قاطعو الرؤوس السعوديون أعضاء في مجلس حقوق الإنسان !!!
انتخاب المملكة السعودية كعضو في مجلس حقوق الإنسان [التابع للأم المتحدة] شبيه بتعيين مغتصب الأطفال مديراً لمدرسة أطفال. ولكن قضي الأمر وحسمت المسألة. مملكة استعبادية وفاسدة. محتشمة وتعشش فيها الرذيلة والخنا. تسجد للإله الدولار وترفض كل ما هو غير وهابي. تنشر على الصعيد العالمي إيديولوجيا تافهة وطائفية. تذكر الخالق عند كل منقلب مصرفي لكنها تقطع الرؤوس كما ولو أنها تقيم وليمة. ولكن المشكلة هي أن لها الكثير من الأصدقاء. وهؤلاء الأصدقاء يجدون أن لديها شهادة ممتازة تؤهلها لأن يوكلوا إليها أمر الارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان. ولا بد أنكم لاحظتم أننا لم نرتطم بما هو أسوأ. كان من الممكن لهم أن يكلفوا المملكة السعودية بصيانة حقوق المرأة.
هكذا إذن. المملكة السعودية مكلفة، بمباركة منا [نحن الغربيين]، بحمل أمانة حقوق الإنسان على طريقة الحبل الذي يحمل المشنوق. ذلكم أن الغربيين وقفوا كرجل واحد وصوتوا لترشيح الرياض لهذا المنصب. فعلوا ذلك بأريحية باعة المدافع الحريصين على سمعة الزبون عندما ضمخوا بالماء المقدس هذه الحفرة المليئة بأشنع الأوساخ وأقذرها. وإذا ما نظرنا إلى الأمر من وجهة نظر باريس، فإن العشرة مليارات دولار التي قبضتها فرنسا ثمناً لصفقة الأسلحة تستحق هذه المسخرة التي لن يأتي أحد على ذكرها بعد 48 ساعة. باعوهم الأسلحة، وعلقوا على صدورهم الأوسمة، وسفحوا شرف الوطن. وطالما أن الأمور تمضي على هذه الشاكلة، لا شيء يمنعهم من أن يسمحوا للسعوديين بالتبختر داخل هذا المجلس، مجلس حقوق الإنسان، الذي لا يصلح على كل حال لأي شيء. أليس أنهم حريصون على بقائه ؟!
يمكننا بالطبع أن نخشى على منظمة الأمم المتحدة، لأن ما جرى من شأنه أن يضعف مصداقيتها. ولكن هل تخرج المنظمة الدولية سالمة من هذه الانزلاقة ؟ في الواقع، لا وجود لأي خطر بهذا المعنى. فمنظمة الأمم المتحدة معتادة على ابتلاع الإهانات المهنية دون الرد عليها. وما جرى ليس المفارقة الوحيدة. إنها تحاول إعطاء صبغة من الواقعية على هذه الأكذوبة المسماة بـ "المجتمع الدولي"، لكنها أعجز من أن تخدع أحداً بذلك. فمجلس حقوق الإنسان لا يتمتع بصلاحيات مجلجلة، لكن هذا الشيء التابع للأمم المتحدة قد أصبح آلة متعددة الوظائف في خدمة حيتان المال والسياسة. إن حلبة المصارعة الدولية هي مجال لاستعراض القوى حيث يمكن أن تقوم التحالفات كما يمكن أن تنفك عراها أيضاً. والمملكة الوهابية واسعة الثراء وتمتلك ما يكفي من وسائل الإقناع التي لا تمتلكها بوركينا فاسو.
أن انتخاب السعودية لعضوية مجلس حقوق الإنسان في 18 تشرين الأول / أكتوبر والذي جرى بعد ثلاثة اسابيع من مجزرة صنعاء التي ارتكبها الطيران السعودي في 8 تشرين الأول / أكتوبر... هو أمر مثير حقاً. ما هي رمزية ذلك؟ قبول المملكة السعودية في مجلس حقوق الإنسان وسط كل هذا التطبيل والتزمير هو المكافأة التي يتم منحها للقاتل. لحسن الحظ أنهم لم يمنحوها جائزة نوبل الأثيرة عند لوران فابيوس، ذلك المتملق السكير الذي يمتدح جبهة النصرة. كاد أن يصل الأمر إلى منح الجائزة إلى القبعات البيض الذين يغيرون مهمتهم بشكل آلي ويقومون بأعمال الإسعاف نهاراً وبأعمال التعذيب ليلاً. لم يكن من الممكن تجنب انتخاب قاطعي الرؤوس السعوديين لعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة.
ربما كان من الضروري أن يطلب من الشعب اليمني أن يبدي رأيه في الموضوع. فهو يخضع بشكل يومي لأعمال القصف التي قتلت حتى الآن عشرة آلاف شخص، وتسببت فوق ذلك بأزمة إنسانية غير مسبوقة. لكنهم نجحوا في عدم التوجه إلى ذلك الشعب العربي الجريح لطلب رأيه في الموضوع قبل أن يلصقوا هذا الوسام الجديد المخجل على قفا الثوب الوهابي. لأن حقوق الإنسان تصلح في الواقع لتبرير القصف لا لمنع القصف. اللهم إلا إذا كان القصف روسياً، وحتى عندما لا يكون هنالك قصف بالمرة.
بأية صدفة حدث قبل يومين من انتخاب السعودية لتلك العضوية أن هوجمت مدرسة في إدلب السورية؟ مصادر الأمم المتحدة تقول بأن عدد القتلى بلغ ثمانية وعشرين بينهم 22 طفلاً. منظمة الأمم المتحدة لم توجه الاتهام إلى أية جهة. لكن أجهزة البروباغندا ووسائل الإعلام الغربية وجهت الاتهام إلى روسيا. وزير الدفاع الروسي نفى أن تكون لبلاده علاقة بما حدث وقدم الأدلة على عدم حدوث عمليات قصف جوي. لم يهتم أحد بأقواله. فالمهم لم يكن غير الضجيج المنظم ضد موسكو قبل انتخاب أعضاء مجلس حقوق الإنسان.
والنتيجة: حصلت روسيا على أصوات أقل مما حصلت عليه كرواتيا. وعلى العكس من المملكة السعودية، لم تعد روسيا عضواً في مجلس حقوق الإنسان. تم تنفيذ المهمة بنجاح !
ارسال التعليق