فضيحة جديدة لبن سلمان بمنطقة عسير... لا تقل بشاعة وفضاعة عن جريمة قتل خاشقجي!!
[عبد العزيز المكي]
جرائم وفضائح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ليس لها نهاية، فبين الحين والآخر تنكشف فضيحة أو جريمة أبشع من سابقاتها وأشد قسوة وتنكيلا بالضحية أو الضحايا، فبينما بدأ الغرب يتناسى جريمة قتل خاشقجي المروعة في اسطنبول بعد زيارة الرئيس الأمريكي الأخيرة في تموز 2022 للسعودية، وبعد أن ظلت تلك الجريمة مثار تنديد وانتقاد لدى الأوساط الغربية على مدى السنتين الأخيرتين، أي منذ اقترانها عام 2018 وحتى زيارة بايدن المشار إليها.. نقول لأن الغرب بدأ يسدل الستار على هذه الجريمة ويفك العزلة عن بن سلمان، انكشفت جرائم وفضائح جديدة وآخرها وليس أخيرها، الجريمة التي ارتكبتها قوى الأمن السعودية بحق فتيات يتيمات في ما يسمى بدار الرعاية الاجتماعية في محافظة خميس مشيط بمنطقة عسير!! فالأفلام المصورة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي كشفت كيف ان قوى الأمن السعودية هاجمت هؤلاء الفتيات وأشبعوهن ضرباً مبرحاً بالسوط والعصي وآلات حادة أخرى وسلحوهن من شعورهن على الأرض، وترك الضرب والتعذيب آثار الكدمات المبرحة والجروح الغائرة في أجسامهن، في انتهاك فاضح ومقرف لقيم الإسلام وللأعراف الاجتماعية والعادات القبلية وبشكل سافر، وشكل الشرطة الذين حضروا مع قوات الأمن غطاءاً لهذه الأخيرة، كما قال مغردون معروفون من المنطقة والذين نشروا معلومات صادمة ومذهلة عما تعانيه الفتيات في هذه الدور، حيث قالوا إنها سميت بهذا الاسم تلطيفا لها ولإخفاء ما يدور فيها من تعذيب ومعاناة، وأكدوا أنها في الحقيقة عبارة عن سجون يطبق عليها نظام السجن بحذافيره! وذكروا أن معاناة الفتيات اليتيمات قديمه و سبق أن طالبن برفعها ولعدة مرات وعرضت في وسائل الأعلام، لكن لم تتحسن أوضاعهن بل ازدادت سوءاً، ومن كافة النواحي وأكدوا أن قرار الاقتحام من قبل قوى الأمن جاء من المقامات العليا لتأديب الفتيات وليكون ذلك عبرة لغيرهن! وفيما يبدو أن الأجهزة الأمنية السعودية اعتادت هذه الممارسات القمعية التعسفية بحق السجناء والموقوفين، فأن هذه المرة نجحت أحدى الفتيات في تصوير وضبط ما جرى من هجوم وحشي على اليتيمات في سجن " دار الرعاية الاجتماعية" وهو ما أثار ضجة وردة فعل في الأوساط الشعبية داخل المملكة السعودية وخارجها، الأمر الذي أقلق بن سلمان كما يقول المغرد مجتهد، الذي أكد أن بن سلمان ولمحاولة احتواء هذه الجريمة وارتداداتها نشط على صعيدين: الأول محاولة التملص من مسؤولية هذا العمل المشين عبر الوعود بملاحقة الفاعلين وإجراء التحقيق بالأمر ومعرفة ملابساته!! وذلك لامتصاص النقمة الجماهيرية في الشارع خوفاً من تحرك الأخير الذي يشهد احتقاناً متصاعداً ضد النظام هناك. والثاني تحريك بن سلمان جيشه الإلكتروني لتشويه الفتيات وشيطنتهن لتبرير العمل العدواني الذي استهدفهن من قبل أجهزة الدولة الأمنية القمعية! على أي حال، أن هذه الجريمة، وقبلها الحكم على الناشطة السعودية طالبة الدكتوراه سلمى الشهاب 34 عاماً بتهمة تمنيها على موقع تويتر الحرية لمعتقلي الرأي، ثم أقدام النظام على اعدام اكثر من 80 متهماً بمعارضة النظام، بالإضافة إلى الكثير من الممارسات القمعية والملاحقات التي ارتفعت وتيرتها في الأشهر الأخيرة كل ذلك وغيره أعاد مشهد ظلامية ومعاناة الشعب الجزيري إلى الواجهة، وأكد مرة أخرى، جملة معطيات في غاية الأهمية حاول بن سلمان بأمواله الطائلة من عوائد النفط التغطية عليها، وإخفاء وجهه القمعي والاستبدادي ومنها ما يلي:-
1- رغم وعود بن سلمان لاميركا وللغرب، ورغم ادعاءه بالإصلاحات، الّا انه لم يغادر خندق الاستبداد والقمع الذي اتسم به النظام القبلي المتخلف في السعودية! فكما كنا قد أكدنا في مقالات سابقة ان كينونة هذا النظام قائمة على القتل ومصادرة رأي الآخر، والنشأة التأريخية لهذا النظام على أيدي الانجليز في بدايات القرن العشرين تؤكد ذلك، والمذابح التي ارتكبها بحماية الانجليز شاهد على ذلك كما يعلم! الجميع فحتى الغرب اليوم يقر بهذه الحقيقة لكنه يتغاضى عنها من أجل مصالحة وحاجته للنفط السعودي، فبين الحين والآخر يؤكد بعض السناتورات في الكونغرس الأمريكي بأن هذا النظام مستبد، والى ذلك نشرت مجلة ايكونوميست البريطانية تقريراً مفصلاً عن حياة بن سلمان وعن مواصفاته الشخصية ووصفته بالمستبد، أو أبو رصاصة، لأنه أرسل إلى أحد المعارضين رسالة فيها طلقة بندقية أو مسدس في اشارة الى قسوة هذا الشاب وتحدثت المجلة مطولاً عن اضطراب شخصيته وعن سوءها والعقد النفسية التي تحملها، والتي تشابه إلى حد كبير شخصية صدام المقبور. وأيضاً تعرضت المجلة في مقالها الذي كتبه نيكولاس بيلام إلى الأعمال الإجرامية التي يمارسها الآن بحق المعارضين وبحق كل من يتفوه ولو بكلمة اعتراض على سياسات النظام وبن سلمان الذي يقوده بالذات.
2- إن هذه الجرائم تؤكد من جديد أن هذا النظام الذي أنشأه الانجليز كما قلنا بعيد كل البعد عن الإسلام وعدو حقيقي للمسلمين في الجزيرة العربية وخارجها، لا نقول ذلك من باب التحليل وإنما من باب الحقيقة التي يقرُّ بها القاصي والداني، فعلى سبيل المثال لا الحصر، يقول الكاتب والشاعر المعروف عبد الرحمن يوسف نجل رجل الدين البارز يوسف القرضاوي الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والمقيم في قطر، يقول في مقال نشره موقع (عربي 21) تحت عنوان " شيرين أبو عاقلة وآل سعود" إن دين آل سعود مزيف ولا يمت بصلة للإسلام، وأضاف ان مؤسس الدولة السعودية الملك عبدالعزيز بن سعود فصّل ديناً جديداً محرفاً من الاسلام ، جنّب فيه ما شاء وأقرَّ ما شاء لتحقيق أهدافه الشخصية وخداع القبائل باسم الدين لأجل الولاء له! وتحدث عبدالرحمن في مقاله عن تأسيس عبد العزيز بن سعود لدين جديد وخلص إلى القول " انه كان يعلّم ديناً محرفاً عن دين الإسلام، اختار من الإسلام وانتقى، وغير أولويات الشريعة إلى أولويات تضمن له بسط ملكه، لقد زرع فيهم ( البدو) المنهج الخبيث المنحرف الذي اخترعه من يدعونه " الإمام " محمد بن عبد الوهاب"! وباسم هذا الدين وعناوين الخروج عن طاعة ولي الأمر قتل بن سعود مئات الآلاف من أبناء الجزيرة وسار على نهجه أبنائه وأحفاده، فمازالوا يواصلون هذا القتل والتنشير وسحق العظام وجر الرقاب تحت مبررات مزاعم الخروج عن طاعة ولي الأمر، الواجبة طاعته حسب دين وفقه آل سعود ومحمد بن عبد الوهاب، ولو كان عاصياً أو خائناً أو عميلاً!! على شاكلة آل سعود!
3- و كما قلنا في النقطة الأولى أن الغرب يعي جيداً أن هذا النظام مستبد وانه قمعي ومجرم، وانه مركز ومحور تفريخ التكفيريين، وانه يصرف الأموال الطائلة وينشر المدارس في كل أنحاء العالم، لإنتاج ممن يعتنقون الإسلام السعودي الوهابي التكفيري المنحرف.. وكثير من السياسيين الأمريكيين اعترفوا صراحة ومنهم جو بايدن وهيلاري كلينتون بأن الإرهاب الذي يضرب في المنطقة والعالم مصدره السعودية ومدارسها التكفيرية.. لكن رغم كل هذا الاعتراف يصر هذا الغرب على التعامل مع هذا النظام القاتل، لاحظ ما تقوله صحيفة " إلبريوديكو" الكتالونية الاسبانية المنشور ترجمة مقالها على صحيفة 26 سبتمبر اليمنية في 1/ايلول/2022، فقد جاء في هذا المقال " ان بن سلمان يعتبر الطاغية المفضل لدى الغرب، وانه معروف بممارسة عمليات التطهير لأي معارض له حتى في العائلة المالكة" وأشارت الصحيفة الى زيارة جونسون السابقة للسعودية، ثم زيارة ماكرون الرئيس الفرنسي للرياض، وزيارة جو بايدن، رغم علم هؤلاء المسؤولين بالجرائم التي ارتكبها ويرتكبها بن سلمان، وبالتقارير التي لديهم وتؤكد هذه الجرائم ومنها تقارير وكالة المخابرات الأمريكية السي آي ايه التي تعتبره (بن سلمان) المهندس والمسؤول عن مقتل وتقطيع أوصال الصحفي المعارض جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول في عام 2018.. مما يؤكد ذلك نفاقية الغرب وكيله بالمكيالين، فهو يرفع شعارات حقوق الإنسان والدفاع عن تلك الحقوق متى ما يصب ذلك في مصالحه، ويسحق تلك الحقوق ويهملها متى ما يتعارض الدفاع عنها مع المصالح! ولذلك من غير المنطقي الرهان على الموقف الغربي، ثم الانتظار من الغربيين الانتصار للمظلومين والمقموعين سواء في السعودية أو في غيرها.
4- هذه الجرائم تؤكد مرة أخرى، ما يعانيه الشعب الجزيري من قمع وملاحقة وقتل وإعدامات، فالغرب يعتبر السعودية أو بالأحرى النظام السعودي من أسوأ الدكتاتوريات في العالم والتي احتلت في العام 2021 المرتبة 152 من أصل 167 دولة في مؤشر الديمقراطية..
و كمؤشر على تفاقم محنة الشعب الجزيري، ما نشره موقع ميدل إيست مونيتور البريطاني من تفصيلات حول استخدام بن سلمان تطبيق " كلنا أمن" الذي يحول المواطنين إلى عملاء للشرطة، ومخبرين لأجهزة الأمن فهذا التطبيق يمكّن جماعة بن سلمان من اختراق حسابات النشطاء والأخبار عنهم وبهذه الطريقة اعتقلت طالبة الدكتوراه سلمى الشهاب وحكم عليها بالسجن 34 سنة!!
بيد أن كل هذه المعاناة سوف تعجل من تحرك الشعب الجزيري ضد بن سلمان، سيما جريمة الهجوم على الفتيات اليتيمات في خميس مشيط لأنها هزت المشاعر وأثارت الغيرة عند أبناء العشائر الحجازية والنجدية وغيرها.
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق