الطامعون بالمال السعودي والتطورات القريبة.. احلام لن تتحقق
[حسن العمري]
* حسن العمري
ليس من العجب أن يكثر الطامعون بالمال السعودي لطالما هناك من لا يفقه السياسة والاقتصاد آخذ بزمام السلطة بقبضة حديدية من كل الجوانب، وأقرب الحلفاء المقربين يقر بفشل سياساته في مختلف القطاعات حتى الآن، وما يؤول اليه بات وليد ميت في النطفة صرف عشرات المليارات عليه لا يجدي نفعاً بل يزيد الوضع ماساوية أكثر فأكثر اقتصادياً وسياسياً، والحرب على اليمن تشير بوضوح الشمس غباء من افتعلها وقام بها نيابة عن أسياده فيما بات هو يغوص يوماً بعد آخر في وحل مستنقعها، تارة يلتمس العدو الشرقي وأخرى الجار الشمالي كوسيط لدى الأول عسى أن يخرج منها بما تبقى من ماء وجهه، لكنه لا يسمع سوى أن الحل هو في صنعاء ولدى الحوثي حصرا.
استعجل محمد بن سلمان زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة، بزيارة لمصر وتركيا والتوقيع خلالهما على عدة اتفاقيات بمليارات الدولارات ناهيك عن منح كل من القاهرة وأنقرة أكثر من 20 مليار دولار كهبة من أموال شعب الجزيرة العربية، ما يشير الى يأس ولي العهد من نتائج الزيارة المزمعة لبايدن وما سيتمخض عنه خاصة وأن الأخير لا زال مصر على عدم لقائه وربما لقاء والده سلمان ايضا بشكل منفرد وبعيداً عن الاجتماعات الخليجية والعربية والاسلامية التي من المقرر أن تلتأم في الرياض لهذه الزيارة على شاكلة ما تم لدونالد ترامب في مايو/أيار 2017 حصل الرئيس الأمريكي مكسباً كبيراً منها لبلاده وشعبه تجاوزت الاتفاقيات العسكرية وغيرها والهبات الملكية أكثر من تريليون دولار وفق مسؤولين امريكيين رافقوا ترامب في تلك الزيارة.
بن سلمان لم يحصل آنذاك على أي دعم لبلوغه العرش الذي كان يصبوا من وراء كل هذا البذخ والرشى التي منحها لترامب وصهره كبير مستشاريه جاريد كوشنر حتى يومنا هذا، سوى أن الرئيس الأمريكي منع ملاحقته في القضاء الأمريكي على فعلته الشنيعة بخصوص قتل وتنشير الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول عام 2018.. ربما سيحصل على المصير ذاته من خلال زيارة بايدن المزمعة للرياض في الوقت الذي يصر الأخير على معاقبته ومقاضاته على جريمة خاشقجي والحرب المتواصلة على اليمن ما يرفع ثمن هذه الزيارة الى أضعاف ما تم الدفع لترامب آنذاك – وفق مراقبين.
لا يختلف ولي عهد سلمان بطبيعته الهرمونية عن سائر أفراد الأسرة الحاكمة في شبه الجزيرة العربية منذ قرون مضت، والذين يتميزون بالقصور الفكري والعلمي وسرعة النطق بلا تفكير والحكم على الأشياء بلا تمييز لدرجة أنهم لا يميزون الناقة من البعير، غالباً خيالهم يسبق واقعهم وتوقعاتهم، وأرجلهم تسبق عيونهم في رؤية الأمور؛ لهم أعناق قصيرة وألسنة طويلة وعقولهم خفيفة وسيوف طويلة وقلوب صخرية على المسلمين، خاضعين خانعين أذلاء أمام الصهاينة فهُم الذين.. ما دفع المتهالك لخلافة والده على العرش والذي بات يستشعر الخوف والفزع والحرج الكبير مما سيؤول إليه مصيره لمسلسل الفشل والاجرام الذي يرتكبه يوما بعد آخر، يستبق خطى سيده وراعيه بجولة فاشلة ولدة ميتة لم تثمر عن شيئ ولم نسمع لها سوى صدا خجول حتى في وسائل الإعلام الحكومية السعودية كما يحصل في مثل هذه الزيارات سابقاً.
استبق محمد بن سلمان زيارة بايدن للرياض من أجل المشاركة في اجتماعات خليجية وعربية وربما اسلامية، بخطوة هزيلة مضحكة زار خلالها مصر ومن بعدها لساعات الى الأردن وتركيا حاملاً معه صكوك التطميع والالتماس من حكام هذه البلدان لدى راعي البقر الأمريكي عسى ولعل تثمر وساطتهم في عقد لقاء ولو لبضع دقائق مع الرئيس بايدن على هامش الزيارة حتى يخرج أبو منشار متبخترا متجبراً متفرعناً من أنه تمكن إرغام الراعي الأمريكي على لقائه، وأنه يحظى بدعمه مهما كان سجله دموياً أسوداً بفعل أفعاله الشنيعة داخل البلاد وفي محيطها العربي والعالم الاسلامي واستمرار العدوان على اليمن وما تمخض عنها من إزهاقاً للأرواح البريئة خير دليل ناهيك عن مسلسل الإعدامات الداخلية.
المراقبون للشأن السعودي يشيرون الى القلق والاضطراب المتزايد الذي يعيشه ولي عهد سلمان هذه الايام، والأوهام والهواجس الكبيرة التي ترافقه بسبب عدم معرفته ما إذا كان بايدن سيقبل باللقاء به أم أن كل جهوده هذه ستذهب إدراج الرياح والمليارات يأكلها الطامعون بمال أبناء الجزيرة العربية كالمعتاد دون بلوغ المبتغى، مشددين أن زيارته للقاهرة وعمان وأنقرة لم تكن سوى إستعراض عضلات أمام رقبائه من الأسرة الحاكمة والتغطية على فشله المتوالي في كسب ودّ ودعم الرئيس الأمريكي له، خاصة وإن الأخير لا يزال لم يحسم قراره لا باللقاء ومصرا على معاقبته فيما يخص مقتل الخاشقجي والحرب على اليمن كما ذكرنا سلفاً، ناهيك عن توجه الأرعن نحو الشرق لحماية وضمان العرش لكنها مساعيه هذه باءت بالفشل ايضاً.
البعض يتسائل: لو كان بمقدور السيسي وعبد الله وأردوغان تغيير وجهة نظر الراعي الأمريكي بشيء كان الأجدر بهم أن يجلبوا رضا سيدهم تجاه ما تعانيه بلدانهم من تدهور شديد من الناحية الاقتصادية والسياسية حيث باتوا يفقدون أدوارهم في المنطقة ويعيشون العزلة عربيا واوروبياً ولا أحد من هؤلاء العملاء يتمكن من تحريك ساكن بخصوص وضعه الداخلي فكيف به يتوسط لمحمد بن سلمان عند البوفالو ويغيير قراره.. تركيا تعاني من تضخم كبير يعد أعلى نسبة تضخم بين دول مجموعة العشرين وعلى مستوى العالم، فهو يأتي في المرتبة السادسة من حيث الدول الأعلى تضخما- وفق تحليل موثق نشر في صحيفة “وول ستريت جورنال” بقلم الصحفيين جالريد مالسين وكايتلين أوستروف، مضيفاً أن نسبة التضخم في تركيا أرتفعت الى ما يقرب من 75٪ في مايو/آيار الماضي.
"كريستالينا جورجيفا" مديرة صندوق النقد الدولي شددت أن أوضاع الاقتصاد المصري في تدهور كبير، واعتبرت أن مصر بحاجة ماسة الى الاستقرار مالياً، وعبء الدين لا يمكن تحمله.. في الوقت الذي تجري القاهرة محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج دعم يمكن أن يندرج تحت "خط احترازي" وقد يصل إلى 3.5 مليارات دولار، فإذا بالمنقذ الكبير محمد بن سلمان يمنح السيسي عشرة مليارات دولار لإنقاذ اقتصاد بلاده فيما الاقتصاد السعودي نحو الحضيض ويعاني الويلات جراء سياسته الفاشلة في شتى المجالات، والتضخم ينخر في جسد المواطن السعودي ونسبة الفقر تتفاقم في أغنى بلد في العالم وعائداته النفطية عشرة مليارات دولار يومياً على أقل تقدير - وفق مؤسسات اقتصادية اوروبية؛ ونسبة البطالة في المملكة تجاوزت الـ20% وفق احصائيات رسمية فيما هناك أكثر من 6800 شركة سعودية غالبيتها لأفراد الأسرة الحاكمة تنشط في مصر.
مسؤولون أمريكيون من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، أكدوا أن الرئيس الأمريكي يسعى خلال زيارته الأولى للمنطقة (تل أبيب والرياض) منذ توليه الرئاسة مطلع عام 2021، لتحقيق مصالح آنية واستراتيجية لواشنطن تعزز الاقتصاد الأمريكي وتنشط فرص العمل للمواطنين الأمريكيين على شاكلة ما أثمرت زيارة سابقة ترامب في 2017 لكن دون إعطاء سلمان ونجله أدنى أمتيازات متوقعة؛ مشيرين الى أن الوضع الاقتصادي الأمريكي المتدهور يفرض على جو بايدن القيام بذلك، خاصة ما يشهده سوق الأسهم الأمريكي من انهيار كبير قضى على أكثر من 7 تريليونات دولار من القيمة السوقية للأسهم القيادية في مؤشر ستاندرد آند بورز 500، وانخفض بنسبة 18٪ تقريبا منذ نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وبالكاد يكون فوق مستويات السوق (أي انخفاض بنسبة 20٪ من أعلى مستوى إغلاق أخير)، وكذلك انخفض مؤشر داو جونز بأكثر من 13٪ هذا العام ايضاً.
ارسال التعليق