ما سر فشل آل سعود في إقناع روسيا بخفض إنتاج النفط؟
التغيير
تلقت أسواق النفط ضربة قاصمة في نهاية تداولات الأسبوع، وسجلت أسعار الخام، الجمعة، أسوأ أداء يومي منذ 11 عاما، بعد فشل آل سعود ودول منظمة أوبك في إقناع روسيا بخفض إضافي للإنتاج، بعد اتفاق استمر ثلاث سنوات تحت مظلة ما يسمى "أوبك+".
وفي أكبر انخفاض يومي منذ كانون الأول/ديسمبر 2008، هبطت أسعار خام برنت 9.4 بالمئة عند التسوية، وبلغ سعر البرميل 45.27 دولارات، بانخفاض قدره 4.72 دولارات.
كما هبط خام غرب تكساس 10.1 بالمئة، مسجلا 41.28 دولار للبرميل، وهو أقل مستوى إغلاق منذ آب/ أغسطس 2016، وأكبر خسارة يومية بالنسبة المئوية منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2014.
وأرجع خبراء في مجال النفط والطاقة، سبب انهيار أسعار النفط إلى رفض روسيا مقترح آل سعود ودول منظمة أوبك بخفض إضافي للإنتاج بـ1.5 مليون برميل حتى نهاية العام، رغم الجهود التي بذلتها الرياض لإقناع موسكو بالموافقة على المقترح.
"دوافع الرفض"
وقال الخبير الاقتصادي، والمهتم بشؤون النفط والطاقة، مصطفى بازركان، إن سلطات آل سعود نجحت في إقناع دول أوبك بضرورة تعميق خفض الإنتاج الحالي. لكن ذلك لم يقنع روسيا أكبر المنتجين من خارج أوبك.
وحول سبب فشل الرياض في إقناع موسكو بتعميق خفض إنتاج النفط، أوضح بازركان، خلال حديثه أن القرار الروسي يعتمد على شركات نفطية خاصة وليس قيادة بوتين السياسية.
وأضاف: "لو عدنا إلى سنتين ماضيتين لعرفنا أن التوافق الروسي مع قرارات أوبك لم تكن تامة، وكانت روسيا تعد بالالتزام وبعدها تقدم الأعذار وتؤخر التزامها لشهور. بمعنى أن روسيا كانت المستفيد الأكبر من ارتفاع الأسعار مع خفض إنتاج أوبك".
وتابع: "المعضلة الرئيسية هي حصص الإنتاج للمنتجين من أوبك وخارجها"، مؤكدا أن أي تراجع في الحصص سيسيطر عليها النفط الصخري الأمريكي الذي يمثل الضلع الثالث لمثلث المنتجين إلى جانب أوبك والمنتجين من خارجها.
وتوقع بازركان أن تتراجع أسعار النفط، معللا ذلك بأن السوق كانت تتوقع تعميقا بحدود مليون ونصف برميل يوميا.
وأردف: "الأسواق بانتظار قرار آل سعود إما أن تتحمل أغلب كمية الخفض باعتبارها المنتج المرن في أوبك، أو تغير سياستها للحفاظ على حصتها من الأسواق فتتراجع الأسعار على أمل إخراج النفط الصخري الأمريكي من المعادلة النفطية. وذلك يحتاج فترة غير قصيرة، إلى جانب تراجع الطلب على النفط بسبب انتشار فيروس كورونا".
"محرك السوق"
وفي المقابل، اعتبر الخبير في شؤون النفط والطاقة، نهاد إسماعيل، أن تراجع أسعار النفط سببه الرئيس انهيار الطلب الصيني بنحو 25 بالمئة، لافتا إلى أن الصين تستهلك 13 ونصف مليون برميل يوميا، ما يعني أن الطلب الصيني تقلص إلى تسعة ملايين برميل يوميا، بسبب انتشار فيروس كورونا.
وأضاف إسماعيل خلال حديثه أن رفض روسيا المقترح السعودي بتعميق إنتاج النفط ساهم أيضا في تراجع أسعار النفط. لكنه أكد أن الطلب الصيني هو من يحرك الأسواق والأسعار وليس تخفيضات أوبك وحلفائها.
وتابع: "المؤسف أن دور أوبك وتأثيرها لم يعد العنصر الأهم في تحريك أسعار النفط"، متوقعا أن تتعافى أسعار النفط إلى مستويات بين 58 و63 دولار للبرميل حال تم احتواء فيروس كورونا والقضاء عليه، وانتعش اقتصاد الصين واليابان وعاد الطلب إلى ما قبل انتشار كورونا.
ومن ناحيته، قال أندرو ليبو من مركز "كوموديتي ريسرتش غروب"، وفق وكالة الأنباء الفرنسية، إن رؤية روسيا تختلف تماماً عن رؤية آل سعود والأعضاء الآخرين في أوبك، لافتا إلى أن الاقتصاد الروسي، يعتمد على النفط بمستوى أقل من الأعضاء في أوبك.
"أولويات الروس"
وأوضح أن الأولوية بالنسبة لروسيا، ثاني أكبر منتج للنفط بعد الولايات المتحدة، تكمن أيضا بعدم تقديم تنازلات للخصم الأمريكي الذي يستخرج يوميا أكثر من 13 مليون برميل نفط ويصدر ما بين 3 و4 ملايين برميل يوميا.
وأكد جون كيلدوف من مؤسسة "أغين كابيتال" الأمريكية للاستثمارات البديلة، أن "الروس قرروا اعتماد سياسة الأرض المحروقة. يقولون إن لا سبب لديهم لدعم المنتجين الأمريكيين".
وفي ظل هذه الظروف، قد يبقى فائض الإنتاج في سوق النفط قائما خلال الأشهر المقبلة، لا سيما وأن الخفض الساري حاليا للإنتاج ينتهي مفعوله أواخر آذار/مارس، وتحيط الشكوك بإمكان تجديده.
وترتبط منظمة أوبك المكونة من 13 عضوا وشركائها العشرة الذين يشكلون معا "أوبك+" باتفاق تم التوصل إليه عام 2017 لخفض الإنتاج طوعيا بـ 1.2 مليون برميل يوميا، جرى رفعه إلى 1.7 مليون برميل في كانون الأول/ديسمبر الماضي.
وقال كيلدوف، إن "الجانب الأسوأ من أزمة العرض لم يأت بعد"، معتبرا أن أوبك قامت بمخاطرة كبرى في فيينا، وأطلقت وعودا كبيرة جدا ولم يقدموا إلا نتائج قليلة، فيما كان عليهم أن يفعلوا العكس.
ارسال التعليق