بعد تدخل ترامب.. هل تنتهي الحرب النفطية بين روسيا وآل سعود؟
التغيير
بعد موجة الانخفاض الهائلة، وانتشار التوقعات بحدوث خسائر كبيرة لميزانيات الدول الخليجية، عاد نجم أسواق النفط إلى الارتفاع من جديد بنسبة 30%، مع إطلاق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توقعات بإنهاء روسيا وآل سعود حرب الأسعار بخفض الإنتاج، ودعوة الرياض لاجتماع "أوبك+".
وحلق النفط عالياً بعد الأنباء الواردة من البيت الأبيض حول وجود اتفاق سعودي روسي، إذ وصل برنت بحر الشمال إلى 36.29 دولاراً للبرميل، قبل أن يثبت عند سعر 30.82 دولاراً للبرميل أي بارتفاع 25%، وارتفع نفط غرب تكساس المعياري إلى 27.39 للبرميل، وثبت عند 25.47 دولاراً أي بارتفاع 25.4%.
وخلال الساعات الماضية، أجرى ترامب اتصالاً هاتفياً بمحمد بن سلمان، نوقش خلاله عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وأبرزها أوضاع أسواق الطاقة في العالم.
كذلك قال ترامب في تغريدة له على "تويتر"، الخميس 2 أبريل 2020، إن بن سلمان تحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، متوقعاً أن يخفض الطرفان ما يقرب من 10 إلى 15 مليون برميل.
وقبل إجراء الاتصال دعت الرياض، حسبما ذكرت "واس"، إلى عقد اجتماع عاجل لدول "أوبك+" ومجموعة من الدول الأخرى؛ بهدف السعي للوصول إلى اتفاق عادل يعيد التوازن المنشود للأسواق البترولية.
وتأتي هذه الدعوة -بحسب "واس"- في إطار "سعي المملكة الدائم لدعم الاقتصاد العالمي في هذا الظرف الاستثنائي، وتقديراً لطلب فخامة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب، وطلب الأصدقاء في الولايات المتحدة".
نظرة تشاؤمية
ودارت حرب نفطية بين آل سعود أكبر مُصدِّر للنفط في العالم، وروسيا ثاني أكبر المصدرين، في الأسابيع الماضية، بعد فشل مجموعة الدول المصدرة "أوبك" بقيادة المملكة، والدول النفطية خارجها بقيادة موسكو، في الاتفاق على خفض الإنتاج.
ودعت حكومة آل سعود، خلال اجتماع بفيينا في مارس الماضي، إلى خفض إضافي بمقدار 1.5 مليون برميل؛ لمواجهة التراجع الكبير في الأسعار؛ على خلفية انتشار فيروس "كورونا المستجد"، لكن روسيا رفضت.
وردّاً على الموقف الروسي خفّضت سلطات آل سعود أسعار النفط المطروح للبيع لديها إلى أدنى مستوياتها في 20 عاماً؛ في محاولة للاستحواذ على حصّة كبيرة في السوق، وهو ما أثار اضطرابات بأسواق الطاقة وحرب أسعار.
وتريد حكومة آل سعود من هذه الدعوة، وفق تأكيداتها، الوصول إلى اتفاق في مجموعة (أوبك +) لإعادة التوازن في سوق النفط، حيث قامت بحشد التأييد لذلك، إلا أنه تعذر الوصول إلى اتفاق لعدم الحصول على الإجماع.
وترى موسكو أن خفض الإنتاج إلى أقل من 11 مليون برميل يرفع الأسعار، لكن المستفيد الأكبر هو أمريكا التي تبيع نحو 13 مليون برميل، ومن الممكن أن تزيد الكمية، مستغلةً تراجع إنتاج موسكو حتى تستحوذ على الأسواق وتُبرم عقوداً جديدة وتحقق أرباحاً أكبر.
في المقابل، يبدو أن سياسة آل سعود النفطية أحدثت أضراراً أكبر لحليفتها الولايات المتحدة الأمريكية وليس لروسيا، إذ أغلقت الشركات الأمريكية، عقب قرار الرياض إغراق السوق، 40 منصة إنتاج للنفط الصخري حتى نهاية الأسبوع الماضي، لتصل إلى 624 منصة.
المختص الاقتصادي سالم الكعبي، يضع نظرة تشاؤمية حول أسعار النفط رغم الارتفاع الكبير الذي حققته خلال الساعات الماضية بعد اتصال ترامب مع بن سلمان، ودعوة آل سعود إلى عقد اجتماع عاجل لدول "أوبك+" ومجموعة من الدول الأخرى.
ويستبعد الكعبي، استجابة الدول المنتجة للنفط في خفض الإنتاج، خاصة روسيا، وذلك لأسباب أولها أن تخفيض الإنتاج لن يقلل المعروض، إضافة إلى انخفاض الطلب العالمي بمقدار 30 مليون برميل، بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد.
ولن تستطيع منظمة أوبك كذلك تخفيض إنتاج النفط- كما يؤكد الكعبي- أكثر من 10 ملايين برميل يومياً، وفي حالة تم ذلك فستبقى الأسعار منخفضة كما هي حالياً بالأسواق، مع عدم وجود أي تحسن على الطلب المحلي والعالمي على مشتقات النفط.
وحول خطوة الرئيس ترامب وتطميناته للعالم بخفض إنتاج النفط ووقف حرب الأسعار بين روسيا وآل سعود، يستبعد المختص الاقتصادي أن تؤتي هذه الخطوة ثمارها مدة طويلة الأمد؛ وستواصل الأسعار تراجعها.
ويتحكم في أسعار النفط، كما يوضح الكعبي، الطلب العالمي، وفي حال لم يشهد زيادة فلن ترتفع الأسعار.
وتحتاج أسعار النفط للعودة إلى طبيعتها - وفق الكعبي - إلى ما بين 3 إلى 4 أشهر، وذلك إذا ما انتهت أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد.
إنقاذ السوق
وكالة "رويترز" كانت قد نقلت، في 1 أبريل 2020، عن مسؤولين أمريكيين أن هناك فكرة لإقامة تحالف مع آل سعود من أجل إدارة سوق النفط العالمية.
وقررت الإدارة الأمريكية في الشهر الماضي تعيين ممثلة خاصة لشؤون الطاقة في الرياض من أجل التنسيق بين البلدين بشأن سوق النفط.
وبحسب "رويترز"، فإن الإدارة الأمريكية تتجه نحو التفاوض مع آل سعود لكبح صدمة الأسعار التي تهدد بإفلاس الشركات، وتسريح الآلاف من عمال النفط والغاز قبيل الانتخابات الرئاسية، في نوفمبر المقبل.
كارولين كيسان، أستاذة الشؤون العالمية في مركز الشؤون العالمية بكلية الدراسات المهنية بجامعة نيويورك، تصف المرحلة الحالية لأسعار النفط بأنها فترة تدمير تاريخية لأسعاره، لم يسبق لها مثيل في عمقها وسرعتها.
وانخفض الطلب على النفط، حسب مقال لكيسان بصحيفة "ذا هيل" الأمريكية، بملايين البراميل يومياً، بخسارة 10.5 مليون برميل يومياً في مارس الماضي، في غضون ثلاثة أشهر.
يتوقع المحللون - كما تقول كيسان - أن يكون الوضع أصعب، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن السقوط الحر يتراوح بين 18 و20 مليون برميل، وربما أكثر، خاصة مع استمرار انتشار فيروس كورونا المستجد.
وأدت زيادة إنتاج النفط إلى سقوط حر لأسعاره، حيث خسر أكثر من 60% من قيمته، مع انخفاض النفط الأمريكي إلى ما دون 20 دولاراً للبرميل، حسب كيسان، مشيرة إلى أن "قرار روسيا بعدم المشاركة في خفض الإنتاج يهدف إلى معاقبة النفط الصخري الأمريكي".
وتدعم الحرب النفطية الأخيرة النظرية القائلة بأن السعوديين على استعداد للعمل كصانع قرار وحيد عندما يتعلق الأمر بالأسعار والإنتاج.
صلاح خاشقجي المحلل الاقتصادي السعودي، ذهب في المقابل إلى أن الاقتصاد العالمي بحاجة إلى اتفاق نفطي واسع يعيد التوازن للسوق، وليس أدل على ذلك من الطلب الأمريكي، داعياً إلى أن يأخذ الاتفاق النفطي الجديد في الحسبان التكلفة البيئية لمختلف أنواع النفوط.
ويرى خاشقجي، في تغريدة له، أنه ليس من العدل تسعير النفط الصخري بنفس آلية النفط التقليدي وهو الأقل تلويثاً للبيئة في استخراجه.
ارسال التعليق