بروباغندا اصلاحات بن سلمان حبر على ورق والاعتقالات تتفاقم في المملكة
[حسن العمري]
بقلم: حسن العمري
"عندما نتحدث عن السعودية لابد أن نشير الی عدم وجود أي تشريع يسمح للعمل الحقوقي في المملكة، بل ان ذلك سيعرض النشطاء ودعاة الاصلاح للمعاملة كمجرمين. وقد شهدت الحالة الحقوقية في المملكة تدهوراً كبيراً منذ تولي محمد بن سلمان زمام السلطة رسمياً في السعودية، أن بروباغندا "بن سلمان" حول الاصلاح في البلاد لايمكنها إخفاء حقيقة الممارسات والانتهاكات الفاحشة المتواصلة التي ترتكب بحق الانسان وأبسط حقوق المواطنة من قِبَل سلطات المملكة" - يقول مختصون.
"مايكل بين" العضو في منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الانسان، يقول في حوار مع مجلة "شتيرن" الألمانية" أن التغييرات التي أعلن عنها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حول تطبيق الإصلاحات على كافة المواطنين السعوديين وتحسين أوضاع المرأة إنما هي في واقع الأمر "حبر على ورق. مشيراً الى أن وسائل اعلامي غربية وعربية وبفضل الأموال الطائلة التي درّت عليها طبلت لإصلاحات ولي العهد المزيفة، وهذا اعتساف لجزء كبير من الحقيقة، فجذور وجذوع وفروع الفكر الصبياني الطائش سُــقيت من معين الفكر الأسري السلطوي الفرعوني.
محمد بن سلمان في وضع "حيص بيص" بشأن تعبيد الطريق لركوبه العرش الملَـكي, وتغييراته الإصلاحية التي يدعيها ليست جاءت متأخرة وتجميلية ظاهرية بل أنها حدثت سريعاً بغية تحضير الشارع السعودي للمرحلة المقبلة وهي إنقلاب الأبن على الأب الذي لطالما يحدث في الإمارات الخليجية - حسب الخبير الأمريكي في الشؤون السعودية بيثان ماكرنان؛ فمن ينظر خلف الأبواب المغلقة والزجاج المعتم يرى أن السعوديين يعيشون القمع والعنف والطاعة العمياء لولاة أمرهم كما يسمونهم .
العديد من مسؤولي حقوق الإنسان في الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية منها منظمتي "العفو الدولية" و"هيومان رايتس ووتش"، أصدروا بياناً مشتركا واصفين المشهد السعودي بأنه مقلق للغاية وأن حملة الاعتقالات والتوقيفات التعسفية واسعة النطاق، حيث إضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان من أجل ممارستهم السلمية لحقوقهم فى حرية التعبير والتجمع وإنشاء الجمعيات وانتقاما من عملهم قوانين، تحت يافطة "مكافحة الإرهاب والقوانين الأمنية"، متهمين الرياض بملاحقة النشطاء العاملين على تطبيق حرية التعبير والرأي والمعتقد والدعوة للإصلاح والتغيير وتكوين الجمعيات والحق في التجمع، مشددين أن المملكة تجاهلت دعوات وجهت إليها من قبل خبراء الأمم المتحدة، والمنظمات الأخرى، للتوقف عن انتهاك حقوق الإنسان ومنع تكرار مخالفات كهذه مستقبلا.
"دانيال بيمان" الخبيرة في مركز الشرق الأوسط للسياسة بواشنطن كتبت تقول"إن بن سلمان وبذريعة أن بلاده ظلت متحجرة ومتخلفة والفساد يعبث فيها منذ وقت طويل، أطلق بعض الحريات الصورية وأقدم على إعتقال أكثر من 200 أمير ورجل أعمال سعياً منه لتقوية قاعدته الشعبية وفتح الطريق أمام الدعم الدولي لإعتلائه العرش دون منافس مستعيناً بعلاقته الوطيدة القائمة على إرشاء الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب، لكن الحقيقة تؤكد نزعته المتهورة وسياسته الطائشة التي تتأرجح بين الإحراج والكارثة ولها إرتدادها السلبي على أمن؛ ويرى الدبلوماسيون الغربيون أن لديه نزعة للتهور فسياسته في الشرق الأوسط تدفعهم لمنحه لقب “أخطر رجل في العالم” .
صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية كتبت في مقال تحت عنوان "الإصلاح يسير بالاتجاه المعاكس في السعودية"، أن الإصلاحات التي وعد بها ولي العهد السعودي غير حقيقية وتبخّرت مع حملات الاعتقال المتواصلة في المملكة ضد الناشطين الحقوقيين، ما تثير الشكوك حول مدى إلتزام "بن سلمان" بإصلاحاته التي تشدق بها، وسائل اعلام السلطة تنشر صور المحتجزين وتتهمهم بالخيانة، فيما المعتقلون لم يقوموا بشيء سوى التظاهر السلمي..
منظمة "Reprieve" أعربت عن قلقها الشديد إزاء إمكانية شن السلطات السعودية حملة الإعدامات بحق المعارضين تكرارا لأحداث أوائل عام 2016.. السعودية تمر بفترة من الغليان لم تشهده منذ تأسيسها حيث السلطة تستمر في إسكات الأصوات وتنفيذ الاعتقالات التعسفية للمنتقدين والمدافعين عن حقوق الإنسان، ولا أحد يدعم تغييرات "بن سلمان" والأمراء الذين همشهم يشكلون كتلة معارضة له وعقبة كداء في طريقه للسلطة.
تقارير تشير الى احتجاز السلطات للعديد من الناشطين والنشطاء والمعارضين يريد الأمير الطائش من خلالها تثبيط أي احتجاجات شعبية تسعى لمزيد من التغييرات الاجتماعية أو السياسية - وفق المسؤول الأمريكي في الشؤون السعودية ج.دانيلي، مضيفاً: الكثير من السعوديين عبروا لي عن مخاوفهم من شخصية وسياسة محمد بن سلمان وهم يربطون أسمه بالحاكم الديكتاتوري السابق للعراق "صدام حسين"، فيما نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا يشير الى إن حملة الاعتقالات ضد الناشطين الداعين لحرية الرأي تقدم صورة متناقضة عن بروباغندا إصلاحات ولي العهد السعودي.. المتحدثة باسم مفوضية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ليز ثروسيل تقول "الوضع سيئ في السعودية، ويخاف الناس من التواصل مع بعضهم، والجميع قلقون.. لقد حضّر الأشخاص الذين أتصلت معهم حقائبهم للرحيل".
مجلة "الإيكونومست" البريطانية قالت إن بدء المرأة السعودية بقيادة السيارة يمثل أحد أهم إصلاحات ولي العهد محمد بن سلمان، التي تأتي على وقع استبداد يمارسه "لم يسبق له مثيل"، ويقول مراقبون إن الداخل السعودي يعيش "أسوأ حالة استبداد"؛ وذلك بسبب الطموحات السياسية لولي العهد السعودي، فقد زج بمزيد من خصومه في السجون، ولم تَسلم من ذلك حتى النساء اللاتي سبق لهن أن طالبن بالسماح لهن بقيادة السيارة.
"برنارد هيل" أستاذ دراسات الشرق الأدنى ومدير معهد الدراسات في جامعة برينستون، يقول إن فشل ولي العهد السعودي، في إصلاحاته الصورية سيقود السعودية الى كارثة.. ومجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية تقول إن ولي العهد السعودي يسعى الى تغيير العديد من المظاهر المجتمعية في بلاده، غير أن الكثير من الخبراء يتساءلون فيما إذا كان بإمكانه المضي بقطار الإصلاح الفضفاض، مؤكدين أنه لا يمتلك دعم الشعب وأن وضعه الداخلي ما زال ضعيفاً.. ففي الوقت الذي يسمح به للمرأة بقيادة السيارة، فإنه يعتقل ناشطات ونشطاء سعوديين، وإذا كانت الإصلاحات التي قادها حظيت بإعجاب الغرب، فإنها حجبت في الوقت ذاته الإفصاح عن حالات البطش والقمع الذي يتعرض له الشارع السعودي، ولكن هل يمكن أن يدوم ذلك؟.
ليست المرة الأولى التي تعبر فيها الأمم المتحدة والعفو الدولية غيرها من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان عن قلقها الشديد بخصوص حقوق الانسان السعودي حيث الأنباء تشير على إرتفاع وتيرة الاعتقالات لتطال مفكرين ونشطاء وعلماء ودعاة إصلاح وتغيير، راسماً بذلك صورة قاتمة لوضع حقوق الانسان السعودي – وفق التقرير السنوي لمتنظمة العفو الدولية، مشيراً الى أن لغة "الخطاب المليء بالكراهية" الذي يستخدمه قادة السعودية الى جانب تطبيع التمييز ضد الأقليات. وشكا التقرير من زيادة حجم الملاحقات ضد نشطاء حقوقيين بمن فيهم محاميون ونشطاء، ويقول رئيس فرع ألمانيا للمنظمة، إن مستوى التهديد الذي بدأ يواجهه هؤلاء بلغ مستويات غير مسبوقة.
ارسال التعليق