من الإعلام
تقارير غربية تسأل: إشكال عائلي أم شرارة حرب كبرى؟
حاولت معظم المقالات الغربية أمس توضيح ما جرى في الخليج العربي في الأيام الماضية، وسط تفاعل قضية عزل قطر من قبل السعودية والإمارات والبحرين. بعض التقارير ادّعت امتلاك الجواب الشافي حول أسباب الخطوة السعودية المفاجئة، فيما أجمعت التحليلات على نقاط ثابتة، أبرزها أن ما حصل هو أحد ارتدادات زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة للمملكة.
«زيارة ترامب الأخيرة (للسعودية) أعادت العلاقات إلى سابق عهدها بين الشريكين التاريخيين (...) فبعدما شعرت السعودية بأنها مقصوصة الجناحين خلال العهد الثاني لباراك أوباما، حيث قوبلت كلّ شكاوى الرياض وأبو ظبي ضد أداء قطر بالصدّ، رأت المملكة أخيراً أن الأمور عادت إلى نصابها مع واشنطن، فما كان منها سوى أن طلبت من حلفائها تبنّي أجندتها السياسية، خصوصاً في ما يتعلق بإيران والإخوان المسلمين»، شرح مراسل صحيفة «ذي غارديان» البريطانية في الشرق الأوسط. قطر من جهتها «لم تلعب وفق القواعد الخليجية نفسها، تحديداً في ما خصّ العلاقة مع إيران والإخوان المسلمين»، أضاف المراسل مشيراً إلى «هوس السعودية والإمارات العربية بخطر الإخوان على حكمهم».
إذاً، حسب «غارديان» «كانت السعودية تنتظر، منذ عهد أوباما الوقت المناسب» لتعيد سيطرتها السياسية على منطقة الخليج، وها هي تتحيّن فرصة عودة «الزمن السابق مع واشنطن» لتحقق ذلك «في ظلّ شعورها بالتهديد من قبل إيران بعد المكاسب التي حققتها الأخيرة في المنطقة». تلك الأفكار تكررت في تحليلات صحافية أخرى، مع التركيز على «إدراك الدوحة أنها لا يمكنها التخلّي عن علاقاتها بجيرانها» وعلى «صعوبة أن تنحني قطر مجدداً إلى سيّد بعد أن قدّمت نفسها لاعباً أساسياً في كافة الشؤون». لكن سايمن هندرسون ذهب إلى أبعد من ذلك في مقاله في «فورين بوليسي»، حيث شبّه ما جرى قبل يومين «بالشرارة التي أطلقت الحرب العالمية الأولى»! إذ رأى الكاتب أن «هدف السعودية والإمارات العربية الشكلي هو قطر، لكنهما طالما كانا ينتظران الحجّة لشنّ حرب على إيران... وقد تكون هذه الحجّة المناسبة». لذا، يدعو هندرسون إدارة ترامب إلى التدخل سريعاً لتهدئة الأوضاع «لأن أي ضغوط من السعودية تدفع قطر إلى أحضان طهران لن تكون في مصلحة أحد». أما صحيفة «ذي فاينانشل تايمز» فقد انفردت برواية خاصة ربطتها بالأزمة الخليجية ــ الخليجية الأخيرة. الرواية تتحدّث عن «دفع قطر فدية بمبلغ مليار دولار مقابل تحرير أفراد من عائلتها الحاكمة كانوا في رحلة صيد واختطفتهم في العراق كتائب حزب الله». ويقول التقرير إن «ما أغضب السعودية وحلفاءها دفع الدوحة فدية إلى جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة تقاتل في سوريا وإلى رجال أمن إيرانيين». وتنقل الصحيفة عن دبلوماسيين لم تسمهما قولهما إنهما يعتقدان أن «محفز اختطاف القطريين كان لإعطاء حزب الله وإيران ذريعة للتفاوض لإطلاق سراح مقاتلين شيعة محتجزين لدى جماعة فتح الشام (النصرة) في سوريا».
من جهتها أبدت بعض التقارير الأميركية مفاجأتها بالخطوة السعودية ــ الإماراتية، خصوصاً بعد أن «شددت زيارة ترامب على توحيد الصف الخليجي الحليف». «هو، بالنهاية، إشكال عائلي بين أولاد مدلَّلين» يقول المحلل حسني عبيدي في تقرير صحيفة «ليبيراسيون» الفرنسية، ويشير إلى أنّ «قطر دعمت منذ الربيع العربي الإسلام السياسي في دول عديدة كبديل من الديكتاتوريات السابقة، بينما تريد السعودية أن تُنسي العالم تاريخها الداعم للحركات السلفية الذي شكّل مهد المتطرفين». عبيدي يضيف أنه في «خضمّ انطلاق السعودية لتأسيس حلف جديد ضد إيران جاءت قطر لتعيد خلط الأوراق»، إذ «يمكن المملكة الوهابية أن ترى في أي خطوة قطرية إيجابية تجاه إيران سبباً لإعلان حرب».
ارسال التعليق