اتهام رئيسة وزراء بريطانيا بالتستر على تقرير يدين السعودية بدعم التطرف
تواجه رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، ضعوطًا من أعضاء البرلمان والأحزاب البريطانية للكشف عن تقرير أعدته وزارة الداخلية البريطانية عن مصادر تمويلٍ خارجية للتطرف في بريطانيا.
من جهتها، قالت وزارة الداخلية، في بيانٍ “الوزراء ينظرون في التوصيات بشأن ما يمكن وما لا يمكن نشره من التقرير، وسيُطلعون البرلمان على المستجدات في الوقت المناسب”.
وأعربت زعيمة حزب الخصر، كارولين لوكاس، عن اعتقادها بأن التقرير الذي لم تنشره الحكومة رغم جاهزيته منذ العام الماضي، يركز على انتقاد السعودية.
وكان رئيس الوزراء السابق، ديفيد كاميرون، أمر بإجراء التقرير قبل نحو سنتين بخصوص التمويل الخارجي للإرهاب في بريطانيا.
التقرير البريطاني
تعرضت الحكومة البريطانية على مدى السنوات والأشهر الماضية لهزات عديدة بخصوص تحقيقاتها فيما يسمى بمحاربة الإرهاب والتطرف الضالعة فيه، وخضعت الحكومة لتأثيرات داخلية وخارجية دفعتها إلى إجراء تحقيقات طال بعضها جماعة الإخوان المسلمين ومدى علاقتهم بالتطرف في بريطانيا.
تأخر الحكومة البريطانية في الكشف عن التقرير، أرجعه مراقبون إلى حسابات سياسية، تمس حركات إسلامية، كما أنه لم يقتصر على جماعة الإخوان فقط، بل هناك تحقيق آخر عن تمويل الإرهاب، وتحت تأثيرات سياسية داخلية وخارجية، لم ينشر حتى الآن.
زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار، تيم فارون، قال “نريد أن نعرف وتريد الجاليات المختلفة في هذه البلاد معرفة مصادر التمويل؛ لتتمكن من تبرئة ساحة الغالبية العظمى من الناس الذي يعيشون بسلام في هذا البلد، كما نريد أن نتخذ إجراءات ضد من يمولون حملات الكراهية ودعم الإجرام ضد المدنيين الأبرياء”.
وأضاف فارون، أن البيان المكتوب أظهر أن السلطة بيد ماي لنشر التقرير، متابعا: “حجب التقرير يُعد بمثابة فضيحة، والاستنتاج الوحيد الذي يمكن استخلاصه، أنهم قلقون بشأن ما يحتويه”، واستطرد: “إننا نسمع باستمرار عن صفقات الأسلحة السعودية، أو زيارات الوزراء المتوجهين إلى الرياض وتملق الأسرة الملكية هناك، في حين ترفض حكومتنا إصدار تقرير ينتقد بوضوح السعودية، كنا نعتقد أن أمننا سيكون أكثر أهمية، لكن الأمر ليس كذلك على ما يبدو، يجب على تيريزا ماي أن تخجل من نفسها”.
تلكؤ الحكومة البريطانية في معالجة موضوع الإرهاب وتمويله بالشفافية والسرعة المطلوبة، أفسح المجال لجمعيات ومنظمات يمينية في بريطانيا للإدلاء بدلوها ونشر تقارير تزيد من الجدل، حيث وصف تقرير بحثي بريطاني مستقل، السعودية بالمروج الرئيسي للتطرف الإسلامي في المملكة المتحدة، الأمر الذي نفته الرياض، وقال التقرير الذي أعدته مؤسسة هنري جاكسون البريطانية لأبحاث الشؤون الخارجية ونقلته وسائل إعلام بريطانية، إن ثمة شخصيات ومؤسسات سعودية ضالعة بقوة في تصدير ما وصفه بالفكر الوهابي.
وأوضح الباحث في جمعية هنري جاكسون، توم والسون “نعلم أن للسعودية ما قيمته 65 مليار جنيه إسترليني منذ الستينات لترويج المذهب الوهابي في أنحاء العالم، كثير من تلك المبالغ ذهبت إلى الدول الإسلامية، لكن جزء منها ذهب للجاليات المسلمة في الغرب، ويشير البحث إلى أن ذلك غيّر من سلوك المسلمين في بريطانيا”.
وقالت الجمعية البريطانية “من السخرية أن توجه السعودية أصابع الاتهام لقطر في الخلاف الأخير بدعم الإرهاب، بينما السعودية وفقًا للتقرير، فشلت في التعامل مع قضاياها الداخلية”، وأضافت أن المملكة تعد الممول الرئيسي لمؤسسات دينية في بريطانيا مرتبطة بالتطرف وبأشخاص شاركوا في أعمال العنف، مؤكدة أن الرياض انفقت في عام 2015 نحو 4 مليارات دولار لنشر الوهابية.
وأكد مراقبون بريطانيون أن الأزمة الخليجية الأخيرة، والاتهامات المتبادلة بدعم الإرهاب، فتحت الباب على مصرعيه لكل الجهات المتطرفة في مهاجمة كل وجود عربي أو إسلامي ووصفه بالإرهاب.
وفي صحيفة جارديان البريطانية علق الكاتب أون جونز، على الاتهامات الموجهة لتريزا ماي بدفن تقرير حول تمويل السعودية للإرهاب في المملكة المتحدة، حيث يرى أنها خشية إلحاق الضرر بالعلاقات مع حليفتها السعودي، قائلا “من حق الشعب البريطاني الذي أصيب بصدمات نفسية جراء فظائع متكررة استهدفت المدنيين الأبرياء عمدًا، معرفة ما إذا كان أصدقاء حكومتهم يعرضون حياتهم للخطر”، مضيفًا أن عدم نشر التقرير يثير شكوكًا في أن المحافظين يضعون الأولوية للعلاقات الدبلوماسية والمصالح الاقتصادية على الأمن الوطني لبلدهم، وطالب الحكومة بنشر التقرير فورًا، وإذا لم تفعل، سوف تواجه تهمة وضع قيمة أعلى لتحالفها مع الطغاة القتلة على أمن شعبها.
بقلم : خالد عبدالمنعم
ارسال التعليق