أحلام أبو رصاصة الى الهاوية.. هل ستتحقق النبوءة؟؟
[حسن العمري]
بقلم: حسن العمري
كتبت صحيفة "لاكروا" الفرنسية، أن الحكم السلطوي الذي يمارسه محمد بن سلمان أضعف المملكة، خاصة أن والده الملك سلمان غفر له وتناسى كل شيء، منها عملية تصفية واسعة النطاق استهدفت الأسرة الحاكمة في تشرين الثاني/نوفمبر 2017 وذلك بعد اسبوع فقط من زيارة جاريد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، سهر الأثنان لأكثر من 3 ساعات تم خلالها دراسة كيفية تنفيذ ولي العهد مخططه بدقة للتخلص من خصومه في إعتلاء العرش متخطياً بذلك كل أعراف ومواثيق الأسرة السعودية الحاكمة في تسلسل أبناء عبد العزيز بلوغ السلطة من كبيرهم حتى صغيرهم.
بروس ريدل الخبير بمعهد بروكينغز والمتخصص في الشرق الأوسط، كتب يقول: أن ولي العهد السعودي خلق عهدا من الإرهاب لم يسبق له مثيل في تاريخ المملكة الحديث، وأضاف أن اغتيال خاشقجي ليس سوى قمة جبل الجليد القمعي، مشيرا الى أن محمد بن نايف لا يزال قيد الإقامة الجبرية في منزله بعد ما يقرب من عامين على إقالته، وأن المملكة تراقب الإنترنت عن كثب، فيما الحملة الشاملة ضد المعارضين لسلطته والتي نفذها "فريق التدخل السريع" بقيادة سعود القحطاني، لم تميز بين إسلاميين وناشطين ورجال دين ومثقفين، وناشطين في مجال حقوق المرأة ما يكشف بوضوح زيف تشدقه بشعار إعطاء المرأة السعودية حقوقها.
ليس من باب الصدفة أو حب العرش السبب الوحيد في سياسة البطش لأرعن آل سعود "أم بي أس"، حيث لا يزال أهالي العاصمة الرياض تلك الحكاية عنه والتي تتداولها بين الحين والآخر وسائل اعلام غربية وهي أنه “ذهب مرة الى موظف بالسجل العقاري كي يساعده ليضع يده غاصباً على قطعة أرض كان يريدها. وبعد أن رفض الموظف ذلك، قام أبن سلمان بإرسال رصاصة إليه في ظرف بريدي كتحذير.…” ليحصل شاب آل سعود المراهق بعدها على شرف لقب “أبو رصاصة".
الإدارة الأميركية الجديدة كانت قد خلصت الى أن ولي العهد السعودي هذا الشاب المراهق الأرعن هو العنصر الذي تبحث عنه لتمرير مخططاتها في المنطقة، حيث قال كبير مستشاريه (سابقا) للشؤون الاستراتيجية، والعضو السابق في مجلس الأمن القومي (قبل أن يعزله ترامب): “كنا في حاجة لعنصر “تغيير” في المنطقة… وهنا بالضبط، دخل محمد بن سلمان اللعبة. كان هو عنصرنا المطلوب.. فقد وعد كوشنر خلال لقائهما المطول في الرياض بتنفيذ كل ما يطلب منه"، ومن هنا بدأ إهتمام ترامب به حيث لم يكن المستقبل السياسي لمحمد بن سلمان مضمونا قبل ذلك في الأسرة الحاكمة"؛ ما دفعها الى إقامة علاقة وثيقة وحميمة بين الأثنين حيث تبادل الرسائل والمكالمات الهاتفية اليومية المطولة - وفق ضابط أمريكي رفيع يجتمع بانتظام مع محمد بن سلمان.
لكن كل ذلك لن يقلل من خطر إنحدار "أبو منشار" والمملكة نحو هاوية السقوط لسبب سياساته وإجراءاته الإستعجالية وغير المحسوبة التي ينتهجها حيث يعجز المتابعون للشأن السعودي أن يتنبّأوا بتصرّفاته وبقراراته المستقبليّة التي يمكن أن يتّخذها، فهو لم يقرأ التاريخ ولم يستوعب عبره، ولم يقتد بأعمامه في طريقة الوصول للحكم، بل كل ما في الأمر، إقصاء وإعتقال وسجن كل من يقف عقبة في طريقه، عمّاً كان أو أبن عمّ؛ حسب وصف ديفيد اوغناتيوس في صحيفة “واشنطن بوست”، مشدداً أن المراقبين يؤكدون اقتراب المملكة من صراع دموي على السلطة بين الأمراء, يلعب ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد دور المحرك إنتقاماً.
"مركز أبحاث الأمن القومي" في جامعة "تل أبيب"، فقد توقع في دراسة له بتهاوي استقرار نظام الحكم في السعودية بعد الفشل الذي أصاب ولي العهد محمد بن سلمان في عدة جبهات، منها عجزه مواجهة ايران في المنطقة، والفشل المدوي في الحرب على اليمن، وفشل حملته ضد قطر، والأهم هو فشل رؤيتة الإقتصادية والإجتماعية التي أسماها "رؤية 2030"؛ فيما الأهم والأكثر خطراً من كل ذلك هو نقمة الأمراء ومن خلفهم الشعب ما سيؤدي لهبة جماهيرية، احتجاجاً على تدهور الأوضاع الاقتصادية في المملكة.. فيما يرفع المتظاهرون المعتصمون أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم هتافات وشعارات ضد "التدخل السعودي الإماراتي" في شؤون بلادهم.. انها "إشارة ثورية "حمراء" بطريق السعودية والإمارات.
أحدى سيناريوهات تهاوي استقرار النظام الأسري الحاكم في السعودية، تحدثت عنه دراسة أعدها كل من عاموس يادلين الرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، ومدير وحدة دراسات الخليج في المركز يوئيل جوزينسكي - عن إمكانية حدوث انقلاب "صامت"، يقوم به أحد الأجنحة في العائلة المالكة، أو انقلاب عسكري يمكن أن ينهي حكم العائلة، أو هبة جماهيرية عارمة، تقلص من قدرة الحكم في الرياض على السيطرة على الجغرافيا السعودية.. حيث مصالح "إسرائيل" الاستراتيجية ستتضرر بشكل كبير، وستخسر "تل أبيب" العوائد التي تجنيها من شراكة السعودية كقائد المحور العربي "المعتدل" في المواجهة ضد إيران ما يفسر دفاع رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو المستميت عن محمد بن سلمان وبلوغه العرش.
يقول المصريون، أنه بسرد سريع لأفعال "أم بي أس" منذ توليه السلطة يستطيع الشخص أن يدرك مدى انعدام خبرته العملية وضعف بصيرته السياسية وتصحر مخزونه الفكري بما يتعلق بأحداث التاريخ والسنن الكونية.. ومَثَلُ آل سعود في أفعالهم كمثل الثور الأبيض الذي خان ملّته وأهله وفضّل البحث عن الأمان عند عدوه لا لشيء إلا لحرصه على حياة ولو بائسة، إلا أنّ آل سعود قد تمادوا في الخنوع لدرجة أنهم لم يكتفوا بالخيانة المجردة بل شاركوا في كثير من الأحيان بالغدر والإجرام، وما دعم انقلاب السيسي في مصر بالرز الخليجي عنا ببعيد.. كما هو الحال في تدخلهم لحرب ليبية – ليبية أشعل فتيلها عميلهم حفتر.
لقد بدأ نجل سلمان الطائش مسيرته القمعية بزجّ العلماء والمصلحين والنشطاء في السجون وأتبعها بسياسات تغريب المجتمع عن جذوره الاسلامية بتشجيع الانسلاخ الفكري واستيراد نماذج مجتمعية مشوهة لم تستثنِ متردية ولا نطيحة، ثم توج أفعاله بدفع المليارات لترامب في مشهد أقل ما يوصف أنه مذل، ولا يكذب القائل أن ابن سلمان قد أعاد لخزانة أسياده في يوم واحد ما يعادل كل ما دفعه حكام النصارى من جزية عبر التاريخ؛ وحول المملكة من دولة هامة ذات دور رائد وقوي ولها نفوذ عالمي كبير الى بلد فاشل يقوده بخطواته نحو الهاوية.
“معهد دول الخليج” في واشنطن أنتقد بشدة سياسة ولي العهد معتبراً أنه "يقود المملكة الى نفق غامض أشبه بالهاوية.. فهو قليل الخبرة وعديم الصبر وحريص على استعراض قوته المفتون بها.. وأن سيطرته المطلقة على أجهزة الدولة لها عواقب سلبية كبيرة في المستقبل، وقد كان هذا الفشل واضحا في العديد من الأمثلة.. وصحيفة "هاآرتس" الاسرائيلية، كتبت "انها نهاية محمد بن سلمان".... وما المجزرة الأخيرة بحق خيرة شباب المملكة التي ذهب ضحيتها العشرات برؤوس مقطعة لا ذنب لغالبيتهم سوى الدعوة لنبذ العنف والقمع والتمييز والمطالبة بالتساوي والعدالة، ولم تسلم جثثهم لذويهم بعد؛ نموذج حيّ لهمجية وجبروت وطيش أبو رصاصة وقرب سقوطه.
ارسال التعليق