
"غزة هاشم"، بين مطرقة آل سعود وسندان "هيئة كبار العلماء".. صم بكم
[حسن العمري]
* حسن العمري
هل ترى أعيننا ما يحدث لإخواننا في غزة والضفة الغربية المحتلة ولبنان وسوريا؟هل تأكد لنا أن الأمر ليس كما يظن أكثرنا، أم لا زلنا نصدق اقاويل وأراجيف ومزاعم وسائل إعلامنا العبرية قبل أن تكون عربية؟ وهل نحن عرب أسياد؟ أم همج رعاع يسحبنا حكام الظلم والجور والزور والعمالة والانبطاح نحو ما يرغب أسيادهم من ذل وهوان وتسليم واستسلام وتطبيع ونكران لكل ما أسمه فلسطين وقبلة المسلمين الأولى، نسير كالأغنام متابعين خطوات البوفالو البلطجي.. ليصدق قوله تعالى {لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} حيث مشايخ ما يطلقون على أنفسهم "هيئة كبار العلماء في السعودية" يلتزمون الصمت المطبق وكأن لم يحدث شيء ولم يشاهدوا أو يسمعوا أنين الضحايا ونعي الثكالى، فباتوا كما وصفهم الباري تعالى {أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ} سورة محمد :23
الحرب الصهيوأمريكية الاعرابية الدائرة ضد الفلسطينيين العزل في قطاع غزة أثبتت أن الشعوب العربية منبطحة كالأغنام الى سلطاتها الحاكم الجائرة المطبعة، وهي ليست إلا كغثاء السيل في هذا العالم.. هل ترى أعيننا ما يحدث؟ هل تأكد لنا أن الأمر ليس كما يظن أكثرنا؟ نحن العرب لم نكن من قبل بكل هذا الضعف الذي حاول الغرب بثه فينا ليصدق القائل "يا أمة ضحكت من جهلها الأمم" بل كان عليه أن يقول "يا أمة بالت عليها الثعالب" من خوفها وخذلانها لقضيتها الأولى وأشقائهم العزل المظلومين المساكين الذين لا حول ولا قوة لهم.. والأمة برمتها باتت عميلة لأصحاب السيادة والجلالة، بإستثناء {وإنّ كثيراً من الخُلطاء ليَبغي بعضُهم على بعضٍ إلاّ الذين آمَنوا وعملوا الصالحاتِ وقليلٌ ماهم}.. حيث يتعرض أهلنا في "غزة هاشم" الى مجازر دموية بشعة ذهب ضحيتها عشرات آلاف الأبرياء غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ، لا ذنب لهم سوى أنهم يريدون أن يعيشوا أحراراً مستقلين على أرضهم المغتصبة المنهوبة المسلوبة.. شأنهم شأن أهلنا في الجزيرة العربية، بفرق بسيط.
تكريماً لدور آل سعود في منحهم أرض فلسطين على طبق من ذهب لتكون موطناً لليهود قبل وعد بلفور المشؤوم عبر الرسالة التي بعثها عبدالعزيز للمندوب البريطاني في الشرق الأوسط “بيرسي كوكس” سنة 1915، واخمادهم وافشالهم الثورة الفلسطينية ضد الاحتلال البريطاني الصهيوني عام 1936، وغدرهم للوعود التي قطعوها لقادة الثورة على لسان فيصل بن عبدالعزيز موفد والده الخاص وولي عهده آنذاك.. منح الثعلب العجوز وصاية الحرمين الشريفين لهم وفق اتفاقية "كوينسي" بين عبد العزيز والرئيس الأمريكي روزفلت عام 1945.. منح هذا فرصة اضافية لآل سعود لتنفيذ وعودهم في دعم الاحتلال الاسرائيلي لأرض قبلة المسلمين الأولى باعتبارهم فاعل سياسي له دور في الأمة لحرف البوصلة رويداً رويداً نحو التطبيع والاستسلام ومحو ما أسمه فلسطين من خارطة المنطقة.
أنه حلف الأحزاب الجديد حيث قريش العصر باتت تلتمس اليهود المجرمين الذين طردهم رسول الله صلوات الله وسلامه عليه من الجزيرة العربية دون رجعة، للتصعيد نحو الإقتتال داخل صفوف الأمة فكان لهم الدور الريادي في تشكيل وتنظيم ودعم الجماعات الوهابية السلفية في جميع بلاد المسلمين - وفق مذكرات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون "الخيارات الصعبة"، بالمال والرجال والسلاح ليعيثوا في البلاد فساداً ويقتلون المسلمين وينتهكون الأعراض على الهوية وهو ما تشهده المنطقة منذ أكثر من عقدين من الزمن، وصفها المراقبون "الحروب بالوكالة" تنفيذاً لرغبة الكابوي الأمريكي راعي البقر.. إنتقاماً من دين محمد وأتباعه وأمته لما حل بقريش واليهود في بدر وخيبر و...
فلسطين باتت لليهود "المساكين" منذ عام 1915م بعبد العزيز بن سعود، وفلسطين وطن قومي لليهود عام 1917م بوعد بلفور البريطاني، و56% من مساحة فلسطين للصهاينة المجرمين بقرار من شرعية الامم المتحدة في مايو1947.. حتى بلغنا مشروع عبدالله بن عبدالعزيز "حل الدولتين" عام 2002، ثم في ديسمبر 2017 يعلن "بن سلمان" موافقته بأن تكون “أبو ديس” بدلاً عن القدس المحتلة، وصولاً دعمه العلني هو واشقائه الخونة من حكام الأنظمة الخليجية والعربية الانبطاحية المطبعة إعلان ترامب من واشنطن “القدس يهودية من زمان”.. تمهيداً لاعلان الكنيست الإسرائيلي "القدس يهودية ولا تفاوض حولها" عام 2017، ثم وفي العام ذاته يصوت حزب الليكود الإسرائيلي على ضم الضفة الغربية الى يهودية الأراضي الفلسطينية المحتلة برمتها.
عام 2002، وبينما كانت انتفاضة الأقصى تشتعل نيرانها، واجهت وزارة الداخلية المظاهرات التي نظّمتها "اللجنة الشعبية لمناصرة فلسطين" في الجزيرة العربية بالقمع والاعتقال وضرب المتظاهرين، حتى النساء والكهول منهم، لأن قانون ال سعود ة لا ينص على حق التظاهر والاحتجاج، فلماذا إذا كان هذا الاحتجاج من أجل فلسطين؟ وهو ما تكرر مرة أخرى في مظاهرات نظّمها الناشطان خالد العمير ومحمد العتيبي أثناء حصار غزة عام 2008، حيث تم اعتقالهما والعديد من المتظاهرين في نهاية المطاف، ولم يعرف عن مصير الكثير منهم حتى يومنا هذا.. كل ذلك وما يطلقون على أنفسهم "هيئة كبار العلماء" الجناح الديني الداعم لديكتاتورية آل سعود ليس يلتزمون الصمت على ما يجري من مجازر دموية داخل البلاد وفي غزة والضفة المحتلة ضد الأبرياء والعزل،بل باتوا يصدرون الفتاوى تلو الفتاوى يحرمون فيها حتى الدعاء لنصرة المقاومة والمجاهدين، فما بالك بالمظاهرات التي أسموها "عبثية" كونها خلاف رغبة الحاكم الظالم.
"غزة هاشم" تستغيث العون من العالم العربي والإسلامي بالدعم والمناصرة لردع مجازر الصهاينة التي قطعت أوصال عشرات آلاف الأطفال والشيوخ والنساء العزل، لم يلتزم عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي السعودية ورئيس "هيئة كبار العلماء"، الصمت فحسب بل حتى أنه اعتبر أن "كل المظاهرات التي خرجت من الدول العربية والإسلامية نصرةً للفلسطينيين الذين ارتكبت بهم القوات الإسرائيلية المحتلة مجازر يندا لها جبين الإنسانية، عبارة عن أعمال "غوغائية" لا خير فيها ولا رجاء منها.. والغوغائية لا تنفع بشيء إنما هي ترّهات" – وفق صحيفة "عكاظ".. كأنه ومن معه من مشايخ ووعاظ بلاط وأئمة جمعة وجماعة، لم يقرؤا قول الرسول الحبيب: "مَنْ أَصْبَحَ لَا يَهْتَمُّ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ، وَمَنْ سَمِعَ رَجُلًا يُنَادِي يَا لَلْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يُجِبْهُ فَلَيْسَ بِمُسْلِم"- أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" 2/131، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/222،و...
شعب "غزة هاشم" باتوا اليوم بين مطرقة آل سعود وتماهيهم في تنفيذ رغبة البوفالو البلطجي، إبادتهم عن بكرة أبيهم وبين سندان صمت وفتاوى "هيئة كبار العلماء" المتفانية في التطبيل والتملق والإفتاء لهوس "بن سلمان"، وشرعنة طغيانه وتطبيعه وإنبطاحه، وترهيب أبناء الجزيرة العربية من "الخروج عن ولي الأمر" والترويج للنمط الحديث من حريات الفسق والفجور التي يروج لها مساعده المقرب وكلبه الوفي "آل الشيخ" عبر ما تسمى "هيئة الترفيه".. صحيفة "إسرائيل اليوم" كشفت النقاب "أن السعودية والإمارات هم من طلبوا من تل أبيب قمع المقاومة الفلسطينية في غزة وانهائها حتى لو أقتضى الأمر إبادة شعبها؛ وهذا ما شجع "نتنياهو" وجيشه الإجرامي في العودة الى العدوان على غزة والولوج في إراقة دماء حتى الأجنة في بطون الأمهات الفلسطينيات.
يامن تدعون بأنكم علماء الأمة وتأخذون على عاتقكم الإفتاء بكل صغيرة وكبيرة، وشاردة وواردة؛ أين أنتم من كل هذه المجازر الدامية ضد أبناء جلدتكم واخوانكم في الدين والمعتقد؟؟!!.. وقول رسول الله لا يزال يصدح في المعمورة "المُؤْمِنَ للمؤمنِ كالبُنْيانِ يشدُّ بَعضُهُ بعضًا" - نقله المحدث الألباني، وصحيح الترمذي الصفحة أو الرقم : 1928، والبخاري، وابن بطال في شرح الحديث، وابن حجر وابن عثمين - عن أبي موسى الاشعري وغيره.. ثم قوله صلوات الله عليه "مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم ، وتَرَاحُمِهِم ، وتعاطُفِهِمْ. مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى" - رواه المحدث الألباني في صحيح الجامع الصفحة أو الرقم 5849، وأخرجه البخاري (6011)، ومسلم (2586).
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنتُمْ شُهَدَاءُ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} سورة ال عمران:99، حيث قال الحبيب المصطفى "إذا ظهر القول، وخزن العمل، وائتلفت الألسنة، وتباغضت القلوب، وقطع كل ذي رحم رحمه، فعند ذلك لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم"؛ ثم قوله صلوات الله وسلامه عليه "المسلمونَ تتكافأُ دماؤهُم ويسعى بذمَّتِهم أدناهُم ويردُّ عليهم أقصاهُم وهم يدٌ على من سواهم ولا يُقتَلُ مسلمٌ بكافرٍ ولا ذو عهدٍ في عهدِهِ" – رواه ابن حجر العسقلاني في هداية الرواة، الصفحة أو الرقم: 3/381، وأخرجه أبو داود (4530)، والنسائي (4734)، وأحمد (993) وغيرهم.. وتناسوا قوله صلوات الله عليه ايضاُ "المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ، ولا يَخْذُلُهُ، ولا يَحْقِرُهُ.." - نقله مسلم في صحيحه عن أبو هريرة الصفحة أو الرقم: 2564، وأخرجه البخاري (6064) و... للحديث بقية في مقال آخر قريباً.
ارسال التعليق