فضائح الفساد تلاحق العائلة السعودية في كل الأزمان والعقود!!
[عبد العزيز المكي]
بين الحين والآخر، تطل علينا المحاكم البريطانية أو نظيرتها الأمريكية، أو وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية، بفضيحة جديدة لآل سعود، ويستمر الجدل حول نتانتها التي تزكم الأنوف، وحول تورط رموز النظام السعودي والعائلة السعودية الحاكمة فيها، وحول فساد هذه العائلة واستهتارها بثروات شعب المملكة وتبذيرها لهذه الأموال، في مجالات تافهة وسخيفة، بعيدة عن مصلحة الشعب والوطن!! وجديد هذه الفضائح هو الفضيحة التي فجرتها صحيفة الغارديان البريطانية مؤخراً، وبغض تفاصيلها تتخلص بما يلي:-
"كشفت محاكمة جارية الآن في بريطانيا عن تلقي الملك السعودي السابق عبد الله بن عبد العزيز ونجله الأمير متعب وعدد من المسؤولين السعوديين رشاوى من بريطانيا وصلت الى 60 مليون جنيه استرليني"! وقالت صحيفة الغارديان التي كشفت عن الفضيحة، كما قلنا ، ان هذه الرشاوى: " بدأت في السبعينات عند ما كان الملك السابق عبد الله لا يزال أميراً وامتدت للعام 2020 مع نجله الأمير متعب وعدد من المسؤولين السعوديين وهي خاصة بصفقات تسليح للجيش السعودي"!!
" وبحسب التحقيقات، فقد وافقت الحكومة البريطانية على مدفوعات تصل إلى 60 مليون جنيه استرليني للملك المستقبلي وقتها (عبد الله) وابنه ومسؤولين آخرين رفيعي المستوى كجزء من صفقة أسلحة ضخمة، ثم سعت لإخفائها، فيما وصفته بعبث لايمكن انكاره"
و كشفت التحقيقات أيضاً التي تولتها النيابة البريطانية العامة، ان " الحكومة البريطانية ضمنت استمرار دفع المدفوعات لكبار السعوديين حتى عام 2020 بعد ثمان سنوات من بدء مكافحة الاحتيال التحقيق في المدفوعات نفسها وهناك تفاصيل كثيرة حول الفضيحة تلك وحول الأموال التي تُمنح للملك السابق عبدالله وإبنه الأمير متعب من أجل فوز شركات الأسلحة البريطانية بصفقات مع السعودية، بحسب ما كشفته تلك التحقيقات!!
و بينما لا يزال الجدل محتدماً حول هذه الفضيحة، كشفت مجلة " ذا ناشيون" الأمريكية، ان عدداً من الأعضاء في مجلس الكونغرس الامريكي طالبوا وزارة العدل الأمريكية التحقيق في المبلغ الذي سلمه مؤخراً بن سلمان لجاريد كوشنر صهر الرئيس السابق دونالد ترامب، والذي يبلغ بحسب بعض الروايات2 مليار دولار، و3 مليارات دولار بحسب روايات أخرى، ويرى البعض من هؤلاء الاعضاء في الكونغرس، ان القضية تنطوي على عملية فساد كبيرة، سيما وان جاريد مشهور بصفقات الفساد والرشاوى، لكن الصهاينة قالوا ان كوشنر استثمر الثلاثة مليارات دولار في الكيان الصهيوني! وكان بن سلمان قد سلم هذا المبلغ لكوشنر رغم التحذيرات التي اشارت اليها المجلة الأمريكية من لجنة الخبراء الماليين الذين وظفتهم العائلة المالكة السعودية لمراجعة طلبات الحصول على أموالهم، بأن الاستثمار مع كوشنر خاسر بكل المقاييس، غير ان بن سلمان أصر على تسليم المبلغ!!
و كما أشرنا في بداية الحديث، أن هذه الفضائع تأتي، أو تعتبر حلقة في سلسلة من الفضائح تمتد على طول حكم هذه العائلة لبلاد الحرمين الشريفين، ولعلّ ابرزها فضيحة صفقة " اليمامة" والتي استمر الجدل حولها منذ العام 1985م وحتى 2006، حيث هدد النظام السعودي بريطانيا بقطع العلاقات معها، ان هي واصلت التحقيقات، في فضح الامراء السعوديين الذين تلقوا الرشاوى والبالغة 600 مليون جنيه استرليين لقاء صفقة سلاح مع بريطانيا، تتضمن شراء طائرات مقاتلة! من نوع تورنادو وهوك، وبينت التحقيقات أن اسعار الطائرات ضخمت بنسبة 23%، حيث خصمت المبالغ المضخمة من سعر الصفقة، وسلمت الى جيوب هؤلاء الامراء الفاسدين الذين كان منهم أو من أبرزهم يومذاك بندر بن سلطان!! إذن الفساد ليس بالشئ الجديد على آل سعود، فهي عائلة فاسدة بكل ما للكلمة من معنى، عابثة بثروات شعب الجزيرة كما قلنا وأشرنا أكثر من مرة على حساب المحرومين والفقراء من أبناء هذا الشعب، سيما في المناطق الشرقية الذين تكتنز مناطقهم 80% من ثروات النفط والغاز التي يستخوذ عليها آل سعود!! وكذا المناطق الجنوبية وغيرها لكن هذه الفضيحة تؤكد أمور في غاية الأهمية منها:-
1- إن الفساد يعتبر ملازماً لهذه العائلة فهو لا يفارقهم أبداً لأنه جزء من كينوتة هذه العائلة وجزء لايتجزأ من هويتهم، فلايمكن التخلي عنه الّا بالقضاء على هذه العائلة أو إصلاحها من جذورها، وهذا الأصلاح غير ممكن مطلقا، فحتى عند ما توسم البعض من أبناء شعب الجزيرة بعض الأمل، بالتخلص من آفة فساد العائلة عند ما رفع بن سلمان لافتة " الاصلاح" وزج بعشرات الأمراء ورجال الاعمال السعوديين وبعض الوزراء السابقين في سجن الرتيز كارلنتون بتهم الفساد والعبث بالمال العام، تبين فيما بعد ان الهدف ليس الأصلاح وانما الابتزاز لانهم يعارضون توليه العرش بعد موت سلمان، وتبين فيما بعد انه لايختلف عنهم في الفساد حيث اعترف بنفسه بأنه يملك ثروة طائلة، كما كشفت وسائل الاعلام الفرنسية صفقات فساده في شراء لوحة فنية وقصر فخم في باريس لمالك روسي، وناحت ايطالي متطور جداً.. وأخيراً وليس آخراً منح كوشنر 3 مليارات دولار، فضلا عن الـ450 مليار دولار التي كان قد منحها لترامب خلال زيارته للسعودية يومذاك، واعترف بها مراراً ترامب، متبجحاً بأن تمكن من حلب البقرة السعودية كل هذه المبالغ الطائلة واعتبر ذلك شطارة له، وغباءاً لاسلافه لأنهم توانوا في حلب تلك البقرة!!
2- الأمر الثاني المهم، هو ان هذه العائلة لاتشبع من الاستحواذ على اموال وثروات الشعب الجزيري، فرغم ان الامتيازات المالية الجمة والتي فصلتها الصحافة العالمية لكل فرد من العائلة السعودية، ابتداءاً من ولادته واستمراراً حتى وفاته فهذه الامتيازات المالية تزداد وتتضخم كلما تقدم به العمر، لكن مع ذلك ما أن يتولى أحدهم منصباً أو مسؤولية حكومية يسارع الى الأحتيال والتلاعب ويعقد الصفقات المشبوهة مع شركات الأسلحة البريطانىة أو الأمريكية أو غيرها، للحصول على الرشاوى والاتاوات لجمع الأموال الطائلة، ذلك كما قلنا لأن الفساد مكون أساسي من التكوين النفسي والتأريخي لهذه العائلة ولعل الأمير طلال بن عبدالعزيز عبّر في ذات مرة خير تعبير على هذه الكينونة حيث قال المملكة شركة، نحن أصحاب الشركة (آل سعود) أما باقي أفراد الشعب فهم عمال في تلك الشركة، نتصرف بهذه الشركة كيفما نشاء!!
و بالاضافة الى ما تقدم فأن استمرار فضائح الفساد لآل سعود، وملازمتها لهم تؤكد حقائق آخرى لاتقل أهمية عما أشرنا منها ما يلي:-
1- ان هذه العائلة غير أمينة، لأنها أثبتت من خلال مسلسل الفضائح أنها تبذر أموال وثروات الشعب الجزيري لضمان مصالح الأمراء والنظام، ولنفع شركات الاسلحة البريطانية أو الأمريكية التي طالما باعت السعودية أسلحة قديمة خرجت من الخدمة أو تنوي السلطات في امريكا وبريطانيا إخراجها من الخدمة، لكن الأمراء يشترونها مادامت تحقق لهم الرشاوى، فيما لايهمه ما اذا كانت تفيد الجيش في السعودية أولا.
2- و هذا الأمر ينسحب على مسألة تولي هذه العائلة الفاسدة أمور الشعب الجزيري، فكيف يمكن لهذا النظام أن يكون المؤتمن على أعراض الناس وامورهم،و عقائدهم وهوياتهم وسلامتهم، وهو الذي يخونهم في ثرواتهم واموالهم، اذ مثلما له القدرة على تلك الخيانة، سوف يخونهم في المجالات الأخرى التي اشرنا اليها.
3- لاشك ان هذه الفضائح تؤكد ان آل سعود يضعون مصالحهم ومصالح أسيادهم الاميركان والبريطانيين وحتى الصهاينة فوق مصلحة الشعب الجزيري، وفوق مصلحة الأمة الاسلامية جمعاء، فعلى سبيل المثال، ان هذه الصفقات تشغل معامل الاسلحة في بريطانيا وأمريكا وتحل لديهم مشاكل البطالة باعتراف ترامب الرئيس الامريكي السابق نفسه، أما لاتوجد حتى ولو معامل بسيطة في السعودية فما زال البلد متخلف على كل الاصعدة الزراعية والصناعية ويعتمد على ما ينتجه الأميركان والبريطانيين من الصناعات والأسلحة وما الى ذلك، فيما البلد يرفل بالاموال والثروات الطائلة، التي لو استثمرت استثماراً يضع في حسابه النهوض بالبلد، لتحول الأخير الى بلد صناعي من الطراز الغربي أو حتى اكثر.
4- ان الكشف عن هذه الفضائح يكشف الصراع المحتدم بين أجنحة العائلة السعودية، فمن الدوافع وراء كشف هذه الفضائح أحد أمرين مهمين ، هما: أولاً، عملية إبتزاز بريطاني أو أمريكي لآل سعود لحلبهم مزيداً من الأموال والامتيازات، ولقد إعتاد هؤلاء أسياد آل سعود ابتزاوهم بهذه الطرق وبغيرها! وثانيا: أن يوغر بعض أجنحة آل سعود للصحف البريطانية أو نظيرتها الامريكية، لكشف الفضيحة بهدف إضعاف الجناح المفضوح وقطع الطريق عليه في تحقيق طموحاته، وفي حالة الفضيحة الأخيرة لا استبعد أن يكون بن سلمان ورائها، هو من قدم الرشى للصحيفة البريطانية (الغارديان) لتفجير الفضيحة من أجل قطع الطريق على تولي متعب العرش بدلاً عن بن سلمان، حيث تفضل الدوائر البريطانية النافذة متعب أو عمه أحمد بن عبدالعزيز تسلم عرش المملكة بعد رحيل الملك الحالي سلمان!
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق