السعودية رجعية ونرجسية يجب إيقافها
تعد المملكة السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، صاحبة أحد أسوأ السجلات الدولية عندما يتعلق الأمر بالحريات الدينية والمدنية وحقوق المرأة، ولم يكن هذا الأمر ليحدث فيه تغيير عندما تولى "سلمان"، البالغ من العمر 82 عاما، السلطة، حيث ينظر إليه كشخصية راديكالية.
ومع ذلك فإن الملك فعليا لا يدير البلاد، ومنذ أن صعد إلى العرش قبل 4 سنوات تقريبا، دفع بأبنه "محمد" لإدارة السياسة السعودية.
ومن المؤكد أن هذا محمد أحدث هزات كبيرة في ذلك الملف، حيث بدأ حروبا عبثية خارج المملكة، وأثار أزمة دولية مع كندا، بسبب موقفها ومخاوفها حول حقوق الإنسان في المملكة، ثم جاء القتل المروع للصحفي "جمال خاشقجي" داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ليزيد الأمور سوءا.
وكان من المفترض أن تكون بطانة الفضة لعهد ذلك الأمير هي رؤيته لسعودية حديثة ومنفتحة، لكن تبين أن ولي العهد نرجسي خطر، لا يقبل أن يشارك الأضواء مع الإصلاحيين ذوي التفكير المماثل، ولا يتحمل أن ينسب لهم جزء من الفضل في نقل المملكة من عقلية القرون الوسطى إلى العصر الحديث.
وقد سمح النظام السعودي بقيادة النساء للسيارات، العام الماضي، ولكن قبل نحو شهر من الموعد الفعلي، تم اعتقال ناشطات وناشطين كانوا قد دأبوا لسنوات على الدعوة إلى التغيير، وكانت إحدى هؤلاء المعتقلين هي "لجين الهذلول"، وهي ناشطة سعودية بارزة ظهرت في مؤتمر القمة العالمي الأول للشباب عام 2016 مع "ميغان ماركل".
تسربت أخبار اعتقال "الهذلول" قبل بضعة أيام من زواج السيدة "ماركل" من الأمير "هاري" في بريطانيا.
ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كانت هناك تقارير موثوقة تفيد بأن الناشطين، الذين لم توجه إليهم تهم رسمية بعد، تعرضوا للتعذيب على أيدي السلطات السعودية، وهو ما نفته الرياض.
منطقيا، تبدو السعودية الآن، تحت حكم "سلمان"، مكان يمكن أن يتسبب فيه الاتفاق مع توجهات ولي العهد، إلى سجنك، وضربك، وإيهامك بالغرق، وصعقك بالكهرباء، ولا يزال القتل والتشويه عقوبات شائعة لأولئك الذين يختلفون مع قيادة المملكة، قديما.
إذا أرادت السعودية الجديدة أن تكون مختلفة، فعليها أن تتصرف بشكل مختلف، وهذا هو السبب في أن العرض المقدم من البرلمانيين البريطانيين لمراجعة أوضاع النشطاء السعوديين يجب أن يؤخذ على محمل الجد من قبل المملكة.
يقود النواب المطالبين بذلك الأمر، "كريسبين بلانت"، عضو البرلمان المحافظ الذي دافع عن السعودية من قبل، ومجد المملكة "الحديثة والتقدمية"، وهو يعد صديقا للسعودية.
إن منح هؤلاء "الأصدقاء" حق الوصول إلى الناشطين والناشطات المعتقلين والمعتقلات، والسماح لهم بمقابلة المسؤولين عن احتجازهم، سيكون الخطوة الأولى نحو استجابة مناسبة من جانب السعودية للانتقاد الدولي لسجلها في مجال حقوق الإنسان.
في الحقيقة، هناك الكثير ليتم انتقاده، فالسعودية الجديدة ليست هي بأفضل من السعودية القديمة، بل إنها أسوأ.
في العام الماضي، بدأت السلطات السعودية في السعي إلى فرض عقوبة الإعدام ضد المعارضين غير المتهمين بالعنف، ولهذا السبب لا ينبغي لسياسة المملكة المتحدة أن تضع صفقات التجارة والأسلحة قبل حقوق الإنسان.
إذا كان بيت "سلمان" يريد أن تكون السعودية أكثر ليبرالية وحداثة، فإنه يحتاج إلى عكس مثل هذه السياسات الرجعية والانتقامية، وإلا فإن الحديث لن يكون إصلاح المملكة، ولكن ببساطة عن إعادة تسمية منهجها القديم.
ارسال التعليق