إعفاء المستثمرين الأجانب على حساب المواطن
ظهَر مصطلح “السعودة” أو “توطين الوظائف” لأولّ مرّةٍ عام 1975، وهو مصطلحٌ يُشيرُ إلى خطةٍ حكومية تقتضي أن يتم توظيف مواطنٍ مقابل كل 3 موظفين من الأجانب في سوق العمل السعودي. هذه السياسة تهدف لحماية المواطنين من سطوة العمالة الأجنبية الوافدة وضمان توظيف أكبر عدد من أبناء البلد.
اليوم، تقرّر الحكومة السعودية إعفاء المستثمرين الأجانب من نسب السعودة، قرارٌ سينعكس سلباً عل المواطنين الذين يرزحون تحت ثقل البطالة ونقص فرص العمل أصلاً.
وفقاً لآخر الإحصاءات المتعلّقة بالتعداد السكاني، بلغَ عدد المقيمين الأجانب في السعودية نحو 13.38 مليون نسمة، ما يمثل 41.6% من إجمالي عدد السكان البالغ 32.2 مليون. ويستحوذ الأجانب على %74.45 من فرص العمل المتاحة في السوق مقابل %25.54 للمواطنين.
هذه النِسَب تُحتّم ضرورة إعاة النظر في توزيع الوظائف وفرص العمل في السعودية، فمن غير المنصف أن يكون ما عدده 3.770.631 من المواطنين في عداد العاملين، في حين يسيطر الأجانب على الباقي من فرص العمل.
فإذا كان الحال هكذا الآن، كيف سيكون بعد تطبيق إعفاء المستثمرين الأجانب من نسب السعودة؟
إن أهم هدفين لجذب الاستثمار الأجنبي هما توفير فرص العمل للمواطنين بشكلٍ أساسي، ومراكمة الخبرة الكافية لدى اليد العاملة المحليّة. فتوفير فرص العمل للمواطنين ليس الهدف منه الحدّ من أزمة البطالة وإنقاذ الخريجين منها وحماية سوق العمل من هيمنة اليد الأجنبية فقط، بل الهدف الأبعد هو بناء الخبرة الكافية في كل المستويات المهنية، واكتساب التقنية والمهارة والقدرة على تطويرها.
تحقيق هذه الأهداف الاستراتيجية يتطلّب توظيف المواطن بنسبٍ مرتفعة، والحرص على تدريبه واكتسابه الخبرة والكفاءة، وهذا يتمّ عبر تضمين عقود الاتفاقيات بنوداً تُلزِم المُستثمر بتوظيف المواطنين.
إن من حق المواطن أن يستفيد من استثمار الأجنبي لموارد بلده، وفتح باب الاستثمار دون مراعاة شرط توظيف المواطنين بنسب عالية لن يحقق الفائدة المرجوّة والمستدامة، وسيكون مردود هذه الاستثمارات مردوداً عابراً وموقتاً ينتهي بنهاية المشروع ومغادرة المستثمر، وبهذا تبقى الحاجة لغير المواطن مستمرة.
يجب الالتفات إلى أن الهدف الأساس من الاستثمار الأجنبي لا يجب أن يكون جذب رؤوس الأموال، بل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية عبر توطين التقنية وتأمين الوظائف. وهذا يؤكد أن تساهل الحكومة مع شرط توظيف المواطن بنسب عالية، يتناقض مع المصلحة الوطنية المرجوّة من الاستثمار.
انطلاقاً من هذا، وفي ظل تفاقم أزمة البطالة دون حلول، تعيد اللجنة التذكير بمطالبها:
ـ وضع خطة عاجلة وواقعية لحلّ أزمة البطالة وإيجاد فرص عمل
ـ توجيه الشباب الجامعي للاختصاصات المطلوبة في سوق العمل
ـ تنظيم دورات تدريبية لتطوير مهارات الشباب والخرّيجين
ـ التراجع عن قرار إعفاء المستثمرين الأجانب من نسب السعودة
ارسال التعليق