السلطات السعودية تعتزم القضاء على القضية الفلسطينية
ضمن مسار "السعودية" -التاريخي- العامل على نسف حقيقة أن الأرض الفلسطينية هي أرض عربية "من البحر إلى النهر"، أعلنت عن عزمها استضافة أول اجتماع رفيع المستوى لما يُسمّى "التحالف العالمي لحل الدولتين".
أتى الإعلان عن "بدعة التحالف" الجديدة، على لسان وزير خارجية البلاد، فيصل بن فرحان، خلال الاجتماع الوزاري في الأمم المتحدة بشأن القضية الفلسطينية، حيث قال: "باسم الدول العربية والإسلامية والشركاء الأوروبيين، تم إطلاق (التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين)، وندعوكم للانضمام إلى هذه المبادرة، مؤكدين على أننا سنبذل قصارى جهودنا لتحقيق مسار موثوق لا رجعة فيه لسلام عادلٍ وشامل. ونتطلع إلى سماع ما لديكم للإسهام في إنهاء هذا الصراع، حفاظًا على الأمن والسلم الدوليين".
وعلى وقع مجازر الإبادة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة ولبنان، تستكمل البلاد حديثها عن "سلام" تصبو إلى تحقيقه فعليا، لكن في ظل غياب تام لكل حركات المقاومة المسلحة من المنطقة برمتها، فيقول فيصل بن فرحان أن "قيام الدولة الفلسطينية المستقلة حق أصيل وأساس للسلام".
محافظا على نبرة حديث مسالمة مع سلوك جيش الاحتلال الاسرائيلي في لبنان، وموازٍ -كما جرت العادة- بين جيش الاحتلال وجيش المقاومة، قال فيصل بن فرحان: "نشهد في هذه الأيام تصعيدًا إقليميًا خطيرًا يطال الجمهورية اللبنانية ويقودنا إلى خطر اندلاع حرب إقليمية، ونطالب بالوقف الفوري للحرب القائمة، وجميع الانتهاكات المخالفة للقانون الدولي، ومحاسبة جميع معرقلي مسار السلام".
الدور الذي تحاول "السعودية" لعبه في المنطقة، يتمثل منذ أكثرمن سنة على شكل استضافة قمم على أرض شبه الجزيرة العربية، وادعاء العمل على تحقيق سلام وهميّ. لأن كل الدلائل تشير إلى خشية "السعودية" من توسع الحرب بشكل تطال فيه مصالحها ومستقبل مشاريعها التي بذلت لأجلها مليارات الدولارات من خيرات أبناء شعب الجزيرة العربية، وفي الوقت نفسه تظهر حماسها للقضاء على كل فصائل المقاومة في المنطقة كي يفسح لها المجال لتأدية وظائفها الإقليمية الموكلة إليها من أميركا.
الأميركي والصهيوني، بنفسه، تحدّث مراراً عن الخدمات التي قدمها آل سعود إلى الكيان الإسرائيلي في حروبه الحالية على غزة ولبنان، كما السابقة. إلى جانب الأحاديث الإعلامية والسياسية الغربية المؤكدة على أن المستوى السياسي في البلاد ما يزال يبحث عن سبل لتنفيذ صفقة التطبيع مع كيان العدو، مع المحافظة على علاقات دافئة مع طهران وعدم إثارة ضغينة الشعوب العربية والإسلامية على من ادّعت حملها "راية الإسلام والمسلمين".
كان في سياقها ما نقلته صحيفة The Jerusalem Post الصهيونية في الثامن والعشرين مِن أكتوبر الجاري، حيث سلّطت الضوء على التناقض ما بين تصريحات محمد بن سلمان في العلَن وتصريحاته خلفَ الأبواب المُغلقة، فيما يتعلّق بملفّ التطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي.
أشارت الصحيفة إلى أنه منذ توقيع اتفاقيات “أبراهام” في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أصر محمد بن سلمان على ربط أيّ صفقة تطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي بقيام دولةٍ فلسطينية، لكِنِ اتّضَح وجودُ تناقُضٍ بين ديبلوماسية البلاد مِن حيث ما يتمّ عرضُه على الساحة العامّة، وبين ما يحدث واقعًا خلفَ الأبواب المُغلقة. ففي يناير الماضي، أخبر محمد بن سلمان وزيرَ الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنه لا يهتمُّ شخصيًا بما أسماهُ “القضية الفلسطينية”.
وأضافت الصحيفة أنّ صفقة التطبيع السعودي-الإسرائيلي ستُقدّم مخطَطًا كاملًا للتعاون. وفي هذه الحالة، فإنّ الرياض لن تُخاطر بتقويض التحالف وستُركّز على تعميق ارتباطها بتل أبيب، مع المحافظة على تدفئتها للعلاقات مع طهران. كما توقعَ مُحَلّلون، ونصحوا بأن يزِنَ ابنَ سلمان مكاسبَه مِن هذه الشراكة البعيدة المدى، لا سيّما وأنه موعود بصفقةٍ دفاعيةٍ مشترَكة مع الولايات المتحدة الأميركية، في حال وصول المرشّح دونالد ترامب إلى سُدّة الرئاسة مَطلِعَ نوفمبر المُقبل.
ارسال التعليق