السعودية و “إسرائيل” تكشفان أسرار العدوان الأمريكي على سورية
لم يكن صدفة مسارعة المملكة السعودية وإسرائيل لمباركة العدوان الأمريكي على سورية، بل وإعلان نتنياهو أنه كان على علم مسبق بهذا الهجوم، ما يشكل إعلانا رسميا عن ولادة الحلف الدولي الجديد الذي تتقدمه أمريكا وإسرائيل والسعودية وبعض الدول الأوروبية التي أعلنت “دعمها الكامل” لهذا العدوان.
ويشكل الاعتداء الأمريكي على مطار الشعيرات في ريف حمص نقطة عطف في الصراع بين محور المقاومة، والمحور الإسرائيلي الأمريكي حيث كشف للعلن التنسيق المباشر ليس على الصعيد العسكري فقط وإنما على الصعيد الإعلامي أيضا حيث ظهر جليا التعاون الكامل بين وسائل الإعلام الناطقة بالعربية والمدعومة من محور البترودولار ووسائل الإعلام العبرية والأمريكية، منذ بداية “مسرحية الكيماوي” في خان شيخون، وحتى تغطية التباكي الإسرائيلي الأمريكي الخليجي على ضحايا “المجزرة” التي لم تنتظر أمريكا مجلس الأمن للقيام بالتحقيق ومعرفة المجرم بل قامت بإصدار الحكم وتنفيذه بشكل أحادي مخالفة كل الأعراف والقوانين الدولية.
تخطيط مسبق.. بالتفاصيل: أين ومتى؟
ويؤكد صحة ما سبق، إعلان وزارة الخارجية الروسية أن هذا الهجوم كان مخططا له قبل حادثة خان شيخون، ولكن أين ومتى تم هذا التخطيط؟
ما لم تعلنه الخارجية الروسية هو أن التخطيط للعدوان على سورية جرى خلال اللقاءات التي عقدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، ولقائه بعد ذلك ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع محمد بن سلمان آل سعود.
حيث اتفق ترامب مع نتنياهو في اللقاء الذي تم بينهما بتاريخ 15 فبراير/شباط على تنفيذ عمل عسكري أمريكي على سورية، حيث استعد الكيان الصهيوني للاستفادة السياسية الكاملة منه فوجه نتنياهو رسائله بعد العدوان مباشرة إلى طهران معلنا أنه سيتم تكرار هذا السيناريو ضد من يقف في وجه “الحلف الجديد”.
أما اللقاء الآخر الذي عقده ترامب في 14 مارس/آذار الماضي (أي قبل أقل من شهر)، مع ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع محمد بن سلمان آل سعود خلال مأدبة عشاء، فقد تكفلت فيه السعودية “العضو الممول في الحلف الجديد” بتغطية تكلفة الهجوم على سورية “مهما كان حجمه”.
ماذا بعد؟.. وماهو الرد الروسي؟
من الواضح لأي مراقب أن الإدارة الأمريكية الجديدة تحاول من خلال هذا العدوان أن ترسم قواعد جديدة للحرب في الشرق الأوسط وفي سوريا تحديدا، ما يضع الكرة في الملعب الروسي حيث ينتظر الجميع رد الفعل الروسي بعيدا عن “أهازيل” مجلس الأمن.
لكن ردة الفعل الروسية هي التي ستحدد هذه القواعد، فالقيادة الروسية تقف حاليا أمام خيارين لا ثالث لهما: فإما أن تسكت عن هذا العدوان لتكون بذلك قد فتحت الباب مجددا أمام دخول الحلف الأمريكي الإسرائيلي السعودي إلى المنطقة بقوة من جديد بعد أن كانت اللاعب الأقوى إلى جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الملف السوري، أو أن تتخذ روسيا خطوة فعالة ومؤثرة على الأرض بالتعاون مع الحلفاء تغير من خلالها المعادلة من جديد لمصلحة الدولة السورية في رد قوي على “الحلف الجديد”، وتعيد مراجعة علاقتها مع تركية التي أعلنت بدورها عن أن العملية الأمريكية في سورية “إيجابية” في نقض واضح لاتفاقاتها السابقة مع روسيا.. فهل ستلتفت روسيا للنفاق التركي قبل فوات الأوان؟
تداعيات العدوان..
أما عن اختيار الهدف وتداعياته على الأرض فهو لن يؤثر مطلقا على الحملات التي يقوم بها الجيش السوري ضد الجماعات المسلحة في ريف حماة الشمالي، وإن كان سيضعف نسبيا الجبهة التي يحارب بها الجيش السوري، داعش وخاصة في دير الزور حيث كان مطار الشعيرات يشكل جزأ مهما من الدعم الجوي لقوات الجيش التي تواجه داعش في تدمر وعلى أطراف دير الزور، ويشكل العدوان على المطار دعما أمريكيا مباشرا ومتتاليا لتنظيم داعش الذي تلقى أخيرا هزائم متعددة على أكثر من جبهة في شرق حلب وتدمر ودير الزور.
ولكن هذا العدوان سيفشل مجددا كما فشل الدعم الأمريكي السابق لداعش الذي كان أحد فصوله قصفه لقوات الجيش السوري في جبل ثردة في محيط مطار دير الزور في أيلول الماضي.
ارسال التعليق