الأنظمة العربية العميلة والمطبعة هي الحامي الأساسي للعدو وسبب بقائه!!
[عبد العزيز المكي]
صحيح ان الولايات المتحدة تقدم للعدو الدعم العسكري واللوجستي والاقتصادي والمالي، وعلى كل الاصعدة، على غرار ما كانت تقدمه بريطانيا قبل افولها ، الاّ ان الحامي والداعم الاساسي لهذا المحتل هو الانظمة العربية العميلة والمطبعة منها على وجه الخصوص، بل يمكن القول أن دعم تلك الأنظمة لهذا المحتل هو سبب بقائه واستمراره محتلاً لأرض فلسطين وللمقدسات فيها وجاثماً على صدور أبناء الشعب الفلسطيني يرتكب المذابح والمجازر المروعة والبشعة بحقهم بين الحين والآخر!! فهذا الدعم العربي لهذه الانظمة بدأ منذ نشوء هذا الكيان المشؤوم في عام ١٩٤٨ ، ومنذ ان نصّب الاستعمار البريطاني والأمريكي هذه الانظمة على رؤوس أبناء الشعوب العربية والاسلامية فالعلّة الأساسية لوجود وتنصيب هذه الانظمة ، هي حماية ودعم الكيان الصهيوني، لكن المشكلة ان هذه الحقيقة كانت غائبة على الكثير من قطاعات وشرائح الأمة،" الشعوب" العربية خصوصاً، بسبب الخداع والتضليل الذي مارسته وتمارسه هذه الانظمة واعلامها، ورفعها شعارات الوطنية والدفاع عن قضايا الأمة! وتظاهرها بتبني هموم الأمة ومطالبها وطموحاتها خصوصاً ما يرتبط بالصراع مع العدو الصهيوني وتوق" الشعوب" العربية إلى تحرير فلسطين ودحر العدو عسكريًا... فحتى الحروب التي خاضتها هذه الأنظمة(دول الخليج لم تدخل في اي حرب ضد الصهاينة) إنما جاءت في سياق تدجين الأمة، واثبات عجز الجيوش العربية !!ثم تبرير الذهاب إلى التسويات والتنازلات، ولذلك قال المقبور انور السادات رئیس مصر الأسبق بعد حرب ۱۹۷۳ ان ٩٩٪ من حل القضية الفلسطينية هو بيد الولايات المتحدة الامريكية!!
للاسف كان التضليل الاعلامي لهذه الانظمة، يحجب هذه الحقيقة حتى عن بعض الشرائح المثقفة والواعية، ولذلك كنا نلاحظ طيلة تلك الفترة، ما أن يتسرب جزء من تلك الحقيقة يسارع المضللون والمطبلون لهذه الأنظمة إلى تبديد هذه الحقيقة وتشويهها وتسخيفها، أو وضعها في اطار العداوات والمناكفات بين هذه الانظمة وهي مناكفات مصطنعة في اكثر الأحيان لالهاء الجمهور عن ما يقوم به هؤلاء وراء الكواليس... غير انه بعد سقوط قلاع ، نظام الشاه، تغيرّت الأمور وبدأت اميركا وحتى الكيان الصهيوني يفصحون عن جزء من حقائق الدعم العربي للكيان الصهيوني لتدجين الشعوب العربية من جهة ولأن المواجهة مع المشروع الجديد الذي حملهُ التغيير الشعبي الإيراني ، تتطلب مرونة ومساحة أوسع لتحرك هذه الانظمة... وهكذا أصبحت تلك الانظمة لا تشعر بالاحراج امام انکشاف دعمها وانحيازها للمشروع الامريكي الصهيوني... ولذلك لم تتردد بعض هذه الانظمة عن الاصطفاف مع امريكا والغرب في غزو العراق وتدمير قوته العسكرية في عام ،2003 أو انطلاق الطائرات الامريكية قبل هذا الغزو من القواعد الأمريكية في السعودية والكويت وقطر، واصطفت بعض هذه الانظمة مع العدو في عدوانه على لبنان عام ٢٠٠٦ ، وعلى غزة في عامي ٢٠٠٩ و ٢٠١٢، وقبل ذلك في عدوان أمريكا على أفغانستان، ولكن مع كل هذا الانكشاف التدريجي. الذي تعزز بشهادات وزير الخارجية ورئيس الوزراء السابق حمد بن جاسم آل ثاني حول دور قطر والسعودية في المؤامرة الامريكية على سوريا، قيادة وتمويلاً. للجماعات الارهابية المتطرفة التي تتخذ من الاسلام الوهابي المنحرف عنوانا و واجهة ... نقول مع كل هذا الانكشاف، لم تنفضح هذه الانظمة بهذا الشكل الذي تلاحظة اليوم، بعد عملية طوفان الاقصى في ٧ اكتوبر الماضي والهجوم الإيراني التاريخي بالمسيرات والصواريخ المجنحة والبالستية ليلة 14/4/2024 ، اذ تحركت هذه الانظمة على المكشوف وبشكل صريح لحماية الكيان الصهيوني ودعمه وحمايته من مسيرات وصواريخ إيران، ومن ضربات أبناء المقاومة في غزة، لدرجة أن وجدنا ان الكيان الصهيوني ومسؤوليه وكذلك الأميركان والغربيين الذين هرعوا للدفاع عن العدو أشادو او اطروا على ما قامت به هذه الانظمة من حماية ودفاع عن الكيان
الصهيوني، اسمحوا لي بأن أوجز شهادات هؤلاء حول دعم الأنظمة للعدو، لتتضح لنا حقيقة ان بقاء هذا العدو مديون لهذا الدعم العربي للاسف!!
شهادات العدو الصهيوني :و هي مايلي:-
١ - أفادت القناة ١٢ العبرية بأن الإمارات والسعودية والاردن لعبت دوراً أساسياً في محاولات صد الهجوم الإيراني على العدو.. الذي وصفته القناة المذكورة بأنه اكبر عملية دفاع جوي في التاريخ لاحباط الهجوم الايراني على" اسرائيل"!!وتقول القناة، إن هذه الدول الثلاث جزء من قائمة طويلة بدول عربية اكدت الولايات المتحدة الأمريكية مشاركتها في محاولات حماية "اسرائيل" أمام الهجوم الإيراني !ونقلت القناة عن وسائل اعلام امريكية عن مسؤولين بالدفاع الأمريكية قولهم ان دفاعاتهم الجوية في ٨ دول عربية شاركت باعتراض الهجوم الأيراني على "اسرائيل "وجاءت الشهادات متواترة ان الطائرات والدفاعات والمضادات الجوية السعودية والأردنية شاركت بشكل فعال الى جانب الطائرات والمضادات الجوية الامريكية والفرنسية والبريطانية في اسقاط وصد المسيرات والصواريخ المتوجة نحو الكيان الصهيوني !!
وتضيف القناة العبرية القول ... ان امريكا و"إسرائيل" يسوقان موقف تلك الدول في سياق الغطاء الاقليمى لكيان الاحتلال، وضمن ترتيبات التحالف الاستراتيجي الذي يسعى الاحتلال لانشائه ضد ايران، كما صرح بذلك وزير الدفاع الصهيوني عقب العملية العسكرية الأيرانية الانتقامية واسعة النطاق ضد العدو... وكانت الحكومة الأردنية قد أعلنت تعاملها مع بعض الاجسام الطائرة التي دخلت مجال البلاد الجوي، في اشارة إلى المسيرات والصواريخ التي أطلقتها ايران ضد العدو. ووصفت وسائل اعلام صهيونية الخطوة الأردنية "بالتعاون التاريخي " وقالت انه" للمرة الاولى يجري التعاون العسكري بين الطرفين بصورة علنية " وهذا يشير بدوره إلى ان هناك تعاون عسكري بين الطرفين خفى، وهذا ما اكده الكاتب البريطاني في ميدل ايست آي
ديفيد هوست
حيث قال ان الملك حسين ابو الملك عبدالله ، قام بزيارة سرية للعدو قبل حرب ۱۹۷۳ واخبر رابين رئيس الوزراء يومذاك بأن مصر وسوريا سيقومان بهجوم عسكري على الكيان الصهيوني ما جعل المسؤولين الصهاينة يتخذون الاحتياطات اللازمة!!على اي حال، قال المتحدث باسم الجيش الصهيوني دانيال هاغاري عقب الهجوم الإيراني "ان اسرائيل" تعمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا الذين تحركوا الليلة - ليلة الهجوم الإيراني - لقد كانت هذه الشراكة وثيقة دائماً، لكنها تجلت الليلة بطريقة غير عادية"!!
2- ولأن الفضيحة باتت صارخة ومكشوفة للرأي العام توقع بعض المحررين الصهاينة، بأن يؤدي ذلك إلى تحرك الشعوب لقلب هذه الأنظمة، كما جاء ذلك على سبيل المثال في تحذير جاك خوري محرر الشؤون العربية في صحيفة هارتس الإسرائيلية حيث توقع بان تواجه الدول العربية التي اصطفت إلى جانب الكيان الصهيوني في حربه على غزة وكذلك خلال الهجوم الإيراني الأخير، صعوبة في تبرير تحالفها غير المسبوق مع تل ابيب لشعوبها. وقال أن تلك الدول التي يصفها العدو بالمعتدلة - عندما وضعت على المحك، اختارت جانب التحالف الأمريكي الإسرائيلي !!وقال جاك خوري مؤكداً : "أن دولاً وضعت نفسها في حالة تأهب قصوى واغلقت مجالها الجوي قبل الهجوم الأيراني، وهذا أمر لم يحدث حتى في حرب الخليج الأولى"!! لاحظ اخي القارئ، ان هذا الكاتب الصهيوني انه والصهاينة لم يكونوا يتوقعون تفاني هذه الأنظمة الى هذه الدرجة في تحدي مشاعر الأمة، وكل الأخطار المترتبة على هذا التفاني في الدفاع عن العدو !! ويضيف جاك خوري بتعجب على ما يبدو كاشفاً :" أن دولاً شاركت في الاستعداد للتصدي للهجوم الايراني ، وقدم بعضها معلومات استخباراتية، في حين اخذ البعض الآخر تدابير سرية رغم أنهم كانوا يدركون ان مصالحهم لم تكن تواجه تهديداً مباشراً، وبأن هدف الهجوم كان اسرائيل فقط !! وذكر خوري ، أنه ربما كان من الاسهل على الناس في تلك البلدان ان يستوعبوا تصرفات حكامهم قبل بضعة أشهر، عندما كانت الامور في الشرق الاوسط اكثر من عادية ".." لكن الحرب على غزة جعلت من الصعب على الزعماء العرب أن يشهروا تصرفاتهم بطريقة تقنع شعوبهم " !! وكأنه يريد القول أن هذه الانظمة ورغم العدوان على غزة الاّ انهم وقفوا صفا إلى جانب امريكا في الدفاع عنه متحدين - ارادة ومشاعر شعوبهم!!
2-على ان موقف الأردن تميز عن كل الدول العربية التي ساهمت في حماية الكيان لدرجة أن الصهاينة احتفلوا بدفاع النظام الأردني عن الكيان المحتل!! فقد نقلت صحيفة يدعوت احرونوت عن الصحفية الصهيونية سمرار بيري قولها انه بينما اختفى الملك الأردني بالتزامن مع الهجوم الأيراني دون أن يعلق على ماجرى ، كان يعمل خلف الكواليس على صد الهجوم لحماية أسرائيل و ذكرت بيري أن العاهل الأردني لطالما اكد للأسرائيليين أنه ملتزم بحماية أمنهم ومنع مرور الطائرات في اجواء الاردن ولن يسمح لإيران بالعمل في الاراضي الأردنية !! واكدت صحيفة يدعوت احرونوت، ان الاردن تعاونت ليلة الهجوم مع الاحتلال وسمحت له بتحليق طيرانه بحرية كاملة في سماء الاردن لمهاجمة الطائرات الايرانية !!وبالإضافة إلى ذلك، ساهمت الطائرات الاردنية مساهمة فعالة في التصدي للهجوم الايراني ، وهو ما اعتبرته صحيفة يدعوت احرونوت مفاجأة كبيرة في اي قاموس دبلوماسي" وفق قولها !! ووصل المديح والثناء الصهيوني على الاردن لدرجة الحديث عن أنه "كأن التعاون الذي كان بين الملك حسين واسحاق رابين يعود الى عهد عبدالله الثاني وبنيامين نتنياهو" بحسب قول الصحفية سمدار بيري!! في السياق ذاته نقل موقع "واينت" عن المحلل العسكري رون بن يشاي مزاعمه إن الهجوم الإيراني "فشل" بمساعدة كل من الامريكيين والبريطانيين والفرنسيين، وعلى ما يبدو الاردنيين أيضاً !! واعتبر بن يشاي ان سلاح الجو الاردني شكل مع القوات الأجنبية جدار صد للمسيرات والصواريخ الإيرانية مؤكداً اي بن يشاي ان الاردنيين حاربوا بشكل فعال من خلال تقاسم عمل دقيق ومخطط له مسبقاً إلى جانب "اسرائيل"!!
وتجدر الإشارة إلى انه حتى الاوساط الاعلامية والسياسية الامريكية والغربية اشادت بالدور الأردني في حماية الكيان الصهيوني فصحيفة ال النيويورك تايمز ذكرت عن مسؤولين صهانية ان الصحفي الصهيوني أمير تيبون احتفل في صحيفة هارتز العبرية بالدور الذي اداه الاردن في حماية العدو من الهجوم الإيراني!!
شهادات الاوساط الامريكية و الغربية: وهي كثيرة نشير إلى بعض قليل منها، ففي هذا السياق قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن بلاده استخدمت قاعدتها في الاردن لاعتراض اسلحة جوية ايرانية خلال الهجوم الايراني على اسرائيل، وذلك بطلب من السلطات الاردنية!! كما قال الكاتب البريطاني ورئيس تحرير صحيفة ميدل إيست أي البريطانية ديفيد هيرست في مقال له أن "الهجوم الإيراني على" أسرائيل "كشف للمرة الأولى عن قتال جيش عربي إلى جانب "اسرائيل" في اشارة للجيش الاردني وتصدي دفاعات الاردن الجوية لمسيرات إيران التي قصدت" أسرائيل "! وقال إن" الشئ الاكثر غباءً الذي فعلته مصادر أمنية "أسرائيلية" هو التبجح علناً بشأن التعاون الذي حصلت عليه من سلاح الجو الاردني الذي ساعدها على اسقاط الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز الايرانية"! واضاف هيرست في مقاله مشيراً إلى المفارقة فيما يخص موقف الشعب الاردني المؤيد للهجوم الإيراني.. قائلاً:- "وبينما كان سكان الأردن سواء من الفلسطينيين أوسكان الضفة الشرقية، يهتفون لتلك الصواريخ أثناء إتجاهها لأهدافها في" أسرائيل" ، قام الجيش الأردني باسقاطها نيابة عن الاحتلال !!
من جهتها صحيفة الوول ستريت جورنال اشارت الى ان الطائرات الأمريكية والبريطانية والاردنية الحربية لعبت دوراً مهما و اساسياً في صد المسيرات والصواريخ الإيرانية، ومنعها من الوصول إلى الأرض المحتلة..والى ذلك فأن مجلة" الفورين بوليسي" الأمريكية قالت ان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان شريك صامت في حماية إسرائيل من المساءلة الدولية إزاء الجرائم التي ترتكبها في قطاع غزة ! وأبرزت المجلة تأكيد بن سلمان على أن بلاده لا تزال ملتزمة بالتطبيع مع العدو رغم المجازر التي اقترفها ويواصل اقترافها بحق أهالي غزة!!
واشارت المجلة الى ان إصرار النظام السعودي على التطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني والتعاون مع الأطراف الدولية، فأن ذلك يوفر الحماية والدعم الامني لاسرائيل !! وهناك الكثير من الشهادات الغربية والأمريكية على دور بعض الانظمة العربية في الدفاع عن الكيان الصهيوني في الوقت الذي يتساقط العشرات والمئات من العوائل الفلسطينية بنيران العدو في غزة !! وكل ذلك يؤشر الى جملة معطيات في غاية الاهمية نشير إلى بعضها بما يلي:
1- ان ما تقدم يؤكد ان هذه الانظمة ماهي الاّ ادوات وجدت لحماية التوأم الاستعماري، الكيان الصهيوني والمصالح الاستعمارية في المنطقة، والباقي كله شعارات زائفة ومضللة.
2- أن الأولوية عند الاميركان والغربيين هي حماية الكيان الغاصب، ولذلك فأن على هذه الانظمة العربية العميلة القيام بواجبها حتى لو ادي ذلك إلى اسقاطها من قبل الشعوب الغاضبة، فالمسألة بالنسبة لمصير العدو ، هي مسألة حياة أو موت!!
3- ان وجود هذه الادوات واستمرارها مرتبط ارتباطاً وجوديا واستراتيجياً بوجود وبقاء الكيان الصهيوني، ولذلك فأن سقوط هذا الكيان يعني سقوط هذه الادوات المحتم
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق