إسرائيليون ينصحون بلادهم بإعادة النظر في العلاقات مع السعوديّة
يُواصِل الإعلام العبريّ، بطريقةٍ حذرةٍ للغاية، التعامل مع اختفاء أوْ قتل الصحافيّ السعوديّ، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في إسطنبول يوم الثاني من شهر تشرين الأوّل (أكتوبر) الجاري، وينبع هذا التصرّف من حساسية الموضوع، خصوصًا بسبب علاقات تل أبيب المُتوترّة مع أنقرة، وتحالفها الإستراتيجيّ مع الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، حيث كان يُقيم الصحافي، مع ذلك، أوْ على الرغم من ذلك، بدأت في الإعلام العبريّ تُسمَع الأصوات، التي تُناشِد الحكومة الإسرائيليّة بالترّوي في تطوير علاقاتها الأمنيّة مع المملكة العربيّة السعوديّة بسبب نظامها المُستبّد والجرائم التي يرتكبها ضدّ المُعارِضين، كما كتب اليوم في صحيفة (معاريف) مُحلّل الشؤون الأمنيّة والإستراتيجيّة، يوسي ميلمان، المعروف بارتباطاته الوطيدة مع الأجهزة الأمنيّة في الدولة العبريّة.
وشدّدّ المُحلّل في سياق مقاله على أنّه يتحتّم على صنّاع القرار في تل أبيب إعادة تقييم سياستهم بالنسبة للعلاقات مع السعوديّة على ضوء قضية الصحافي خاشقجي، لافتًا إلى أنّ قادة الدولة ورؤساء الأجهزة الأمنيّة فيها يُلمّحون بأنّهم على قناعةٍ تامّةٍ بوجوب إقامة علاقاتٍ قويّةٍ مع النظام الحاكم في الرياض، وبشكلٍ خاصٍّ مع العائلة المالكة.
ولفت المُحلّل ميلمان إلى أنّه أخيرًا نُشِرت تقارير صحافيّة كثيرة في إسرائيل وخارجها جاء فيها أنّ المملكة السعوديّة على استعدادٍ لشراء أسلحة ومنظومات استخباراتيّة من إنتاج الصناعات الالكترونيّة الإسرائيليّة، مُشيرًا إلى أنّ التقارير عينها أكّدت على أنّ هذه الأسلحة تمّ بيعها سابقًا من قبل إسرائيل إلى كلٍّ من المكسيك ودولٍ في الخليج العبيّ، على حدّ تعبيره.
وتابع قائلاً إنّ حكومات وأجهزة الشرطة في تلك البلدان يستخدمون هذه التكنولوجيا الإسرائيليّة من أجل تعقّب مُعارضي النظام الحاكِم، مُشيرًا إلى أنّ أعمال البيع تتّم فقط بعد الحصول على إذنٍ خاصٍّ من وزارة الأمن في تل أبيب، وحقيقةٍ، أضاف، أنّه في التصريح الصادِر عن الوزارة، يُشدَّد على أنّ البيع يتّم للحكومات فقط، ولكنّه أضاف، أنّ الحديث يجري عن أنظمة حكمٍ استبداديّةٍ، ولا يُمكِن معرفة هدف شراء هذه المُعدّات التكنولوجيّة وإلى أيّ أيدٍ تصِل في نهاية المطاف، على حدّ قوله.
وأوضح المُحلّل ميلمان أنّ الصحافيّ السعوديّ دخل من تلقاء نفسه إلى قنصلية بلاده في إسطنبول بتركيّا، ولكن في المُقابِل على الأذرع الأمنيّة المُختلِفة في إسرائيل، أضاف، أنْ تُفكّر مرتين في قضية الثمن والفائدة من إقامة علاقات استخباراتيّة مع أنظمةٍ تتسّم بالفساد والاستبداد، وهل هذه العلاقات يفرضها الواقع أمْ لا، مُختتمًا بالقول إنّه في المعركة التي تخوضها الدولة العبريّة ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران يجب توخّي الحذر الشديد، على حدّ قوله.
في السياق عينه، قال المُحلّل الأمنيّ في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، والذي يعمل أيضًا في صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكيّة، د. رونين بيرغمان، قال اليوم في مقالٍ نشره بالصحيفة العبريّة إنّه في الفترة الأخيرة تمّ نشر تقارير كثيرة في الإعلام الغربيّ أكّدت على وجود تعاونٍ في مجال الاستخبارات بين المملكة العربيّة السعوديّة وبين إسرائيل، بما في ذلك بذل الجهود المُشتركة بين الرياض وتل أبيب في الحرب ضدّ حركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس) في فلسطين، وحزب الله في لبنان، وفي الجهود لوقف البرنامج النوويّ الإيرانيّ.
وساق د. بيريغمان قائلاً إنّه إذا صحّت الأنباء التي نُشرت في الأيّام الأخيرة في إسطنبول عن قتل الصحافيّ السعوديّ، جمال خاشقجي، وتقطيع جسده، فإنّ ذلك يؤكّد على أنّه غفي مجالٍ واحدٍ لم تقُم إسرائيل بإرشاد السعوديين كيف يُمكِن تنفيذ عملية تصفية جسديّة دون ترك الآثار أوْ البصمات، بحسب تعبيره.
وتابع قائلاً إنّه بحسب التقارير، فإنّ عملية القتل وكيفية وقوعها ووصول الفريق الأمنيّ الخّاص من السعوديّة لتنفيذ المُهمّة تؤكّد لكلّ مَنْ في رأسه عينها على أنّ الحديث يجري عن عمل قام بها هواة، وليس مُحترفين، مُشيرًا بتهكمٍ إلى أنّ هناك في السعوديّة مَنْ قام بمُشاهدة الكثير من الأفلام، بحسب قوله.
وخلُص المُحلّل الإسرائيليّ إلى القول إنّ قضية الصحافيّ خاشقجي تُثير الكثير من التساؤلات، ولكنْ أكثر ما يشُدّ الانتباه هو أنّ وليّ العهد السعوديّ، الأمير محمد بن سلمان، الذي يبدو على أنّه فشل في تصفية مُعارضٍ للنظام، لن يتمكّن من مُواجهة المشاكل الصعبة التي تُعاني منها المملكة، لافتًا إلى أنّ القضية برّمتها تُلقي ظلّاً كبيرًا على كيفية وآلية اتخاذ القرارات لدى الأمير بن سلمان، وهذا الأمر بحدّ ذاته يُعتبر مُشكلةً كبيرةً وعويصةً في كيفية تفكيره، قال د. بيرغمان.
ارسال التعليق