الى أين يأخذ "بن سلمان" بلاد الحرمين الشريفين بعهره؟!
[حسن العمري]
* حسن العمري
كشفت وسائل اعلام سعودية وخليجية أن الرياض تعمل جاهدة على اقامة أكبر حفل موسيقي راقص في الشرق الأوسط بأمر من ولي العهد باستضافة مهرجان “ميدل بيست MDL Best" منتصف ديسمبر المقبل، يتضمن عروضاً لأكبر مجموعة من فنانيين ونجوم عالمية بارزة، وعروض رقص ماجنة مختلطة، في اطار مساعي العهد السلماني نحو تسفيه وتغريب لا ترفيه وسلخ مجتمع الجزيرة العربية من هويته الاسلامية والعربية ودفعه نحو الانحطاط الخلقي والعلمنة والفسق والفجور التي بات حتى عالم الغرب يشكو منها، فيما القائمين على الأمر في بلاد الحرمين الشريفين يسارعون نحو ذلك بوتيرة فائقة السرعة متجاهلين جلبهم لسخط الرب وسبب عقوبته على المجتمع برمته.
محمد بن سلمان وفي اطار مساعيه الحميمة هذه نحو إفساد مجتمعنا العقائدي المحافظ، أمر ببدء تدريس مناهج الرقص والموسيقى ضمن رؤية 2030 اعتبارا من هذا العام الدراسي لبلاد الوحي والتنزيل، الى جانب تنظيم حفلات غناء لمغنين عرب وغيرهم من أنحاء العالم ضمن مواسم متعددة منها موسم الرياض الذي أزال الشكل التقليدي للبلاد باستقدام مشاهير الغناء والرقص والموسيقى من مختلف أنحاء العالم.. في الوقت ذاته أصدرت وزارة التعليم السعودية في يناير الماضي قراراً بتقليص ساعات دراسة القرآن الكريم واللغة العربية لطلبة المدارس، حيث واجه ردود فعل كبيرة في الوسط الشعبي ووصف مغردون على مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأنشطة بـ “التحريض على الفجور”، من خلال صمت هيئة كبار العلماء على حفلات الغناء والموسيقى المحرمة في البلاد.
كل ذلك يدلل على سياسة العداء الفاضح لسلمان ونجله مع الدين الإسلامي الحنيف، ففي الوقت الذي منعت فريضة الحج على المسلمين وتم تقليصها الى آلاف مختصرة في داخل المملكة بذريعة جائحة كورونا، نرى هيئة ما تسمى بالترفيه تقيم حفلاتها الراقصة الماجنة بكل حرية ومتحور دلتا يعصف بالبلاد والعباد أضعاف مضاعفة عما يسببه فيروس كورونا حتى الآن وفق المتحدث باسم وزارة الصحة السعودية محمد العبدالعالي، قد صرّح الأسبوع الماضي إن المتحور الفيروسي “دلتا”، يعتبر أكثر المتحورات إثارة للقلق في العالم؛ ما يدفع بإثارة أكثر من تساؤل حول غاية وهدف قيادة النظام القمعي الحاكم من إقامة مثل هذه الحفلات الغنائية الراقصة المختلطة في ظل مثل هذه الظروف الصحية العصيبة؟!.
الأمر هذا يدل على الانهيار السياسي التي تعيشها السلطة الحاكمة والذي بات واضحاً وهذه الأفعال تعبر عن واقع حال النظام السياسي في بلادنا وتجسيداً لمساره وفشله في التضليل على المعاناة السياسية والاجتماعية والحياتية التي يعيشها أبناء الجزيرة.. ثم أن هذا الانهيار السياسي التي تعيشه السلطة الجائرة سيؤدي الى انهيارها من الداخل والى تحولها الى سلطة فاشلة أو ما أصبح متعارفاً عليه عالمياً "بنظام الموز" حيث التناحر قائم على قدم وساق بين أفراد الأسرة الحاكمة من أجل العرش والقوة والمال وحصص ومكاسب وفساد مستشري لعقود طويلة ستؤدي بالنتيجة الى انهيار النظام الاسري هذا عما قريب.
إقامة الحفلات الموسيقية في السعودية تشير الى أن أبو منشار يسعى لأن يظهر نفسه بصيغة جديدة، حیث أن موسيقى البوب والتجارة والسياسة تتحد معاٌ في سلطته وذهنيته العقلية، بدعوى أنه يريد أن يجعل المجتمع السعودي منفتحاً إلا أنها لن تنفتح سياسياً فمن الواضح أن السعودية ستبقى دكتاتورية تصدر قوانين لا يمكن التظاهر ضدها، ومن يعترض عليها يواجه عقوبات كبيرة في مقدمتها "سيف الحرابة".. الأمر الذي يواجه اليوم ردود فعل كبيرة من قبل شبابنا الواعي على منصات التواصل الاجتماعي مناشدين رعاة العهر من تركي آل الشيخ الى سيده محمد بن سلمان قائلين كفى فسقا وفجورا ومجاهرة بالمعاصي.
لا يختلف أثنان من أن البلدان التي تحكمها أنظمة تفتقر الى الفطنة والشفافية والحساسية المطلوبة تجاه معاناة مواطنيها وحقهم في حياة كريمة حتى في حدودها الدنيا لا يمكنها البقاء لفترة طويلة ولابد لها من الزوال، كما أن الشعوب المستكينة الخانعة المتواضعة في مطالبها الى حد الاستسلام لا تستحق أفضل مما تحصل عليه من فتات من حكامها المستبدين لأن الحقوق لا تعطى بل تؤخذ.. الى متى تستطيع السلطة الحاكمة الاستمرار في هذا النهج، وماذا سوف يحصل عندما تأتي لحظة الحقيقة وينتفض الشعب مطالباً بحقوقه المسلوبة؟!.
البطالة والفقر وانعدام الأمن والصحة والخدمات الاجتماعية وغلاء المعيشة وارتفاع أسعار المواد الغذائية والأدوية والسكن و.... في مملكة الذهب السود باتت اليوم واضحة حتى عند الرأي العام العالمي بسبب سياسة فاشلة قامت على الدخول في حروب الإنابة ودعم الإرهاب التكفيري واحتلال الدول وفرض الاستبداد على المجتمع الجزيري ما دفع الى امتلاء السجون بشكل فاحش؛ في وقت يسعى محمد بن سلمان التغني أمام العالم بالعمل على رؤية مولودة منذ أكثر من خمس سنوات وهي ميتة في الأساس ولم تحقق أي إنجاز بل تتجه نحو توسيع رقعة الأزمات وزيادة أعداد العاطلين عن العمل من دون أن تحرك ساكنا، سوى الإعلانات الوهمية عن مشاريع ووظائف كاذبة، في حين تتكبد البلاد انهيارات متتالية.
بدأ "بن سلمان" عامه الهجري الحالي مواصلاً عدائه للعادات والتقاليد الاجتماعية والمعتقدات الإسلامية في المجتمع السعودي بحضر مكبرات صوت المساجد، في وقت تتوالى أوامره على ضرورة اقامة الحفلات الراقصة الماجنة هنا وهناك وفي أقرب بقع من الحرمين الشريفين جدة وغيرها بحضور رقصات مشهورة جريئة وأعداد كبيرة من الحاضرين في ظل القيود المفروضة على التجمعات في البلاد بسبب جائحة فيروس كورونا، ورئيس هيئة الترفيه المستشار في الديوان الملكي تركي آل الشيخ يترنح يمين يسار مدشنا مقاطع الحفل الراقص وما تضمنه من مشاهد فاضحة.. فيما وزير الشؤون الإسلامية عبد اللطيف آل الشيخ يصدر تعميما مثيرا للجدل بقصر استعمال مكبرات الصوت في المساجد على رفع الأذان والإقامة فقط، وألا يتجاوز مستوى ارتفاع الصوت في الأجهزة عن ثلث درجة جهاز مكبر الصوت، واتخاذ الإجراء النظامي بحق من يخالف هذا التعميم!!.
المراقبون للشأن السعودي يرون أن تذرع السلطات الحاكمة في السعودية بانها تسعى الى راحة المواطنين من وراء اتخاذ قرارها الأخير يأتي في إطار سياسة محمد بن سلمان لسلخ الهوية العربية والإسلامية من الشعب ، تحت ذريعة مكافحة التطرف، وتنويع مصادر الدخل.. متسائلين عن فوائد وعوائد وحاجة بلاد الحرمين الشريفين لمثل هذه القرارات الدافعة بالشارع الشبابي نحو الانحلال والانحطاط الخلقي والديني والوطني، والبلاد تحتضن الحرمين الشريفين، اللذان يستقطبان ملايين المسلمين سنويا؟ وتمتلك إمكانيات سياحية ضخمة بوصفها بلد الوحي وقبلة المسلمين؟.
كل ذلك يثير أكثر من تساؤل حول دور المؤسسة الدينية للمملكة الذراع الداعم لسلطة آل سعود، وتلونها وفق أهواء العرش في تفسيق المجتمع السعودي ضمن التغييرات التي يدخلها ولي العهد السعودي على المجتمع المحافظ؟!، خاصة وإن هذه المؤسسة نجحت لعقود طويلة في الحفاظ على خطاب ديني متجانس، وقد عبر المثقفون والأكاديميون مرارا وتكرارا عن قلقهم من صرامة ذلك الخطاب، غير أن معظم العلماء المنتمين للسلطة الحاكمة الجائرة، امتنعوا ومنعوا الآخرين عن الخوض في هذا النقاش.
سرعان ما ذهبت هذه المؤسسة ومن فيها الذين باعوا ضمائرهم ودينهم وآخرتهم بحفنة مال منهوب ومسروق من لقمة عيشنا، ذهبت تهرول قبل السلطة نحو علمنة المجتمع الإسلامي وإنحطاطه وتفسيقه حيث صرح أحمد الغامدي الرئيس السابق للجنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة، أن الفصل بين الجنسين ليس له أساس في الإسلام.. وبالتزامن مع ذلك صرح الإمام السابق للمسجد الحرام في مكة عادل الكلباني، أن الموسيقى لا ينبغي أن يتم تحريمها و.. القادم سيكون أعظم.
ارسال التعليق