أكذوبة الطاقة الخضراء: السعودية تستورد زيت الوقود بكميات كبيرة
لسد زيادة الطلب على الكهرباء لتوليد المكيفات، تستورد "السعودية" أقذر أنواع المحروقات، وهو زيت الوقود. فقد زادت وارداتها منه إلى أعلى مستوى لها في أكثر من ثلاث سنوات للمساعدة في تلبية الطلب على الطاقة خلال فصل الصيف الحار.
وارتفعت شحنات زيت الوقود في يونيو/حزيران إلى أعلى مستوى لها منذ نهاية عام 2020 على الأقل، ومن المتوقع أن تظل مرتفعة هذا الشهر، وفقًا لبيانات من باحثي السوق كبلر وفورتيكسا. وارتفعت المشتريات، التي تقفز عادةً خلال الأشهر الأكثر سخونة مع تشغيل مكيفات الهواء، بمقدار أربعة أضعاف منذ مارس/آذار إلى حوالي 350 ألف برميل يوميًا، وفقًا للمصدر عينه.
يُعدّ زيت الوقود واحدا من أكثر أنواع "المنتجات القذرة" التي تبقى بعد أن تنتج المصافي وقود النقل مثل البنزين، كما يُباع زيت الوقود في الغالب بأقل من الخام لأنه أثقل وأكثر تلويثًا.
إلى جانب استيراد هذا الصنف المعادي للبيئة، فإن "السعودية" تحرق النفط الخام مباشرة لإنتاج الكهرباء، وهو ما ساهم على الأرجح في انخفاض صادرات البلاد إلى أدنى مستوى لها في 10 أشهر عند حوالي 5.6 مليون برميل يوميًا في يونيو، وفقًا للبيانات التي جمعتها بلومبرج.
وارتفاع درجات الحرارة في البلاد هو الدافع الأول لاستخدام السلبي لمصادر الطاقة النفطية على البيئة، فقد تراوحت درجات الحرارة في الرياض حول منتصف الأربعينيات مئوية هذا الأسبوع، وفقًا لـ AccuWeather، ويمكن أن تتجاوز 50 درجة مئوية (122 فهرنهايت) في الصيف. وتؤدي الحرارة إلى زيادة الطلب على الكهرباء لتشغيل مكيفات الهواء، مما يجبر السعودية بدورها على حرق المزيد من النفط.
التغير المناخي وضعف الدافع الحقيقي داخل الإدارة "السعودية" لمواجهة هذا الأمر مترافق مع مزاعم عزمها التخفيف من ملوثات البيئة، يضعان البلاد أمام وعود مشوَّهة. فسبق أن زعم محمد بن سلمان، عمله على زيادة توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. مدعيا أن بلاده تهدف إلى وقف حرق الوقود السائل لتوليد الطاقة هذا العقد، حيث تستهدف خفض الانبعاثات إلى الصفر بحلول عام 2060.
السعودية معظم زيت الوقود الذي تنتجه العراق والبحرين، كما تستورد شحنات من الإمارات العربية المتحدة. وفي أبريل/نيسان، استأنفت المملكة عمليات الشراء من روسيا بعد توقف دام خمسة أشهر. وتضاعفت الإمدادات من هناك تقريبًا منذ ذلك الحين، رغم أنها لا تزال أقل من مستويات الصيف الماضي.
ومن المتوقع أن تظل واردات وقود الزيت الإجمالية مرتفعة مرة أخرى في يوليو/تموز، حيث تتوقع كل من شركة كبلر وفورتيكسا شراء ما يقرب من 300 ألف برميل يوميًا حتى الآن خلال هذا الشهر.
وكانت منظمة أميركيون من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان فيالبحرين قد تناولت عجز السعودية عن تحقيق مزاعم الطاقة البديلة، فوثّقت في تقرير حديث لها أنه "لم يتم إحراز تقدم يذكر في العقد الماضي لتحقيق أهداف طموحة للطاقة المتجددة، على الرغم من إعلان المملكة المتكرر عنها. على سبيل المثال، نص هدف حديث عن ضرورة توليد المملكة 50% من الكهرباء بالطاقة المتجددة بحلول عام 2030. على الرغم من ذلك، لم يتم توليد سوى 1% من الكهرباء بالطاقة النظيفة في عام 2022. هذا ما يفسر تمامًا لماذا يُعرّف متتبع العمل المناخي الإجراءات المناخية الشاملة للمملكة العربية السعودية بأنها “غير كافية بشكل حاسم”.
وفي السياق، تطرق مركز ستراتفور تقريرا تحدث فيه عن أزمة تغيرالمناخ الذي يضع الحكومة السعودية أمام تحدي مضيها بتنفيذ مشاريع رؤية 2030. التحدّي الأساسي لن يكون افتقارها للمال الكافي لتغطية مضاعفات هذه الأزمة، من تضاعف تكاليف التبريد ومواجهة ارتفاع الحرارة وطول أمد فصل الصيف، لكن بأساليب هذه التغطية المالية التي ستشكل مأزق مستجد لميزانيتها.
وفقا للتقرير الذي أعده المركز، فإن الحكومة التي تنوي أن تغير شكل العقد الاجتماعي مع سكان شبه الجزيرة العربية فتُشرك شيئا فشيئا الاطاع الخاص بدفع فاتورة المعيشة من كهرباء وماء وسواها من الخدمات، وقعت فعليا (الحكومة) بين مطرقة تخليها عن جزء من قبضتها على سيرورة البلاد الاقتصادية وبين سندان التخلي عن هذه الصلاحيات لجهات أخرى ما يهدد سلطتها في وجه من الأوجه؛ سيتم الاستطراد فيه في القادم من التقرير.
كما ذكر التقرير أن تكاليف هذا التحدي أصبحت واضحة وملومسة: فخلال موسم الحج لعام 2024، أكثر من 1300 حاج ماتوا بسبب الإجهاد الحراري في مكة المكرمة حيث ضربت موجة حر بلغت 125 درجة فهرنهايت، أو 50 درجة مئوية، المنطقة. وهذه الحادثة المميتة هي جزء من اتجاه أوسع، يتجاوز الحج إلى كل ركن من أركان البلاد، التي يجب ريها وتبريدها وتقويتها ضد أنماط الطقس غير المنتظمة بشكل متزايد. وهذه التدابير ليست رخيصة، والتكاليف الاقتصادية لتغير المناخ، أكثر من الوفيات، هي التي تشكل تحديًا للسعودية وتحولها الاقتصادي.
ارسال التعليق