هل يعلن محمد بن سلمان الحرب على آل الشيخ؟
كتب حسن غندور في سلاب نيوز .. ثمانية عقود مرت على تحالف الوهابية مع آل سعود، تقاسموا خلالها الحكم بين السياسي والديني، وخدم كل منهما الآخر للإمساك بالحكم والتحكم برعايا المملكة والاستفادة من هذا الفكر في بسط النفوذ الاقليمي وخلق جناحٍ إسلامي متشدد استطاع التحكم بهوية المنطقة في اكثر من مكان وإقليم.
الأمريكي، المهيمن الاكبر على المملكة وقرارها وقيادتها وخيراتها بعد المؤسسين البريطانيين لهذا الكيان، فرض معادلة حماية حكم آل سعود مقابل نهب ثروات المملكة واستعمال اوراق التطرف الوهابي في ساحات اقليمية ودولية متعددة، وتعززت العلاقة بين الامريكيين وآل سعود بعد لقاء ايزنهاور وعبد العزيز قبل سبعة عقود، واستمر هذا التحالف حتى اليوم حيث أنّ المملكة شكلت وتشكل رأس حربة في حريق العرب وفي مشروع الفوضى الخلاقة.
بعد الـ2003 تغيّر المشهد، وبدأت إيران تسير درب الجلجلة، لنزع حقها في الدخول الى النادي النووي، ذاك الحق الذي ينقلها الى مصاف الدول الاقليمية المؤثرة، وهذا بطبيعة الحال لا يمكن ان يرضي الكيان الصهيوني، او الكيان السعودي او مصر او تركيا. حاولت تلك الدول إفشاله وفشلت هي، ونجحت ايران في نزع الاتفاق بالقوة. شيء ما تغيّر، وخارطة جديدة رسمت وتنتظر المسّاح الطوبوغرافي الامريكي لتحديدها وفق حدود جديدة ومناطق نفوذ متغيرة جاءت على حساب آل سعود ومنطقة نفوذهم الاقليمي.كابر رواد حقبة الهيمنة السعودية على المنطقة وعلى رأسهم سعود الفيصل وبندر بن سلطان، ولعبوا بنار المنطقة من سوريا الى تونس ومن العراق الى اليمن، وكان لا بد من عزلهم لتسهيل مهمة الرسم فكان سلمان وابنه وكان محمد بن سلمان يُحضّر لخلط اوراق المنطقة تمامًا كما فعل صدام حسين في حرب الخليج الثانية، فقام بحرب على اليمن يعلم مسبقًا انه لن يستطيع هزم الحوثيين فيها، وأنّ تعزيز التكفيريين الوهابيين في جنوب اليمن بمواجهة الشمال سيشكل حالةً تدميرية لأهل الجنوب ومشروعهم الاستقلالي وليس لأهل الشمال، وأنّ زج آلاف التكفيريين الوهابيين في اليمن سيخفف من وجودهم في المملكة ويسهل عملية تطهير المملكة من داء الوهابية وشيوخها الذين ينتهزون فرصة ″الطفرة الاصولية″ للسيطرة على الحكم تزامنًا مع قيادة الاخوان للسيسي نحو حريق العرب. حضّر المبررات لضرب دواعش آل الشيخ، وتفجير الأمس في العسير ما هو إلا لعبة استخبارية لخدمة هذه الضربة وليخلق الدوافع لبدء معركة القضاء عليهم. المطلوب من محمد بن سلمان امريكيًا أن يتولى مهمة دفن الوهابية في مهدها ومنبعها، حيث ان لا مناص من قتل الافعى الممتدة من المغرب الى اندونيسيا إلا برأسها، وفي مقابل ذلك يضمن له الامريكي بقاء الحكم والسيطرة على العرش بحدود المملكة الجغرافي دون نفوذ اقليمي بسبب تغيير خريطة الشرق الأوسط وتغيير معادلات القوة فيها وحجم اللاعبين وعلى رأسهم الجمهورية الاسلامية.
ولو كان محمد بن سلمان حقيقةً يعادي ايران، لماذا لم تتوجه طائراته ودباباته الى ايران، ولماذا لم يرسل درع الجزيرة الى بندر عباس، ولماذا يدمر عدن بالذات ويزج بوهابيي المملكة في حضرموت والمُكلا؟ وأخيرًا، لماذا يضع المملكة امام عجز مالي ضخم بقيادته الحروب المباشرة وغير المباشرة وهو متأكد من خساراته المعركة العبثية التي يقودها؟
لقد كان المطلوب من السعودية فقط ان تتحاور مع ايران وان تتفاهم معها حول هواجس المملكة، والايرانيون فتحوا ذراعهم اكثر من مرة وقدموا طروحات هامة لضمان امن الخليج والمنطقة، لكنّ السعوديين رفضوا ذلك وأصرّوا على المواجهة العبثية، فمن اوعز لهم بهذا الانتحار ولمصلحة من؟ ″اسرائيل″؟ الولايات المتحدة؟ ايران؟ ام المملكة نفسها؟
لقد زنّرت المملكة نفسها بزنارٍ من النار يلف جميع حدودها، وجعلت قلبها برميلاً من البارود، فهل من اخذ القرار لإيصال المملكة الى هنا هو نفسه من يريد مصلحتها؟ ام أنّ من حرك التكفير والتطرف في حريق العرب ثم كبح جماحه في مصر وتركيا قد وكل سلمان وابنه بقيادة الحرب عليهم وضربهم بعد افتعال تفجيرات الداخل المتكررة وتحضير اسباب الخوف القادم من كل حدود المملكة وجهاتها الاربع؟
اسابيع قليلة وتنكشف حقيقة النوايا السعودية اتجاه التيار الديني المتحكم في المملكة، وتنكشف معها الاسباب الحقيقية وراء قبول زيارة علي مملوك للرياض وابعاد هذه الزيارة على مجمل مشهد الصراع، وتتكشف أيضًا خيارات المملكة المصيرية التي تقف على حافة المصير بين تسليم السعودية لداعش ومعلميهم من آل الشيخ أو تكرار نموذج الجزائر في ثمانينيات القرن الماضي. اسابيع فقط ونعلم اي الخيارات اربح للامريكي وأيهما سيباشر به.
ارسال التعليق