بالتفاصيل والأسماء: ’قاعدة اليمن’ من التحالف مع السعودية الى هدف لأميركا!!
لا يكاد يمر شهر إلا وتستهدف أميركا عبر طائرات بدون طيار أو عبر إنزال جوي مسؤولين في "تنظيم القاعدة في اليمن" الذي يتولى حسب التوزيع الذي يعتمده "تنظيم القاعدة" مسؤولية شبه الجزيرة العربية ويطلق عليه "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب".
وقائع :
ربما تكون عملية الإنزال الأميركية الأخيرة ضد "القاعدة" في اليمن إشارة من الادارة الأميركية الجديدة الى أن تدخلها في اليمن سوف يكون أبعد من السابق. وكانت قوة إنزال أميركية نفذّت فجر 29 كانون الثاني الماضي، أول عملية إنزال عسكري بعد تنصيب ترامب رئيساً للولايات المتحدة، أدّت إلى مقتل ثلاثة قياديين من "القاعدة" في جزيرة العرب وهم عبد الرؤوف الذهب وشقيقه سلطان الذهب وسيف النمس وهو أحد مسؤولي القاعدة في محافظة الجوف اليمينة، كان في زيارة لعبد الرؤوف الذهب في بلدة يكلا بمحافظة البيضاء اليمينة، وتعتبر البيضاء والجوف من المحافظات التي تتمتع "القاعدة" فيهما بنفوذ وتواجد عسكري وأمني كبيرين.
ماذا تستهدف امريكا قاعدة اليمن تحديداً؟
تشير مصادر مقرّبة من التيارات السلفية المحاربة، أن "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب هو الجسم الأكثر تماسكاً في كل فروع تنظيم القاعدة عبر العالم، وتقول المصادر السلفية أن التنظيم المركزي للقاعدة بقيادة أيمن الظواهري أصبح بوقاً إعلامياً فارغاً ليس له أي نفوذ فعلي على أي من فروع القاعدة في العالم وبالتالي أصبح الظواهري ظاهرة صوتية لا أكثر، في ظل استقلالية الأطراف التي لا تتواصل مع الظواهري، ومن بقي مع الظواهري في باكستان وأفغانستان هم قلّة، أما بعض التنظيمات المحسوبة على القاعدة فهي تسمع خطاباته فقط عبر وسائل الاعلام دون تواصل بينها وبين الظواهري ومن معه، لصعوبة التواصل فضلاً عن محاولة كل فرع من القاعدة وراثة بن لادن تنظيمياً وعقائدياً".
خصوصية "قاعدة" اليمن :
وتقول المصادر السلفية أن "تنظيم القاعدة في اليمن كان له في أيام أسامة بن لادن خصوصية ميَّزته عن غيره من فروع القاعدة"، وتكشف المصادر السلفية المحاربة أن "أسامة بن لادن أمر الفرع اليمني للتنظيم بعدم القيام بأية عملية في العالم العربي ولا في الخارج، والتركّيز على استهداف القوات الأميركية في اليمن وكانت هذه ميزة الفرع اليمني للقاعدة بسبب قوته وشدّة تماسكه وثقة ابن لادن بقيادة ناصر الوحيشي له". مشيرة الى أن "الوحيشي الملقّب أبو بصير كان الشخصية الأكثر قرباً من ابن لادن وكان سكرتيره الخاص عندما كانا في افغانستان، وقد قتل الوحيشي في غارة امريكية يوم 12 حزيران عام 2015".
وبحسب المصادر فإن "ابن لادن كان قد أرسل الوحيشي الى اليمن لقيادة التنظيم هناك عام 2002 وسُجن سنتين في اليمن قبل ان يتمكن من الفرار من السجن عام 2006 مع 22 عنصراً وقيادياً من أتباعه، حيث تمكّن من تنشيط عمل التنظيم في اليمن بعد مقتل الأمير السابق له سالم سنان الحارثي بضربة جوية أميركية، وفي عهد الوحيشي توحد فرعا القاعدة اليمني والسعودي تحت مسمى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بأمر مباشر من ابن لادن عام 2009 وأصبح الوحيشي أميراً على السعوديين واليمنيين، ما يؤكد أهمية القاعدة في اليمن بالنسبة لاسامة بن لادن.
تراجع تنظيم "داعش" :
وتكشف المصادر المحاربة في حديثها "إن الاستهداف المكثّف لمسؤولي القاعدة في اليمن خلال الأشهر الماضية من قبل أميركا، يعود في سببه الرئيس إلى تراجع تنظيم داعش وظهور مؤشرات انهياره، وهو التنظيم الذي نشأ على حساب القاعدة وتحول الى منافس لها خلال الأعوام الماضية، لذلك بدأ الفرع اليمني للقاعدة العمل للاستفادة من ضعف داعش، ليعيد تمدّده وسيطرته في أكثر من محافظة يمنيه مستغلاً العدوان الذي تشنه السعودية ضد اليمن".
ولم يكن تأثير الوهن الذي يصيب داعش، فرصة فقط لـ "قاعدة اليمن" بل انسحب باتجاه انعاش فروع القاعدة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا. وبحسب المصدر فإن الروح عادت لتدبّ في "فروع القاعدة" في غير منطقة، لتستعيد قوتها ووجودها مستفيدة من الحرب الدولية على داعش والهزائم التي مني بها في معقله في أنبار العراق، فضلاً عن اقتراب الجيش العراقي من إسقاط عاصمة الخلافة الداعشية في الموصل".
ويبدو ان انشغال الأميركيين بالحرب على "داعش" هو ما أعطى الفرصة لنمو القاعدة في اليمن، لكن تبدّل الوقائع الميدانية في العراق أعاد للاميركيين آمالهم بامكانية ملاحقة التنظيم، مستندين الى معلومات متوفرة لديهم في الأصل من خلال العلاقات الاستخباراتية التي كانت تجمعهم.
السعودية.. انقلاب على الحلف :
وتشير المصادر السلفية الى أن "المعلومات التي لدى الأميركيين حول التنظيم في اليمن حصلوا عليها من التحالف السعودي ومن جماعة الرئيس اليمني الفار الى الرياض عبد ربه منصور هادي، اضافة الى ما وفرته مجموعات وشيوخ قبائل محسوبين على داعش يقومون ايضا بالتبليغ عن تحركات وأماكن وجود قيادات الفرع اليمني للقاعدة". وتستدل المصادر على ذلك من الواقعة الأخيرة التي تتعلق باغتيال ناصر الوحيشي التي كانت بسبب المعلومات التي وفرها شيخ قبلي محسوب على داعش ووصلت الى الأميركيين".
وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب ليس بعيدًا عن الحرب الدائرة بين الجيش واللجان اليمنية وقوات التحالف الذي تقوده السعودية، حيث تشير المصادر نفسها الى ان "تنظيم القاعدة تمكن من انهاء وجود داعش في اليمن وأعاد تنظيم صفوفه بدعم من السعودية، بهدف استخدامه في الحرب ضد الجيش اليمني وأنصار الله"، لكن المفارقة التي تشير إليها المصادر أن "هذا التنظيم استخدم هذا الدعم لإعادة احياء المشروع القاعدي الساعي للإمارة والذي يتبناه فرع اليمن".
وتوضح المصادر أن الوقائع التي حصلت في عدن تثبت أيضاً صحة هذه الرواية، فقد دخل مسلحو "القاعدة" الى عدن تحت غطاء جوي من التحالف السعودي ـ الإماراتي، ليسيطروا على المدينة، ثم قاموا بعدد من عمليات التفجير والإغتيالات في عدن، وسيطروا على مناطق واسعة في حضرموت، حيث أعلنوا فيها عن فرض "الزي الأفغاني" وبدؤوا بجباية الضرائب، كما نشرت القاعدة قوات في مناطق من محافظتي شبوة وأبين، وكان ذلك كافياً لفك التحالف بينها وبين السعودية والإمارات في اليمن.. وبالتالي إعادة التنظيم الى دائرة الاستهداف الأميركي العسكري ووضعه تحت الملاحقة الأمنية من أجهزة الاستخبارات السعودية والإماراتية والقطرية.
في هذا تقول المصادر السلفية أن "التحالف السعودي حصل على معلومات ثمينة عن القاعدة خلال فترة دعمه لها في بداية العدوان السعودي على اليمن قبل عامين، وأن نقل هذه المعلومات إلى الأميركيين ما مكّنهم من قتل قيادات التنظيم تباعاً، حيث قتلت طائرة امريكة بدون طيار خليفة القيادي الميداني والعسكري الأهم في تنظيم القاعدة في اليمن المدعو جلال بلعيدي يوم 4 شباط عام 2016، وبلعيدي كان أكثر نفوذا وقوّة من أمير التنظيم في جزيرة العرب اليمني قاسم الريمي المنحدر من محافظة ريمة، وقد أدى مقتل جلال بلعيدي الى صراع على القيادة في القاعدة حيث بايع عناصر القاعدة من أبناء محافظة أبين شقيقه وليد بالعيدي الملقب ابو وليد المرقشي، بينما بايع فرع صنعاء وعدن القيادي أبي أنس الصنعاني ورفض جماعة أبين هذا الأمر ولم يستطع أمير تنظيم القاعدة في جزيرة العرب قاسم الريمي تسوية الخلاف بين الطرفين لحدّ الآن، ويتهم فرع أبين في تنظيم قاعدة اليمن امير القاعدة في جزيرة العرب قاسم الريمي بالضعف والوهن.
في السياق، نفت المصادر السلفية في حديثها ان "يكون جلال بلعيدي قد بايع تنظيم داعش، كما نقلت مواقع اعلامية قبل عامين، وقالت ان بلعيدي بقي على بيعة تنظيم القاعدة وقد أعلن في شريط بث على اليويتوب ان تنظيم القاعدة هو من "حرر" عدن ولحج وأبين وأن دخول عناصر القاعدة للمكلا ساعد في امداد جميع الجبهات التي تقاتل فيها قوات هادي بالسلاح والعتاد".
بقلم : نضال حمادة
ارسال التعليق