“مصيدة العقرب” في اليمن.. مهلة ترامب الأخيرة للمحمدين
على نار حامية تجري الاستعدادات لفصل هو الأشد شراسة في العدوان السعودي ـ الاماراتي على اليمن، أطلق عليه «مصيدة العقرب»، بناء على المهلة الحاسمة، وهي شهران، أعطتها إدارة ترمب للریاض وأبو ظبي قبل الدخول في مرحلة المفاوضات..
وكان ترمب قد أعطى مهلة سابقة تنتهي بنهاية العام المنصرم، 2017، والتي فشلت في إحداث فارق ميداني يمهّد للهجوم الشامل انطلاقاً من احتلال الساحل الغربي لليمن.
وقد بدأت الخطة باختراق الجبهة الداخلية عبر الإيقاع بين حليفي الضرورة (حركة أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام)، والذي كان من المقرر إماراتياً أن يفضي في النهاية الى إشاعة الفوضى في العاصمة اليمنية، صنعاء، تمهيداً لدخول قوى العدوان اليها.
الخطة التي كان من المفترض أن يشارك فيها الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وبعض قادة حزب المؤتمر الشعبي العام بالدعوة الى تظاهرات واسعة في المدن التي يشكل فيها الحزب ثقلاً شعبياً، يترافق معها هجمات عسكرية على نقاط استراتيجية، وهذا ما ظهر في هجوم القوات الاماراتية على محافظة الخوخة الساحلية، والتي تقع أقصى جنوب محافظة الحديدة والمتاخمة لمحافظة تعز.
فقد زجّت الامارات بأعداد كبيرة من المرتزقة للانتشار على طول الخط الساحلي من عدن باتجاه مدينة ذباب وصولاً الى المخا، بما يحرم الجيش واللجان الشعبية من تواجد على الساحل الغربي، وتسريع حسم المعارك المتقطعة بين الجيش اليمني واللجان الشعبية من جهة، ومرتزقة الإمارات من جهة أخرى، لاسيما أولئك المحاربين في منطقة يختل بالتحديد.
وكانت الإمارات قد أعلنت في السابع من ديسمبر المنصرم سيطرتها على مدينة الخوخة، التي تبعد عن يختل 41 كيلومتراً، وعن المخا 15 كيلومتراً، في تزامن مع انشقاق زعيم المؤتمر الشعبي علي عبد الله صالح، لتسهيل إسقاط محاور عسكرية أخرى، من بينها نهم والساحل الغربي بوجه عام.
رسالة الى ابن سلمان من أخيه: أمريكا وافقت على خطة العقرب وبرغم انضمام عدد من جنود الحرس الجمهوري المرابطين بالقرب من مدينة الخوخة إلى قوى العدوان، والتي كشفت مدينة الخوخة عسكرياً وأدّت الى سقوطها دون قتال بيد القوات الاماراتية، بحيث واصلت تقدّمها إلى ما بعد المخا نحو منطقة وميناء الحيمة التي تبعد نحو 15 كلم من الخوخة، بعد سيطرتها على معسكر (أبو موسى الأشعري)، ومن ثم حاولت التقدم نحو مدينة حيس..
برغم هذا، الا أن الاختلال في موازين القوى العسكرية في الساحل الغربي لم يغير مسار المواجهات العسكرية في مديرية الخوخة، حيث تمكّنت قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية من التصدّي للهجوم الواسع على الساحل، واستعادت زمام المبادرة، حيث تكبّدت القوات الموالية للإمارات خسائر بشرية ومادية كبيرة، أسفرت عن استرجاع الجيش واللجان الشعبية كثيراً من الأراضي التي سقطت تحت سيطرة الاماراتيين وحلفائهم منذ مطلع ديسمبر الماضي.
مصادر عسكرية في الجيش واللجان الشعبية ذكرت بأن كميناً كبيراً نصب للقوات التي دفعت بها الإمارات من خلال قطع الخط الخلفي لمدينة الخوخة من جهة الجنوب، بالتحديد منطقة يختل، بعدها ظلّت قوات كبيرة من التحالف محاصرة داخل المدينة دون التمكّن من الانسحاب جنوباً باتجاه يختل لانقطاع الطريق.
وبحسب المصدر، فإن قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية منعت قوات التحالف السعودي والمتعاونين معه في حصرها أكثر فأكثر شرق المدينة، ونصبوا الكمائن لأكثر من 40 آلية تمّ تدميرها على مدى ثلاثة أسابيع، انتهت بعملية انسحاب عن طريق البحر تحت غطاء جوي مكثف، فيما وقع في الأسر أعداد كبيرة منهم.
في النتائج، باءت الخطة بالفشل، ودفع الرئيس السابق علي عبد الله صالح ومعه بعض قادة حزب المؤتمر أرواحهم ثمن فشل الخطة.
خسرت الرياض وأبو ظبي رهاناً كبيراً وفشلت الخطة ـ أ، فطلب المحمدان، محمد بن سلمان ومحمد بن زايد، عبر السفيرين السعودي والإماراتي في واشنطن، الأمير خالد بن سلمان ويوسف العتيبة مهلة إضافية، وسعيا إلى إقناع البنتاغون وأذرعه بتوفير الدعم لخطة الهجوم الشامل.
وبحسب مصادر يمنية مقرّبة من التحالف العربي بقيادة السعودية، فإن ترمب وافق على إعطاء مهلة شهرين من أجل الحسم قبل وقف الحرب والدخول في المفاوضات.
تحرّكت الرياض وأبو ظبي وعلى نحو عاجل لتنفيذ بنود خطة ـ ب بإعادة تأهيل الحليف القديم، أي حزب التجمع الوطني للإصلاح، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين.
أجرى فريق محمد بن سلمان اتصالاته بقيادة حزب الاصلاح المتواجدة في تركيا، وانتقل زعيم الحزب محمد اليدومي بطائرة خاصة الى الرياض، للقاء عاجل مع محمد بن زايد ومحمد بن سلمان في 13 ديسمبر المنصرم، وتمّ الاتفاق على أن يشارك حزب الإصلاح في الهجوم، وأن ينشر مقاتليه على طول الجبهات الأربع والعشرين المفتوحة في اليمن.
خطة الحرب تقوم على تكتيك عسكري، وما يعرف بعقيدة (الصدمة والترويع) أو الهيمنة السريعة والمعمول بها أميركياً وإسرائيلياً، وتتمثل في ارتكاب سلسلة مجازر وحشية، تشتّت الطرف الآخر وتشلّ حركته.
لم تكن المجازر المتعاقبة بفعل الطيران الحربي السعودي في اليمن في الأسابيع الأخيرة، نتيجة أخطاء عسكرية، وإنما هي التمهيد الناري الكثيف، والمقصود لتحقيق الغاية الاستراتيجية بكسر إرادة الجيش واللجان الشعبية، وتصديع الجبهة الداخلية التي تؤول الى انفضاض الحاضنة الشعبية وبعثرتها.
الخطة التي يجري التمهيد لتنفيذها رسمت تحت إشراف القيادة العسكرية الأميركية.
وبحسب برقية سرية وعاجلة موقّعة من الأمير خالد بن سلمان، سفير السعودية في واشنطن، وموجّهة الى شقيقه ولي العهد ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان يبلغه فيها الآتي: «أفيد سموكم الكريم أنني وسمو الشيخ يوسف العتيبة سفير دولة الامارات العربية المتحدة في لقاءات مستمرة مع سفراء الدولة دائمة العضوية بمجلس الأمن، وبحضور القيادات العليا لدائرة الأمن القومي والاستخبارات بوزارة الدفاع الأمريكي، لإقناعهم بضرورة الموافقة وبإجماع على عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن، لإصدار قرار أممي بالتدخل العسكري المباشر في الأراضي اليمنية دعماً للتحالف العربي، وفرض وصاية الأمم المتحدة على باب المندب، والموانىء اليمنية، حرصاً على تأمين سلامة الملاحة الدولية من التهديدات الإرهابية لميليشيات الحوثي في اليمن.
ويبلّغ سموكم بموافقة وزير الدفاع الأمريكي الجنرال جيمس ماتيس على التعديلات المطروحة من قبل سمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي على خطة «مصيدة العقرب» بقيادة الجنرال جوزيف فوتيل، قائد قوات المارينز في قاعدة العند وجزيرة سوقطرى».
في المعلومات، قامت الباخرة السالمي 4 بالرسو في ميناء عدن صبيحة التاسع والعشرين من ديسمبر المنصرم، وفي تمام الساعة التاسعة وخمسين دقيقة صباحاً قامت بإنزال التالي: ـ 120 ضابط إماراتي.
ـ 220 ضابط قوات خاصة الملكية البحرينية.
ـ 380 جندي وضابط سوداني.
كما تمّ إنزال 12 حافلة تويوتا كوستر بسعة 26 راكباً، و 8 شاحنات خاصة للوقود صغيرة من نوع بوز ماركة ميتسوبيشي.
يضاف اليها قاطرتان محمّلتان بصناديق محكمة الأغلاق، ومسجّل على بعضها أسماء الضباط والمنطقة.
والمناطق المسجّلة هي عدن، وباب المندب، والمخا، وتعز، ما يؤكّد أن الصناديق تم توزيعها على الضباط المسجلين.
تجدر الإشارة الى أن هذه العملية، التي تمّت تحت حراسة مشدّدة، لاتزال متواصلة حتى الآن، حيث تقوم باخرة السالمي 4 الإماراتية، بنقل شحنات من الضباط والمقاتلين، والعتاد، والأموال، والمؤن، استعداداً لساعة الصفر التي تعقب مجازر متنقلة في مناطق سيطرة الجيش واللجان الشعبية، إذ من المقرر أن يبدأ الهجوم من الجبهات كافة البرية والبحرية باسناد جوي كثيف.
في النتائج، يخوض المحمدان معركة شرسة مع الوقت قبل المعركة مع الجيش واللجان الشعبية في اليمن، لأن الرهانات تضاءلت، ولم يعد هناك سوى الحسم إما بالعسكر أو بالسياسة، وهناك خيار ثالث وهو الفوضى التي تتجاوز اليمن وتغرق المنطقة.
وحتى الآن، لا يبدو أن مجنون البيت الأبيض ترمب، أو المجانين الصغار من شاكلة محمد بن زايد ومحمد بن سلمان، سوف يتركون لاطلاق غرائزهم كيما تعيث الفساد في الأرض دون لجم من العقلاء وأصحاب المصالح والاستراتيجيين الذين يدركون عواقب الغرق في الفوضى المنفلتة من عقالها.
بقلم : عبدالحميد قدس
ارسال التعليق