مراقبون: أن يكون ابن سلمان حصان طروادة ترامب لن يجديه نفعاً
[جمال حسن]
بقلم: جمال حسن
يكرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الدوام مطالبته بلداننا الخليجية بالدفع مقابل الحفاظ على عروشها المتزلزلة، ومكرراً "لولا دعم وحماية الولايات المتحدة الأمريكية لما بقي عرش قائم لحلفائنا في المنطقة الخليجية"، فهو بنى هذه العلاقة منذ أكثر من عام ونيف على قاعدة قديمة هي "الحماية مقابل المال" وطبقها بالفعل مع البقرة الحلوب قبل غيرها بعد أن إستحلبها أكثر من ترليون و500 ألف دولار خلال زيارته الرسمية لها في عقود أعادة الإقتصاد الأمريكي المريض والمنهار نوعاً من العافية، وأوجد أكثر من ثلاثة ملايين فرصة شغل لمواطنيه كما كان قد وعدهم في حملته الإنتخابية.
الرئيس الأمريكي ترامب أكد خلال مقابلة له مع قناة فوكس نيوز الأمريكية في 3 يوليو الماضي، إنه ابلغَ الملكَ السعودي سلمان أن عليه ضخ المزيد من النفط في السوق لإبقاء الأسعار رخيصة. مؤكداً أن السعودية ودولاً أخرى أعضاء في منظمة أوبك يخضع حكامُها للحماية الأمريكية، وبالتالي "عليهم الدفعُ ومنعُ منظمةِ أوبك من التسبُّب بزيادةِ أسعارِ البترول لأن ذلك سيضر بالاقتصاد الأمريكي كثيراً".
بغية إستدراج ونهب أكبر لمال البترول الخليجي منها الأموال السعودية بالدرجة الأولى، لابد من إفتعال عدو وهمي حيث من السهولة إقناع حكام لايعون ولايفقهون من السياسة والكياسة أدنى شيء وما يهمهم هو البقاء في العرش بأي تكلفة، وليس هناك أبسط من أقناع سلمان ونجله بأن ايران عدوهم الأكبر وليس الكيان الإسرائيلي، وإن أي سياسات تعتمدها واشنطن تجاه طهران لها تكاليفها الباهظة وبطبيعة الحال يجب أن تدفع الرياض وأخواتها ذلك.
وقال ترامب "أحد الوجوه السلبية لخروجنا من الاتفاق النووي مع ايران هي خسارتنا الكثير من النفط (خسارة قدرها مليوني برميل يومياً) وعلى هذه الدول (السعودية وأخواتها) تعويض ذلك. من هو عدوهم الاكبر؟ انها ايران لذا عليهم التعويض. لدي علاقات جيدة مع الملك السعودي وولي العهد وعليهم زيادة انتاج النفط" . وهو ما وافقت عليه الرياض وحرصت على ابقائه سرا كما تشير التقارير غير ان تغريدة ترامب كشفت المستور. وهنا يطرح هذا السؤال نفسه: هل ستتمكن المملكة من رفع إنتاجها كما طلب منها ترامب مع التهديدات الأخيرة التي أطلقتها طهران وأنه "إذا لم تتمكن من تصدير حصتها من النفط فلن تسمح بصدوره من المنطقة.. وإن كل مصدر يأخذ حصتها في سوق النفط العالمية يرتكب خيانة عظمى سيدفع ثمنها"؟!.
خبراء الطاقة أكدوا أن زيادة انتاج النفط وإغراقهم السوق الدولية سيؤدي الى خفض الاسعار وسينعكس سلباً علی الاقتصاد السعودي وذلك بعد خسارة الرياض نحو مئتي مليار دولار عقب إنخفاض الأسعار خلال الأعوام الأخيرة الی ما دون الـ60 دولاراً. متسائلين عن العواقب التي ستتحملها البلدان الخليجية بتبعيتها طلب ترامب بإغراق السوق العالمية بالنفط على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والجيوسياسية والأمنية الداخلية، خاصة وانها ستتسبب بنقص كبير في الموازنة العامة لتلك الدول تؤدي الى إتخاذ سياسة تقشف جديدة يتحمل وزرها المواطن البسيط الذي يعاني حالياً الكثير من الغلاء والتضخم وفقدان الوظائف .
الهيئة العامة للإحصاء أعلنت قبل أيام عن إرتفاع كبير في معدل البطالة بين السعوديين خلال الربع الأول 2018، الى 12.9 بالمائة، من 12.8 بالمائة في الربع الأخير لعام 2017. فقد بلغ معدل بطالة السعوديين 7.6 بالمائة للذكور، و30.9 بالمائة للإناث. في وقت توقعت فيه وزارة الاقتصاد خفض معدل البطالة في المملكة بحلول العام 2020، فيما تؤكد مؤشرات رؤية السعودية 2030 التي وضعها ولي العهد خلاف ذلك حيث إرتفاع نسبة البطالة والتضخم وأسعار الطاقة والمواد الأساسية والتي بدأت بوادرها تتنفذ في المملكة منذ الربع الأخير من العام الماضي .
بيانات الهيئة العامة للإحصاء أظهرت يوم الخميس، فقدان 234.2 ألف أجنبي لوظائفهم في القطاعين الخاص والعام بالسعودية، خلال الربع الأول من 2018. وتراجع عدد الموظفين الأجانب الى حوالي 10 ملايين فرد نهاية الربع الأول 2018، مقابل 10.42 ملايين نهاية الربع الرابع 2017. الى جانب إنخفاض عدد الموظفين السعوديين الى نحو 3 ملايين مشتغل مع نهاية الربع الأول من العام الجاري، مقابل 3.16 ملايين في الربع الأخير من العام الماضي.
يقول مراقبون إن إستحقار أمريكي كبير لسلمان ونجله حيث يمرر الرئيس الأمريكي أوامره عبر إتصال هاتفي بسيط دون أرسال مندوب أو رسالة تدعوهم لتنفيذ مطالبه تعبيراً عن القيمة الدنيئة والبخيسة التي يثمن بها ترامب المخبول عرش آل سعود وأخواتها المنصاعة معها في تلبية رغبة راعي البقر الأمريكي، ما يعيد للذاكرة المشهد المُهين وما فيه من الذلّ الكبير عندما عرضَ الرئيس الأمريكي، خلال لقائه بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في واشنطن يوم الثلاثاء 30 مارس الماضي، لوحة كـ"سبورة" مكتوب عليها المبالغ التي يجب أن تدفعها السعودية لأمريكا، مقابل صفقات الأسلحة (400 مليار دولار) التي وقعها شاب آل سعود الطائش المتعطش لبلوغ العرش، موجها حديثه لإبن سلمان قائلاً: "هذه المبالغ زهيدة بالنسبة لكم.. السعودية ثرية جدا وستعطينا جزءا من هذه الثروة..سوف نعيد مليارات الدولارات إلى الولايات المتحدة نحن نفهم ذلك وهم يفهمونه أيضاً"!!.
شركة السوق المالية السعودية (تداول) المشغلة للبورصة المحلية اعلنت، عن إدراج أدوات دين حكومية بقيمة إجمالية تبلغ 3.1 مليارات ريال (827 مليون دولار) في سوق الصكوك والسندات السعودية قبل أيام، ومن قبلها أدرجت الرياض أدوات دين بقيمة 61.7 مليار دولار ما يرفع إجمالي الدين العام خلال الربع الأول من العام الجاري الى 62.52 مليار دولار، بعد أن أرتفع بنسبة 38 بالمائة، الى 438 مليار ريال (116.8 مليار دولار) بنهاية العام الماضي.
هلع محمد بن سلمان وعجالته لإرتقاء العرش بعجالة تدفعه لتلبية كل شاردة وواردة من الكابوي ترامب دون التفكير بعواقبها وهو ما ينذر بوضع مأساوي للمواطن السعودي.. فهو يسيطر على أقتصاد وسياسة المملكة وقواتها العسكرية وأجهزة الاستخبارات والحرس الوطني دون منازع.. سلطة لا مثيل لها، لم يسبقه إليها سوى جده العزيز المؤسس لدولة آل سعودد الحديثة.. قوض كل أركان الدولة السعودية واستعدى أمراء آل سعود من خلال الاستيلاء على إقطاعاتهم، كما أزعج رجال الأعمال عبر رفع التكاليف وإجبار بعضهم على تسليم جزء من ثرواتهم، ويتخلص الآن من أجزاء من النظام الريعي الذي كان أساسيا لشراء ولاء الشعب - حسب الإيكونوميست التي حذرت "بن سلمان" من مصير الملك فيصل، مشددة أن كل ما يفعله لإرضاء ترامب لن يجديه نفعاً .
تقارير إخبارية أمريكية أكدت أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ـ الفتى الطائش ـ صاحب السياسة المتهورة، يقود بلاده للهاوية ولا يأبه بأي شيء سوى الوصول لكرسي العرش وإن كلفه ذلك تدمير الاقتصاد السعودي وإهدار مقدرات المواطنين، فهو مجبر على أتخاذ قرار سيؤثر سلباً على الاقتصاد السعودي الذي يعتمد بشكل كلي على النفط، بسبب ضغوط ترامب كما نشرته وكالة “بلومبرغ” الأمريكية نقلاً عن بوب ماكنالي، مؤسس شركة “رابيدان إنريجي جروب” في واشنطن، والمسؤول السابق عن النفط في البيت الأبيض.
ارسال التعليق