بن سلمان والأزمة الكندية...المبتعثون السعوديون أبرز الضحايا
[ادارة الموقع]
بغضب ونفاذ صبر وعدم اكتراث مفاجئ، تعاملت الرياض مع التصريحات الكندية التي تدعوا الى إطلاق سراح معتقلي الرأي في المملكة، عاصفة بدأت باعتبار السفير الكندي شخصاً غير مرغوب فيه، وانتقل السجال فيما بعد الى ترحيل المرضى من المستشفيات الكندية، وتعليق رحلات الخطوط الجوية من الرياض الى اوتاوا، وسحب الاستثمار في الأصول والسندات الكندية، ومطالبة نحو 15 ألف طالب مبتعث في كندا بالمغادرة، واستدعاء نحو 800 طبيب سعودي يتدربون في كندا، وعلى ما يبدو أنه لا بوادر في الأفق لهدوء هذه العاصفة.
وسنتناول في هذا المقال جانباً من الانعكاسات السلبية للتهور السعودي في هذه الازمة، وهي محنة المبتعثين السعوديين الى كندا، الذين وقعوا ضحية تعنت بن سلمان الذي زج بهم في الوسط كورقة ضغط على الحكومة الكندية. وبسبب هذه الازمة يعاني الاف الطلاب السعوديين من مأساة حقيقية، حيث تقول الكونفدرالية الكندية إن آلاف الطلبة السعوديين يعانون من مشكلة حقيقية بعد قرار بلادهم إخراجهم من كندا فجأة نتيجة الأزمة القائمة، فقبل الأزمة كان الطالب السعودي يتمتع بأفضلية مالية عن غيرهم من الطلاب الكنديين، الا أنه بعد الازمة أصبحوا يعانون من أزمة مالية حقيقية مما اضطر ببعضهم الى البحث عن عمل أو بيع اثاث منزلهم.
مأساة المبتعثين السعوديين
في بادئ الامر اعتقد الطلاب السعوديون في كندا ان خبر الازمة هو مجرد مزحة فكاهية وليست جدية، الا أن تطور الأحداث بسرعة والإجراءات التي اتخذتها الرياض بحق اوتاوا، عرضتهم لصدمة كبيرة دفعتهم للانزواء عن الباقين لجهلهم بالذي سيحدث لهم. وما "زاد الطين بلة" ما أعلن عنه وزير التعليم السعودي، الذي قال إنه وضع خطة سريعة لإرجاع جميع الطلاب الى الوطن وتوزيعهم على جامعات السعودية. هذا الإعلان شكل صدمة أخرى لجميع الطلاب، بحيث أنهم سيخسرون أفضل بيئة تقدّم جودة تعليم عالية على مستوى العالم، مقابل مستويات أقل بكثير للتعليم في الجامعات السعودية، وحسب التصنيفات الدوليّة، حصلت كندا على المرتبة السابعة عالمياً في مستوى جودة التعليم، بينما حصلت المملكة على المركز الـ 52 عالمياً من بين 140 دولة، وفق تصنيف البنك الدولي في تقريره المتعلّق بجودة التعليم للعام 2018.
كلام وزير التعليم لاقى ردود أفعال غاضبة من أهالي المبتعثين ، فعبر الكثير عن سخطهم عبر تغريدات لهم على وسائل التواصل الاجتماعي، فقال الكاتب محمد الحفيظي تعليقاً على هذا التصريحات ""تصريحاتك أيها الوزير مستفزة وعدد كبير من أبنائنا المبتعثين أمضوا سنين متواصلة في دراستهم ولم يبق إلا شهور معدودة لإنهاء بعثتهم، ومعنى ذلك أن من قضى سنتين أو ثلاث هناك سيعود من نقطة الصفر ويكون ما درسه بلا فائدة لأن بعثته انقطعت، أنت لا تعي المأساة في نفوس المبتعثين وقلقهم".
وقالت احدى المبتعثات السعوديات في تغريدة أخرى "أعوذ بالله من سوء العاقبة... أروح أدرس بكندا بعدين يرجعوني أدرس بجامعة عرعر، وجامعة الإمام! طيب على الأقل حولوهم لجامعات معتمدة مو جامعات أغبياء ويأخذون +A بكل بساطة".
كما قال أحد الطلاب الذي بقي على انهاءه مرحلة الدكتوراه شهران فقط" اننا أصبحنا جميعاً عبيداً عند بن سلمان، لن أعود الى السعودية وسأطلب اللجوء في بلد يحترم الحريات ولا يستغل ابناءه كما تستغلنا بلدنا المغتصبة".
وقالت وكالة "السي أن ان" الأمريكية في تقرير لها نشر الأسبوع الماضي أن عددا ً كبيراً من الطلاب السعوديين قد بدء ببيع ما يملكون من أثاث وأجهزة إلكترونية، بل وسيارات وذلك من أمام مسجد في اوتاوا، حيث قال إمام المسجد عبد الله يسري "بعضهم لم يصل إلا قبل أسبوع، وأصبح يستعد للرحيل. وبعضهم كان في السعودية لقضاء العطلة الصيفية وعادوا لبيع متعلقاتهم ويسافرون من جديد.
اذا، هي حالة من الذعر يعيشها اليوم أكثر من 15 الف مبتعث سعودي الى الجامعات والمدارس الكندية، خاصة أن ولي عهدهم "الشاب المتهور" الذين كانوا يتطلعون اليه ببريق من الامل الذي سينقل السعودية من الدكتاتورية الى الديمقراطية، هو ماض في اجراءاته ضد اوتاوا كما فعل في جارتهم الدوحة، غير آبه بالذي سيفقدونه جراء هذا التعنت، من جهة أخرى لا يدرك بن سلمان أن اجراءاته قد تنقلب عليه وان هذا الأمر ربما يكلفه الكثير، وقد تتمدد نتائجه إلى أماكن لا تحمد عقباها، وهذا لن يكون في مصلحة الأمير الشاب لكونه يبحث عن غطاء دولي في حربه على اليمن وانتهاكه لحقوق الإنسان هناك، وقد تذهب كندا في عنادها إلى أبعد من ذلك وقد تشحن الرأي العام العالمي ضد ابن سلمان، وهذا آخر ما كان ينتظره ولي العهد.
ارسال التعليق