"بن سلمان" بين الإختفاء والظهور .. الحقيقة والأسباب
[ادارة الموقع]
* حسن العمري
نشرت قناة الإخبارية السعودية الرسمية فيديو يظهر ولي العهد برفقة والده سلمان وعدد من أمراء المناطق، في الاجتماع السنوي الخامس والعشرين الذي عقد مساء الثلاثاء الماضي؛ في ظهور هو الأول منذ حادثة إطلاق النار في حي الخزامي، في نيسان/أبريل الماضي.
هذا الظهور العلني لمحمد بن سلمان جاء بعد إختفاء دام أكثر من شهر تسبب بتكهنات للصحافة الغربية بوفاته بعد إصابته بطلق ناري خلال حادث الهجوم على قصره إثناء تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل بعض قادة الحرس الوطني والأمراء المناوئين لسلطته القائمة بحكم الأمر الواقع، كتمتها وسائل الاعلام السعودية والعربية – حسب ما نشرته صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية، مضيفة أن ما جرى في 21 أبريل/نيسان هو في الحقيقة محاولة انقلاب قادها جزء من العائلة المالكة السعودية في محاولة للإطاحة بالملك «سلمان».
فجر يوم السبت الماضي أصدر الملك السعودي سلمان 25 أمراً ملكياً جديداً تكريساً جديداً لسلطة نجله، كان أبرزها إنشاء هيئة ملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، الى جانب مجلس للمحميات الملكية في الديوان الملكي، يتولى ولي العهد محمد بن سلمان رئاسة الهيئة والمجلس.. وتضمنت الأوامر الملكية أيضا إعفاء وزير العمل على الغفيص من منصبه، وتعيين أحمد الراجحي، نجل الملياردير سليمان الراجحي بدلا منه، وكذلك تعيين صالح آل الشيخ وزيرًا للدولة، وعبد اللطيف آل الشيخ وزيرا للشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وتعيين ناصر الداود نائبا لوزير الداخلية، وفصل وزارة الثقافة عن الإعلام، وتعيين بدر بن عبدالله بن فرحان وزيرا لها - حسب وكالة الأنباء السعودية (واس).
منذ تلك المحاولة التي تشكل الأولى من نوعها داخل المملكة، أوصت مصادر غربية لولي العهد تجنب الظهور وتجنب المبادرات الاستفزازية حفاظاً على حياته حتى يعيّن ملكاً، مع ضرورة تبني حراسته قوات غربية وليست عربية ولا سعودية كتلك التي أنقذته ووالده من الموت المحتم في قضية حي الخزامى (بلاك ووتر) والتي تشكل حالياً الحلقة المقربة الأولى حوله وحول سلمان .
البعض إدعى أن "بن سلمان" لم يصب بطلق ناري في الحادث لكن الرعب والفزع والذعر الشديد الذي إنتابه ما أثر بشكل كبير على قراراته ونشاطاته وحياته اليومية، فيما أكد مقربون من العائلة الحاكمة أنه كان في دورة نقاهة بعد تعرضه لثلاث طلقات نارية أصابته في بطنه، وهو ما كشفناه في مقال سابق بعد أحداث حي الخزامى بأيام قلائل وفق المعطيات الميدانية والتقارير العائلية والاستخباراتية الأمريكية والألمانية.
مراقبون يؤكدون أن محاولة الاغتيال ترتب عليها تغيير كامل في حياة "بن سلمان"، حيث الصمت حول تنقلاته، ونوعية الحراسة التي يعتمدها، ولا يرد على الهاتف شخصيا إلا في حالات نادرة حتى لا يعرف أحد بالضبط تحركاته ومكان تواجده؛ كما طالبته الجهات الأمنية الناصحة التقليل من الظهور العلن وتجنب القرارات التي ستخلق له مزيداً من الأعداء داخل الأسرة الملكية ومحيطها خاصة المؤسستيين الأمنية والعسكرية التي همّشها وأعتقل وطرد مئات مسؤوليها وعوضهم بشباب لا تجربة لهم بغية تثبيت سلطانه، ما أدى كل هذا الى خلق جيش من الناقمين عليه، وأصبحت جهات مختلفة تحاول النيل منه وليس جهة واحدة.. وطالبته بعدم التصرف مثل الملك الحقيقي للبلاد بل الانتظار اليوم الذي يتحول فيه الى ملك وفق وعود الحليف الاستراتيجي ترامب .
فجر يوم الخميس الماضي استفاق أهالي مدينة الطائف غربي المملكة على أصوات الرصاص الحي بهجوم نفذه مهاجمون على أحد مقرات الحرس الوطني في المدينة، أدت لمقتل وجرح عدد من الضباط والجنود. تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لعملية الهجوم على المقر الواقع في شارع الستين، قالت صحيفة "سبق" الرسمية أنه تم اعتقال منفذي الهجوم دون الإشارة الى أعدادهم، في حين لم يصدر أي تعليق رسمي من الجهات الأمنية حول الحادثة.
تزامن الحادث مع انتشار مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي وتقارير ميدانية تؤكد تشديد أمني كثيف وخانق في العاصمة الرياض، وانتشار هائل لعناصر المباحث وقوات الحرس الملكي، الذين يتجولون في كل مكان خوفاً من تحرك جديد ضد "بن سلمان" من قبل الحرس الوطني وقيادات في أجهزة المباحث والجيش وبعض الأمراء الغاضبين، وسط تسريبات أمنية عن إحتمالية تجدد الهجوم على القصور الملكية في الرياض أو جدة بقيادة عسكرية لعمه أحمد بن عبد العزيز وأبناء عمومته الأميرين متعب بن عبدالله ومحمد بن نايف، مدعومة من أبناء القبائل في المنطقة الوسطى والجنوبية المناوئين لسلمان ونجله وسياسته الداخلية والخارجية خاصة حربه على اليمن وما آلت اليه من دمار وخسائر كبيرة للمناطق الجنوبية.
صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية كشفت أن محمد بن سلمان من أكبر الداعمين لـ“صفقة القرن” وتأييده الكامل لوجود دولة "إسرائيل”، ما يسهل عملية إعلان القدس العاصمة الأبدية للدولة اليهودية وإنهاء القضية الفلسطينية دون رجعة، وهو أمر مهم يجب أن يتم إستغلاله وبسرعة كبيرة قبل فوات الأوان خاصة وأن كل المؤشرات تدلل على أن ولي العهد السعودي غير قادر على "توفير البضاعة" التي يطلبها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والمتمثلة في دور سعودي فاعل في مواجهة إيران - وفق تقديرات المحافل الاستخبارية الأميركية، منوهة أنه مجرد "شاب أرعن" لا يمكن الركون الى قدرته على قيادة تحركات كبرى وشاملة على المستوى الاقليمي.
ونوهت الصحيفة الاسرائيلية في التقرير الذي أعدته مراسلتها في واشنطن أورلي أوزلاي، الى أن تقديرات الاستخبارات الأميركية وعدد من الاستخبارات العالمية بأن مغامرات "بن سلمان" الداخلية والإقليمية قد تنتهي بتنفيذ محاولة اغتيال لاستهدافه، مشيرة الى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يرى في نجل سلمان "حليفا وشريكا رئيسًا" في دفع مشروع "صفقة القرن" الذي يراهن عليه في تصفية القضية الفلسطينية.
موقع “ميدل إيست أي” الإلكتروني نشر تقريراً تطرق فيه الى سياسات ولي العهد السعودي والطريقة التي يدير بها المملكة، وأنه يرى الأعداء في كل مكان ويحاول خلق عدو خارجي خيالي لتوطيد حكمه الفعلي للمملكة؛ مضيفاً: إن ثلاث موجات من الاعتقالات عكست جنون العظمة الذي يعاني منه محمد بن سلمان، ولم يعد قادراً على التمييز بين الصديق والعدو، وتصرفاته تؤكد أن بلوغه العرش غير مضمون رغم الضمانات الأمريكية.
ارسال التعليق