محمد بن سلمان وكابوس رجل الأمن السابق سعد الجبري
[عبد العزيز المكي]
إذا كان محمد بن سلمان قد نجح إلى حد ما في إسكات الأصوات المعارضة لوصوله إلى العرش، من داخل العائلة المالكة، ومن داخل النظام السعودي نفسه من خلال الزج بهم في السجون أو الترهيب أو حتى التغييب كما يشهد على ذلك حفلات الاعتقالات والتعذيب لعشرات الأمراء ولمئات الشخصيات من رجالات الدولة الكبار من الوزراء السابقين والمدراء ورجال الأعمال، ومن قيادات الجيش والحرس الوطني، في فندق الرتيز كارلنتون، وغيره، وكما تشهد الاعتقالات التي أذلت وغيبت عمه الأمير أحمد بن عبدالعزيز، وولي العهد السابق، وزير الداخلية محمد بن نايف وغيرهم... نقول إذا كان ولي العهد بن سلمان قد نجح في إسكات المعارضين وإرهابهم، وتصفية بعضهم في الخارج مثل الصحفي، صحفي البلاط السعودي لأربعين سنة جمال خاشقجي، فأنه أخفق في القضاء على المستشار السابق لبن نايف، ورجل وزارة الداخلية القوي في عهده، ورجل المخابرات الذي تحترمه السي آي أي، وتعتبره من أكثر العملاء إخلاصا وتعاونا وخدمة للأمريكان طيلة وجودة في الخدمة، حتى نال تقدير، على اثر تلك الخدمة واحترام رجالات الدولة الآخرين في واشنطن خارج دائرة السي آي أي ودهاليز المخابرات...فالجبري لم تخدعه محاولات الاستدراج التي تفنن فريق بن سلمان في إقناع الجبري للعودة إلى الرياض بعد نجاحه في الخروج من السعودية واللجوء إلى الولايات المتحدة، كما لم تفلح محاولات بن سلمان النيل منه بعدما فشلت محاولات الاستدراج بإلصاق تهم الفساد والسطو على مليارات الدولارات في عهد بن نايف، تحت غطاء محاربة الإرهاب، ولم تفلح محاولات جلبه عبر الانتربول وما إلى ذلك... وبالتالي تحول الجبري إلى كابوس يلاحق بن سلمان ويقض مضجعه ويهدد طموحاته، بحسب اعتقاده، أي بن سلمان وذلك لأسباب عديدة كما بات واضحاً، نذكر منها ما يلي:
1ـ يمتلك أسرارا جمة حول العائلة المالكة، وحول تفاصيل حياتها، فبحكم انه كان رجل المخابرات الأول في وزارة الداخلية والساعد الأيمن لمحمد بن نايف، فأن الجبري يمتلك ملفات عديدة بل العشرات من الملفات حول أسرار العائلة السعودية وحول فسادها وبذخها وسرقتها لمليارات الدولارات وحول الصراع بين أجنحة أمرائها حول السلطة، وحول ارتباطاتهم بالمخابرات والأجندات البريطانية والأمريكية، وأشارت بعض الأوساط الإعلامية الأجنبية، أن سعد الجبري يمتلك ملفات مفصلة حول فساد الملك سلمان وابنه محمد، فضحها ونشرها كافياً لإسقاط الملك وابنه في الوسط الشعبي داخل المملكة وخارجها.. وفي هذا السياق يشير بروس ريدل، المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية السي آي أي والزميل حالياً بمعهد بروكينجز، إلى "ما تمثله وثائق وزارة الداخلية السعودية وجهاز رقابتها واصفاً إياها بأنها (كنز من المعلومات والأسرار حول نشاطات أعضاء في العائلة المالكة وأسرارهم وفسادهم ومؤامراتهم وجرائمهم). ومن المرجح أن الجبري لديه بعض من هذه الوثائق وهو ما علق عليه ريدل بقوله: "ملفاتهم (الأمراء)، هي كاتالوج لكل حادث لا يحبون نشره من نشاطات غير قانونية إلى أمور محرجة".
2ـ إنه لم يكن صحفيا على شاكلة جمال خاشقجي وأمثاله، بل إنه رجل مخابرات مطلع على الكثير والكثير من الأسرار والملفات، وفوق ذلك كما أسلفنا يمتلك أو بنى له خلال فترة عمله علاقات عمل وصداقة وطيدة مع رجالات السي آي أي الأمريكية حتى صار من أقرب الشخصيات السعودية لرجالات الأمن الأمريكي، في هذا السياق يقول الكاتب البريطاني ديفيد هيرست في مقاله الذي نشرته صحيفة الميدل إيست آي، وتحت عنوان " الجبري يهدد حظوظ محمد بن سلمان في العرش وشبح خاشقجي يأبى الغياب ".. يقول الكاتب المذكور، أو مما جاء في مقالته في السياق المشار إليه.. " ان جينا هاسبل- رئيسة السي آي أيه- ووكالتها سي آي أيه، لا تجلس في موقف المتفرج في النزاع بين ولي العهد والجبري..أن هذه الدعوى القضائية التي تقدم بها- الجبري ضد بن سلمان للمحاكم الأمريكية- وموقف سي آي أيه قريب جداً. وجاء في الدعوى: (هناك قلة يتمتعون بشراكة مع المخابرات الأمريكية والأجهزة الأمنية، مثل الجبري). وجاء فيها: (عبر عقود من التعاون القريب مع المسؤولين الأمريكيين البارزين في مشاريع مكافحة الإرهاب عندما كان في خدمة الحكومة السعودية، أصبح الدكتور سعد الجبري شريكاً يوثق به وأصبح يُستشار ويُسأل قبل اتخاذ قرارات تتعلق بالحياة والموت والمرتبطة بالأمن القومي الأمريكي). ولا يوجد شخص على قيد الحياة يعرف بأوساخ محمد بن سلمان أكثر منه.." هيرست يقول بأن الجبري حظي بتأييد وزارة الخارجية الأمريكية إضافة إلى السي آي ايه، وبدعم غير عادي، والتي اي الخارجية الأمريكية يقول هيرست أنها قالت لموقع ميدل إيست آي: انه " شريك ثمين للولايات المتحدة في مكافحة الارهاب، وأنقذ عمل سعد مع الولايات المتحدة حياة الأمريكيين والسعوديين، ويعرفه الكثير من المسؤولين الحاليين والسابقين في الحكومة الأمريكية ويحترمونه". وبرأيي الشخصي المتواضع، أن هذا الدعم الكبير الذي ما زال الجبري يحظى به لدى مواقع مهمة في المؤسسة الأمريكية الحاكمة يؤشر إلى أمرين في غاية الأهمية هما:
أولاً: إن الرجل لم ينتهِ دوره عند الأمريكان بإعفائه من منصبه بعد تولي بن سلمان ولاية العهد، ومن ثم فراره إلى الولايات المتحدة وكندا، فما زالت تلك المواقع الأمريكية تعوّل عليه، وتعتبره رصيداً استراتيجياً في خططها المستقبلة الخاصة بالسعودية وبالمنطقة، سيما ما يخص الجانب الأمني بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني، فالرجل خبير امني، وفي الذكاء الاصطناعي وتعتبره السي آي ايه من العملاء الأساسيين والأعمدة الضرورية التي يرتكز عليها نشاط وعمل الوكالة الامريكية في المنطقة. وهذا ما يؤكده الدعم المنقطع النظير له من جانب الامريكان، والتعاطف مع دعوته القضائية في المحاكم الأمريكية ضد بن سلمان، التي سنشير إليها بعد قليل.
ثانياً: إن الولايات المتحدة بحاجة ماسة لسعد الجبري لإدارة الصراع داخل الأسرة المالكة، لأن الرجل، وكما اشرنا في ثنايا السطور الماضية، يعرف ومطلع على أدق التفاصيل داخل قطيع الأمراء والأميرات السعوديين، يعرف عن فسادهم وتوجهاتهم وعن جرائمهم وعن صراعاتهم وأجنحتهم، ولذلك فالولايات يهمها كثيراً شخص مثل الجبري لإدارة الصراع داخل العائلة السعودية، لصالح مصالحها، من خلال دعم الأمراء الذين يلبون هذه المصالح ومصالح الكيان الصهيوني أيضاً، سيما وان السي اي أيه وحتى الخارجية الأمريكية يدعمان ولي العهد السابق محمد بن نايف، الذي يعتبر الجبري ساعده الأيمن، عند ما كان وزيراً للداخلية وولياً للعهد في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز. هذا من جانب، ومن جانب آخر، ولأن العلاقة والروابط الأمريكية مع مملكة آل سعود قائمة على أساس حلب المملكة وابتزازها وفرض الاملاءات عليها، بالتهديد والضغط، فأن الجبري يشكل أداة ضغط مهمة للإدارة الأمريكية في ممارسة الضغط والابتزاز للنظام السعودي، وبالتالي إجباره على نزف الأموال الطائلة للولايات المتحدة، وفي تبين المواقف السياسية والأمنية المتساوقة مع المصالح الأمريكية الصهيونية في المنطقة.3ـ ولأن الجبري كنز أسرار العائلة السعودية الحاكمة، ولأنه يحظى بهذا الدعم الهائل من بعض الأوساط السياسية الأمريكية السي آي أيه خصوصاً، فأنه يعتبر خصماً خطيراً بالنسبة لبن سلمان، بل للعائلة المالكة برمتها، ويعتبر أيضاً انه بين المعارضين لبن سلمان، الأكثر قدرة على مواجهة وتحدي الأخير، وإذا شاء إحراجه وفضحه، ولذلك، فهو لم يتوان عن المواجهة مع ولي العهد السعودي، عندما أيقن أن فريق الأخير يريد تصفيته، بل بعدما تأكد له ذلك تقدم بدعوى قضائية ضد بن سلمان في المحاكم الأمريكية، واللافت، ان الجهات القضائية الأمريكية التي تسلمت الدعوى تفاعلت معها، وأرسلت بلاغاً لبن سلمان وأعوانه لحضور جلسات المحكمة والإجابة على أسئلتها، وذكرت وسائل الأعلام أن المحكمة الفدرالية بالعاصمة الأمريكية واشنطن استدعت ولي العهد بن سلمان و13 شخصاً من المقربين إليه، بينهم أحمد العسيري وبدر العساكر وسعود القحطاني المتهمين الرئيسيين في تصفية الصحفي السعودي جمال خاشقجي في اسطنبول التركية في تشرين الأول عام 2018، وفي حيثيات الدعوى، فأن سعد الجبري ادعى على بن سلمان إرسال فرقة اغتيال له، ذلك في الوقت الذي زعم فيه انه لا يعلم عن عملية تصفية خاشقجي أي بعد يومين من 2 تشرين الأول 2018 الذي صُفي في خاشقجي، وكانت صحيفة ذا ستار الكندية نشرت في 6 آب/2020 الجاري تقريراً كشفت فيه عن إرسال بن سلمان مجموعة من القتلة المعروفين باسم فرقة " النمر " إلى كندا القتل أحد رجالات المخابرات السابقين. في إشارة إلى الجبري، وذلك بعد أيام قليلة من قتل خاشقجي قبل عامين. الصحيفة الكندية أشارت أيضاً إلى أن بعض المسؤولين الذين شملتهم الدعوة المقامة من رجل المخابرات السابق متورطون في اغتيال خاشقجي، لافتة الى زرع رجالات بن سلمان برنامج تجسس في هاتف الجبري الذي استند في دعواه المقامة في واشنطن لعلم مسؤولين أمريكيين بشأن محاولة الاغتيال. وكانت صحيفة " غلوب آندميل " الكندية هي الأخرى قد كشفت في 8 آب2020 أن سعد الجبري قد تلقى تهديداً جديداً في مقر إقامته السري بمنطقة تورنتو، مؤكدة انه تم تشديد الحراسة بعد تلقيه التهديد الجديد.
ورغم أن بن سلمان وبسبب الدعم الصهيوني ودعم ترامب وفريقه في البيت الأبيض له، لم يعر هذه الدعوى أهمية، لكنها تعتبر تطوراً نوعياً بحسب ما وصفتها صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية، في مسار ملاحقة بن سلمان وتوجهاته في استهداف المعارضين السعوديين في الخارج. ولذلك فأن لهذه الدعوى تداعيات وأبعاد بعضها خطير على بن سلمان ومستقبلة نذكرمنها ما يلي:-ألف: إن هذه الدعوى كرست الصورة التي رسمتها عملية تصفية خاشقجي البشعة والمروعة عن بن سلمان وفريقه الإجرامي، بأن هذا الرجل إرهابي قاتل يقود فرق موت كما تقول صحيفة الواشنطن بوست، تحاول إبادة وسحق كل من يقف في طريق طموحات هذا الدكتاتور الصغير، فما نشرته الصحف الكندية عن مكالمات بن سلمان وفريقه بشأن محاولة تصفية الجبري أعادت إلى أذهان الرأي العام ما كانت تنشره الصحف التركية قبل عامين حول تسجيلات ومكالمات بن سلمان وفريقه خلال تصفية خاشقجي. ومما جاء في بعض الصحف الكندية حول العملية، هو أن صحيفة غلوب أندميل الكندية التي أشرنا إليها قبل قليل قالت إن أجهزة الأمن الكندية ومن خلال استماعها لتسجيلات بصوت مسؤولين سعوديين من بينهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تتعلق بالتخطيط لعملية اغتيال الجبري، وتحدثت الصحيفة عن عملية الاغتيال، وعن كيفية تحرك الفريق من الولايات المتحدة إلى كندا، اشارحة تفصيلات مثيرة عنها وبالأدلة الدافعة..
تكريس هذه الصورة الدموية لبن سلمان، نسف كل الجهود المضنية التي بذلها الأخير من خلال التطبيل الإعلامي والتملق للصهاينة وترامب وتنفيذ أجنداتهم في المنطقة، من أجل تلميع صورته وإزاحة سمعة الدموية والقتل عنها بعد الصورة الدموية له، التي رسمتها عملية تصفية خاشقجي وبقية المعارضين السعوديين في الداخل السعودي وفي الخارج. والقارئ يعلم كم هي الجهود الضخمة التي بذلها بن سلمان وفريقه، وكم هي الأموال الطائلة التي أنفقها في سبيل تلميع صورته، إلا أن كل ذلك ذهب سدى!
ب: ان هذه الدعوى فتحت لأبناء شعب الجزيرة داخل المملكة الباب بالتقدم بشكاوى مماثلة ضد هذا الجزار والمجرم، وحتى لو لم تلقى هذه الدعاوى إذنا صاغية من تلك المحاكم إلا أنها تشكل بحد ذاتها كسراً لحاجز الخوف من هذا الظالم، ومن جهة ومن جهة أخرى، فأنه سوف يأتي الوقت المناسب ويحين حتماً لمقاضاة هذا المجرم وتقديمه أمام المحاكم الدولية لمجازاته، والى ذلك فأن هذه الدعاوى تشكل فضحاً لهذا النظام وكشفاً عن المستور من الظلم والهوان الذي يمارسه بحق شعب الجزيرة، فيما يصور ويسوق نفسه للعالم بأنه نظام "يحترم المواطن ويؤمن الحريات" وما الى ذلك، زوراً وكذباً وبهتاناً !ج: إن دعوى الجمري، وتفاعل المحاكم والأوساط الأمريكية أكد بما لا تقبل الشك أن الأمريكيين أو على الأقل قسما منهم، يعتبرون لاعباً أساسيا في لعبة تنصيب العروش في السعوديين، فهم الذين يقررون من يعتلي عرش للمملكة، ولذلك فأن تصفية بن سلمان لخصومه ومحاولة قتلهم جسدياً أو تصفيتهم سياسياً واجتماعياً لا يعني كل ذلك وغيره أن الطريق إلى العرش باتت معبدة، فالأمريكان لهم قول الفصل، صحيح أنهم أي الامريكان اليوم منقسمون على انفسهم فيما يخص لعبة عرش المملكة فترامب وفريقه مع بن سلمان وبدعم صهيوني، لكن الخارجية الأمريكية والسي آي أيه مع نايف وفريقه، أما البريطانيون فمع أحمد بن عبد العزيز، والانتخابات الأمريكية سوف ترجح من الذي سيكون بيده كلمة الفصل، لكن مثل ما قال الصحفي البريطاني رئيس تحرير صحيفة الميدل إيست آي البريطانية ديفيد هيرست، فأن فوز أو خسارة ترامب في تلك الانتخابات سوف تحدد مستقبل بل سلمان، وفي كل الأحوال فأن ذلك يعتبر شؤم بالنسبة لبن سلمان، لأن الدعوى فتحت له أبواباً جديدة من التحديات لم يكن يتوقعها، بل كان يعتقد أن الأمور في أمريكا باتت محسومة له في ضوء التأييد الذي يخطى به من قبل إدارة ترامب.
د: تهدد الدعوى ضد بن سلمان في محكمة أمريكية بإفشاء، كما أشرنا سابقا، أسرار العائلة المالكة من داخل أروقة الحكم في مملكة آل سعود، فهذه الدعوى مكونة من 107 صفحة وتتضمن تفصيلات مثيرة حول فساد وإجرام بن سلمان وبقية بعض الأمراء السعوديين، وبالإضافة إلى فريق بن سلمان المحيطين به. ويبدو إن هذه القضية باتت تشكل قلقاً مقضاً لمضاجع بن سلمان والحكم السعودي لأنها تتضمن معلومات حساسة ومهينة عن ولي العهد السعودي، والحكم السعودي لأنها تتضمن معلومات حساسة ومهينة عن ولي العهد السعودي، كما تقول أوساط أمريكية.. وإذا أخذنا بنظر الاعتبار سياسية النظام السعودي الصارمة فيما يخص كتم الأسرار وعدم سماحه بتسلل أي معلومات عما يدور داخل أورقة العائلة السعودية، إذا ما أخذنا هذه السياسة بنظر الاعتبار يتضح لنا مقدار القلق، وآثاره وتداعياته على بن سلمان خاصة والنظام السعودي عامة.
هـ: إن هذه الدعوى، بل المعركة المفتوحة بين رجل المخابرات السعودي السابق وبن سلمان، وما تضمنته من أدلة دامغة على إجرام بن سلمان، منحت المعارضين في الكونغرس الأمريكي لصعود هذا المتهور إلى عرش المملكة، مبررات إضافية، لتشديد هذه المعارضة، فهؤلاء منذ صعود بن سلمان لولاية العهد وبالأخص منذ اغتياله لخاشقجي وتقطيع أوصاله بهذه البشاعة الدموية، ظل هؤلاء يمارسون الضغط على ترامب من أجل وضع حد لتهور بن سلمان وقطع الطريق عليه لمنعه من الوصول إلى العرش، وبدون شك أن القضية الجديدة سوف تعطي زخماً إضافيا لهؤلاء للتحرك على صعيد رفض بل وحتى الدعوة لمعاقبة هذا القاتل في الرياض.. فعلى سبيل المثال لا الحصر اعاد النائب الجمهوري عن ولاية فلوريدا فرانسيس روني، في ظل المعركة الدائرة بين الجبري والنظام السعودي، التذكير بتعاون محمد بن نايف ولي العهد السابق الذي غيبه بن سلمان في السجن ولا يعرف شيء عن مصيره، اذ قال هذا النائب في تغريدة له مؤخراً على تويتر "ان بن نايف عجل بشكل بنّاء مع الولايات المتحدة لسنوات عدة، وكان له دور فعال في توفير معلومات لمكافحة الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 "وطالب بضرورة معرفة مكانه، اي محمد بن نايف، فوراً وما اذا كان آمناً..فحتى لو إعتبر البعض ان هذا الضغط يأتي في إطار ابتزاز البقرة السعودية لحلبها المزيد من الأموال، الّا ان هذا الضغط يعتبر تهديداً جدياً لبن سلمان.. هذا من جانب، ومن جانب آخر، فأن دعوى الجبري عزز فضاءات المعركة بين بن سلمان وفريقه المفتوحة كما اشرنا، وبين المعارضين له في المؤسسة الأمريكية الحاكمة، ليس هذا وحسب، بل عززت أجواء المعارضة لبن سلمان حتى خارج الدائرة الامريكية الى الدوائر الغربية البعيدة، فعلى سبيل المثال وجه النائب في البرلمان الفرنسي عن حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون " الجمهورية الى الامام " جوليان بوروشيك وهو طبيب أيضاً.. وجه انتقادات شديدة للنظام السعودي في تغريدة له على تويتر في 9 آب2020، على سياساته في الشرق الاوسط، وقال جوليان بحسب ما نقلته مجلة فورين بوليس الامريكية " طلبت السعودية في يوم 6 يونيو 2017 الأذن من الولايات المتحدة لغزو قطر... يشير تاريخ 6 من يونيو/حزيران إلى الحرية والسلام.. فالمرجو من السلطات السعودية عدم إهانة التأريخ بزعزعة استقرار الشرق الأوسط " وكانت مجلة فورين بوليس قد قالت في سابق ان الملك سلمان اقترح على ترامب يوم 6 حزيران 2017 غزو قطر أي بعد يوم من فرض الرياض وأبو ظبي والقاهرة والمنامة الحصار على قطر، لكن ترامب رفض ذلك بشكل قاطع!!
على أي حال يتوقع المراقبون أن الخلاف بين واشنطن والرياض سوف يتوسع ويزداد توتراً في ظل مستجدات قضية الجبري، وسيكون لذلك ارتدادات سلبية على بن سلمان ومستقبل طموحاته للوصول إلى عرش المملكة، وإذا ما أضفنا تصاعد وتيرة الخلاف مع كندا التي توفر الحماية للجبري، فأن الأمور ستكون أكثر قناعة بالنسبة لبن سلمان، إذ لا طاقة للسعودية في مواجهة هذه القوى الكبرى، وبالتالي بات الجبري الكابوس الذي يؤرق بن سلمان ويهدد مستقبله وطموحاته بحسب ما يقول الخبراء والمحللون الأمريكيون و البريطانيون أو على الاقل بعضهم.
ارسال التعليق