ملتقى الرياض للقيم المشتركة.. قتل المسلمين والتطبيع فريضة
[حسن العمري]
* حسن العمري
بإيعاز من الراعي الجديد لمحمد بن سلمان، احتضنت العاصمة الرياض قبل أيام ملتقى «القيم المشتركة بين أتباع الأديان»، بمشاركة قادة دينيين من مختلف العالم، مدعومين بشكل مباشر أو غير مباشر من الذين يقفون من وراء مشروع الديانة الابراهيمية العالمية؛ وذلك بهدف بلورة رؤيـة حضارية لترسـيخ قيـم الوسـطية فــي المجتمعــات البشــرية، وتعزيز الصداقــة والتعــاون بيــن الأمــم والشعوب- وفق ما ادعاه القائمون على الملتقى واعلنه أمين عام رابطة العالم الإسلامي محمد بن عبد الكريم العيسى بقوله للحاضرين: "هذا الملتقى هدفه تعزيز التفاهم والانسجام بين أتباع الأديان... نرفض أي تأويل خاطئ أو متعمد يقوض التعايش بين أتباع الأديان".
جلسات ملتقى الرياض شهدت ثلاث حلقات نقاش، تناولت أولها موضوع: "الكرامة الإنسانية": المساواة (العادلة) بين البشر وعمق المشتركات الإنسانية مع التركيز على وجوب تفهم الخصوصيات الدينية والثقافية وعدم الإساءة لأتباعها..، فيما حملت الثانية عنوان "تجسير الإنسانية لخير الإنسانية: تفكيك مفهوم الصراع الحتمي للحضارات وصدامها وتعزيز قيم الصداقة والتعاون بين الأمم والشعوب لصالح الجميع"، تحت شعار: "أسرة إنسانية واحدة تتعارف وتتفاهم وتتعاون مع إيضاح الحق للجميع"، وتناولت الثالثة موضوع: الوسطية وتفهم الآخرين.. فطرية القيم الإنسانية ودورها في تكوين شخصية الاعتدال وتفهم التنوع بين البشر وعدم تحويلها إلى خوف وكراهية وصراع وإنما الى حوار وتفاهم وتعاون لصالح الجميع.
أيام قليلة جداً اذا لم نقل ساعات هي الفاصل بين انتهاء أعمال ملتقى «القيم المشتركة بين أتباع الأديان» والاعلان عن بيانه الختامي الذي ضم في طياته الشعارات الملونة التي ذكرناها في المقطع السابق، وإذا بالشعب السعودي والعالم برمته يصدم بخبر تنفيذ السلطات السعودية الاعدام والقتل بحق مجموعة من أبنائها ويمنيين معتقلين لديها، ليشدد على رؤوية آل سعود الدموية وعقيدتهم الوهابية التكفيرية ضد الأطراف الاخرى التي لا تسير وفق ما تشتهيه رياح سفنهم النفاقية العميلة الوحشية الدموية الوقحة، حيث منطقة الشرق الأوسط تأن منها طيلة القرن الماضي خاصة السنوات السبعة الأخيرة من إجرام فاق إجرام السفاحين على طول التاريخ استهدف الأبرياء العزل من المسلمين دون غيرهم، وملتقى الرياض يحمل شعار التعايش السلمي بين الأديان!!.
لا يمكن لأحد واعي وحر وأبي أن ينكر أن سياسة آل سعود ومؤسستهم الدينية النفاقية لا تقوم على تكفير سائر الفرق والمذاهب الاسلامية وتصدر الفتاوى تلو الفتاوى بذبحهم وتفخييخهم وقتلهم ودمار بلدانهم وسبي نسائهم وتيتيم اطفالهم و.... ثم وبكل وقاحة ودجل ونفاق تدعو للتعايش السلمي بين اتباع الأديان السماوية وغيرها التي غالبيتها المطلقة ألد أعداء الأمة، كل ذلك لأنهم يستخفون عقول شعبهم والشعوب الاسلامية التابعة لهم بفضل غباء وعمالة وتبعية قياداتها الدينية والسياسية دنيئة النفس للبترودولار الملطخ بدماء الأبرياء والعزل، وآهات النسوة الثكالى وأنين الأطفال اليتامى من شرق الجزيرة العربية حتى غربها ومن شمال العراق وسوريا حتى جنوب اليمن مروراً بأفغانستان والبحرين.
البيان الختامي لملتقى التعايش الديني العالمي بالرياض أكد على: " توافق عالمي لتعزيز التعاون والثقة بين القادة الروحيين العالميين والاستفادة من القواسم المشتركة بينهم بوضعهم بطليعة المبادئ المشتركة للقيم الإنسانية... وتعزيز قيم الوسطية والانسجام، ودعم الجهود بشكل فعال لتعزيز التسامح والسلام، ووضع أطر فكرية عقلانية للتحصين من مخاطر الفكر والسلوك المتطرف بغض النظر عن مصدره..."، ثم تم الاتفاق على الدور الأساسي للدين في المجتمع، والأساس الروحي لحقوق الإنسان الأساسية، ورفض وجهة نظر "الصدام الحضاري الحتمي" للشؤون الدينية في المستقبل؛ وآل سعود لا يتوانون حتى لحظة واحدة من الصدام الحتمي دينياً مع سائر الفرق والمذاهب الاسلامية بكل ما وسعهم من قوة تسليحية ساخطة على وحدة الصف الاسلامي وهو ما تجلى خلال الاعدامات التي شهدتها بلاد الحرمين الشريفين منذ بلوغ سلمان ونجله السلطة فيها وحتى يومنا هذا.
لا يخفى على أحد من أن المأساة الإنسانية عمّقها غياب ثقافة التسامح التي أفتى بها وروج لها المذهب الوهابي السلفي الدخيل في الاسلام، وضخّمها الجهل والتشبث بقناعات مريضة ومؤدلجة زرعها وعاظ سلاطين آل سعود وأخوانهم، ما سبب خللاً وانقساماً في طبيعة الحياة الاجتماعية الاسلامية ليعكس حالة من الانفصام لتصبح حياة منفصلة عن الحياة وبالتالي خالية من الذائقية والتسامح الذي جاء من أجله الاسلام، وجمالياتها التي تكرس قيمة الحياة. وهذا ما يحتاج إليه العالم اليوم خصوصاً في ظل ما جرى ويجري فيه من صراعات ونزاعات وتقاطع مصالح وحروب والمجتمع البشري بحاجة ماسة الى لحظة تأمل واسترخاء تدفعه بالتفكير في مكانته البشرية وقيمة الإنسانية والكوكب الذي يجمعنا دون حواجز أو قيود، لا الى إجرام يخدم نطاق الإسلاموفوبيا ويوسع نطاقه.
القتل المتعمد تحت وطأة التعذيب، والاعدام بسيف الحرابة التي واجهها العشرات الأبرياء العزل من أبناء الحجاز واليمن منذ مطلع العام الجاري والتي حصدت أرواح أكثر من (100) شخص لم ولن تكن الأخيرة في تاريخ آل سعود الدموي الإجرامي، وسجلهم الأسود مليء بمثل ذلك اضعافا مضاعفة منذ دعم الاستعمار البريطاني الخبيث لإعتلائهم السلطة في زمن جدهم عبد العزيز حيث انهار الدمار جرت في القطيف والأحساء ونجد والحجاز ومختلف مناطق الجزيرة العربية، ولن ينجو منها حتى الحلفاء في بلوغهم العرش وفي مقدمتهم "اخوان من اطاع الله" الذين ساعدوا ودعموا عبد العزيز في حروبهم ضد أهالي نجد والحجاز (1924-1925) والتي قضت على المملكة الحجازية الهاشمية، فما أن انتهى من مشاكله حتى وضع السيف على رقابهم وقياداتهم القبلية عبر معركتي السبلة وأم رضمة وابادهم.
نظام آل سعود نظام متعطش لاراقة دماء الأبرياء وإزهاق أرواح المواطنين وإعدامهم تحت عناوين متعددة، لمنعهم المطالبة بأبسط حقوقهم المشروعة المسلوبة منهم، وكم الأفواه المطالبة بحرية التعبير على الرأي والعدالة والمساواة والمواطنة الواحدة.. والبيان الختامي لملتقى الرياض النفاقي يؤكد على إن "الأهداف الجماعية للملتقى هي التوصل إلى توافق عالمي في سياق رؤية حضارية مشتركة لتعزيز التعاون والثقة بين القادة الروحيين العالميين، والاستفادة من القواسم المشتركة بينهم بوضعهم في طليعة المبادئ المشتركة للقيم الإنسانية، وتعزيز قيم الوسطية والانسجام، ودعم الجهود بشكل فعال لتعزيز التسامح والسلام، ووضع أطر فكرية عقلانية للتحصين من مخاطر الفكر والسلوك المتطرف بغض النظر عن مصدره".
أدبيات وسلوك الحركات الوهابية السلفية الراديكالية المؤدلجة دينياً تلك التي أوجدت بمال آل سعود وفكر محمد عبد الوهاب وفق ما نص عليه اتفاق الدرعية (1744)، وسلوكياتها على أرض الواقع خلقت حالة من الالتباس في فهم حقيقة الشريعة الإسلامية المحبة والسمحاء والداعية الى التعاون الانساني والتعايش السلمي بين مختلف أتباع الأديان ومذاهبهم وفرقهم لدى الغرب، ما خلط الأوراق وباتت الصورة النمطية لأفعال الجماعات الإرهابية هي الحاضرة في الذهن.. الوسطية في الإسلام لا تقر الطروحات العدائية مع من يخالفنا العقيدة والرأي والدين خاصة المذاهب الاسلامية قبل الديانات الغربية التي تميل لها الوهابية المقيتة كثيراً، بل تنادي بمفاهيم التعايش والتسامح والحوار، وقد نادت به الشريعة الإسلامية منذ ما يربو على ألف عام، والحضارة الغربية كمضامين تدعو الآن الى ذات المفاهيم في عالم بات إلى الالتحام أقرب.
الكيان الاسرائيلي كان أول المرحبين بل والمرحب الوحيد بملتقى الرياض على الساحة الاقليمية كونه يصب في إطار مشروع "اسرائيل الكبرى" أي الديانة الابراهيمية العالمية، فعبر عن ترحيبه بتغريدة على موقع تويتر "إسرائيل بالعربية" قائلاً: “شهدت العاصمة السعودية الرياض ملتقى القيم المشتركة بين أتباع الأديان، وهو المؤتمر الذي شهد حضور عدد من رجال الدين من شتى أنحاء العالم ومن بينها إسرائيل التي حضر مندوبا عنها الحاخام دافيد روزن. كل الدعم والتأييد لكل صوت يدعم التعايش والسلام بين مختلف الأديان”.. لتكون بادرة مفروضة نحو التطبيع مع الكيان الغاصب بحلة دينية وهابية تكفيرية متطرف تقتل الأخ المسلم وتمد يد التعايش السلمي لأعداء الأمة والاسلام والقرآن الكريم يؤكد ذلك "لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَٰوَةً لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ.." سورة المائدة - الآية 82... ولنا في هذا مقال آخر قريباً بعون الله.
ارسال التعليق