إتمام صفقة التطبيع السعودي رهن متغيرات إقليمية ودولية
أفق صفقة التطبيع:
يعتقد الناشط السياسي محمد العمري أن عملية التطبيع وصلت اليوم إلى مرحلة شائكة، " فقد توقفت عجلتها، وإن كانت الحكومة السعودية بذلت مجهودا كبيرا في مسألة التطبيع الشعبي عبر خلايا المخابرات السعودية التي يقوم عليها أنور عشقي وتركي الفيصل ومحمد سعود" .
أما على صعيد التطبيع الرسمي، يؤكد العمري على استمرارها وإن في الخفاء وفي حالة تعليق، ذلك لعدم قدرة السلطة السعودية الآن على إظهاره خاصة بعد قيام طوفان الأقصى.
يلفت العمري إلى أن أمام هذا المستجد نجدها خففت من ضغط التطبيع الشعبي، وتوجهت خلال هذه السنة أكثر إلى عملية الترويج لحل الدولتين، الذي يشكّل غطاء لعملية التطبيع.
تنطلق " السعودية" ، وفقا للعمري، في مسار الاحتيال على القضية الفلسطينية، بداية من الاعتراف بالسلطة الفلسطينية كدولة، وثانيا حل الدولتين كدولة منقوصة السيادة. يتابع: لكن على أرض الواقع شهدنا وما زلنا أساليب التضييق على المتضامنين مع القضية الفلسطينية في الحرم المكي على وجه التحديد، رغم ما يشكله هذا الأمر من محظور شرعي.
محددات العلاقة الصهيو- سعودية:
في تفصيله لما يحكم العلاقات السعودية- الصهيونية اليوم، يذكر الناشط الحقوقي في حديثه مع " مرآة الجزيرة" :
أولا؛ الحماية الأميركية المتمثلة بالحماية العسكرية بما في ذلك القواعد العسكرية في الخليج وصفقات السلاح، ومعاهدة البترولار، وغيرها.
معتبرا أن ما ستأتي به العلاقات الصهيو- سعودية العلنية هو إظهار هذه العلاقة بين الكيان الإسرائيلي والسعودي فقط لا غير، لأن الحلف العسكري بين أميركا وكُلّا من الكيان السعودي والصهيوني هو قائم منذ زمن.
ثانيا؛ خضوع صفقة التطبيع في ظل حكم محمد بن سلمان لمعادلة التطبيع مقابل الحكم: فالاميركي سيوفر ضمانة لحكم ابن سلمان في ظل تنافي تسلم محمد الحكم مع تسلسل " الأسرة السعودية" ، مقابل إتمامه التطبيع.
وفي نقطة اخيرة، يشير العمري إلى عملية الرشوة الكبيرة التي قدمها ابن سلمان على دفعات للكيان الاسرائيلي، من خلال الأموال الهائلة التي بُذخت لشركات وشخصيات صهيونية.
الخطاب الإعلامي السعودي:
يؤكد العمري في حديثه عن التغطية الإعلامية السعودية المتماهية مع آلة القتل الصهيونية، على أن " الإعلام السعودي هو إعلام سلطة تابع لهيئة التأسيس، لذلك تغيب أفق الحرية الإعلامية وحتى حرية الرأي العالم الذي يستحيل أن نجده متمثلا في الإعلام."
وعليه، فإن " ما يعكسه الإعلام السعودي هو توجهات " الدولة" الاستراتيجية، سواء في المجال الاقتصادي ام الاجتماعي أم السياسي" .
وهنا يقدم العمري تقسيما للإعلام السعودي:
1-الإعلام الرسمي: وكالة الأنباء؛ التصريحات الرسمية. يكون فيها شيء من " التأدّب" مع القضية الفلسطينية.
إلى جانب كتاب الرأي في الصحافة السعودية، التي يكتب فيها من يتم اقتناءهم من قِبل المخابرات السعودية، فنجد فيها تماديا وتطاولا على القضية؛ سيما في الصحف التي تصدر من الخارج.
2-الإعلام البديل: وهو المتمثل بنشاط الذباب الإلكتروني، المتمثل بصحفيين ونشطاء وسياسيين وعسكريين، إلى جانب الهويات المخفية التي تدير حساباتها مكاتب المخابرات.
منوها إلى أن " عدد هؤلاء بالآلاف، ودورهم تشكيل رأي عام الكتروني مزوّر، لكنهم في الوقت نفسه يمثلون حقيقة الموقف الإعلامي الرسمي" .
مؤكداعلى أن " هذا الإعلام البديل يعكس الموقف الرسمي الحقيقي من مختلف القضايا، مثل قضايل الصراع الدولية" .
واضعا المواقف السياسية، وتبعا لها المواقف الإعلامية ل" النظام السعودي" ، في سياق أصل نشأة " الدولة السعودية" والكيان الصهيوني، نهاية الحرب العالمية الأولى عندما احتلت فلسطين من قبل الجيش البريطاني، كانت نشأة واحدة، حين مكّن الأخير الحكم لعبد العزيز آل سعود.
قبول بالإبادة واستعجال " حل الدولتين:
يعتقد المعارض السياسي محمد العمري، أن " السعودية ليست قلقة بشأن الإبادة، بل قلقة من تأخر الابادة في حسم الحرب لصالح الصهاينة، ذلك بسبب أن الحكومة السعودية ومنذ عشر سنوات ترتكب الابادة في اليمن، وتتخاذل مع السياسات الأميركية في المنطقة" .
معتبرا أن " تصريحاتها الداعية لوقف الابادة لا يخرج عن سياق محاولة التماهي مع موقف شعب شبه الجزيرة العربية والشعوب الإسلامية، التي لا تزال الحكومة السعودية تقيم لها وزنا بدرجة معينة" .
فيما بخص إصرار السعودية على تبنّي حل الدولتين رغم أنه يشرعن وجود الاحتلال في فلسطين، يؤكد العمري على أن " معادلة حل الدولتين هي جريمة بحق القضية العربية لأنها تمكّن المغتصب من جزء من الحق الفلسطيني" .
يشير في هذا السياق إلى أن " السعودية تخالف اليوم ما كانت تروج له سابقا على أنه قناعات، خاصة في عهد عبد العزيز وسعود، حينما قطعوا امدادات البترول، وسمحوا بالتظاهرات التضامنية مع القضية، وغيرها من المظاهر التي كانت تعكس تسامحا نسبيا مع القضية" ، لافتا إلى أن عهد ابن سلمان فريد من نوعه من ناحية الاستعداد للتخلي عن كل شكليات التضامن مع القضية مقابل تمكنه من العرش.
في حديثه عن دعوة الرياض لقمة حول غزة؛ يرى المعارض السياسي أن السعودية تنشط في الحقل السياسي معتبرا أن نشاطها في القضية هو نشاط مخادع، فخطابها السياسي يفيد باهتمامها بالقضية الفلسطينية، فلو صدقت بذلك لكانت قدمت السلاح ولشاركت في انشطة كثيرة.
حول توقيت عقد القمة في ١١ نوفمبر أي بعد الانتخابات الأميركية، يرى أنه توقيت ينسجم مع توجهات الحكومة السعودية التي تفضل الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية، ففي حال فاز ترامب في الانتخابات الأميركية يكون هذا المؤتمر بمثابة داعم للسياسة الأميركية.
استطرادا في مسألة فوز ترامب، يرى العمري أن الإعلان عن صفقة التطبيع سوف يكون شبه مكتمل، لكي يُقدّم كهديّة له.
وهو الإعلان الذي لا يعتقد العمري أنه سيُقابل برفض داخلي على شكل احتجاجات، بسبب الخوف من ردات فعل السلطة من الاعتقال أو تضييق، منوها إلى أن الاعتراض سينحصر على مستوى النخب الإسلامية والسعودية المتواجدة في الخارج.
ما حصّله ابن سلمان وما تخلّى عنه:
يقول مدير مركز الجزيرة للإعلام، محمد العمري، لـ" مرآة الجزيرة" ، أن أهم ما سيحصّله ابن سلمان من صفقة تطبيع هو أنه يكون ملكا محميّا من الخارج والداخل، فهو مقابل ذلك قدّم الدِّين والقيم والمبادئ وثروات البلاد، حتى تحولت البلاد إلى ما يشبه الحديقة الخلفية للأمريكان."
حول رفع الحظر عن تسليح الرياض، يرى الناشط الحقوقي أنه له علاقة بمصالح الشركات الأميركية المحتكرة للسوق السعودي، لأنه في حال غياب السلاح الأميركي سوف ترفع السعودية من جرعات الأسلحة الروسية والصينية وهو ما يتعارض بطبيعة الحال مع مصلحة أميركا.
منوها إلى تحول هذه الصفقات العسكرية إلى رشاوي سياسية، ذلك عندما تكون تكلفتها بعشرات مليارات الدولارات، وتتحول بدورها إلى باب للسرقات.
ارسال التعليق