معركة سيف القدس...و خسارة رهان المطبعين العرب على حماية العدو الصهيوني لهم!(2)
[عبد العزيز المكي]
أما ما يخص الجانب الآخر، أي هبة الشعوب العربية والإسلامية في كل مكان، تأييداً للمقاومة ولخيارها المقاوم، فكان كما أشرنا علامة بارزة أذهلت الصهاينة. وحماتهم وأذهلت المطبعين العرب معهم! ذلك لأن نتنياهو ومسؤولي الكيان الصهيوني، ومعهم الأنظمة العربية المطبعة كانوا يعتقدون أن الشعوب لم تعد تهتم بالقضية الفلسطينية ولم تعرها ذلك الاهتمام الذي كانت توليه إياها في العقود الماضية، غير ان تلك الهبة الجماهيرية أعادت للقضية وهجها وأكدت أنها مازالت رغم كل ما جرى، تعتبر الأمة مشكلة فلسطين قضيتها المركزية الأولى..هذا ما عكسته المظاهرات الحاشدة التي اجتاحت المدن العربية والإسلامية في أرجاء العالمين العربي والاسلامي وفي المواطن الأوربية وفي أمريكا، والتي تفاعلت هذه المظاهرات بشكل حماسي مع مجريات المعركة ووقائعها اليومية، تأييداً للمقاومة ودعماً لها واستنكاراً للجرائم الصهيونية ومطالبة بفتح الحدود للمشاركة في المواجهة في هذه المعركة المقدسة مع غزاة فلسطين والمقدسات الإسلامية فيها.. وهذا ما يؤكده أغلب الخبراء العرب والأجانب، ففي هذا السياق يقول محمود رفعت رئيس المعهد الدولي للقانون الدولي، لموقع القدس العربي، في 23/5/2021:" يمكن الجزم بأن مسار الصراع العربي- " الإسرائيلي" تبدل بشكل جذري بعد العدوان " الإسرائيلي" تخرج مطارات ومواني " إسرائيل" من الخدمة ، ولأول مرة تصل صواريخ المقاومة إلى العمق الإسرائيلي" و تشل الحياة الاسرائيلية بشكل كامل".
ويضيف رفعت قائلا: " الجيوش العربية النظامية على مدار73 عاماً وبعد حروب عدة، خاضتها ضد " إسرائيل" لم تصل بأي حال من الأحوال إلى هذه النتائج، فالصراع تبدل بشكل جذري، وهذا ما سيلقي بظلاله على مستقبل الصراع العربي- " الإسرائيلي.." ويستطرد قائلاً بعد ان يتطرق إلى تراجع قبضة العدو على الشعب الفلسطيني لعد هذه الجولة من المواجهة.." والأهم من ذلك هو اعادة إحياء القضية الفلسطينية التي كادت أن تموت بفعل التطبيع والبروباغاندا العالية جداً في السنوات الأخيرة من التطبيع والمال الخليجي الذي تدفق بغزارة خاصة من الإمارات على الجانب الإسرائيلي، وهذا أثر بشكل كبير في سير القضية الفلسطينية وجعل الأمور وكأنها سيتم دفنها. الآن عادت قضية العرب المركزية وأيضاً تحلّق حولها الشارع العربي بشكل كبير جداً، وهذا سيبدل الأمور بشكل جذري مستقبلاً". ولعل من تداعيات هذه الهبة الجماهيرية على المدى القصير، الإحراج والإرباك اللذان وجد المطبعون الجدد والقدماء أنفسهم فجأة فيه، الأمر الذي دفعهم الى التظاهر بالوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني واخفاء الحماس في اعلان التودد مع الكيان الصهيوني حيث انتقل هذا الحماس الى التعبير من تحت الطاولة، ذلك خوفاً من الشعوب التي يمكن أن تنقلب على الأنظمة في لحظة الحماس وهذا التحرك الجماهيري لنصرة المقاومة الفلسطينية، خصوصاً مع استمرار المعركة، ولذلك يقول الباحث في معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، يوئيل جوجزنسكي، مرجحاً " ان وقف إطلاق النار وإنهاء العملية العسكرية، حال دون تآكل محتمل للاتفاقيات والحاق الضرر بالعلاقات بين " اسرائيل" والدول الموقعة على اتفاقات إبراهام" ويضيف يوئيل قائلاً: " إن أحداث القدس والحرب في غزة قد تزود الدول التي اختارت الجلوس على الحياد وعدم الانضمام الى اتفاقيات ابراهام، باسباب أضافية لعدم تطبيع علاقاتها مع اسرائيل مستقبلاً". من جانبه رأى رئيس الكنيست السابق ابراهام بورج " ان الحرب على غزة ونتائجها أثبتت مجدداً أنه لا مستقبل لاتفاقيات التطبيع دون إنهاء الصراع مع الفلسطينيين، واقامة دولة فلسطينية ضمن حدود الرابع من حزيران/1967م الى جانب " اسرائيل" وفقاً للقرارات الدولية" على حد قوله. وأضاف بورج قائلاً: " لطالما اعتقدت أنا وزملائي أن جوهر المشكلة في منطقتنا هو الصراع مع الفلسطينيين، ولذا هذه الاتفاقيات فارغة".. وشدد بورج قائلاً في مقال له في صحيفة هاآرتيز:" لقد مرت بضعة أشهر فقط على اتفاقيات إبراهام وعادت فلسطين التأريخية بكامل قوتها للوعي الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة والقدس والله".."لقد اندمجت فلسطين 48 مع فلسطين67 وتوحدت القدس مع غزة.."
2- كما ان من أهم ما مُني به نتنياهو وزمرته في هذه الجولة، من صفعات إستراتيجية هو التغير الهائل الذي شهده الوعي الأمريكي والاوربي، بل وحتى بعض الوعي لدى بعض الصهاينة أيضاً.. ففي كل الحروب السابقة نجح العدو في كسب الرأي العالم الأوربي والأمريكي، كسب مواقف الحكومات الأوربية الى جانب الحكومة الأمريكية، فقد كان هذا الانحياز والتعاطف يوفر للعدو، غطاءاً " شرعياً" لارتكاب لجرائم بحق الشعب الفلسطيني، واقتراف المذابح دون خوف أو وجل من استنكار الرأي العام العالمي، هذا من جانب، ومن جانب ثاني، فأن هذا التعاطف يبرر للعدو ارتكاب هذه المذابح، الأمر الذي يدفعه إلى الأيغال في ارتكاب هذه الجرائم واستخدامه الأساليب والأسلحة المحرمة دولياً دون قلق من تبعات قانونية .. ومن جانب ثالث ان هذا التعاطف يوفر للحكومات الغربية والأمريكية الداعمة للعدو أساساً، جواً ومناخاً مناسباً لاستمرار وتعزيز هذا الدعم، والوقوف ضد الشعب الفلسطيني المظلوم، أما في هذه الجولة من المواجهة فقد سقطت كل تلك الاعتبارات الواحدة تلو الأخرى، وبدا العدو مكشوفاً ومنبوذاً لدرجة انه حتى الحكومة الأمريكية الداعمة الأساسية للعدو اضطرت بعض الأحيان إلى مسك العصا من الوسط تماشياً مع ردود الفعل العالمية المتعاطفة مع المقاومة والشعب الفلسطيني..، ولقد اعترف الصهاينة أو بعضهم بخسارتهم معركة الوعي في هذه المعركة.. وفي هذا السياق كنا قد أشرنا الى الضابط الصهيوني روني ما نليس الناطق السابق باسم الجيش الصهيوني، حيث شرح في مقالة له على موقع القناة 12 العبرية كيف خسر الكيان الصهيوني معركة الوعي في هذه المعركة، مبيناً ان العدو لا يمتلك استراتيجية وآلية منظمة لإقناع المجتمع الدولي بعملياتنا العسكرية والذي من شأنه ان يمنحنا- اي هذا الإقناع- " الشرعية" في الرد على الفلسطينيين وصواريخهم، ويتعرض مفصلاً لهذا القصور ويقر بالنهاية بخسارة العدو لمعركة الوعي لأن حتى الصهاينة أنفسهم كما يوضح هذا الضابط أخفق الجيش في إقناعهم بممارساته التعسفية والإجرامية ضد الفلسطينيين. ففي هذا السياق اعتبر المؤرخ اليهودي ياكوف رابكين، انه على الرغم من تصاعد الحملة العسكرية " الإسرائيلية" على الفلسطينيين في قطاع غزة، لكن دولة الاحتلال تصور نفسها على أنها ضحية وليس الجاني والطرف الأقوى في الصراع.. وأضاف، أن الاعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين تم تجاهلها على الساحة الدولية، وتم التركيز على "حق اسرائيل في الدفاع عن النفس".. وطالب المؤرخ اليهودي " إسرائيل" " بالتوقف عن التفكير في انك الضحية.. في هذه العملية، أنت لست الضحية، أنت الجاني..". ورأى أنه " يجب أن يكون للفلسطينيين الحق بالطبع في الدفاع عن أنفسهم، لكن ليس لديهم الوسائل الكافية لذلك". كما ان عدداً من اليهود في تل أبيب وقعوا وثيقة طالبوا فيها سلطات الاحتلال بوقف العدوان على غزة ووصل عدد الموقعين على تلك الوثيقة حينها الى 300 يهودي وتحت عنوان اليهود يطالبون بايقاف الفصل العنصري في اسرائيل نحن نرفض نظام التفوق اليهودي وندعو المجتمع الىولي للتدخل للىفاع عن الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والقدس والجليل واللد وبئر السبع كما دعوا الى " سحب الاستثمارات من إسرائيل وفرض العقوبات المعروفة دولياً بـ (BDS) عليها. والعمل على تحقيق حق العودة للفلسطينيين.و تحقق العدالة التاريخية للوصول الى حل عادل وديمقراطي للجميع، يقوم على إنهاء استعمار المنطقة".
اما الأكاديمي اليهودي نورمان فينكلشتاين المقيم في الولايات المتحدة فقد اكد في تصريحات له ان اسرائيل ترتكب جرائم ضد الانسانية في فلسطين، بل وتعتبر في القانون الدولي الافظع والاكثر إشمئزازاً، وليس للاسرائيليين الحق في الدفاع عن أنفسهم في القدس الشرقية ولافي غزة والضفة الغربية. اكثر من ذلك ان صحيفة هاارتيز في عددها ليوم 19/5/2021 اعترفت بأن " اسرائيل" ارتكبت حرب إبادة لعوائل فلسطينية بأكملها في قصفها لغزة!.. وأضاف " ان آباء واطفال رضع وأجداد وأشقاء وأبناء أخ وأبناء أخوات لقوا حتفهم سوياً عند ما قصفت اسرائيل منازلهم التي انهارت عليهم". مشيرة اي الصحيفة، الى انه لم يتم اعطاء إنذار مسبق لاخلاء المنازل المستهدفة! واعتبرت الصحيفة الصهيونية ان هذه الجرائم ترتكب عن قصد وعمد من أجل الانتقام من الشعب الفلسطيني ومن مقاومته! مايؤشر ذلك الى فضاعة الجريمة الصهيونية التي دفعت صحيفة صهيونية الى الإقرار بتلك الجرائم، تخلصاً من الحرج وتماشياً مع مزاج بعض الشرائح اليهودية في الأرض المحتلة، الناقمة على هذا الوضع، وهو ما يؤشر بدوره الى تغير ولو نسبي في مزاج بعض شرائح الرأي العام الصهيوني تجاه جرائم حكومة الاحتلال الصهيوني.
وهكذا بدأ الصهاينة بعد هذه المعركة يشيرون بوضوح الى التحول الذي بدأ يطرأ على الرأي العام العالمي تجاه قضية الصراع في فلسطين، فهم بدأوا يشيرون صراحة الى فقدان ما يسمونه " عدالة قضيتهم وحق الدفاع عنها ضد الفلسطينيين" لدى المجتمع الدولي، بسبب قصور الأداء الصهيوني على صعيد معركة الوعي، وعلى صعيد فشل هذا الأداء في التغطية على الجرائم والفظاعات التي يرتكبها الصهاينة بحق الفلسطينيين العزل في الأرض المحتلة، فهذه المظلومية هزت الوجدان والضمائر الحية من الأعماق لدى الرأي العام في جميع أنحاء العالم بدليل التظاهرات العارمة التي اجتاحت العواصم والمدن الأوربية والأمريكية المؤيدة للفلسطينيين وللدفاع عن أنفسهم ففي هذا السياق نشرت صحيفة الواشنطن بوست مقالاً نشر موقع عربي 21 ترجمته العربية في 17/5، تحدث عن التغيّر الذي طرأ على بعض الأوساط الأمريكية تجاه الصراع بين العدو والمقاومة الفلسطينية، وأشارت الصحيفة الى مقال السناتور بيرني ساندرز الذي نشرته صحيفة النيويورك تايمز، والذي انتقد فيه الصهاينة وإطلاقهم العنان للغوغاء من اليهود المتطرفين في القدس، ومحاولاتهم طرد عوائل فلسطينية من حي الشيخ جراح واعطائها لليهود المتطرفين، وقال ساندرز " واقع الحال هو أن إسرائيل هي السلطة السيادية في أرض " اسرائيل" وفلسطين، وبدلاً من التحضير للسلام والعدل، فأنها تقوم بتحصين سيطرتها غير العادلة وغير الديمقراطية" مضيفاً " علينا الاعتراف بأن حقوق الفلسطينيين مهمة وكذلك حياتهم". وقالت الواشنطن بوست ان هذا الصوت لم يكن الوحيد في واشنطن،و انما هناك اصوات اخرى من الحزب الديمقراطي إنضمت الى ما يثيره ساندرز، وأصدرت بيانات عبروا فيها عن عدم رضاهم من الضحايا الذين تسببت بهم الهجمات الصهيونية على غزة.. كما أشارت الصحيفة الى انتقاد جيرمي بن عامي مدير منظمة " جي ستريت" التي تعكس مواقف اليهود الليبراليين الأمريكيين، للسياسة الأمريكية تجاه الكيان الصهيوني بقوله: " ان الصك المفتوح الذي منحته الادارات الأمريكية المتعاقبة " لإسرائيل"، يعني عدم وجود ما يحفزها كي تنهي الاحتلال او البحث عن حل النزاع.." واضاف بن عامي:" يجب ان تظل الولايات المتحدة ملتزمة بأمن ا"سرائيل"، ولكن عليها الاعتراف بأن تسهيلها/ لضم أراضي الفلسطينيين لن يقود إلّا لواقع الدولة الواحدة"!.. وتشير صحيفة الواشنطن بوست إلى أن هذا التغيّر، إنما شمل الرأي العام في أمريكا أيضاً.. وهذا ما أكدته صحيفة التايمز في مقال لها للكاتب جيرارد بيكر تحت عنوان " أمريكا لم تعد متحدة خلف " إسرائيل"، نشر ترجمته العربية موقع صحيفة رأي اليوم في 21/5 بيّن فيه كيف أن مزاج بعض شرائح السياسيين الأمريكيين تغيرت تجاه العدو، ومما جاء في هذا المقال: "إن الجناح التقدمي الجديد الصاعد في البرنامج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للحزب الديمقراطي أصبح الآن معادياً بشكل علني، ليس لافعال اسرائيلية معينة، ولكن، على ما يبدو لإسرائيل نفسها". وبعد إشارته أي كاتب المقال بيكر إلى مطالبة بعض السياسيين بايدن وقف الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني الذي ساعد في حماية الأخير، يضيف الكاتب في مقاله " وفقاً لتقارير إعلامية أخبرته: أنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تستمر في منح حكومة نتنياهو اليمينية المليارات سنوياً لارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين، لا يمكن التسامح مع الفظائع مثل قصف المدارس، ناهيك عن ارتكابها بأسلحة قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية". بدورها صحيفة الغارديان البريطانية، وفي مقالها الافتتاحي الذي ترجمه موقع عربي 21 ونشره في 21/5 فقد طالبت بايدن بتغيير سياسته من العدو، لارتكابه الجرائم الفظيعة بحق أبناء الشعب الفلسطيني.
أكثر من ذلك وقع أكثر من 500 عضو من حملة الرئيس الأمريكي جوبايدن وموظفين في الحزب الديمقراطي على رسالة تدعو بايدن لمحاسبة الحكومة " الإسرائيلية" بعد عدوانها الأخيرة على غزة، وقالت الرسالة التي نشرتها صحيفة الواشنطن بوست " أن الموقعين يدعون الرئيس إلى بذل المزيد في حماية حقوق الفلسطينيين ومحاسبة "إسرائيل" على عدد القتلى غير المتكافئ الذي تسببت به القوات الإسرائيلية، مقارنة بتلك التي تسبب بها المسلحون الفلسطينيون".. وطالبت الرسالة أيضاً بايدن بمطالبة الحكومة الصهيونية بوقف التوسع الاستيطاني، والانتهاكات المستمرة للقانون الدولي، ودعم الفلسطينيين في تقرير المصير..".
وما يصدق على الساحة الأمريكية من ناحية تنامي التحول إزاء القضية الفلسطينية لصالح الحق الفلسطيني، فأنه يصدق كما سبق وان اشرنا إلى هذا الأمر، على السوح الأوربية أيضاً، فأنه ثمة تحول وان بطئ يجري في الاتجاه الأخير، تحوّل عمقه التطورات الأخيرة أقصد معركة سيف القدس، بحسب تسمية المقاومة الفلسطينية وهذا ما انعكس بشكل واضح في الصحف وفي القنوات التلفزيونية تعليقاً واستنكاراً لما يجري من ممارسات إجرامية صهيونية بحق الشعب الفلسطيني فصحيفة الغارديان البريطانية نشرت مقالاً للكاتبة لوسي غاربيت التي تعيش في القدس، وصفت فيه ممارسات العدو في حي الشيخ جراح بأنها تطهير عرقي، واتهمت العدو باستخدام كل الوسائل الإجرامية القذرة من أجل إخلاء الحي من العنصر الفلسطيني! أما الممثل الكوميدي والمقدم التلفزيوني البريطاني الشهير جون اوليفر، فقد وجه انتقادات كبيرة لما يقوم به الاحتلال من مجازر في غزة.. وقال في مقطع من برامجه " لاست ويك تونايت".." ان النظرة في الولايات المتحدة، هي ان كلا الجانبين مخطئ، لكن "إسرائيل" لديها ترسانة كبيرة، ولديها جيش ضخم، مقابل ما لدى الفلسطينيين، بالإضافة إلى أن حجم الضرر الذي وقع على الفلسطينيين كبير جداً ولديهم أطفال قتلى". ودعا الولايات المتحدة لأن تجرب امراً جديداً ورائعاً وهو أن لا تكون صديقاً "لإسرائيل". وفي جامعة رويال هولووي التابعة لجامعة لندن تم تعليق العلم الصهيوني مع الصليب المعقوف شعار النازية في الوسط بدلاً من نجمة داود على شرفة في مبنى مكتبة الجامعة وقالت الشرطة البريطانية إنها اعتقلت مشتبهين بالحادثة، مؤكدة انها تلقت في الآونة الأخيرة بلاغات كثيرة عن جرائم كراهية في تلك الجامعة في اشارة الى تزايد الكراهية للعدو الصهيوني.
وفي ايرلندا نظم الايرلنديون مظاهرات شارك فيها الآلاف منددين بالعدوان الصهيوني ومطالبين بهتافاتهم بتحرير فلسطين من البحر الى النهر، وتزامنت هذه المسيرات الاحتجاجية مع استنكار وزير الخارجية الايرلندي سيمون كيفوني وتنديده بالعدوان، مشيراً الى أن ربع الضحايا هو من الأطفال، حيث قال " ما حدث امر غير مقبول، خاصة وان اسرائيل عليها التزام قانوني تجاه حماية الاطفال في النزاع، وهو مالم تفعله"
وإلى ذلك، فأن النرويج عاقبت الشركات المرتبطة بالاستيطان الصهيوني، هذا ما كشفه موقع بلومبيرغ، وقال هذا الأخير " ان الصندوق السيادي النرويجي بثروة 3/1 تريلون دولار، قرر استبعاد شركة " شابير إنجيرنغ اند ستري ليمتد" و" ماين ريل إيستيت كي دي ليمتد" من نشاطاته بسبب علاقات مع المستوطنات في الضفة الغربية".
وعلى خلفية هذا التحول، كتب كاتب العمود جواناثان فريدلاند البريطاني في صحيفة الغارديان البريطانية تعليقاً على المظاهرات الصاخبة المؤيدة للفلسطينيين التي شهدتها المدن البريطانية خلال العدوان الصهيوني على غزة، قائلاً" ان الكثير من المراقبين الموثوقين يتساءلون عما اذا كان قد تم الوصول الى نقطة تحول في الاسبوعين الماضيين في الطريقة التي يُنظر بها الى الصراع الاسرائيلي الفلسطيني في جميع أنحاء العالم وخاصة في الغرب". ويشير الى تساؤل آخر بعد استغرابه من مشاركة السياسيين والرياضيين والفنانين بالاضافة الى بقية اقشار المجتمعات الغربية في تلك المظاهرات وفي التنديد بالعدو الصهيوني ومناصرة الفلسطينيين والدفاع عنهم بالقول:" ان أصدقاء إسرائيل يتساءلون! ما الذي جلب هذه الحشود الضخمة الى شوارع العواصم الأوربية وملأ مواقع التواصل الاجتماعي؟" ويجيب الكاتب على هذا التساؤل ويقول انه ليس بسبب عدد الضحايا الفلسطينيين، أو أن العدو هو حليف غربي مفضل، إنما بسبب هذا التحول في المزاج الغربي من هذا العدو.
أكثر من ذلك، تشير بعض التقارير إلى أن بعض الأوساط الغربية وحتى الأمريكية بدأت تنظر للكيان الصهيوني عبئاً عليها.. واعتقد أن هذه الرؤية ستتعزز يوماً بعد آخر، كلما أتضح خواء هذا العدو وضعفه وتفوق المقاومة عليه.
وكل ذلك يؤكد سقوط الأسس والثوابت التي قام عليها التطبيع مع العدو، ما يعزز ذلك نظرية خسران رهان الانظمة المطبعة على حماية الكيان الصهيوني لها.
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق