة مثل الإبادة الجماعية، أو التعذيب، أو الإعدام خارج نطاق القضاء، بغضِّ النظر عن مكان ارتكاب الجرائم؛ وقد قُدِّمَت بالفعل ثلاث دعاوى قضائية عالمية في الأرجنتين، تعلَّقَت بالحرب الأهلية الإسبانية، والإبادة الجماعية للأرمن، وقضية فلسطين، وتم أعتقال الأشخاص المتورطين فيها من قبل.
تقارير إستخباراتية سرية غربية اخرى تشير الى وجود تحركات داخل الأسرة الحاكمة للقضاء على سلطة محمد بن سلمان نهائياً وإنقاذ ملك آل سعود قبل فوات الأوان وإعلان نهاية دويلتهم الثالثة بسبب طيش وعنجهية وصبيانية الدب الداشر، ما يوحي الى وجود نوايا للقيام بانقلاب يعزل بموجبه ولي العهد من السلطة والأتيان بأحمد بن عبد العزيز ليشغل منصب ولي العهد، ونجل سلمان الثاني خالد ولياً لولي العهد ضماناً لعودة السلمانية للحكم؛ فور خروجه من المملكة.
وكالة "رويترز" للأنباء نقلت عن مصادر موثوقة مقربة من البلاط الملكي السعودي واخرى في البيت البيض، أنه هناك العشرات من الأمراء وأبناء العم من فروع أسرة آل سعود يريدون أن يروا تغييراً في ترتيب خط الخلافة، وأن كبار أعضاء العائلة الحاكمة يدعموا أحمد عبد العزيز ليشغل منصب ولي العهد تمهيداً لخلافة سلمان، خاصة وأن أحمد يملك علاقات جيدة مع قبائل السعودية، ويحظى بقبول واسع بين أوساط الأمراء والمؤسسة الدينية الحليف الستراتيجية للسلطة، وسبق له أن تولى منصب وزير الداخلية لأشهر، ما يرشحه للعب دور في مستقبل الحكم.
تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة والمأخوذة بالحرف الواحد من تهديدات محمد بن سلمان خلال اتصال تلفني الشهر الماضي لكل من جون بولتن مستشار الأمن القومي الأمريكي وجاريد كوشنر صهر الرئيس وكبير مستشاريه؛ تعكس رغبة ترامب وإصراره الإحتفاظ بمحمد بن سلمان ولياً للعهد في المملكة والدفاع عنه بأي ثمن، رغم إفتضاح دوره في مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي وفق تحقيقات وكالة الإستخبارات الأمريكية، متشدقاً بحصوله على 450 مليار دولار من والده سلمان كثمن إنقاذه من دم خاشقجي على أقل تقدير – وفق مصادر ملكية وفي البيت الأبيض.
نيكولاس بيرنز، وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية سابقاً، يقول: «أتخيل محمد بن سلمان وهو يُستَقبَل بحفاوةٍ من ترامب ومن القادة السلطويين في بيونس آيريس. سيُترَك الأمر لكلٍّ من ميركل وماكرون وماي وترودو ليظهروا في صورة مناصري الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وسيادة القانون، ويتجنَّبوا مصافحته».
الدبلوماسي الإيطالي ماركو كارنيلوس، وفي مقال له في صحيفة "ميدل إيست آي" البريطانية كتب يقول: ي أن «ترامب أوضح بجلاءٍ أنَّ الولايات المتحدة ستتغاضى عما فعله ولي العهد محمد بن سلمان، أي الأمر بقتل خاشقجي؛ لأنَّ المملكة تساعد في احتواء إيران، وتشتري الأسلحة الأميركية، وتساعد على التحكُّم في أسعار النفط بما يتوافق مع المصالح الأميركية.. حين تتعارض القيم الأميركية، مثل الدفاع عن حقوق الإنسان وسيادة القانون، مع المصالح الأميركية، فإنَّ ترامب سيختار الأخيرة بكل تأكيد».
مصادر في البلاط السعودي كشفت أن رسالة ترامب وتلويحه بالتهديد أما إستثمارات عادلة بقيمة 540 مليار دولار للإنقاذ الاقتصاد الأمريكي المتدهور أو الإتجاه نحو مبادرات الكونغرس الأمريكي تلك التي لمَّح الى احتمالية النظر في أمرها بقوله: «سآخذ بعين الاعتبار جميع الأفكار المُقدَّمةِ إليّ»، بمعنى آخر، تقول واشنطن للرياض: «سارعِوا في صياغة وتوقيع العقود»؛ قد وصلت سلمان ونجله وأن الأسرة الحاكمة عاكفة على دراستها، حيث أن الإصرار على إبقاء ولي العهد سيكلف الكثير وسط التصعيد الدولي وحتى الأمريكي بعدم التعاون مع المملكة في حال بقائه في السلطة .
ما يجري على أرض الواقع يشير الى أن مهمة إنقاذ محمد بن سلمان من دم خاشقجي وشعب اليمن ليس بالأمر الهين والسهل، وما زاد الأمور سوءاً أنَّ مجموعةً من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي أرسلت خطاباً لترامب كتبه السيناتوران الجمهوريان بوب كوركر وليندسي غراهام مع السيناتورَين الديمقراطيين بوب مينينديز وباتريك ليهي، دعا الرئيس الى التحقيق في اختفاء خاشقجي بموجب قانون "ماغنيتسكي" الدولي للمساءلة حول حقوق الإنسان، والذي يسمح للرئيس بفرض عقوبات على الأشخاص والدول المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان.
ثمة إنقسام عميق داخل الأسرة الحاكمة، ربما يدفع الى انقلاب من داخل القصور الملكية طالما بقي نجل سلمان في السلطة، كما حدث في عهد سعود بن عبد العزيز عندما قام أخيه فيصل بالانقلاب عليه ونفيه الى خارج المملكة بعد صراع داخل الأسرة أستمر خمسة أعوام، بسبب الحرب على اليمن والتي قائمة حالياً أيضاً.. حيث أبن سلمان حاكم معتوه وضعيف، وموقفه داخل الأسرة الحاكمة لايحسد عليه لسبب سياساته الداخلية والخارجية الفاشلة، وموجة الاعتقالات التي طالت المعارضين والأمراء والتغييرات التي طرأت على مراتب السلطة منذ توليه شؤون المملكة في ظل والده المصاب بمرض الزهايمر العضال - حسب وصف المحلل الأميركي وعضو مجلس العلاقات الخارجية ستيفن كوك، في مقال نشرته مجلة “فورين بوليسي”.
ارسال التعليق