"الشرق" تكشف لأول مرة معلومات عن أسرار وكواليس قبيل احتجاز الحريري
كشفت مصادر لـ"الشرق" أن المملكة العربية السعودية تعمدت أن توصل لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري معلومات كاذبة تفيد بأن هناك عملية اغتيال لشخصه يتم التحضير لها، وأفادت المصادر أن السعودية أبلغت الحريري قبل احتجازه في الرياض بثلاثة أشهر أنه تم رصد تحركات لعملية اغتيال شبيهة بما حدث مع والده رفيق الحريري عام 2005.
المصادر أكدت للشرق أنه بعد مرور 3 أشهر من تسريب معلومة اغتيال الحريري قامت السعودية ومن خلال عناصرها في شعبة المعلومات التابع لقوى الأمن الداخلي اللبناني بتسريب معلومات مؤكدة لسعد الحريري بأنه مهدد وأن هناك تحركات لعملية اغتيال لشخصه.
المعلومات التي حصلت عليها الشرق من مصادرها في تيار المستقبل أكدت أن إقدام السعودية بإعلام الحريري حول عملية اغتياله كانت جميعها معلومات كاذبة إلا إنها مرت بمرحلتين:
المرحلة الأولى كان الهدف منها إرباك الحريري ودفعه لتوجيه أصابع الاتهام لحزب الله بأن الحزب يعمل على اغتياله، والدخول معه في صراع مفتوح، إلا إن الحريري اختار ضبط النفس للتأكد من صحة المعلومة لعدم إشعال فتيل أزمة لبنانية تدفع البلاد لحالة من عدم الاستقرار والفوضى.
المرحلة الثانية وهي دفع السعودية لعملائها في شعبة المعلومات التابع لوزارة الداخلية بإبلاغ الحريري بأنه مهدد، كان الهدف منها توثيق المعلومة الأولى التي أوصلتها المملكة قبل 3 أشهر من احتجاز الحريري وإشعاره بخطر حقيقي يحيط به مما يدفعه للهروب خارج لبنان والاحتماء بالسعودية.
المصادر أكدت أن كلتا المرحلتين لم تدفعا سعد الحريري لاتخاذ أي تحرك ملحوظ سوى بعض الإجراءات الأمنية المشددة، مما أفشل خطة السعودية بعدم هروب الحريري إليها خوفاً من الاغتيال، مما دفع السعودية لاتخاذ خطوة متهورة بدعوة الحريري إلى الرياض بشكل ودي لمناقشة بعض القضايا الاقتصادية ومن ثم احتجازه عنوة وإجباره على تقديم استقالته.
وكشفت المصادر أن محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي هو من سعى لإطلاق سراح الحريري من يد محمد بن سلمان وإعادته للبنان وذلك من خلال الدفع بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للتوسط بخروج آمن للحريري وعودته لبيروت من دون أن يكشف الحريري أي معلومات تفيد بأنه كان محتجزاً في الرياض.
هذه الوساطة التي قادها محمد بن زايد لإطلاق سراح الحريري ليست حباً برئيس الوزراء اللبناني، وإنما بسبب بأن هناك خلافا يتزايد بين بن زايد وبن سلمان في قضايا كثيرة غير الحريري، الأمر الذي أزعج السعودية ودفعها لفتح ملفات قديمة مع دولة الإمارات بحسب ما كشف المصدر.
المراحل التي مرت بها أزمة احتجاز الحريري
مرت أزمة احتجاز واستقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من العاصمة السعودية بتطورات متسارعة خلال نحو أسبوعين قضاهما بالرياض في ظروف غامضة، تفاوت وصفها من قِبل جهات رسمية وسياسية لبنانية بين الاختطاف والاحتجاز والاعتقال، بينما ظلت السعودية تنكر احتجازه.
وفيما يلي أهم التطورات والمواقف التي مرت بها قضية الحريري:
3 نوفمبر/تشرين الثاني 2017
وصل الحريري إلى السعودية في زيارة هي الثانية له إليها خلال أيام، التقى ولي العهد محمد بن سلمان.
4 نوفمبر/تشرين الثاني
- أعلن رئيس الوزراء اللبناني السبت استقالته من رئاسة الحكومة، وذلك في خطاب متلفز من العاصمة الرياض بثته وسائل إعلام سعودية.
6 نوفمبر/تشرين الثاني
استقبل ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز رئيس الوزراء اللبناني المستقيل. وقالت قناة العربية السعودية إن الملك سلمان استقبل الحريري في الرياض، لكنها لم تذكر أي تفاصيل أخرى.
- 7 نوفمبر/تشرين الثاني
الحريري يصل العاصمة الإماراتية أبوظبي قادما من الرياض، ويلتقي ولي العهد محمد بن زايد بعد يوم من لقائه بملك السعودية.
- الرئيس عون يقول إنه لن يقبل استقالة الحريري حتى يعود إلى لبنان ليفسر موقفه.
9 - نوفمبر/تشرين الثاني
نقل مراسل الجزيرة في لبنان عن مصادر رئاسية قولها إن السلطات ترجح أن يكون رئيس الحكومة إما قيد الإقامة الجبرية في السعودية أو رهن الحجز المؤقت.
- أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محادثات مع ابن سلمان في الرياض التي وصلها في زيارة خاطفة جرى الترتيب لها على عجل، تهدف خصوصا لبحث قضايا لبنان واليمن والمنطقة بشكل عام وسبل احتواء التوتر بين الرياض وطهران.
10 - نوفمبر/تشرين الثاني
- هدد السفير الروسي بلبنان ألكسندر زاسبيكين بإحالة ملف الحريري إلى مجلس الأمن الدولي، في حال استمر "الغموض الطاغي" عليه.
11 نوفمبر/تشرين الثاني
الرئيس عون لأول مرة يقول إن رئيس الوزراء تعرض إلى "الخطف" وطالب السعودية بتوضيحات عن وضعه الذي يكتنفه الغموض، وقد انضمت واشنطن إلى المطالبين بعودته إلى بلاده.
- 12 نوفمبر/تشرين الثاني
نقلت وكالة رويترز عن مصادر لبنانية أن السعودية قررت إزاحة الحريري عن المشهد السياسي "لأنه لم يكن مستعدا لمواجهة حزب الله" وكشفت تفاصيل بشأن استدعائه للرياض و"إقامته الجبرية هناك".
- قال عون إن المعطيات المتوفرة تجعل كل ما صدر وسيصدر عن الحريري من مواقف أو ما سينسب إليه "موضع شكّ والتباس ولا يمكن الركون إليه أو اعتباره مواقف صادرة بملء إرادة رئيس الحكومة".
14 نوفمبر/تشرين الثاني
دعا الاتحاد الأوروبي الحريري إلى العودة لبلاده، وشدد على ضرورة ألا يكون هناك تدخل خارجي في شؤون لبنان، وهي الدعوة نفسها التي عبرت عنها دول أوروبية على رأسها فرنسا وألمانيا.
- 15 نوفمبر/تشرين الثاني
دعا رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب إلى تمكين الحريري من حرية العودة. وقال أمام الجمعية العامة (البرلمان الفرنسي) إن هذه الاستقالة "تشغلنا لأنها تفتح قوس شكّ يجب إغلاقه سريعا". وقال وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل إنه يرفض تدخل الرياض في بلاده- اعتبر الرئيس اللبناني أن رئيس الحكومة "محتجز" وأن وضعه يعد انتهاكا لحقوق الإنسان، معربا عن استعداده للتفاوض حول استقالة الحريري. وقال عون -أمام المجلس الوطني للإعلام- إن الحريري "محتجز وموقوف في السعودية" مضيفا "نعتبر ذلك عملا عدائيا ضد لبنان".
- دعا ماكرون رئيس الوزراء اللبناني وأسرته إلى فرنسا، وذلك بعد اتصال هاتفي أجراه مع ابن سلمان والحريري. وقال الرئيس الفرنسي إن الدعوة ليست عرضا لمنفى سياسي.
- 17 نوفمبر/تشرين الثاني
- قال الرئيس الفرنسي إنه سيستقبل الحريري في باريس غدا السبت (18/11) بصفته رئيسا لوزراء لبنان، وإنه يتوقع أن يعود بعد ذلك إلى بيروت خلال أيام أو أسابيع.
- الحريري يجري سلسلة اتصالات هاتفية بقادة لبنانيين من مقر إقامته في باريس، ويؤكد لرئيسي الجمهورية والبرلمان مشاركته في احتفالات عيد الاستقلال الأربعاء المقبل (22/11) في بيروت، وبالفعل يعود الحريري إلى بيروت بعد أزمة هددت أمن واستقرار لبنان لأكثر من 14 يوما.
ارسال التعليق