من سيدفع فاتورة "الناتو العربي" الجديد؟!
[ادارة الموقع]
تتوالد الأحلاف في مطقتنا هذه الأيام، حلف وراء حلف دفع القارئ للتساؤل حول إذا كان هناك خطر داهم يتربص بمنطقتنا العربية كي يستدعي هذا الكم الهائل من تشكيل التحالفات والتي كان أخرها اعلان رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، عن رغبته في انشاء حلف جديد على غرار حلف الناتو، لكنه بلباس عربي وروح واموال خليجية، حلف سيسمى حلف الناتو العربي في مواجهة "الخطر الإيراني في المنطقة".
الكثير من العرب استبشر خيراً من هذا الحلف، لكن السؤال الذي طرح نفسه هو من أين سيمول هذا التحالف، فالإدارة الأمريكية بعهد ترامب تواصل سياسة "أمريكا أولاً"، لا تأبه في التخلص بجزء من أعباء مواجهة التهديدات الأمنية الإقليمية، والقائها على ما يسمى بـ "حلفاء أمريكا" في المنطقة أي السعودية ودول الخليج، طالما أن التكلفة لا تطال الخزانة الامريكية بشيء وستحمل تلك الدول عبئ التكلفة وحدها.
إذا الأمريكي لا يأبه بهذا التحالف طالما أنه يوجد هناك أناس في منطقتنا العربية يدفعون ويمولون ويتكفلون بتمهيد الطريق له، بل انهم يطبقون سياسة أمريكا أولا. لكن قبل الخوض في الموضوع، دعونا نذكر الأحلاف التي ولدت في هذه المنطقة، كان أولها التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، والتحالف العربي في اليمن، ومن قبلهما التحالف الدولي لمحاربة داعش في العراق وسوريا. كلها تحالفات تنشأ وتتوسع وتبدأ حملاتها العسكرية التي تستمر الى أجل غير معلوم، وتصب حممها في مناطق صراعات وحرب بالوكالة ولا تأتي كل تلك التحشيدات على المدنيين والابرياء الا ببأس يضاف على بؤس.
من هنا يتضح لنا أن مصير هذا الحلف كسابقيه، الفشل وهدر للأموال، فترامب التاجر يتقن دوره جيداً، فهو مستمر بحلب وابتزاز الدول العربية مراراً وتكراراً، حيث استطاع من خلال هذه الاستراتيجية حلب أكثر من 500 مليار دولار أمريكي من السعودية فقط على شكل صفقات عسكرية، وذلك في إطار مشروع "إيران فوبيا". هذه الفاتورة ستكون مكلفة هذه المرة لكون ترامب أجّج الصراع في المنطقة الخليجية وذهب به إلى الذروة لإشعار الخليجيين بأن الخطر القادم من الشرق قوي جداً وخطير جداً ويجب التصدي له بجاهزية عالية، وهذا يقود بطبيعة الحال إلى صفقات أسلحة جديدة وعتاد ووسائل عسكرية بمليارات الدولارات، فمن يستطيع أن يقول للرئيس الأمريكي "لا"؟!
اذاً الفاتورة كبيرة جدا، وستتحملها شعوب الدول المشاركة في الناتو العربي، وبالأخص السعودية، اذ أن ترامب قالها مراراً أن للسعودية شأن كبير في هذا التحالف، يعني أن المواطن السعودي سيعاني الامرين في الأيام القادمة، في سبيل تغطيته لنفقات مغامرات الأمير الشاب محمد بن سلمان، ويمكننا القول أن السعودية تتعرض الى عملية “ابتزاز” مالية جديدة بسبب جهل وعدم خبرة ولي عهدها في التعاطي في أمور المنطقة.
هذه هي ثمرة التحالف السعودي الاستراتيجي مع الولايات المتحدة المستمر منذ ثمانين عاما على الأقل، خاضت خلالها المملكة كل حروب أمريكا، بما في ذلك في العراق وليبيا وسورية واليمن، وضد الشيوعية في أفغانستان، ودون مقابل... مع هكذا اصدقاء من يحتاج الى اعداء. من اين ستسدد المملكة هذه الفواتير في ظل خواء الميزانية، وتبخر معظم الاحتياطات المالية، وتراجع أسعار النفط، وحرب استنزاف في اليمن وسوريا؟
العوائق والتحديات
يتمنى اليوم المواطن الخليجي فشل قيادته في انشاء هذا التحالف الجديد الذي بنظرهم يشبه أنبوب مد الى جيوبهم مرة أخرى من أجل سرقة أموالهم وملئ الخزائن الأمريكية، ومن الأسباب التي تقف أمام نجاح هذا التحالف كثيرة وهي على الشكل التالي:
1-عدم الوحدة في القرار الخليجي، خاصةً بعد التطرف الذي شهده أعضاء المجلس من السعودية والإمارات وما يسمى مملكة البحرين تجاه بقية الأعضاء والذي ظهر جلياً في أزمة قطر وكاد أن يتكرر الأمر ذاته مع سلطنة عمان لولا حكمة السلطان قابوس.
2-المشكلة الثانية التي تقف أمام نجاح هكذا تحالف هو التنافس الحاصل بين الرياض والقاهرة حول زعامة العالم العربي، وقضايا مثل قيادة "الناتو العربي" ومقره، يمكن أن تؤدي إلى تفاقم هذه الخلافات والحساسيات، وبالتالي على ترامب أن يجد حلّاً لهذا التحدي.
3-الاجندات المختلفة لزعماء الدول الخليجية، فقطر تربطها علاقات وثيقة مع إيران خاصة بعد الحصار الذي فرض عليها من السعودية وحلفائها، أما بالنسبة للأردن ومصر لا تعد إيران خطراً بالنسبة لهما فهي جيوسياسياً بعيدة عنهما، أما بالنسبة للرياض وأبو ظبي فالوضع مختلف، فهما الوحيدتان المستفيدتان من هذا الحلف لكنهما أثبتا فشلهما في الازمة اليمنية، حيث استطاعت مجموعة من اليمنيين أن تربك حساباتهما خصوصاً في الأسابيع القليلة الماضيين، فقد عطّلت صواريخ أنصار الله الملاحة البحرية عند باب المندب، كما استهدفت طائراتها المسيرة مطار أبو ظبي وعطلت الملاحة الجوية فيه، ويبقى السؤال هنا كيف سيواجه هكذا تحالف دولة بحجم وقوة وقدرة إيران؟
ختاماً حلف الناتو العربي ما هو الا مصيدة جديدة نصبها ترامب للدول العربية من أجل حلبها وسرقة أموال مواطنيها، والأيام المقبِلة ستبرز صحة ما نقول، وهنا نتوجه بالقول للمواطن السعودي الذي سأم من تحمله لفاتورة مغامرات أميره الشاب، نقول لهم أنه لعلّ آخر العلاج الكي، الذي سينهِي معاناتكم دفعةً واحدة، وإلى الأبد.
ارسال التعليق