ماوراء موفد الموساد وبلينكن في الرياض وغزة تعيش أبشع أيام الإجرام؟!
[حسن العمري]
* حسن العمري
كشفت وسائل إعلام إسرائيلية بأنّ طائرةً خاصة إسرائيلية أقلعت يوم السبت الماضي من مطار "بن غوريون"، وهبطت في العاصمة السعودية الرياض؛ مشددة على أن هذه الطائرة تُستخدم في تنقّلات المسؤولين الكبار في جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية "الموساد".. مشيرة الى أن على متن الطائرة مسؤولون إسرائيليون كبار من أجل إجراء محادثات بشأن التطبيع مع السلطات السعودية، وذلك قبل يومين من وصول وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكن" للرياض.. مؤكدة أنّ هذه الطائرة تخصّ رجل أعمال إسرائيلي، واستُخدمت في الأشهر الأخيرة في رحلات رسمية قام بها كبار المسؤولين الإسرائيليين في "الموساد" وجهاز الأمن العام الاسرائيلي "الشاباك".
وزير الخارجية الأميركي "أنتوني بلينكن" وصل السعودية يوم الاثنين، في أول محطة من جولة أوسع في الشرق الأوسط، بهدف مناقشة الوضع في غزة بعد الحرب مع الشركاء العرب، وفق ما أوردته وكالة "رويترز".. حيث الضغوط باتت كبيرة على الحليف الاسرائيلي على المستوى الشعبي والسياسي خاصة لدى الشعوب الغربية وسط اتساع رقعة التظاهرات الطلابية والخيام الاعتراضية في الجامعات الأمريكية وبعض البلدان الأوروبية منها اسبانيا وايطاليا وايرلندا المطالبة بوقف الحرب على غزة التي راح ضحيتها عشرات آلاف الأبرياء العزل غالبيتهم من الأطفال والنساء وسط صمت غربي عربی مطبق مريب؛ والسعي لإنقاذ رئيس وزراء العدو المحتل وبعض كبار المسؤولين الاسرائيليين من ورطة قرار محكمة العدل الدولية القريب اصداره.
يوم الأحد الماضي أجرت السعودية والإمارات والكويت وتركيا وسلطات الاحتلال الاسرائيلي، الى جانب كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وكوريا الجنوبية؛ مناورة عسكرية مشتركة تعد الأولى منذ عقود، أطلق عليها اسم "علم الصحراء 9" وذلك في قاعدة الظفرة بدولة الإمارات وبإشراف رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية "تشارلز كيو".. وذلك ضمن الترتيبات لإعلان تحالف عسكري جديد لحلفاء أمريكا وكيان العدو في الشرق الأوسط وغزة وأهلها تحت نيران الحقد والكراهية والعنصرية والاجرام الصهيوني الغاشم دون مبالاة الحكومات العربية العميلة المنبطحة.. تم قبلها نقل سرب طائرات مقاتلة من نوع إف 16 إضافة الى وصول رئيس القوات الجوية الأمريكية ومسؤولين عسكريين اميركيين واسرائيليين آخرين .
المناورات هذه ووفق مراقبين للشأن الإقليمي جاءت تمهيداً لمخطط تطبيع الرياض مع تل أبيب، ووضع الترتيبات الأمريكية الجديدة للمنطقة لما بعد العدوان على غزة.. بلينكن خلال لقائه ولي العهد محمد بن سلمان في الرياض وكبار المسؤولين هناك شدد على ضرورة مساعدة المملكة للعبور من الأزمة الحالية بأقل خسائر للكيان الاسرائيلي، والعمل سوياً على إقناع الطرف الفلسطيني بضرورة إخضاع قطاع غزة لسلطة أبو مازن المؤتمرة بأوامر "بن سلمان"، وفق ما نقلته "نيويورك تايمز".. وكالة الأنباء الفرنسية نقلت عن وزير الخارجية الأمريكي "بلينكن" قوله أنه اجتمع مع نظرائه من خمس دول عربية هي قطر ومصر والسعودية والإمارات والأردن لإجراء المزيد من النقاش حول شكل الحكم في قطاع غزة بعد الحرب.
صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية كانت قد نشرت قبل أسبوعين، أنّ إدارة الرئيس الأميركي "جو بايدن"، جادة في إبرام صفقة دبلوماسية تهدف الى الضغط على رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، من أجل الاعتراف بدولة فلسطينية في مقابل تطبيع العلاقات بالسعودية.. فيما مصدر في العائلة السعودية الحاكمة كشف النقاب لقناة "كان" الإسرائيلية استعداد الرياض للتطبيع العلني مع تل أبيب داعياً "نتن ياهو" الى الاختيار بين "السلام" مع السعودية وحلّ القضية الفلسطينية، وبين الاستمرار في الصراع مع الفلسطينيين من دون سلام مع السعودية.. وهو ما نقله موقع "أكسيوس" الأميركي عن 4 مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قولهم إنّ البيت الأبيض "يواصل العمل على صياغة معاهدة دفاعية أميركية - سعودية، وتفاهمات تتعلّق بالدعم الأميركي السعودي لمساعي انهاء الحرب على غزة وفق رؤية "نتن ياهو" المدعومة من قبل الرئيس الامريكي "بايدن".
مصادر دبلوماسية غربية كشفت النقاب عن ما وراء كواليس الحراك الأمريكي الإسرائيلي الذي تحتضنه السعودية منذ أيام والذي يتمحور حول الملفات الإقليمية وفي مقدمتها "غزة ما بعد الحرب".. المصادر أكدت مشاركة أبو مازن ومسؤولين اسرائيليين كبار في اللقاءات والحوارات المتواصلة بصمت اعلامي هناك، الى جانب مسؤولين من الأردن ومصر والإمارات ايضاً.. ما يوضح مدى خطورة المشروع الأمريكي - الاسرائيلي الجديد للمنطقة بمساعدة المحمدين السعودية والاماراتي وبعض حكام العرب العملاء مشاهير الخيانة وطعن القضية الفلسطينية على طول التاريخ؛ كي تتولى الإدارة الفلسطينية الجديدة بقيادة كلبهم الخدوم أبو مازن زمام السلطة في القطاع وفق مقاسات أمريكية - إسرائيلية.
القناة العبرية الـ"12" نقلت عن مسؤولين في حكومة "نتن ياهو" قولهم إن ثمة مفاوضات خلف الكواليس جارية في الرياض بمشاركة سعودية اسرائيلية امريكية عربية وتركيا، تتحدث عن صفقة جديدة لوقف القتال في غزة وتبادل الأسرى والتطبيع مع السعودية.. زعيم المعارضة الإسرائيلية "يائير ليبيد" شدد في حوار مع الإذاعة "الإسرائيلية"، أنه يستحيل أن تبدأ عملية تعافي المجتمع "الإسرائيلي" دون عودة المختطفين، كل يوم ننتظر فيه يموت مزيد من المختطفين واحدا تلو الآخر، كان يمكن إبرام صفقة تبادل بديسمبر لو لم تشدد حكومة "نتن ياهو" موقفها؛ ناصحاً الأخير استغلال اجتماع الرياض والمساعدة السعودية للخلاص من ورطة مستنقع غزة وبلوغ "السلام السعودي – الإسرائيلي".
فيما تتعالى الأصوات داخل الولايات المتحدة مطالبةً بوقف دعم "إسرائيل" بسبب حربها الوحشية على قطاع غزة، ادعى رئيس مجلس النواب "مايك جونسون" إن مساندتها "واجب ديني إنجيلي".. أنه منصوص عليه في الإنجيل.. إنهم الاحتلال الصهيوني يقاتلون من أجل وجودهم.. فيما مسؤولي البلدان العربية خاصة الخليجية منها وفي مقدمتهم السلطات السعودية وأبو مازن والسيسي ومن لف لفهم غارقون في الحفاظ على أمن الكيان المحتل وقطعان المستوطنين، تاركين الشعب الفلسطيني العربي المسلم وحده يصارع الموت من أجل البقاء والأرض المغتصبة وقبلة المسلمين الأولى دون أدنى دعم سياسي أو عسكري أو مالي أو حتى مؤسساتهم الدينية وفي مقدمتها "هيئة كبار العلماء السعودية" التي حرمت حتى مساعدة جهاد الشعب الفلسطيني حتى باللسان، معتبرة ذلك من أكبر الكبائر وأنه من حق اليهودي الدفاع عن أنفسهم ووطنهم وأرضهم مقابل ما قامت به المقاومة الفلسطينية من عدوان وإجرام – وفق وصفهم النذل.
عضو حزب العمل في الكنيست الإسرائيلي "إفرات رايتن" كتبت في قالا لها نشرته صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية يقول: لقد خسرت إسرائيل الجامعات الأمريكية، ونشهد موجة بغيضة من الدعوات التي أطلقها طلاب متظاهرين في الجامعات الأمريكية والأوروبية متضامنين مع غزة، مثل "فجروا تل أبيب وإسرائيل"، و"احرقوا تل أبيب حتى الأرض"، و"الأهداف القادمة للقسام".. معبرة عن مدى ما كشفه أمامهم من فشل عسكري يوم السابع من أكتوبر وكيف أن حكومة "نتن ياهو" غير فعّالة، في إشارة الى هشاشة الكيان الاسرائيلي.. نحن أمام خطر وجودي، وصراع متجذر الى حد كبير في المفاهيم والثقافة التقدمية التي اجتاحت الشباب الأمريكي.. قد غيرت في نهاية المطاف إطار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.. فيما الجامعات السعودية منشغلة بليالي الرياض ومواسم الطرب المنتشرة من شرق بلاد الحرمين الشريفين حتى غربه ومن شماله حتى جنوبه حرباً على التعاليم الاسلامية والاعراف والتقاليد العربية والاجتماعية لأبناء شبه الجزيرة العربية.
ارسال التعليق