الإصلاحات الكاذبة... تذكرة ابن سلمان الذهبية لفتح باب العلاقات على مصراعيه مع الغرب
واصلت السعودية مسيرة الإصلاحات التي دعا لها ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" وخلال الفترة الماضية بدأت جولة جديدة من التدابير لرفع بعض القيود الاجتماعية، وخاصة فيما يتعلق بالمرأة السعودية، وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن الحكومة السعودية سمحت خلال الفترة الماضية بإقامة ديسكو إسلامي ترفيهي على الطراز الغربي وقبل عدة أيام سمحت الحكومة أيضاً للمرأة السعودية بالسفر خارج البلاد وداخلها من دون محرم ومن دون إذن من ولي أمرها.
ولقد أعلنت السعودية يوم الخميس الماضي عن تعديلات جديدة ترفع بعض القيود عن سفر المرأة، وذلك بالسماح للنساء فوق 21 عاماً، بالسفر خارج البلاد واستصدار جواز السفر دون الحاجة إلى ولي الأمر، وذلك امتداداً لسلسلة من إصلاحات ولي العهد السعودي، وقضت هذه التعديلات أيضاً بالسماح للمرأة بالتبليغ عن المواليد حالها حال الرجل، وجاء في التعديلات تكليف أي من "والدي الطفل" بالتبليغ عن الولادة بعد أن اقتصرت في السابق على "والد الطفل".
وشملت التعديلات إضافة المرأة من ضمن الأشخاص المكلفين بالتبليغ عن حالات الوفاة والزواج أو الطلاق أو المخالعة، في وقت كانت هذه المسؤولية حكراً على الزوج، بعد تعديل مواد في القانون، وكذلك حق طلب الحصول على سجل الأسرة من إدارة الأحوال المدنية.
أهداف "ابن سلمان" من جولة الإصلاحات الجديدة
لقد تمكّنت عائلة آل سعود الحاكمة في السعودية من غرس اُسس التمييز العنصري ضد المرأة في المجتمع السعودي على مدى العقود الماضية وذلك بمساعدة أسرة آل الشيخ الوهابية وتم حرمان المرأة السعودية خلال تلك الفترة من العديد من حقوق المواطنة الأساسية، ولا سيما في مجال الشؤون الاجتماعية والسياسية وبسبب التغيرات الأخيرة في البنية الديموغرافية السعودية، وكذلك نمو الاتصالات العالمية والثورة التكنولوجية في مجال إنشاء تكنولوجيا المعلومات وإنشاء العديد من شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت.
شهدت السعودية، حركة معارضة مكثفة من قبل الناشطين السياسيين والاجتماعيين، ولهذا فإنه يمكن القول أن النهج المزدوج للحكومة السعودية تجاه حقوق المرأة، وتجاه النشطاء الاجتماعيين القابعين في العديد من سجون آل سعود، أدّى إلى إثارة الكثير من التكهنات بأن هذه الاصلاحات الخاصة بالمرأة يكمن خلفها العديد من الاعتبارات السياسية.
وفي سياق متصل، كشفت الناشطة السياسية والاجتماعية/ "لجين الهذلول" بأن السلطات السعودية احتجزت العديد من النشطاء الاجتماعيين والسياسيين في مارس 2019، ووضعتهم في الحبس الانفرادي وعرّضتهم للتعذيب والمضايقة.
ومن جهتها كتبت الناشطة السعودية "علياء الهذلول"، المولودة في بلجيكا، في تغريدة على تويتر توجهت بها للمغني الأمريكي الذي كان من المقرر أن يسافر إلى السعودية لافتتاح مراكز ترفيهية في ذلك الوقت، أن شقيقتها "لجين الهذلول" موجودة في سجن سعودي منذ عام 2018 وجريمتها هي أنها دعمت مع ناشطين آخرين حق قيادة النساء في السعودية وبالطبع سُمح للنساء السعوديات بقيادة السيارات، لكن الناشطين الذين طالبوا بهذا الحق لا يزالون قابعين في السجن.
وفي سياق آخر، تقول الناشطة السعودية "أماني العيسي" والتي تعيش في أستراليا: "إن احتفالات النجوم الغربيين في السعودية تمثل مشكلة لأن الانفتاح الاجتماعي لا يعكس حقيقة حياة النساء السعوديات".
وتضيف "العيسي"، إن المرأة لها دور ثانوي في عملية الانفتاح الحالية وإن ما نراه ليس انفتاحاً اجتماعياً حقيقياً، بل هو مجرد قطاع ترفيهي مرتبط بالانفتاح الاقتصادي ولا يستفيد منه سوى جزء صغير من المجتمع السعودي.
في الواقع، إن إصلاحات "ابن سلمان" قد أحدثت تغييرات جوهرية في الهيكل الاجتماعي والاقتصادي للسعودية، ولكن على الرغم من تقديمها كهدف رئيس لرؤية 2030 السعودية، إلا أن العديد من المحللين والنقاد للحكومة السعودية ولابن سلمان شخصياً يقولون بأن تصرفات وجهود "ابن سلمان" هذه جاءت من أجل جذب الانتباه الغربي واكتساب شعبية بين الشباب في السعودية من أجل تمهيد الطريق لتولي العرش وذلك نظراً لوجود منافسة شرسة بينه وبين "محمد بن نايف" وآخرين من أبناء الأسرة الحاكمة.
الترحيب بـ"ابن سلمان" على أسلوب حقوق الإنسان الأمريكية
أعلن المسؤولون الأمريكيون مراراً وتكراراً دعمهم لهذه الإصلاحات التي يقوم بها ولي العهد السعودي "ابن سلمان"، من دون الإشارة فعلياً إلى عمليات القمع المتواصلة التي يقوم بها داخل وخارج السعودية وقتله للآلاف من اليمنيين الأبرياء ومحاولاته اغتيال المعارضين له في داخل البلاد وخارجها، ونهجه المزدوج فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان والديمقراطية. وفيما يتعلق بالإصلاحات الأخيرة المتعلقة بالمرأة، قامت ابنة الرئيس الأمريكي "إيفانكا ترامب"، بكتابة تهنئة على حسابها في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، للمسؤولين السعوديين على الإصلاحات التي قاموا بها فيما يتعلق بحقوق المرأة السعودية ورفع القيود التي كانت مفروضة على سفرها إلى الخارج وأضافت إن الخطوات الأخيرة التي اتخذتها السعودية في نظام جوازات السفر وقانون الأحوال المدنية تعتبر "خطوة كبيرة للتحرك بالبلاد نحو الأمام".
وقبل يومين، ذكرت مجلة "فانيتي فير" في تقرير لها، أن الرياض واصلت عمليات الاختطاف بحق العديد من معارضيها الذين يعيشون خارج البلاد وقامت بإعادتهم إلى الوطن، وفي العديد من الحالات قامت الحكومة السعودي باغتيال أولئك المعارضين.
وحول هذا السياق، كشفت هذه المجلة بأن "خالد بن فرحان آل سعود"، أمير سعودي يعيش في مدينة "دوسلدورف" الألمانية، و"عمر عبد العزيز" الذي يعيش في كندا، هما من بين الأفراد الذين قالوا بأن الحكومة السعودية حاولت لعدة مرات اغتيالهم ولكنها فشلت.
ووفقاً للتقرير، فإن الأهداف التي تسعى الحكومة السعودية إلى إخراسها، عادة ما تكون تلك التي تنتقد وتعارض سياسات آل سعود القمعية داخل البلاد وخارجها؛ كالمعارضين الإعلاميين، والطلاب، ورجال الأعمال البارزين والأعداء الشخصيين لـ"محمد بن سلمان"، الذين يعيشون حياة غير آمنة داخل السعودية وفي عدد من دول العالم.
ارسال التعليق