التصفية الجسدية؛ عنوان السياسة الجديدة لولي العهد
[ادارة الموقع]
يتجه ولي العهد السعودي نحو مغامرة جديدة تحمل أبعاداً خطيرة على مستوى الداخل الذي بدأ يعاني بتسارع ملحوظ من تصرفات بن سلمان وتهوره في ادارة البلاد، فبعد أن كان شباب المملكة بأكثريتهم يتوسمون به خيراً أصبح يشكل عبئا ثقيلا عليهم وعلى مستقبلهم، فلم يستطع الأمير الشاب أن يتماهي مع هموم شباب البلاد ولم يتمكن من تقديم أي خدمة عملية تذكر لهم، كانت مجرد وعود انتهى بها الحال نحو الوهم، وبالتالي أصبح واضحاً لنا جميعا بأن بن سلمان لا يخدم سوى نفسه وسعيه الحثيث للوصول إلى العرش وكل ما يخرج عنه من قرارات ومواقف تنبع من هذه الخلفية النرجسية الانانية، ويمكننا ايضاح ذلك بسلسلة الاجراءات التي قام بها ولي العهد منذ وصوله إلى ولاية العهد وحتى اللحظة من خلال النقاط التالية:
أولاً: ازاحة كل من يشكل عائق في مسيره نحو السلطة، وبالتالي كان عليه ابعاد القادة السياسيين والعسكريين لتحقيق هذا الشرط، وبالفعل تمكن بن سلمان في حادثة بعيدة عن الخلق العربي والاسلامي من ازاحة عمه مقرن من منصب ولي العهد ثم ازاحة ولي العهد السابق الامير محمد بن نايف من منصبه والسيطرة على هذا المنصب بمباركة والده الملك سلمان، ومع ذلك لايزال خطر بن نايف قائما حتى اللحظة فالرجل لا يزال يملك قاعدة شعبية بين الأمراء والمواطنين وبالتالي سيبقى مصدر تهديد لولي العهد ومن الصعب جدا التعامل مع هذه المسألة، لذلك لابد من المراقبة الدقيقة له ومحاولة جذبه من جديد واحتضانه وهذا ما يفعله بن سلمان لكن الأمر لازال مقلقا له.
وقبل عامٍ من الآن كشف حساب "محمد بن نايف" على موقع "تويتر" أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان اعتقل الامير تركي بن بندر والامير سعود بن سيف النصر والامير سلطان بن تركي، وعددا من المعتقلين والمشايخ الرافضين لعلمنة السعودية.
هذه الكلام يوضح بأن خيار التصفية الجسدية قائم وممكن أن يتعرض له اي شخص يخالف أوامر الأمير الشاب، ولا فرق بين أمير أو رجل دين او داعية، فحتى اللحظة لا يزال بن سلمان يضيق الخناق على هؤلاء عبر أساليب مختلفة في سبيل وصوله إلى العرش، ومع ذلك لم يتمكن حتى اللحظة من الوصول إليه علماً أن الحديث كان يجري أنه سيصبح ملكاً للبلاد منذ أيلول الماضي، ولكن هناك عشرات الأسباب التي منعت ذلك، أبرزها يتعلق بالسياسة الخارجية الفاشلة التي أرهقت كاهل المملكة، فمن فشل في اليمن إلى فشل في لبنان وسوريا وقطر ليتبعه فشل في التعامل مع الغرب وخسارة حلفاء مهمين، لم تكن كندا أخرهم فقد سبقتها المانيا والسويد والنمسا.
هذا الفشل ربما يقود بن سلمان إلى التهور مجددا وهذا ليس بالغريب عن شخصيته، فقد تعود ولي العهد على الهروب إلى الأمام عند كل مشكلة يتعرض لها، وعلى ما يبدو أن الأمير الشاب لن يسمح لأحد بالتدخل في سياسته الداخلية والخارجية وهو مصر على قرار اقصاء أي أحد يقف في وجهه في هذا المسار، معتمدا بذلك على الولايات المتحدة الأمريكية التي أفرغت جيوبه ولن تخجل في سحب المزيد من الأموال في المستقبل.
يريد أن يقول بن سلمان ان لا علاقة لأحد بسياسته داخل المملكة، وحملات الاعتقال سيمضي بها تجاه أي أحد يمكن ان يقف في طريقه، ولن يتردد بأبعد من ذلك.
ثانياً: التصفية الاقتصادية، برزت هذه النقطة بشكل كبير بالحدث الذي حصل في فندق "ريتز كارلتون" الذي حوله ولي العهد سجن اعتقل فيه، 18 أميرا، وعشرات الوزراء السابقين، وأربعة وزراء حاليين، من بينهم الأمير الوليد بن طلال ووزير المالية السابق إبراهيم العساف.
كان يريد بن سلمان ابعاد خطر الأمير الوليد بن طلال عن مشاريعه الاقتصادية ومنعه من الاستفادة من مشاريع الخصخصة وغيرها من المشاريع التي كان من المقرر أن يتم الاعلان عنها في رؤية 2030، فضلا عن كون بن طلال يعد من المقربين من بن نايف وقد هدد مسبقا بسحب أمواله ونقلها إلى أوروبا في حال لم يتم الافراج عن بن نايف.
ثالثاً: التصفية الجسدية، هذا آخر ما توصل إليه ولي العهد بعد عجزه عن تحقيق ما يصبوا إليه وكثرة العراقيل في الداخل والخارج، ناهيك عن عجزه عن انهاء حرب اليمن وتورطه في صراعات سياسية مع دول غربية، لهذا بدأ يتجه الأمير بن سلمان نحو التطرف أكثر في سياسته.
في الأمس أفادت الأنباء عن مقتل المعارض السعودي المنتقد لسياسات سلطات الرياض، الشيخ سليمان الدويش تحت التعذيب في السجون السعودية، علما أن لديه رابطة دم مع الملك السعودي، ولم تنفي السلطات السعودية رسمياً صحة ما تردد من أنباء عن مقتل الداعية السعودي المعارض سليمان الدويش تحت التعذيب.
قد يستمر بن سلمان بهذا النهج خاصة في ظل وجود تجارب سابقة للنظام السعودي، أي أن الأمر ليس بجديد، لكن المشكلة الرئيسية اليوم في كثرة أعداء بن سلمان.
ارسال التعليق