من يرعى مشاريع التقسم في اليمن.. وكيف أن السعودية ربطت بين معارك الموصل وحلب.. بمعارك تعز وحجة؟
إذا كان لي أن أذيع أمراً كان مستتراً لدى البعض، فهو إن مخطط تقسيم اليمن والمنطقة العربية عموما،قد أنتقل من الأوراق إلى التنفيذ العملي.
وإذا كان لي أن أذيع سرّاً - أيضا – فهو إن معطيات هذا الواقع المرير قد صارت تعلن بالفم المليان إن محافظة حضرموت اليمنية يُراد لها أن تكون دولة حضرموت العربية.
وإذا كان لي أن أُعرّي جُرماً يُقترف بحقّ الشعب اليمني أمام العالم قاطبة، فهو أن عاصفة السعودية التي انطلقت عشية 26مارس2015 ، قد غدا أصحابها على يقين بأنهم أنجزوا مهمة غرز أوتاد وعلامات التقسيم بنجاح ، ليس بإعادة البلاد فقط، إلى ما كانت عليه قبل22مايو1990وإنما تمزيقها وفق خارطة جديدة، فالشمال مثلا، يُراد تقسيمه إلى إلى عدة أقسام ومن ذلك الرغبة في إجتزاء تعز كاملة أو جزء منها ومحافظات مأرب والجوف والحديدة وحجة كاملة أو أجزاء منها لصالح دول وإمارات لعلها تتخمّر في أذهانهم ولم يعلنوا عن مسمياتها الجديدة بعد، مع فضيلة أخرى لهذه العاصفة (المباركة) التي وجدت لها زبائن وأحباب كُثر، تتمثل بنشر ألوان من أطياف الكراهية والأمراض الطائفية والمناطقية، وللإنصاف ربما أنها وجدت وتجد لها هنا في صنعاء وغيرها من ساعدها في ذلك بوعي أوبغير وعي .
لقد مكّن العدوان على اليمن كل دعاة التمزيق والصبيانية والهمجية المرئيين وغير المرئيين في العمل ضمن فضاء ومناخ مؤاتي سمح لهم بممارسة كل هواياتهم وشرورهم ، بما فيها (المكارثية) الفكرية والثقافية والسياسية وزرع الشكوك العميقة على نطاق واسع، الأمرالذي حوّل البلد إلى مختبر كبير لتجريب مركبات وعناصر جديدة لتطويرمعادلات عصرية / عنصرية في الصراعات الأيديولوجية وهذا وغيره وافق هوى بعض القوى التي تميل إلى التبختر والإحساس الزائف بالعظمة ومداواة مشاعرالنقص الذاتية من خلال لعب أدوار المُستعمرين الكبار، أو جعل نفسها، بشكل أو بآخر، مندوبة لهم وتجريب أحدث ما أنتجته مصانعهم من قنابل وصواريخ وأسلحة محرّمة.
المهم يبدو أنه لا يوجد نية حقيقية في وضع حد للجوع والقتل والتهجير الحاصل في اليمن الذي ينظرون له كمسرح أو مزاد يتبارى فيه اللاعبون وجماهيرهم لمعرفة من سيضحك أكثر في مشاهد عدمية تُلغى الإنسانية وشروطها وصلتهم بها، وفي ظل هذا التفسُّخ والافلاس العربي والدولي ، في ظننا أن السعودية التي تكابر بجنون منذُ انطلاق العدوان قد ترسّخت لديها قناعة جعلتها تنظر للمسألة من زاوية الأحقية والملكية الخاصة، وبالتالي غدت المعركة بالنسبة لها مصيرية، أو كلعبة كسر العظم بينها وحلفائها من جهة وبين روسيا وإيران وحلفائهما من جهة ثانية ، فإذما أنتصر التحالف الأخيرمثلا، في حلب وسوريا والعراق، فلا خيار ثاني أما التحالف الأول عن تحقيق إنتصار مماثل في صنعاء وتعز ومأرب والجوف والحديدة وميدي وغيرها حتى لو اقتضى الأمر قتل نصف الشعب وتهجير نصفه الآخر، خاصة وأن أميركا وبريطانيا لن تقصرا في إمداد هذا الطرف بوقود القتل الجماعي اللازم، وعن جهل منها لا تدرك أنه ومهما كانت حجم القوة وضخامتها فلن تنجح ،لأن الشعوب لا تموت ولا تفنى أبدا.
على أية حال .. كل ما يحدث يقودنا إلى نتيجة واحدة مفادها أنه لا يوجد رغبة دولية وتوجه حقيقي لانقاذ هذا الشعب والمساعدة في الوصول به إلى حالة استقرار مضبوط بالتوافق والقبول بالآخر، لأن الفاعلين أصلا، مستفيدون من الإستمرار في هذا المسلك من كل جهة لهذا تجدهم يمارسون كل المتناقضات ويلعبون على كل الحبال بما فيها ،عامل الوقت وربط ما يجري في جبهات القتال سواء في الموصل والرقة وحلب وحمص، أو في صنعاء وتعز وميدي ومأرب وحجة وغيرها.
ختاما : ياعالم كل شيء يُنتهك ، كل شيء يموت ويذبل هنا ،الوجوه شاحبة ،الأحلام ماتت ، البطون ألتصقت بفقرات العمود الفقري ،الأطفال يموتون جوعا على سواعد أمهاتهم النحيلة، المآسي والأحزان ترتسم في كل ركن وزاوية ،متى ستقولون بصوت واحد : على الحرب في اليمن وسوريا وغيرها أن تضع أوزارها بعيدا عن جدلية من المتسبب بها ومن يستحق العقوبة والنفي ،أو من يعمل وفقا للقرارات السلعية / المزادية للأمم المتحدة.
عذرا:
أضيف وأقول : من يعتقد أن المعركة في اليمن تدور رحاها بين شرعية وإنقلاب ، حكومة وميليشيات ، فإنه واهم ومخطىء ، وعليه أن يُسارع إلى تغير فهمه وتصحح قراءاته للواقع.. فالناس هنا يفهمون ويؤمنون بشيء واحد فقط ، هو أنهم كأي شعب في العالم يقاتلون من أجل صد عدوان خارجي .
وتقريبا أن أي مجتمع في الدنيا كلها يقاتل دفاعا عن وطنه وما يعتقده وعلى جميع الشعوب وقوى العدوان أن يفهموا هذا الأمر بأوسع معنى للكلمة وكفانا تحليلات وفتاوى ومغالطات منافية للمنطق، منقطعة عن الواقع.
بقلم : عبدالكريم المدي ... كاتب يمني
ارسال التعليق