خيارات الغضب الأمريكي من السعودية بعد خفض إنتاج النفط
استعرضت "كيرستن فونتينروز" الخبيرة في الشؤون الأمنية والسياسية المتعلقة بمنطقة بالشرق الأوسط، الخيارات المتاحة أمام الولايات المتحدة للرد على قرار تحالف "أوبك+" بقيادة السعودية وروسيا، بخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا اعتبارا من الشهر الجاري.
ورأت "فونتينروز" المديرة السابقة لمنطقة الخليج في مجلس الأمن القومي الأمريكي، أن معظم الخيارات الأمريكية للرد على خطوة "أوبك+" والتي قد تقوم بخفض جديد للإنتاج خلال اجتماعها القادم في ديسمبر/كانون ثان المقبل، لها سلبيات خطيرة للولايات المتحدة.
وأوضحت أنه بعد قرار "أوبك+" بدأت واشنطن في البحث عن خياراتها لاستهداف السعودية، وتم إجراء سلسلة من المحادثات تتعلق بالدعاوى القضائية المستندة إلى هجمات11 سبتمبر/ أيلول 2001.
كما تم بحث حظر مبيعات الأسلحة، وإزالة أنظمة الدفاع الجوي (باتريوت) من شبه الجزيرة، وتشريعات "نوبك"، والتي يمكن أن تفتح الباب أمام إجراءات قانونية لتفكيك منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" والذي تقوده السعودية.
وعقبت "فونتينروز" أن الكونجرس لا يتفق على الكثير من المقترحات المذكورة، ولكن ثمة دعم من أعضائه على تلقين ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" درسا، كما ثبت في مايو/ أيار، عندما أقرت لجنة مجلس الشيوخ مشروع "نوبك".
ورأت الخبيرة الأمريكية، أن معظم الخيارات الأمريكية المتاحة لها سلبيات خطيرة على الولايات المتحدة، مستشهدة بتشريع "نوبك" والذي يهدف لرفع الحصانة عن "أوبك"، والذي تلجأ إليه واشنطن في كل مرة تنزعج فيها من الرياض.
وأضافت أنه برغم خشية السعودية من أن يصبح "نوبك" قانونا، إلا أنها في الوقت ذاته استعدت لهذا السيناريو، إضافة إلى أن قانون "نوبك" ذاته سيخلق بالتأكيد عدم استقرار في سوق النفط.
وتابعت: "إلى جانب ذلك، لا توجد أي ضمانات بأن تفعيل نوبك سيؤدي إلى تفكيك أوبك ولكن دعنا نقول إنه نجح بتفكيكها".
وعقبت بأن تفكيك "أوبك" في المستقبل القريب لن يغير قدرة السعودية على رفع أسعار النفط، وذلك بسبب أن المملكة، هي الدولة الرئيسية في تأرجح أسعار النفط في العالم.
وفيما يتعلق بمبيعات الأسلحة الأمريكية المعلقة للسعودية، فإن الخبيرة الأمريكية تعتبر ذلك واحدة من العوامل القليلة التي تمتلكها واشنطن في الوقت الحالي للرد على الرياض بعد خفض إنتاج النفط.
وذكرت أن بعض المشرعين الأمريكيين يجادلون بأن وقف هذه المبيعات قد يغير رأي الرياض بشأن علاقتها مع موسكو.
وأضافت أن هذه المبيعات مخصصة للذخائر الدفاعية التي تم تحميلها على طائرات مقاتلة من طراز (F-16) وفي بطاريات باتريوت للدفاع عن المملكة ضد الهجمات المستمرة بطائرات بدون طيار والصواريخ من الجماعات الموالية لإيران.
وعقبت الخبيرة الأمريكية أنه كنتيجة غير مقصودة ولكنها في نفس الوقت إشكالية، فإن وقف مبيعات الأسلحة للسعودية التي وافق عليها "بايدن" في أغسطس/آب من شأنه أن ينقل الرسالة مفادها “نحن ندين السياسة السعودية، لكننا ندعم السياسة الإيرانية".
وإضافة إلى ذلك تقول "فونتينروز"، فنظرا إلى أن الولايات المتحدة أثارت احتمال منع مبيعات الأسلحة إلى المملكة طوال مدة الإدارة الحالية، فإن القيام بذلك الآن لا يرسل رسالة قوية كما يريد مؤيدي هذه الإجراء.
وأشارت المسؤولة السابقة بمجلس الأمن القومي الأمريكي، إلى أنه من المحتمل أن الرياض توقعت أن يتخذ الكونجرس تحركات في هذا الاتجاه، وقد عملت سيناريوهات محتملة عدة مرات من قبل، وفي بعض الحالات لديها إمكانية عودة الموردين البدلاء.
وذكرت أن السعوديين يتابعون السياسة الأمريكية والاقتصاد والرأي العام الأمريكي عن كثب، أكثر بكثير مما تتبع واشنطن نهج المملكة.
ورغم تلك السلبيات رأت الخبيرة الأمريكية، أن واشنطن يجب أن تعيد تقييم علاقات مع الرياض وفقا لتعهد "بايدن" ولكن لا ينبغي أن يشمل ذلك جميع المستويات وليس فقط مجال الدفاع.
وأوضحت أن المراجعات الأمريكية يجب أن تشمل مجالات مثل المياه والأمن الغذائي؛ التعليم؛ طاقة متجددة؛ تطبيق القانون؛ حقوق المرأة؛ حقوق الإنسان والمدنية والصحافة؛ الاتجار والتمويل غير المشروع؛ والحفاظ على الثقافة
وعقبت سيكشف بلا شك بعض الملاحظات المنخفضة ولكن العديد من الملاحظات العالية التي سيجدها العديد من المسؤولين في كلتا العاصمتين مفاجئة ومفيدة في تحديث سياسة الولايات المتحدة تجاه السعودية.
وأضافت "فونتينروز" أن الاتفاقيات التي وقعها الرئيس بايدن خلال زيارته الصيفية إلى المملكة توفر قائمة قوية من القطاعات التي سيخلق التعاون فيها قيمة لكلا البلدين، لذلك تم القيام ببعض الأعمال القانونية في هذا الصدد.
سيكون الناتج عبارة عن مسودة إطار عمل لا يعتمد على معاملة لتأمين هدفين حاسمين فرديين (الطاقة من أجل الأمن)، ولكن على مجموعة من الأهداف المشتركة الحاسمة لكلا العاصمتين.
وأضافت هذه موجودة بالفعل: كلا البلدين لهما مصلحة في انتقال سلس للطاقة، والأمن والاستقرار الإقليميين، والتدفق الحر للتجارة، وتسخير التكنولوجيا لدفع عجلة التنمية. يجب أن يعتمد عمل الحوار على الاعتراف بأن كل بلد يمكن أن يتحرك بشكل أسرع وأبعد في شراكة مع الآخر.
وأضافت أنه يمكن لإدارة بايدن أيضا تحويل بعثة الولايات المتحدة للتدريب العسكري في السعودية إلى مكتب تعاون أمني قياسي تحت إشراف كبير مسؤولي الدفاع في وزارة الدفاع السعودية (كما تمت مناقشته منذ عام 2015 على الأقل).
وأيضا تقليص عدد الموظفين اللازمين لإدارة قضايا المبيعات العسكرية الأجنبية (FMS)، وإعادة توزيع أفراد الإدارة المتبقية إلى مواقع أخرى.
هذا من شأنه أن يقلل من عدد أفراد وزارة الدفاع في السعودية، وهو فوز لأعضاء الكونجرس من كلا الحزبين الذين يضغطون على بايدن لتقليص دعم الجيش الأمريكي السعودية. ومن شأنه تحديث هيكل التعاون الأمني الأمريكي في المملكة، وهو فوز لوزارة الدفاع.
ارسال التعليق