مآلات وانعكاسات عودة ترامب على التطبيع السعودي الإسرائيلي
سارع كيان الاحتلال الإسرائيلي وأغلب دول الخليج إلى مباركة فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وتسابق ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع نفسه ليكون بين أول المتصلين به، ولعله ترحيب وتهليل تبرره العلاقة الجامعة بينهم، بفعل القرارات والتقارب التي شهدته فترة ولايته السابقة بين عامي 2016 و2020.
ورغم أن كيان الاحتلال الإسرائيلي لن يتأثر عملياً بمن يصل إلى البيت الأبيض أكان جمهوريا أم من الديمقراطيين، إلا أن تجربته مع ترامب كان لها نتائج وتبعات على مشاريعه التطبيعية، وخلال الفترة الرئاسية السابقة تمكن ترامب من منح الاحتلال العديد من المميزات بينها: "الاعتراف بالقدس كعاصمة للكيان الصهيوني، ونقل سفارة بلاده من "تل أبيب" إلى القدس، وإيقاف تمويل الأونروا، وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن عام 2018. أضف إلى ذلك، الإعلان عام 2020 عما يسمى "اتفاقيات أبراهام" والتوصل إلى صفقة القرن، هذه الصفقة التي أراد منها دمج الكيان في المنطقة عبر توثيق علاقاته دبلوماسيا مع بعض الدول العربية، وفي مقدمتها دول الخليج، والعين كانت على "السعودية"، حيث السعي لا يزال حتى اليوم قائما من أجل إخراج العلاقات من السر إلى العلن، وتوثيقها باتفاق رسمي.
وأما عن دول الخليج، فإن عودة ترامب إلى البيت الأبيض، تقع في صالحها، وعلى وجه الخصوص في "السعودية"، هنا يرى الصحفي آرييل أوسرين، أنه "من الواضح أنهم(النظام السعودي) يفضلون "أبو إيفانكا"، عازياً ذلك إلى تركيز ترامب على الأمن القومي والازدهار الاقتصادي، وهو ما يجعله المرشح المفضل على كامالا هاريس، التي يُنظر إليها على أنها خليفة إدارة بايدن".
من هنا، وبُعيد فوز ترامب، تتجه الأنظار نحو صفقة التطبيع بين الكيانين السعودي والإسرائيلي، فيما يرجّح الكثير من المراقبين أن يؤدي قدومه إلى البيت الأبيض إلى دفع الصفقة قدماً بتجاوز لما يُروّج له منذ أكثر من عام عن "حل للدولتين" مقابل إتماما الصفقة، بصرف النظر عن رغبة وإرادة الفلسطينيين. ولعل هذا الملف، سيكون ثقل ما ستعمل عليه الإدارة الجديدة القديمة في المنطقة منطلقة من إحدى أدواتها والمتمثلة بالنظام السعودي.
في سياق متصل، نقل موقع "بريكينج ديفينس" عن خمسة خبراء قولهم "إنهم لا يرون طريقا سهلا للمضي قدما في مثل هذا الاتفاق، بغض النظر عن مدى سعي الرئيس الأميركي الجديد لتشجيعه ــ على الأقل حتى تنهي إسرائيل عملياتها في غزة"، وفق تعبيرهم، ولقت أحد الخبراء إلى أن السعودية ستخوض مخاطر كبيرة في حال أعلنت التطبيع وقت يتم فيه بث صور الموت والدمار في فلسطين على الهواء مباشرة على مدار الساعة.
ووفق المستشار الاستراتيجي في شركة مكلارتي أسوشيتس ومدير معهد الشرق الأوسط محمد سليمان، فإن السعي إلى التطبيع بين الكيانين هو "أولوية حزبية" يجب أن تتحقق بغض النظر عن الفائز في الانتخابات، لكنه أيضًا شكك في إمكانية حدوث أي شيء في أي وقت قريب، معتبراً أن "الوضع في غزة ومساره سوف يلعبان دورًا أساسيًا في تشكيل آفاق أي اتفاق تطبيع محتمل، والتأثير على كيفية التفاوض عليه، وجداوله الزمنية، ومعاييره. ومن الصعب تقييم ما إذا كان هذا ناجحًا أم لا في الوقت الحالي".
تحليلات تتحدث عن أن أهداف ترامب ورؤيته للمنطقة ومصالحه فيها، تدعمهما علاقاته وتقاربه مع تلك حكومة اليمين المتطرف الصهيونية والأنظمة الخليجية، من حيث الميل المفرط لتحقيق "الإنجازات" بأي أثمان، ومن غير المُستبعد التقدم في التطبيع مع محمد بن سلمان، قبل تنفيذ ما تحاول السعودية الترويج له حاليا عن شرط إقامة "دولة فلسطينية" على أراضي الـ67، وفق زعمها.
ارسال التعليق